hobballah

الموقع الرسمي لحيدر حب الله

آراء

التعليقة على منهاج الصالحين (صلاة القضاء ـ القسم الأوّل)

تاريخ الاعداد: 3/6/2025 تاريخ النشر: 3/6/2025
1890
التحميل

حيدر حبّ الله


هذه تعليقة فقهيّة مختصرة على كتاب منهاج الصالحين للسيّد الخوئي، لم تُكتب بقصد عمل الآخرين بها، بل بقصد اطلاع الباحثين والمهتمّين، والله الموفّق والمعين

(27 ـ 2 ـ 2025م)

 

المقصد السابع

صلاة القضاء

يجب قضاء الصلاة اليوميّة التي فاتت في وقتها، عمداً أو سهواً أو جهلاً أو لأجل النوم المستوعب للوقت أو لغير ذلك، وكذا إذا أتى بها فاسدةً؛ لفقد جزءٍ أو شرط يوجب فقدُه البطلان([1]). ولا يجب قضاء ما تركه المجنون في حال جنونه، أو الصبيّ في حال صباه، أو المغمى عليه إذا لم يكن بفعله، أو الكافر الأصليّ في حال كفره([2])، وكذا ما تركته الحائض أو النفساء مع استيعاب المانع تمام الوقت، أمّا المرتد فيجب عليه قضاء ما فاته حال الارتداد بعد توبته، وتصحّ منه وإن كان عن فطرة على الأقوى، والأحوط وجوباً القضاء على المغمى عليه إذا كان بفعله.

مسألة 716: إذا بلغ الصبي، وأفاق المجنون والمغمى عليه، في أثناء الوقت وجب عليهم الأداء إذا أدركوا مقدار ركعة مع الشرائط([3])، فإذا تركوا وجب القضاء. وأما الحائض أو النفساء إذا طهرت في أثناء الوقت فإن تمكّنت من الصلاة والطهارة المائيّة وجب عليها الأداء، فإن فاتها وجب القضاء، وكذلك إن لم تتمكّن من الطهارة المائيّة لمرضٍ أو لعذرٍ آخر، وتمكّنت من الطهارة الترابيّة، وأما إذا لم تتمكّن من الطهارة المائيّة لضيق الوقت، فالأحوط أن تأتي بالصلاة مع التيمّم، لكنّها إذا لم تصلّ لم يجب القضاء([4]).

مسألة 717: إذا طرأ الجنون أو الإغماء بعد ما مضى من الوقت مقدارٌ يسع الصلاة فقط، وجب القضاء فيما إذا كان متمكّناً من تحصيل الشرائط قبل الوقت، ويعتبر في وجوب القضاء فيما إذا طرأ الحيض، أو النفاس مضي مقدار يسع الصلاة والطهارة من الحدث([5]).

مسألة 718: المخالف([6]) إذا استبصر يقضي ما فاته أيّام خلافه أو أتى به على نحوٍ كان يراه فاسداً في مذهبه([7])، وإلا فليس عليه قضاؤه، والأحوط استحباباً الإعادة مع بقاء الوقت، ولا فرق بين المخالف الأصليّ وغيره([8]).

مسألة 719: يجب القضاء على السكران، من دون فرق بين الاختياري وغيره، والحلال والحرام([9]).

مسألة 720: يجب قضاء غير اليوميّة من الفرائض([10])، عدا العيدين([11])، حتى النافلة المنذورة في وقت معيّن، على الأظهر.

مسألة 721: يجوز القضاء في كلّ وقت من الليل والنهار، وفي الحضر والسفر. نعم يقضي ما فاته قصراً قصراً ولو في الحضر، وما فاته تماماً تماماً ولو في السفر. وإذا كان في بعض الوقت حاضراً، وفي بعضه مسافراً، قضى ما وجب عليه في آخر الوقت.

مسألة 722: إذا فاتته الصلاة في بعض أماكن التخيير قضى‌ قصراً، ولو لم يخرج من ذلك المكان، فضلاً عما إذا خرج ورجع، أو خرج ولم يرجع، وإذا كان الفائت مما يجب فيه الجمع بين القصر والتمام احتياطاً، فالقضاء كذلك.

مسألة 723: يستحبّ قضاء النوافل الرواتب بل غيرها، ولا يتأكّد قضاء ما فات منها حال المرض، وإذا عجز عن قضاء الرواتب استحبّ له الصدقة عن كلّ ركعتين بمدّ، وإن لم يتمكّن فمدّ لصلاة الليل، ومدّ لصلاة النهار([12]).

مسألة 724: لا يعتبر الترتيب في قضاء الفوائت غير اليوميّة، لا بعضها مع بعض ولا بالنسبة إلى اليوميّة، وأما الفوائت اليوميّة فيجب الترتيب بينها إذا كانت مترتّبة بالأصل كالظهرين أو العشائين، من يومٍ واحد، أمّا إذا لم تكن كذلك فاعتبار الترتيب بينها في القضاء على نحو الترتيب في الفوات، بأن يقضي الأوّل فواتاً فالأوّل محلُّ إشكال، والأظهر عدم الاعتبار، من دون فرق بين العلم به والجهل.

