التعليقة على منهاج الصالحين (أفعال الصلاة ـ الركوع)
حيدر حبّ الله
هذه تعليقة فقهيّة مختصرة على كتاب منهاج الصالحين للسيّد الخوئي، لم تُكتب بقصد عمل الآخرين بها، بل بقصد اطلاع الباحثين والمهتمّين، والله الموفّق والمعين
(14 ـ 11 ـ 2024م)
الفصل الخامس
في الركوع
وهو واجب في كلّ ركعة مرّة، فريضة كانت أو نافلة، عدا صلاة الآيات كما سيأتي، كما أنّه ركنٌ تبطل الصلاة بزيادته ونقيصته عمداً وسهواً([1])، عدا صلاة الجماعة، فلا تبطل بزيادته للمتابعة كما سيأتي، وعدا النافلة فلا تبطل بزيادته فيها سهواً([2]).
ويجب فيه أمور:
الأوّل: الانحناء بقصد الخضوع قدر ما تصل أطراف الأصابع إلى الركبتين([3]). وغير مستوي الخلقة، لطول اليدين أو قصرهما، يرجع إلى المتعارف. ولا بأس باختلاف أفراد مستوي الخلقة، فإنّ لكلّ حكم نفسه([4]).
الثاني: الذكر، ويجزئ منه «سبحان ربّي العظيم وبحمده»، أو «سبحان الله» ثلاثاً، بل يجزئ مطلق الذكر، من تحميدٍ وتكبير وتهليل وغيرها، إذا كان بقدر الثلاث الصغريات، مثل: «الحمد لله» ثلاثاً، أو «الله أكبر» ثلاثاً، ويجوز الجمع بين التسبيحة الكبرى والثلاث الصغريات، وكذا بينهما وبين غيرهما من الأذكار([5]). ويشترط في الذكر: العربيةُ، والموالاة، وأداء الحروف من مخارجها، وعدم المخالفة في الحركات الإعرابيّة والبنائيّة([6]).
الثالث: الطمأنينة فيه بقدر الذكر الواجب، بل الأحوط وجوباً ذلك في الذكر المندوب، إذا جاء به بقصد الخصوصيّة([7])، ولا يجوز الشروع في الذكر قبل الوصول إلى حدّ الركوع.
الرابع: رفع الرأس منه حتى ينتصب قائماً([8]).
الخامس: الطمأنينة حال القيام المذكور([9]). وإذا لم يتمكّن، لمرض أو غيره، سقطت، وكذا الطمأنينة حال الذكر، فإنّها تسقط لما ذكر، ولو ترك الطمأنينة في الركوع سهواً بأن لم يبق في حدّه، بل رفع رأسه بمجرّد الوصول إليه، ثم ذكر بعد رفع الرأس، فالأحوط([10]) إتمام الصلاة ثمّ الإعادة.
مسألة 638: إذا تحرّك ـ حال الذكر الواجب ـ بسببٍ قهريّ وجب عليه السكوت حال الحركة، وإعادة الذكر([11])، وإذا ذكر في حال الحركة، فإن كان عامداً بطلت صلاته([12])، وإن كان ساهياً فالأحوط ـ وجوباً([13]) ـ تدارك الذكر.
مسألة 639: يستحبّ التكبير للركوع قبله، ورفع اليدين حالة التكبير، ووضع الكفين على الركبتين، اليمنى على اليمنى، واليسرى على اليسرى، ممكّناً كفّيه من عينيهما، وردّ الركبتين إلى الخلف، وتسوية الظهر، ومدّ العنق موازياً للظهر، وأن يكون نظره بين قدميه، وأن يجنح بمرفقيه، وأن يضع اليمنى على الركبة قبل اليسرى، وأن تضع المرأة كفّيها على فخذيها، وتكرار التسبيح ثلاثاً، أو خمساً، أو سبعاً، أو أكثر، وأن يكون الذكر وتراً، وأن يقول قبل التسبيح: «اللهم لك ركعت ولك أسلمت، وعليك توكلت، وأنت ربي، خشع لك قلبي وسمعي وبصري وشعري وبشري ولحمي ودمي ومخّي وعصبي وعظامي وما أقلّته قدماي، غير مستنكفٍ ولا مستكبر ولا مستحسر»، وأن يقول للانتصاب بعد الركوع: «سمع الله لمن حمده»، وأن يضمّ إليه: «الحمد لله رب العالمين»، وأن يضمّ إليه: «أهل الجبروت والكبرياء والعظمة، والحمد لله ربّ العالمين»، وأن يرفع يديه للانتصاب المذكور. وأن يصلّي على النبيّ‘ في الركوع. ويكره فيه أن يطأطئ رأسه أو يرفعه إلى فوق، وأن يضم يديه إلى جنبيه، وأن يضع إحدى الكفّين على الأخرى، ويدخلهما بين ركبتين، وأن يقرأ القرآن فيه، وأن يجعل يديه تحت ثيابه ملاصقاً لجسده([14]).
