hobballah

الموقع الرسمي لحيدر حب الله

آراء

التعليقة على منهاج الصالحين (صلاة القضاء ـ القسم الثاني)

تاريخ الاعداد: 3/13/2025 تاريخ النشر: 3/13/2025
1480
التحميل

حيدر حبّ الله 

 

هذه تعليقة فقهيّة مختصرة على كتاب منهاج الصالحين للسيّد الخوئي، لم تُكتب بقصد عمل الآخرين بها، بل بقصد اطلاع الباحثين والمهتمّين، والله الموفّق والمعين

(6 ـ 3 ـ 2025م)

 

المقصد السابع

صلاة القضاء

...

مسألة 729: لا يجب الفور في القضاء، فيجوز التأخير ما لم يحصل التهاون في تفريغ الذمّة([1]).

مسألة 730: لا يجب تقديم القضاء على الحاضرة، فيجوز الإتيان بالحاضرة لمن عليه القضاء ولو كان ليومه، بل يستحبّ ذلك إذا خاف فوت فضيلة الحاضرة، وإلا استحبّ تقديم الفائتة، وإن كان الأحوط([2]) تقديم الفائتة، خصوصاً في فائتة ذلك اليوم، بل يستحبّ العدول إليها من الحاضرة إذا غفل وشرع فيها([3]).

مسألة 731: يجوز لمن عليه القضاء الإتيان بالنوافل على الأقوى([4]).

مسألة 732: يجوز الإتيان بالقضاء جماعة، سواء أكان الإمام قاضياً ـ أيضاً ـ أم مؤدّياً، بل يستحبّ ذلك، ولا يجب اتّحاد صلاة الإمام والمأموم([5]).

مسألة 733: يجب لذوي الأعذار تأخير القضاء إلى زمان رفع العذر، فيما إذا علم بارتفاع العذر بعد ذلك. ويجوز البدار إذا علم بعدم ارتفاعه إلى آخر العمر، بل إذا احتمل بقاء العذر وعدم ارتفاعه أيضاً([6])، لكن إذا قضى وارتفع العذر وجبت الإعادة، فيما إذا كان الخلل في الأركان([7])، ولا تجب الإعادة إذا كان الخلل في غيرها.

مسألة 734: إذا كان عليه فوائت وأراد أن يقضيها في ورد واحد أذّن وأقام للأولى، واقتصر على الإقامة في البواقي، والظاهر أنّ السقوط رخصة.

مسألة 735: يستحبّ تمرين الطفل على أداء الفرائض والنوافل وقضائها، بل على كلّ عبادة، والأقوى مشروعيّة عباداته، فإذا بلغ في أثناء الوقت وقد صلّى أجزأت([8]).

مسألة 736: يجب على الولي حفظ الطفل عن كلّ ما فيه خطر على نفسه، وعن كلّ ما عُلم من الشرع كراهة وجوده ولو من الصبيّ، كالزنا واللواط وشرب الخمر والنميمة ونحوها([9]). وفي وجوب الحفظ عن أكل النجاسات والمتنجّسات وشربها، إذا لم تكن مضرّة، إشكالٌ، وإن كان الأظهر الجواز، ولا سيما في المتنجّسات، ولا سيما مع كون النجاسة منهم أو من مساورة بعضهم لبعض([10])، كما أنّ الظاهر جواز إلباسهم الحرير والذهب.

__________________________

([1]) هذه هي المسألة الشهيرة المعروفة بمسألة المواسعة والمضايقة، والتي صُنّفت فيها رسائل عديدة مستقلّة، والصحيح ما ذهب إليه السيد الماتن وجمهور المتأخّرين، وقد كفانا المتأخّرون عناء استئناف بحثٍ فيها، فراجع.