مسألة 725: إذا علم أنّ عليه إحدى الصلوات الخمس يكفيه صبح، ومغرب، ورباعيّة بقصد ما في الذمّة، مردّدة بين الظهر والعصر والعشاء. وإذا كان مسافراً يكفيه مغرب، وثنائيّة بقصد ما في الذمّة مردّدة بين الأربع، وإن لم يعلم أنّه كان مسافراً أو حاضراً، يأتي بثنائيّة مردّدة بين الأربع، ورباعيّة مردّدة بين الثلاث، ومغرب، ويتخيّر في المردّدة في جميع الفروض بين الجهر والإخفات([13]).

مسألة 726: إذا علم أنّ عليه اثنتين من الخمس، مردّدتين في الخمس من يوم، وجب عليه الإتيان بأربع صلوات، فيأتي بصبح، ثم رباعيّة مردّدة بين الظهر والعصر، ثم مغرب، ثم رباعيّة مردّدة بين العصر والعشاء. وإن كان مسافراً، يكفيه ثلاث صلوات ثنائيّة، مردّدة بين الصبح والظهر والعصر، ومغرب، ثم ثنائيّة مردّدة بين الظهر والعصر والعشاء، وإن لم يعلم أنّه كان مسافراً أو حاضراً، أتى بخمس صلوات، فيأتي بثنائيّة مردّدة بين الصبح والظهر والعصر، ثم برباعيّة مردّدة بين الظهر والعصر، ثمّ بمغرب، ثم بثنائيّة مردّدة بين الظهر والعصر والعشاء، ثم برباعيّة مردّدة بين العصر والعشاء.

مسألة 727: إذا علم أنّ عليه ثلاثاً من الخمس، وجب عليه الإتيان بالخمس، وإن كان الفوت في السفر، يكفيه أربع صلوات، ثنائيّة مردّدة بين الصبح والظهر، وثنائية أخرى مردّدة بين الظهر والعصر، ثمّ مغرب، ثم ثنائيّة، مردّدة بين العصر والعشاء، وإذا علم بفوات أربع منها، أتى بالخمس تماماً إذا كان في الحضر، وقصراً إذا كان في السفر، ويعلم حال بقيّة الفروض مما ذكرنا، والمدار في الجميع على حصول العلم بإتيان ما اشتغلت به الذمّة ولو على وجه الترديد.

مسألة 728: إذا شكّ في فوات فريضةٍ أو فرائض لم يجب القضاء، وإذا علم بالفوات وتردّد بين الأقلّ والأكثر، جاز له الاقتصار على الأقلّ، وإن كان الأحوط استحباباً التكرار حتى يحصل العلم بالفراغ.

__________________________

([1]) الأصحّ ـ وفاقاً للكثير من المحقّقين ـ أنّ القضاء لا يجب بدليل الأداء، بل يحتاج لدليلٍ جديد، فثبوت وجوب الصلاة أداءً لا يكفي لإثبات وجوب قضائها على تقدير عدم الإتيان بها في وقتها، وعليه فعلينا أن نبحث عن دليلٍ يُثبت وجوب القضاء في كلّ موردٍ فاتت فيه الصلاة أو لم يأتِ بها المكلّف لسببٍ أو لآخر.

وبمراجعة النصوص الحديثيّة عند الشيعة والسنّة معاً، يلاحَظ أنّه لا شكّ في أنّ من فاتته الفريضة لعذرٍ ـ من نومٍ أو سهوٍ أو نسيان أو غفلةٍ أو عدم العمد ونحو ذلك ـ أنّه يجب عليه القضاء؛ فالنصوص يمكن القول بأنّ هذا هو القدر المتيقّن منها.

إنّما الكلام في وجوب القضاء على من ترك الصلاة عالماً عامداً، فالمعروف بين فقهاء الإسلام هو وجوب القضاء ـ خلافاً لجماعة قليلة من علماء الظاهريّة وكذلك السلفيّة، منهم ابن تيمية وابن قيم الجوزيّة ـ واستُدلّ له بأمور أهمّها:

أ ـ الأولويّة، فإذا لزم القضاء على من فاته الصلاة لعذرٍ، فبطريقٍ أولى أنّ من فاتته بغير عذرٍ يلزمه القضاء أيضاً.

ب ـ الإجماع والتسالم والسيرة ونحو ذلك من التعابير.

ج ـ إطلاق النصوص، فإنّ الروايات مطلقة، وقد عُبّر فيها بالفوات، وهو يشمل مطلق الحالات بما فيها العمد.

د ـ إنّ الصلاة دَين الله، وقد ورد في الحديث بأنّ «دَين الله أحقّ أن يقضى»، فهذا معناه ثبوت وجوب قضائها عند تركها عمداً.

