إصلاح الظاهر والباطن ورحلة العلاج
يقول عالم الأخلاق الميرزا جواد ملكي التبريزي (1344هـ): «اعلم علماً يقيناً أنّك لا تقدر على إصلاح الظاهر إلا بإصلاح الباطن، لأنّ مجاري الأعمال من عين القلب، والقلب الصالح لا يأتي منه إلا العمل الصالح، والقلب الفاسد لا يجيء منه إلا الفساد. فالعمدة والأهمّ إصلاح القلب، وهو يتأثّر من الخواطر والملكات السابقة. والخواطر تنشأ مما يحسّ بالحواسّ، ومن الملكات والمزاج، فمن لم يقدر على ذلك كلّه فلا حيلة ولا علاج من الاحتراف بباب اللطف والكرم من اللطيف الكريم والربّ الرحيم للتوفيق والتأييد والتسديد» (المراقبات: 19).
يشير ـ رحمه الله ـ إلى أمور:
1 ـ إصلاح الظاهر ضروريّ.
2 ـ مفتاح إصلاح الظاهر والسلوك الخارجي هو إصلاح القلب والباطن، فهناك علاقة بين العمل والقلب، فكلّما صلح القلب نَعُمَ العمل بالتوفيق والصلاح، والعكس صحيح.
3 ـ ما الذي يفسد القلب؟
الجواب أمران:
أ ـ العنصر الخارجي، وهو ما يواجهه الإنسان في محيطه المادّي، وينتج عنه ـ بحسب تسمية التبريزي ـ الخواطر.
ب ـ العنصر الداخلي، وهو ما يتراكم في داخل الإنسان من أمزجة وملكات وطبائع.
ينتج عن ذلك أنّ الإنسان أمام مؤثر خارجي محيط به يفسد قلبه، ومؤثر داخلي نابع منه يقوم بالفعل نفسه، وهنا تكون النفس أعدى الأعداء،
4 ـ إنّ عمليّة الإصلاح تكون على خطّين: خطّ إصلاح المحيط المادّي بإعداد محيط صالح يؤثر إيجاباً في الروح، وخطّ إصلاح الملكات، وهي الصفات النفسانيّة والطبعيّة، وهو يتطلّب رحلة طويلة من الحوار الداخلي مع النفس وإعادة تكوينها.
5 ـ إذا حاول الإنسان ـ مراراً وتكراراً ـ إصلاح نفسه فعجز، فعليه أوّلاً عدم اليأس والاستمرار بالمحاولة فهذا بذاته إنجاز، وثانياً اللجوء الدائم إلى الله لفكّ العقدة العالقة في داخله.
حيدر حبّ الله
18 ـ 2 ـ 2025م