وقد تسأل: ما هو المراد من «ما لم یحصل التهاون»؟ هل المراد أنّ جواز التأخیر یکون إلى زمان یعلم المکلّف فیه أنّه لا یقدر على الإتیان بالقضاء لقربه من الموت أو أنّ التهاون مفهومٌ عرفي یعادل الإهمال في الصلاة واعتبارها من الأمور غير المهمّة؟ وهل التهاون محرّمٌ نفسي یعرض علی الإفراط في التأخیر بنحوٍ ثانويّ أو هو قیدٌ أوّلي في وجوب القضاء؟

والجواب: في الواجبات الموسّعة يصدق التهاون عندما يكون الإنسان عرفاً غير مهتمّ لهذا الأمر ولا يعيره بالاً مع كون الوقت بدأ ينفد بالتدريج، فهذا الشخص يجب عليه القضاء، فإذا أقدم على القضاء فوراً فهو غير متهاون، وإذا علم أنّ الله لن ينزع روحه قبل خمس سنوات وبدأ بالقضاء في السنة الرابعة فهو غير متهاون، لكن بما أنّنا لا نعلم متى هو الموت فإنّ صدق التهاون عرفيّ، فلو كان عمره عشرين عاماً ولم يقضِ حتى صلاةً واحدة إلى أن صار عمره خمسين عاماً، فهذا يصدق عليه في العرف أنّه متهاون في هذه القضيّة وغير مبالٍ بها ولا يضعها في سُلّم أولويّاته وما شابه ذلك من التعابير. وحرمة التهاون ليست عنواناً مستقلاً، بل هي تعبير عن عدم صدق أنّه يمتثل أمر الله بالقضاء.

([2]) استحباباً.

([3]) قد تحدّثنا عن موضوع العدول وموارد جوازه ومعياره، عند التعليق على (المسائل رقم: 510 ـ 511، 579 ـ 581) في بابَي: أعداد الفرائض ومواقيتها من مقدّمات الصلاة، والنيّة من أفعال الصلاة، فراجع، أمّا استحباب العدول في هذا المورد المذكور في المتن فلم يثبت؛ لأنّ دليلَه آحاديٌّ.

([4]) قد تقدّم الحديث عن هذا الموضوع عند التعليق على (المسألة رقم: 513) من الفصل الثالث من فصول أعداد الفرائض ومواقيتها، من مقدّمات الصلاة، فراجع.

([5]) ومستنده عدّة أمور، منها بعض الروايات الآحاديّة، إلى جانب انطباق شروط قاعدة المشروعيّة الثانويّة في صلاة الجماعة، كما أنّ هذه المسألة ـ أي اتحاد نوعيّة الصلاة بين الإمام والمأموم ـ لو كانت شرطاً لظهرت في الأسئلة كثيراً؛ لكثرة ما يختلف حال الإمام والمأموم في القصر والتمام والرباعيّة وغيرها والاخفاتيّة والجهريّة وهكذا.

([6]) الأحوط وجوباً في خصوص حال الاحتمال أن يأتي بالقضاء ـ على هذه الكيفيّة المبنيّة على العذر ـ برجاء المطلوبيّة.

وهذه المسألة هي من أبرز الآثار العمليّة المترتّبة على ما يُعرف بالاستصحاب الاستقبالي، فالاستصحاب على ثلاثة أنواع ـ إذا صحّ التعبير ـ:

أ ـ الاستصحاب الغالب أو العادي أو المتعارف، ما شئت فعبّر، وهو ما يكون اليقين والشك فيه فعليّين والمتيقّن سابقاً والمشكوك حالياً، فمن تيقن أنّه توضأ قبل ساعة وشكّ في أنّ وضوءه انتقض الآن أو لا، فاستصحابه من الاستصحاب العادي، وهذا هو القدر المتيقّن من أدلّة الاستصحاب.

ب ـ الاستصحاب القهقرائي أو استصحاب القهقرى، وهو أن يكون المتيقّن الآن والمشكوك في الماضي، كاليقين اليوم بأنّ معنى كلمة "صعيد" هو مطلق وجه الأرض، لكن نشكّ أنّ هذا المعنى كان موجوداً بعينه قبل ألف عام أو لا، فنستصحبه.