لكنّ هذه الوجوه قابلةٌ للنقاش؛ وذلك:

أوّلاً: إنّه لا وجه لثبوت الأولويّة هنا؛ فلعلّ الشريعة أرادت التخفيف وموارد فوات الفريضة لعذرٍ قليلة جداً عادةً، فأثبتت فيها لزوم القضاء، ورفعت هذه المسؤوليّة عن كاهل التارك عمداً، على أساس أنّه سوف يعاقب عند الله تعالى إذا لم يتب. نعم لو فرضنا القضاء نوعاً من العقوبة الدنيويّة، لكان لهذه الأولويّة وجهٌ معقول، فإنّه إذا كان تكليف شخص بالقضاء قد وقع بغرض التشديد عليه، رغم أنّه معذور، فبطريق أولى يمكن فهم التشديد على تقدير العمد والعلم في حقّه، لكنّه لا يُعلم أنّ ثبوت القضاء هو من هذا الباب.

ثانياً: إنّ الإجماعات والشهرات واضحة المدركيّة هنا، هذا لو أحرزنا صغراها.

ثالثاً: إنّ الأغلبيّة الساحقة من النصوص الشيعيّة والسنيّة معاً، تتحدّث عن موارد معيّنة يوجّه فيها السائلون الأسئلة، مثل نسيان الصلاة أو النوم أو الصلاة من غير طهور حتى انتبه، والرقاد حتى يطلع الفجر ثم يلتفت أنّ وقت الصلاة قد زال، وكذا قصّة رسول الله في موضوع الشمس، ونحو ذلك، وهذه كلّها موارد يتعارف كونها أعذاراً. ومجرّد ورودها في كلمات السائلين لا يعني أنّ جواب الإمام كان مطلقاً، بل هو جوابٌ عن سؤال متعلّق بفوت الصلاة بهذه الطريقة، ويحتاج الإطلاق لدليل وشكلٍ خاصّ من البيان التقعيدي.

وأمّا تعبير «فاتت الصلاة ـ فاتته الصلاة ـ فوات الصلاة» وما شابه ذلك، فهو يحتمل جداً ـ وإن كان ممكناً لغةً فهم الإطلاق ـ أن تكون الصلاة قد عبر وقتُها بغير قصد منه، ولعلّ الأقرب لو كان هناك عمد أن يقال: ترك الصلاة، وليس فاتته الصلاة، فكأنّ تعبير «فاتته الصلاة» يوحي بأنّ الصلاة عبرت وقتها فسبقته، علماً أنّ هذا التعبير قد ورد في بعض النصوص ليس في مقام بيان ما هو الواجب في القضاء وحدوده بل في مقام بيان أمر آخر، فمثلاً رواية زرارة عن الباقر قال: «أربع صلوات يصلّيها الرجل في كلّ ساعة، صلاة فاتتك فمتى ذكرتها أدّيتها..».. هذه الرواية، مضافاً لورود إشارة بالتذكّر فيها، ليست في مقام بيان وجوب القضاء مطلقاً، بل في مقام بيان أنّ القضاء يكون في أيّ وقت أو في مقام بيان وجوب الفوريّة في القضاء، فلا يمكن فهم الإطلاق منها هنا.

رابعاً: إنّ الاستناد للحديث النبويّ «دَين الله أحقّ أن يقضى» كما قال به العديد من علماء أهل السنّة، غير دقيق هنا؛ وذلك أنّه لا بدّ أن نثبت أوّلاً أنّ الصلاة بعد انقضاء وقتها ما تزال دَيناً ثابتاً في ذمّة المكلّف، والمفروض أنّ الصلاة واجبٌ مؤقّت، فما لم نقم دليلاً على ثبوت وجوب قضائها فإنّه لا يُعلم كونها دَيناً لله علينا بعد انتهاء الوقت، حتى نتمسّك بهذا الدليل، فهذا الدليل كأنّه ينطلق من روح فكرة أنّ دليل القضاء تابع لدليل الأداء، والذي قلنا مطلع هذا الحديث بأنّه قد تمّ تفنيده من قبل محقّقي المتأخّرين من الفقهاء والأصوليّين.

وعليه، فعلى مقتضى حجيّة الخبر الموثوق بصدوره ـ لندرة الأخبار المفيدة للإطلاق حقاً ـ نشكّ جداً في وجوب قضاء الصلوات التي تركها المكلّف عالماً عامداً ـ وبخاصّة ما اعتاد على تركه، كما لو كان تاركاً للصلاة لمدّة زمنية معيّنة ـ وإن كان هو الأحوط وجوباً.

وبعد كتابتي لهذه التعليقة هنا، رأيت أنّ السيد محمد الروحاني بنى في رسالته العمليّة وجوب القضاء في خصوص حال الفوت العمدي على الاحتياط الوجوبي دون الفتوى، ولعلّ لديه تحفّظات تشابه ما ذكرناه، والله العالم.

هذا، وأمّا الأدلّة التي ذكرها بعض فقهاء أهل السنّة لنفي القضاء عمّن ترك الصلاة عامداً والتي جمع كثيراً منها ابن قيم الجوزيّة، فالإنصاف أنّها لا ترقى إلى المستوى المطلوب، فلا حاجة للإطالة بذكرها.