مسألة 640: إذا عجز عن الانحناء التامّ بنفسه، اعتمد على ما يُعينه عليه، وإذا عجز عنه فالأحوط أن يأتي بالممكن منه، مع الإيماء إلى الركوع منتصباً قائماً، قبله أو بعده، وإذا دار أمره بين الركوع ـ جالساً ـ والإيماء إليه ـ قائماً ـ تعيّن الثاني، والأولى([15]) الجمع بينهما بتكرار الصلاة. ولا بدّ في الإيماء من أن يكون برأسه إن أمكن، وإلا فبالعينين تغميضاً له، وفتحاً للرفع منه([16]).
مسألة 641: إذا كان كالراكع خلقةً أو لعارض، فإن أمكنه الانتصاب التامّ للقراءة، وللهويّ للركوع وجب، ولو بالاستعانة بعصا ونحوها، وإلا فإن تمكّن من رفع بدنه بمقدارٍ يصدق على الانحناء بعده الركوع في حقّه عرفاً لزمه ذلك، وإلا أومأ برأسه([17]) وإن لم يمكن فبعينيه([18]).
مسألة 642: حدّ ركوع الجالس أن ينحني بمقدار يساوي وجهه ركبتيه، والأفضل الزيادة في الانحناء إلى أن يستوي ظهره([19])، وإذا لم يتمكّن من الركوع انتقل إلى الإيماء كما تقدّم.
مسألة 643: إذا نسي الركوع فهوى إلى السجود، وذكر قبل وضع جبهته على الأرض رجع إلى القيام([20])، ثمّ ركع، وكذلك إن ذكره بعد ذلك قبل الدخول في الثانية على الأظهر، والأحوط استحباباً حينئذ إعادة الصلاة بعد الإتمام، وإن ذكره بعد الدخول في الثانية، بطلت صلاته واستأنف.
مسألة 644: يجب أن يكون الانحناء بقصد الركوع، فإذا انحنى ليتناول شيئاً من الأرض، أو نحوه، ثمّ نوى الركوع لا يجزئ، بل لا بد من القيام، ثمّ الركوع عنه([21]).
مسألة 645: يجوز للمريض ـ وفي ضيق الوقت وسائر موارد الضرورة ـ الاقتصار في ذكر الركوع على: «سبحان الله» مرّة([22]).
________________________
([1]) بطلان الصلاة بنقيصته عمداً وسهواً مما لا نقاش فيه، وكذا بطلانها بزيادته عمداً، أمّا البطلان بالزيادة السهويّة، فهو مقتضى الاحتياط الاستحبابي الأكيد. وممّن احتاط وجوباً في البطلان في الزيادة السهويّة السيد محمّد الروحاني، والسيد علي السيستاني، فيما أفتى بصحّة الصلاة مع الزيادة السهويّة السيدُ محمّد حسين فضل الله.
([2]) إذا قلنا بالبطلان في الفريضة فمقتضى الاحتياط هو البطلان في النافلة أيضاً.
([3]) العبرة بصدق الركوع عرفاً، وأمّا معياريّة وصول الأصابع فلا دليل معتبراً عليها بصرف النظر عن التطبيق العرفي لعنوان الركوع.
([4]) الأقرب في أنّ غير مستوي الخلقة وكذا الاختلاف بين مستوي الخلقة.. الأقرب أنّهم يرجعون لصدق عنوان الركوع في حقّهم إلى العرف، وليس لذلك تحديد شرعي يتولّاه الفقيه، ومع الشكّ فعليهم الاحتياط لتحصيل الوثوق بتحقّق عنوان الركوع في حقّهم عُرفاً.
([5]) الظاهر من مراجعة مختلف النصوص هنا ـ سواء عند الشيعة أم السنّة ـ أنّ المطلوب في الركوع هو مطلق ذكر الله تعالى كيفما اتفق، وأقلّه مرّة واحدة ولا يلزم أن يكون ثلاثاً، فيمكن أن يقول: سبحان الله مرّةً واحدة أو الحمد لله كذلك، أو سبحان ربّي العظيم، أو سبحان ربي العظيم وبحمده، أو لا إله إلا الله، أو ما شابه ذلك، والأحوط استحباباً التثليت في غير سبحان ربّي العظيم وبحمده، وفيها الأحوط استحباباً إضافة «وبحمده» إلى «سبحان ربّي العظيم». هذا وقد سبق لنا في بحوثنا التفسيريّة أن توقّفنا بالتفصيل عند معنى "التسبيح بالحمد"، ودلالة هذا التركيب في اللغة العربيّة والتفسير القرآني، واستعرضنا سبع محاولات تفسيريّة في هذا المضمار، فراجع تفسيرنا لسورة النصر.
([6]) قد تقدّم في مطلع تكبيرة الإحرام الحديث عن شرط العربيّة في الصلاة، وأنّه ـ في غير القراءة ـ مبنيّ على الاحتياط الاستحبابي، كما تقدّم الحديث عن الموالاة وموضوع الحركات البنائية والإعرابيّة في فصل القراءة في الصلاة، فراجع (المسائل رقم: 606 ـ 615، 636).
([7]) قد تقدّم الحديث والنقاش في شرط الطمأنينة في (المسألة رقم: 583)، فراجع.