ج ـ الاستصحاب الاستقبالي، وهذا النوع من الاستصحاب يبدو أنّه لم يطرح قبل مائتي عام، إذ يُشار إلى أنّ السيد الخوئي هو الذي أثاره بقوّة في أوّل تنبيهات الاستصحاب في بحوثه الأصوليّة ـ وبعد الخوئي أصبح يتداول بحث الاستصحاب الاستقبالي أكثر في الأصول والفقه معاً ـ وقد أشار الخوئي إلى أنّ النائيني كان قد طرحه في موضعٍ من بحث مقدّمة الواجب، وأنّه ثمة إشارة له في كلمات صاحب الجواهر، وأنّ صاحب الجواهر كان قد رفضه.

ويحتاج الأمر لتتبّع جادّ للنظر في العمق التاريخي لفكرة الاستصحاب الاستقبالي في كلمات الفقهاء والأصوليّين المسلمين. وما يشهد لغيابه هو أنّ كلاً من الشيخ الأنصاري والشيخ الخراساني لم يذكر هذا الاستصحاب في تنبيهات باب الاستصحاب، رغم توسّع الأنصاري في بحث الاستصحاب في "فرائد الأصول"، كما هو معروف.

والمقصود بهذا الاستصحاب أن يكون المتيقّن حاليّاً والمشكوك متأخراً زماناً لم يأتِ بعدُ، فصاحب العذر متيقّنٌ من عذره الآن، ولكنّه يشكّ في استمرار عذره إلى آخر العمر، فيستصحب الاستمرار الآن.

وقد انتصر السيد الخوئي لهذا الاستصحاب شرط وجود أثر عملي حالي ـ غير استقبالي ـ له، ورتّب عليه ثمرات متعدّدة، منها هذه المسألة التي طرحها بعينها في كتبه الأصوليّة، حيث إنّ الثمرة العمليّة هي أنّه يجوز له البدار، فإن لم يرتفع العذر حتى آخر العمر تمّ الأمر، وإلا لزمته الإعادة على تقدير المخالفة الركنيّة، وإلا فلا؛ لجريان قاعدة لا تعاد عنده، وإنّما لم يقل بالصحّة مطلقاً لعدم ذهابه ـ كما أشرنا في بحث الاجتهاد والتقليد ـ لإجزاء الأمر الظاهري عن الواقعي.

وقد استند السيد الخوئي لإطلاقات بعض فقرات روايات الاستصحاب من حيث كليّة عدم نقض اليقين بالشكّ، بلا فرق بين كونه متقدّماً أو متأخّراً.

إلا أنّ الصحيح ـ وفاقاً للعديد من علماء الأصول ـ أنّ روايات الاستصحاب معلّلة بكبريات كليّة عقلائيّة، فهي تشير لأمر عقلائي ارتكازي، فتتحدّد بدائرة ما تُرشد إليه كما تقرّر في الأصول، ومن الواضح أنّ العقلاء لديهم بناء على نوع من الاستصحاب الاستقبالي، وإلا لانهار نظامهم الاجتماعي، كما يعبّر الميرزا النائيني، وعليه نقول: في كلّ مورد يكون فيه بناءٌ عقلائي حقيقيّ على ترتيب آثار الاستصحاب الاستقبالي فإنّنا نأخذ به من ناحية السيرة الممضاة والمؤيّدة بنصوص الاستصحاب في هذه الحال، ولا نأخذ بالإطلاق الحرفي لنصوص الاستصحاب مطلقاً ولو لم تكن السيرة موافقة على هذه المساحة أو تلك، هذا مع كون السيرة دليلاً لبيّاً، فانتبه.

هذا، وستأتي الإشارة لهذا البناء في أكثر من موضع، مثل مسألة الفوريّة في وجوب الحجّ، في كتاب الحجّ إن شاء الله تعالى.

([7]) الإعادة غير واجبة ما دام قد بنى على حجّة معتبرة كما ذكرناه في مباحث الاجتهاد والتقليد، عند التعليق على (المسألة رقم: 11)، فراجع.

([8]) هنا أمران:

1 ـ إنّ استحباب تمرين الأطفال ـ الذكور والإناث ـ على العبادات من صلاةٍ وغيرها، أمرٌ ثابت، وقد وردت فيه روايات عديدة عند المسلمين، لكنّ دعوى ثبوت استحباب خاصّ بعنوانه في باب النوافل، وكذا في القضاء، قد لا تُسعفها ألسِنة الأدلّة والمقدار المتيقّن منها؛ لقوّة احتمال نظرها بالخصوص إلى الحالة المتعارفة والتي هي تمرينه على الصلوات الواجبة الأدائيّة، كي يتمكّن من الإتيان بها بعد البلوغ ويستسيغه، نعم لو كان تمرينه على النوافل أو على القضاء واقعاً في طريق تحقيق غاية التمرين على الفرائض، كان مشمولاً للاستحباب هنا، فانتبه.