هذا، وقد تُذكر هنا مداخلات وتعليقات نقديّة على ما توصلّنا إليه، أبرزها:

المداخلة الأولى: إنّ مناقشتكم لدليل الأولويّة غير صحيح؛ وذلك أنّ دعوى أنّ موارد فوات الفريضة لعذرٍ قليلة جدًاً هي محلّ تأمُّل ونقاش؛ إذ إنَّ كثيراً من الناس تفوتهم صلاة الصبح مثلاً لأجل النوم المستوعب للوقت، ويتكرَّر ذلك منهم بشكلٍ يوميّ، رغم كونهم بانين على الاستيقاظ ولكن لم يستيقظوا لا أنَّهم تركوها عمداً، بل على التسليم بصحَّة هذه الملاحظة يبدو هذا الاحتمال ـ احتمال كون الشريعة أرادت التخفيف ـ ضعيف جداً لدرجة أنَّ ما يقابله ليس الظنّ بخلافه بل الاطمئنان بخلافه؛ وذلك لقرائن عدَّة:

القرينة الأولى: إنَّ ما ورد في أهمِّيَّة الصلاة من كونها عمود الدين وإن قبلت قبل ما سواها وإن ردَّت ردّ ما سواها وغيرها من التعبيرات التي توحي بأهمِّيَّة الصلاة قياساً بسائر العبادات، مضافاً إلى طلب الشارع تأديتها وعدم التهاون في إسقاطها مهما كان العذر، بل حتى ولو كان الشخص طريح الفراش ولا يتمكَّن من الحركة والقيام والركوع والسجود وغيرها، فعليه أن يؤدِّيها ولو بعينيه وإذا لم يؤدِّها وجب عليه قضاؤها مهما كان عذره من جهل أو سهو أو نوم مستوعب للوقت أو ترك جزء أو شرط من غير عمد أو غيرها من الأعذار أيًاً كانت هذه الأعذار، بناء على هذا كلّه أيُتشدِّد عليه في كلِّ ذلك ولا يسمح له بإسقاطها حتى ولو كان عن عذر ويخفِّف عنه في موارد العمد؟!

القرينة الثانية: أيُعقل أن يكون حال المعذور أسوأ من حال التارك عمداً، فيكلَّف الأوَّل بتكليفٍ آخر وهو القضاء، ويُترك الثاني بلا تكليف؟! إنَّ ذلك مخالف لطريقة العقلاء، فالعقلاء إنَّما يعذرون المعذور، بينما يطالبون التارك عمداً، لا العكس، وبخاصّة في الأمور المهمَّة التي لا يرضون بتفويتها. وليس معنى ذلك أنَّ الشارع عليه أن يلتزم بطريقة العقلاء، بل له أن يسلك خلاف طريقتهم، ولكن عليه أن يُبيِّن طريقته بأن يبادر للتصريح بأنَّ التارك عن عمد لا قضاء عليه، لا أن يترك الأمر لنكتشفه من خلال ذكره لوجوب القضاء في موارد الأعذار وعدم تطرُّقه لذلك في موارد الترك العمديّ.

القرينة الثالثة: يبدو أنَّ الشارع سار على طريقة العقلاء، فتركُ الصوم عن عمد موجب للقضاء مضافاً إلى الكفارة. ولا نقصد هنا قياس الصلاة على الصوم، وإنَّما فهم طريقة الشارع وأنَّه هل خالف العقلاء أو لم يخالفهم، إذ يتبيَّن أنّه لم يخالفهم في الصوم، ومخالفته لطريقتهم في الصلاة تحتاج إلى بيان واضح.

القرينة الرابعة: إنَّ طريقة العقلاء في تكليف التارك عن عمد والتخفيف عن المعذور هي التي أوجبت أن تنصبَّ الأسئلة عن وجوب القضاء أو عدمه على موارد وجود الأعذار لا على موارد الترك العمديّ، وكأنَّ وجوب القضاء في موارد الترك العمديّ كان مفروغاً عنه بالنسبة إليهم وواضحاً حكمه عندهم، وهو وجوب القضاء، فبادروا إلى السؤال عن موارد العذر هل سار الشارع فيها على طريقة العقلاء في التخفيف عن المعذور أم خالفهم وشدَّد عليهم؟ فبيَّن أنَّه خالفهم وشدَّد.

القرينة الخامسة: ذكرتم في الردّ على الوجه الثاني أنَّ الإجماع والشهرة واضح المدركيَّة في المقام، فضلاً عن النقاش في تحقّق صغراهما، لكن لم تردُّوا على السيرة، ومن القرينة الرابعة المتقدِّمة يظهر وجود ارتكاز على الأقلّ عند المتشرِّعة بوجوب القضاء على التارك عمداً، ولذلك لم يسألوا عن موارد الترك العمديّ وإنَّما سألوا عن موارد العذر، وبذلك يعود منشأ الإجماع إلى هذا الارتكاز.