2 ـ قد تقدّم منّا الحديث حول مسألة ما لو بلغ الصبي في أثناء الوقت ـ بعد الصلاة أو أثنائها ـ وذلك عند التعليق على (المسألة رقم: 514)، من المقصد الأوّل من مقدّمات الصلاة، فراجع.

قد تقول: كيف تؤدّي هذه التمارين أغراضها، خاصّةً مع استعمال الضرب أحياناً، فهي حالياً تنفّر من الصلاة، فتجد كثيراً من الشباب يمثلونها تمثيلاً أمام أهاليهم، حتى إذا غادروا قطعوها بل لم يأدّوها، وفي بعض الأحيان يصبح لديهم موقف سلبيّ من العبادة! ولا نقول: إنّها ليست ناجعة في موارد، لكنّها تصبح عادةً لا أكثر، عادة يشعر معها الشابّ أنّه لا يستطيع تركها؛ لأنّها راسخة من صغره، دون أن يدري ماذا يقول أو يفعل في الحقيقة! بل أساساً هل يوجد روايات حول حثّ الرسول‘ على تعويد الصبيان أم أنّها جاءت متأخّرة تمثل مرحلة التأويل دون التنزيل؟

والجواب:

أوّلاً: لا علاقة لفكرة التمرين هنا بالأساليب غير الناجعة أو السلبيّة أو تلك التي تعطي مردوداً عكسيّاً، فمبدأ تمرين الأطفال يمكن تحقيقه بوسائل كثيرة تكون متناسبة مع الزمان والمكان، وفي الوقت عينه تكون مؤثرةً.

ثانياً: إنّ الناس تمرّن أولادها على الكثير من السلوكيّات الاجتماعيّة، بل وتضغط عليهم أحياناً كثيرة للتعلّم في المدرسة وغير ذلك، ولا نجد حرجاً في هذا الأمر، بل بالعكس نجده يترك أثراً على الطفل عندما يكبر، فيتخرّج من الجامعة وغير ذلك، ولست أدري لماذا إذا بلغ الأمر مجالَ التربية الدينيّة صار لزاماً منح الطفل أكبر قدر ممكن من الحريّة؟! نحن لا نريد سلب حريّته، لكن نريد تعليمه بالأسلوب الأمثل.

ثالثاً: لا نفهم الفرق هنا بين التنزيل والتأويل، فلنفرض أنّه لم يأتنا شيءٌ عن النبيّ في ذلك ولم يصلنا، لكن وردت النصوص الكثيرة عن أهل البيت دون أن يكون هناك مانع ـ على مستوى المعقوليّة التاريخيّة ـ من كون بعضها صدر عن النبيّ ولم يصل، فأين المشكلة؟ علماً أنّ لدينا نصوصاً نبويّة في التعامل مع الأطفال ولو كانت قليلة جداً.

وقد تقول مرّةً أخرى: إنّ الفرق بين المدرسة والدّين ـ رغم وجود الكثير من الملاحظات على المدرسة ـ هو أنّها تُنتج علوماً ترتبط بحياتنا اليوميّة، مثل الطبّ والهندسة والتربية والإدارة وغيرها، وهي تلفظ بنفسها العلوم التي لا ترتبط بيوميّاتنا، وهذا ما يمكن ملاحظته من خلال سياسات التمويل التي تفترق بين الكليّات الجامعيّة بحسب عملانيّة كلّ اختصاص، أمّا في الدين فكأنّنا نحاول أن نرسخ لدى الطفل وجود مساحة غير مضبوطةٍ بالحسّ أو العقل أو الشعور، فلماذا؟ ماذا يريد الله من خلال هذه التربية؟ هل هو فقط الانصياع إلى الوحي؟ ثم ما هي الثمار التي يجنيها لو اعتاد ذلك؟ وما الفائدة من التعويد على الصلاة والطفل لا يشعر بحقيقة دعائه؟ لماذا يجب أن يعتاد عليها بشكل غير واعٍ؟

والجواب: لماذا نعتبر أنّ خلق بيئة حاضنة للطفل لن يؤدّي إلى وعيه بمضمونها لاحقاً؟ فكم من أمرٍ لُقنّاه تلقيناً، ثمّ وعيناه وآمنّا به، ولولا أنّه تمّ تلقيننا إيّاه في الصغر لما وعيناه في الكبر أو لما تقبّلناه، كما لا يبدو وجود فرق بين الدين والسلوكيّات الأخلاقيّة والتربويّة والعلميّة في المجتمع، فعندما نعوّد الولد على الصلاة فهو يتعامل معها أشبه بعادة غير مفهومة، لكن بمرور الزمن تتراكم السياقات المحيطة بحيث عند البلوغ أو بعيده يصبح أكثر استعداداً لتقبّل الصلاة الحقيقيّة، وكفى بهذا فائدة. نعم لو فُرضت عليه الصلاة بطريقة عنيفة تُحدث أثراً سلبيّاً عكسيّاً فسيكون ذلك سلوكاً غير صحيح.

([9]) كليّةُ وجوب حفظ الطفل على الولي من كلّ ما عُلم من الشرع كراهة وجوده ولو من الصبيّ واضحةٌ، ما دام يُفهم من الكراهة هنا رتبة التحريم، لكنّ الكلام في التطبيقات، فليس سهلاً معرفة ما هي الموارد التي عُلم من الشرع كراهة ذات وجودها، فقتل النفس المحترمة يمكن القول بأنّه أحد مصاديق هذه الكليّة، أمّا الغيبة واللواط والزنا فليس سهلاً التأكّد من كونها مما عُلم من الشرع كراهة صرف وجوده بعنوانه، لا ذات صدوره من المكلّفين.

وقد كان السيد الماتن قد مثّل في بحوثه الاستدلالية لما هو مكروه صدوره من المكلّف دون مكروه صرف الوجود، بالغناء، فإنّه عنده لا موجب لمنع المميّز أو المجنون من استماع الغناء.

وقد بحثنا في بعض جوانب هذا الموضوع (مبغوض الوجود ومبغوض الصدور) في مواضع من كتابنا (فقه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر)، فراجع، وعليه فيُقتصر في هذه الكليّة على القدر المتيقّن من مواردها، إذ في كلّ مورد يقع الشكّ فيه أنّه من مبغوض صرف الوجود أو مبغوض الصدور من المكلّف، فإنّ القدر المتيقّن هو الثاني، والأوّل يحتاج لدليل.

لكن لو كان ترك الصبيّ يفعل محرّماً حال صباه، موجباً لوقوعه في ذلك المحرّم بعد البلوغ؛ بسبب تركه وهو صبيّ، بحيث يصدق أنّه على شُرُف وقوعه في المحرّم قريباً، فهنا يمكن القول بكون ذلك مشمولاً لأدلّة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، على ما بحثناه في موضعه، ولا يكون تكليفاً جديداً مرتبطاً بعلاقة الوليّ مع الطفل حصراً.

هذا، ولعلّ حقّ هذه المسألة وأمثالها أن يذكرها الماتن في باب أحكام الأولاد من فقه الأسرة (النكاح والطلاق)، بعد إضافة عنوان "فقه التربيّة" هناك.

([10]) مسألة الترخيص لهم في أكل النجاسات والمتنجّسات في غير صورة استلزامه الضرر، هي أسهل على مبانينا وأوضح في الجواز مطلقاً؛ لعدم ثبوت حرمة أكل النجاسات والمتنجّسات مطلقاً بعنوانهما. وقد تقدّم بيان ذلك عند التعليق على (المسألة رقم: 431) من باب النجاسات في هذا الجزء، وسيأتي ـ إن شاء الله ـ في (المسائل رقم: 1693، 1696) من كتاب الأطعمة والأشربة، من الجزء الثاني من المنهاج.