وعليه، فهذه القرائن تُضعف جداً احتمال التخفيف بحيث نطمئنّ بعدمه، ومن ثمّ تثبت الأولويَّة، وفيها أيضاً ردّ على إلإشكار الذي قدَّمتموه على الوجه الثاني، وكذلك الثالث، ولكن لا من باب التمسُّك بالإطلاق حتى يحتاج إلى بيان تقعيدي كما ذكرتم. وإذا ثبتت هذه الوجوه ولو في الجملة ثبت وجوب القضاء في حالة العمد، وتمَّ بذلك الدليل الرابع وهو «أنَّ دَين الله أحقّ أن يُقضى»، فثبت بما تقدّم أنَّ الصلاة بعد انتهاء الوقت هي من مصاديق دين الله، ومن ثمّ فهي أحقّ أن تقضى.

ويمكن الجواب عن هذه المداخلة بأمور:

أوّلاً: إنّ احتمال إرادة التخفيف لا تعني أكثر من كون الشريعة قلّلت نسبيّاً على مجموع المكلفين فريضة القضاء، ومن ثم تكون قد خفّفت، وهذا الاحتمال وارد في نفسه فكيف لنا أن نجزم بالأولوية معه، علماً أنّ المورد ليس مورد عقوبة كما قلنا.

ثانياً: إنّ موارد العذر قليلة جداً عندما نقيسها بمجموع موارد العذر وعدمه، ومن ثم فينسجم ذلك مع كون الشريعة أرادت التخفيف، فبدلاً من أن تطلب من الجميع قضاء الصلوات، طلبت من أصحاب العذر خاصّة، ونسبة هؤلاء إلى المجموع أقلّ بكثير من نسبة عدد الصلوات المتروكة عمداً إلى المجموع.

ثالثاً: إنّ القرينة الأولى المشار إليها، لا نقاش لي فيها من حيث ذاتها، فلا شك في أهميّة الصلاة، لكنّ مفروض بحثنا أنّ الشريعة هل ألزمت بصلاةٍ جديدة اسمها القضاء أو لا؟ ويخيّل لي أنّ القرينة الأولى انطلقت من فكرة أنّ القضاء تابع للأداء، في حين نحن نتكلّم عن أنّ الأداء شيء والقضاء شيءٌ آخر منفصل، فالأمر القضائي ليس تشديداً للأمر الأدائي بل هو أمرٌ جديد، وإلا فالشدّة في الأداء لا نقاش فيها. وعليه فالشريعة المتشدّدة في أمر الأداء لا يقال بأنّها ناقضت نفسها عندما لم تأمر بالقضاء في موارد الترك العمدي.

رابعاً: إنّ القرينة الثانية تنطلق من فكرة أنّ القضاء نوع عقوبة أو تشدّد، في حين القضاء نوع تدارك، فعندما تأمر الشريعة المعذور أن يقضي فهي تفسح له المجال في أن يحقّق صلاته التي فاتته أو يحقّق معادلها، بينما التارك عمداً يعاقب لكونه ترك عمداً. وعلى تقدير التوبة الواجبة عليه تكون توبته في مقابل قضائه أو فقل: إنّ توبته وندمه ربما يوجبان عند الله سقوط إلزامه بالقضاء، وإن لم يتب فالعقاب أكبر عليه.

خامساً: إنّ القرينة الثالثة غير واضحة؛ فهل القضاء سلوكٌ عقلائي؟ أين يلزم العقلاء بالقضاء في الواجبات المؤقّتة؟ هل يمكن تقديم أمثلة بحيث يُفهم منها وجود ارتكاز عقلائي بالقضاء؟ وبهذا يظهر أنّ الصوم لا يمكن قياس الصلاة عليه، بل قد بُيّن أنّ فيه الكفارة، ومن الواضح أنّ فيه تشديداً وعقوبة دون باب الصلاة.

سادساً: إنّ القرينة الرابعة ما زال السؤال فيها قائماً: أين هي السيرة العقلائية على الإلزام بالقضاء في الواجبات المؤقّتة، حتى نقول بأنّ القضاء في المؤقّتات مركوز واضح، والسؤال كان في غيرها؟

سابعاً: كيف يمكن إثبات أنّ السيرة المتشرعيّة قائمة في عصر النص على قضاء التارك عمداً؟ فهل من شواهد يمكن أن تذكر هنا؟

المداخلة الثانية: إنّ العرف يرى أنّه إذا لم تكن هناك أولويّة في المقام، فلا أقلّ من أنّ المساواة ثابتة؛ لأنّ العرف يرى أنّه إذا كان قضاء الصلاة واجباً، فلا فرق بين كون تركها كان بعذر أو بغير عذر. ومن المحتمل أن تكون خصوصيّة مَن ترك الصلاة عمداً ليست أمراً عرفيّاً، وأنّ استحقاق العقاب لمن ترك الصلاة عمداً في وقتها لا يمكن أن يكون فارقاً؛ لأنّ استحقاق العقاب إنّما يكون بسبب ترك الفريضة في وقتها، وعدم استحقاق العقاب لمن تركها بعذر إنّما هو بسبب وجود العذر في ترك الفريضة في وقتها، أمّا القضاء فهو تكليفٌ آخر قد ثبت بمقتضى الأدلّة التي بعضها مطلق، ولا يرى العرف خصوصيّةً في ترك الصلاة بعذر.

وهذا ـ أي عدم رؤية الخصوصيّة عرفاً ـ يؤدّي إلى أنّ العرف العقلائي ينتظر تصريحاً للتفريق بين حكم العامد والناسي والجاهل، لكي يأخذ بالفرق، والمفروض عدم وجوده مثل هذا التصريح. وكون معظم الأدلّة ناظراً إلى الترك سهواً أو جهلاً لا يُشكّل مشكلةً في استظهار الأدلّة؛ لأنّ غالب رواة الأحاديث كانوا يسألون عن مسائلهم ومسائل المؤمنين، ودافع السؤال عن حالة مَن يترك الصلاة عمداً كان قليلاً أو معدوماً. وعلى هذا الأساس، فإنّ إلغاء الخصوصيّة وعدم احتمالها يمكن أن يعمّم الحكمَ، خصوصاً مع ملاحظة أنّ الفرق بين العامد والناسي في قضاء الصلاة من المسائل التي لو كانت ثابتةً لكان من المناسب أن تظهر وتشتهر، فيمكن أن يُستدلّ بقاعدة «لو كان لبان وظهر» لنفي الفرق، خصوصاً إذا لاحظنا أنّ الإطلاق المقامي لجميع الأدلّة يبعث على توقّع أنّه لو كان هناك فرقٌ بين العامد والناسي لكان ينبغي ذكره، لأنّه على الأقلّ، هناك توهّم لمساواة حكمهما من وجهة نظر العرف.

هذا كلّه بناء على أنّ المساواة وإلغاء الخصوصيّة من الأدلّة مبنيّان على أنّ وجوب القضاء ليس عقاباً، وإلّا إذا كان وجوب القضاء عقاباً، كانت الأولويّة ثابتة.

ويجاب عن هذه المداخلة أيضاً بأنّ العامد ترك الصلاة فوَعَدَه الله بالنار، وغير العامد ترك الصلاة فعذره الله وقال له: ائتِ بها بعد وقتها، فهنا توجد العقوبة في طرف والقضاء في طرف، ومن ثمّ ألا يحتمل جداً أنّ الشريعة لم تطلب من العامد القضاء؛ لأنّ الموقف معه أخروي، وطلبت من غيره القضاء حتى تمنحه مزيداً من الثواب فلا يفوته؟ ومن ثم فهذا هو المركوز ـ احتمالاً ـ في الأذهان. وإن قلت: لو تاب العامد لم يجب عليه القضاء، قلنا: صحيحٌ؛ لأنّ توبته تجبّ ما قبلها، كما أنّ الكافر الذي أسلم لا يطالب بالقضاء رغم تركه أصل الإسلام عناداً، مع أنّ المسلم الذي ترك الصلاة غير عامد يطالب بقضائها! ولهذا قال بعض فقهاء أهل السنّة بأنّ تارك الصلاة كافر، فلا تجب عليه الإعادة؛ لأنّ الإسلام يجبّ ما قبله. وكلامهم وإن كان ضعيفاً، لكن ألا يحتمل مركوزيّة مثل هذه المفاهيم في أذهانهم، ولهذا لم يسألوا عن تاركي الصلاة عمداً؟ ودعوى أنّ ترك الصلاة لم يكن متعارفاً غيرُ واضحة، كيف وقد تشدّدت النصوص في ذمّ تاركي الصلاة.

وخلاصة القول: إنّ المسألة مفتوحة على احتمالات متعدّدة، ومن ثمّ لا يكون واضحاً إلغاء الخصوصيّة عرفاً.

المداخلة الثالثة: ألا يعتبر عدم وجوب القضاء تساهلاً مع من تركها عمداً، ويكون الاستغفار والتوبة هو الخيار الأسهل مقارنةً بمن كان ملتزماً بصلاته وتركها لنسيانٍ أو نوم وذهب وقتها المحدّد؟! وبعبارة ثانية: التخفيف على من فاتته الفريضة لعذر يستلزم العفو عنه وليس إلزامه بالقضاء مقارنةً مع مَن تركها رأساً الذي ليس عليه سوى التوبة وإلزام نفسه بالصلاة من الآن، فكأنّ التخفيف جاء لتارك الصلاة والتشديد للملتزم بها.

والجواب هو ما قلناه في الردّ على المداخلتين الأولى والثانية المتقدّمتين، فالشريعة حفظت للمعذور أن ينال ثواب الصلاة ولو قضاءً، بينما توعّدت العامد بالعقوبة، فالمشهد يمكن رؤيته من زاوية أخرى.

([2]) حتى لو قلنا بتكليف الكفّار بالفروع، فضلاً عن عدمه، كما مال إليه السيد الماتن الذي رفض قاعدة تكليف الكفار بالفروع، مخالفاً بذلك المشهور. وسوف يأتي منّا في كتاب الحجّ ما يتصل بتحقيق هذه القاعدة بإذن الله تعالى.

([3]) وجوب الأداء مع عدم إمكان إدراك غير ركعة واحدة فقط مبنيّ على الاحتياط الوجوبي، وعليه يترتّب القضاء.

([4]) بل يجب على الأحوط وجوباً.

([5]) الأقرب أنّه لا فرق بين الأسباب الأربعة هنا (الجنون والإغماء والحيض والنفاس)، فإنّ مستند هذا التفصيل خبر آحادي، وعليه، فإذا لم يكن الوقت ليسمح بالطهارة والصلاة، بل يسمح بالصلاة فقط، وكان المكلّف لا يعلم قبل دخول الوقت بعروض أحد هذه الأسباب بعد دخول الوقت، ثم فاجأه السبب، سقط عنه القضاء، إذ لم يجب عليه الأداء من الأوّل حتى يُفرض وجوب القضاء، وإلا وجب على الأحوط وجوباً. واحتياطُنا الوجوبي هنا مرجعه لاحتياطنا في أصل وجوب القضاء في موراد التفويت العمدي.

([6]) الأصحّ أنّ المقصود به هنا بالخصوص مطلق من يشهد الشهادتين، ولو المحكوم بكفره كالناصب، أو المحكوم بنجاسته، وقد وردت النصوص في التعبير بالناصب هنا، فراجع.

وأمّا ما ذكره السيد محمّد محمد صادق الصدر، من الاقتصار على المخالفين وفِرَقهم الذين كانوا في زمن حياة الأئمّة من أهل البيت، دون من تأخّر عن ذلك، فلم يظهر لي وجهٌ صحيحٌ له، فالأصحّ التعميم.

([7]) وكذا فيما إذا أتى به فاسداً في مذهبه ومذهبنا معاً، لكنّ الأقرب أنّه إذا كان قد أتى بما هو فاسد في مذهبه ملتفتاً لذلك حال إتيانه بالصلاة، فإنّ هذا يربك سلامة قصد القربة إلى الله تعالى، فتبطل صلاته بهذا المقدار ومن هذه الحيثيّة، أمّا لو أتى بما هو فاسد في مذهبه، لكنّه صحيح في المذهب الذي انتقل إليه، ولم يكن ملتفتاً حتى يرتبك قصد القربة ولا يتأتّى منه، فإنّه لا وجه للقول بوجوب القضاء عليه، بل تصحّ منه؛ لموافقتها لما هو مذهبه بالفعل، فما صدر منه حينها قد طابق الواقع أو الحجّة المعتبرة.

ودعوى أنّ النصوص الدالّة على إجزاء ما أتى به في مذهبه قبل الاستبصار غير شاملة لحال ما لو أتى به فاسداً في مذهبه وصحيحاً في مذهبنا، غير واضحة؛ فإنّ غاية نظر الروايات هنا هو غضّ الطرف عمّا أتى به حال خلافه، بمعنى رفع مانعيّة الخلاف عن تصحيح صلاته بعد الاستبصار، وهذا يعني أنّ النظر ليس لذات الأفعال من حيث الصحّة وغيرها، بل لمانعيّة خلافه، ولكون الخلاف موجباً للقضاء وهادراً لقيمة صلواته السابقة، فأرادت النصوص بيان أنّ مخالفته العقديّة لا توجب القضاء ولا تبطل صلاته حتى لو أتى بها على وفق مذهبه، وذلك عند استبصاره، فالشريعة اعتبرتها صحيحة، فيكون بطريق أولى أن لا تبطل صلاته لو أتى بها على طبق مذهبنا مع تأتّي قصد القربة منه حينها.

وبناءً عليه، ينبغي التفكيك هنا بين صور متعدّدة، أبرزها:

أ ـ أن لا يكون قد أتى بالصلاة أصلاً حال خلافه، وهنا يجب القضاء.

ب ـ أن يكون قد أتى بالصلاة صحيحةً على وفق مذهبه ومذهبنا معاً، وهنا لا شكّ في عدم وجوب القضاء.

ج ـ أن يكون قد أتى بها غير صحيحة لا على وفق مذهبه ولا على وفق مذهبنا، وهنا يجب القضاء على طبق ما تقتضيه القواعد في الإتيان بالصلاة غير صحيحة وصور ذلك.

د ـ أن يكون قد أتى بالصلاة صحيحةً على وفق مذهبه وغير صحيحة على وفق مذهبنا، وهنا لا شكّ في عدم وجوب القضاء.

هـ ـ أن يكون قد أتى بالصلاة غير صحيحة على وفق مذهبه، لكنّ مذهبه يجيز له العمل بفتاوى مذهبنا، فعَمِلَ بفتاوى مذهبنا على طبق فتوى مذهبه في ذلك، فهنا يحكم بصحّة صلاته، وهذه الصورة هي التي طرحها السيد الخوئي في بحوثه الاستدلاليّة، وقال بأنّ محصّلها أنّه قد عمل على وفق فتاوى مذهبه.

و ـ أن يكون قد أتى بالصلاة غير صحيحة على وفق مذهبه، مع علمه بذلك، وعدم تأتّي قصد القربة منه، فهنا يجب عليه القضاء، حتى لو كانت صحيحةً على وفق مذهبنا، بصرف النظر عن قصد القربة.

ز ـ أن يكون قد أتى بها غير صحيحة على وفق مذهبه، بحيث تأتّى منه قصد القربة، كما لو كان جاهلاً بالحكم في مذهبه، لكن اتفق أن كانت صحيحة على وفق مذهبنا، وهذا هو محلّ ادّعائنا هنا أنّ صلاته تصحّ، ولعلّه هو مراد المحقّق الهمداني من الاستناد إلى دليل الفحوى.

قد تقول: إنّ هذا التشقيق بعضه نظري عقلي محضّ وليس له واقع عملي، فما الداعي لذكره؟! والمقصود هو الصورة الثانية (أن يكون قد أتى بالصلاة صحيحة على وفق مذهبه ومذهبنا)، فهل هذه الصورة واقعيّة حقّاً؟!

والجواب: إنّه ليس تشقيقاً نظريّاً، بل هو ممكن وقوعاً، كما لو لم يقل «آمين»، ولم يتكتّف، ولا فعل موجب البطلان؛ لعدم كونها واجبة عنده، فأراد ترك المستحبّ، وهكذا.

([8]) مرادُ السيد الماتن بالمخالف الأصلي هو الذي وُلد على الخلاف ثمّ استبصر، بينما المخالف غير الأصلي هنا هو مثل الذي ولد على المذهب الحقّ ثم تحوّل إلى الخلاف، ثم عاد واستبصر، وهكذا.

([9]) إذا كان السكر بحدٍّ غلب على عقله فلا يدري ما يفعل أو يقول، ولم يكن منشؤه اختياريّاً بالنسبة إليه، فإنّ وجوب القضاء عليه مبنيٌّ على الاحتياط الاستحبابي، وفاقاً لبعض الفقهاء مثل السيد محمد سعيد الحكيم.

([10]) على الأحوط استحباباً؛ لقوّة احتمال انصراف الأسئلة والأجوبة إلى ما هو المتعارف المبتلى به عادةً من الصلوات اليوميّة، إلى جانب كثرة الروايات التي يصرّح فيها بأنّ المورد الفائت هو صلاة يوميّة، فالاعتماد على حرفيّة الإطلاقات يصبح غير موثوق. نعم، الفرائض غير اليوميّة التي دلّ دليلٌ خاص على لزوم قضائها يعمل به، مثل صلاة الآيات في بعض الموارد.

([11]) وكذا صلاة الجمعة لا قضاء فيها، بل يتمّ الانتقال إلى الظهر، وعلى تقدير تركهما معاً، يكون القضاء للظهر، بلا فرق بين أن نعدّها من الصلاة اليوميّة ـ كما هو الأوجه ـ أو لا.

([12]) هنا أمور:

الأمر الأوّل: لا يظهر من المقدار الموثوق بصدوره من النصوص الحديثُ عن النوافل غير الرواتب أي غير النوافل اليومية؛ لقوّة انصراف إرادة اليوميّة بعد إشارة العديد من نصوص الباب إليها، لهذا يؤتى بها خارج وقتها برجاء المطلوبيّة.

الأمر الثاني: إنّ النوافل غير المؤقّتة، مثل صلاة جعفر الطيار، لا معنى للقضاء فيها بل يؤتى بها دائماً أداءً، بل لا يوجد فيها أساساً ثنائيّة القضاء والأداء.

الأمر الثالث: لم يثبت استحباب الصدقة بالطريقة التي قالها الماتن، لآحاديّة الخبر (خبر ابن سنان) وانفراده، بل بعض التفاصيل المشار إليها في المتن ليست موجودة في الخبر أيضاً! وعليه، فيؤتى بها بنيّة القربة المطلقة، أعني يقصد بها مطلق الصدقة المستحبّة، بلا خصوصيّة للمورد.

([13]) جملة ما أفاده السيد الماتن في هذه المسألة صحيحٌ، وعلى وفق القاعدة بل تؤيّده بعض النصوص، أمّا قوله بالتخيير بين الجهر والإخفات في ذيل المسألة فهو صحيحٌ بناءً على ما ذهبنا إليه من عدم وجوب الجهر والإخفات في الصلوات، وذلك عند التعليق على (المسألة رقم: 617)، لكن لو قلنا بالوجوب فإنّ اللازم هو الإتيان بأربع ركعات يقرأ في الأوليين القراءة مرّةً جهراً وأخرى إخفاتاً؛ وفاءً بحقّ العلم الإجمالي وقاعدة الاشتغال.