([8]) هذا هو الصحيح، وفاقاً لجمهور فقهاء الإسلام، وخلافاً لبعض التفاصيل عند بعض الأحناف. لكنّ عدَّ السيّد الماتن القيامَ بعد الركوع والطمأنينة حال هذا القيام، من واجبات الركوع، غيرُ صحيح، فالركوع ينتهي بانتهاء الذكر الواجب فلو نزل للسجود أو رفع رأسه فقد تحقّق الركوع منه، نعم هذا القيام اللاحق للركوع لازمٌ في الصلاة لا في ذات الركوع.
([9]) قد تقدّم الحديث والنقاش في شرط الطمأنينة في (المسألة رقم: 583)، فراجع.
([10]) استحباباً على تقدير صدق عنوان الركوع عرفاً على ما فعل.
([11]) هذا مقتضى الاحتياط الاستحبابي، وفقاً لما قلناه في بحث الطمأنينة، فراجع.
([12]) هذا مختصّ بحال قيامه بالذكر حال الحركة ـ بناء على شرط الطمأنينة ـ مع التفاته وقصده الجزئيّة، لا مطلقاً.
([13]) استحباباً.
([14]) إنّ ما هو مذكور في هذه المسألة من مستحبّاتٍ ومكروهات يقع على قسمين:
القسم الأوّل: ما لم يثبت، إمّا لعدم وجود دليل عليه أصلاً، أو لضعف إسناد الأدلّة، أو لعدم الدلالة فيما اعتبروه دالاً، أو لقلّة الروايات وآحاديّتها مع ضعف أكثرها سنداً، وهو كلّ ما ذكره الماتن ولم نذكره في القسم الثاني.
القسم الثاني: ما ثبت، مع الأخذ بعين الاعتبار ـ في بعضه ـ تعاضد النصوص من مختلف المصادر الحديثيّة الشيعيّة والسنيّة، وهو:
أ ـ استحباب التكبير قبل الركوع للنزول إليه. بل قيل بوجوبه حال القيام والانتصاب، والماتن نفى تقيّد التكبير بحال القيام والانتصاب وجوباً في بحوثه الاستدلاليّة، فقال بإمكان أن يأتي به المكلّف ولو حال الهويّ للركوع، اعتماداً على جريان السيرة المتصلة بأنّ الناس كانوا يكبّرون للنزول للركوع ولو حال الهويّ له لا حال الانتصاب، وربما لهذا هنا لم تكن عبارته مشابهةً للسيد اليزدي حيث قال في العروة: «مستحبات الركوع أمورٌ: أحدها التكبير له وهو قائم منتصب، والأحوط عدم تركه، كما أنّ الأحوط عدم قصد الخصوصيّة إذا كبّر في حال الهويّ أو مع عدم الاستقرار». والأقرب بالنظر أنّ التكبير مستحبّ كما أنّ تقيّده بكونه حال القيام دون حال الهويّ هو أيضاً لم يثبت وجوبه، لا لأنّ السيرة قامت على الأعمّ منه ومن ذكر التكبيرة حال الهويّ كما أفاده الماتن؛ إذ أنّى لنا إحراز سيرة متصلة بتلك العصور في مثل هذه الأمور! بل لأنّ المستند عبارة عن أربع روايات ـ ثلاث منها لزرارة ـ بعضها لا يفيد دلالةً لكونه محفوفاً بالمستحبات وبغير ذلك، مثل صحيح حماد وبعض روايات زرارة، فلا يبقى عدا خبر آحادي.
ب ـ استحباب رفع اليدين عند التكبير المشار إليه، بل لعلّ رفع اليدين في تكبيرات الصلاة ـ غير تكبيرة الإحرام ـ كان مؤشراً في القرون الأولى على أنّ فاعله شيعيّ، كما تشير إلى ذلك بعض النصوص.
ج ـ استحباب تسوية الظهر ومدّ العنق في احتمالٍ قويّ.
د ـ استحباب تكرار التسبيح.
هـ ـ كراهة ضمّ اليدين ووضعهما بين الرجلين، بل المستحبّ وضعهما على الرجلين، والقدر المتيقّن تحقّق المستحبّ معه هو وضعهما على الركبتين. هذا والسيد علي الخامنئي احتاط وجوباً في وضع اليدين على الركبتين، ولم نعرف له مستنداً معتبراً، والله العالم.
و ـ استحباب التسميع والتحميد، بمعنى قول مثل: "سمع الله لمن حمده، الحمد لله"، بعد رفع الرأس من الركوع. وليست هذه الصيغة متعيّنة، بل المستحبّ هو مطلق التحميد والتسميع، فلك أن تقول: ربّنا لك الحمد، ولك أن تقول: ربّنا ولك الحمد، ولك أن تقول: اللهم ربّنا ولك الحمد، ولك أن تقول: الحمد لله ربّ العالمين، فالمهم تحقّق التسميع (سمع الله لمن حمده) والتحميد (ربّنا ولك الحمد).
ز ـ الأحوط استحباباً ترك قراءة القرآن في الركوع.
أمّا استحباب الصلاة على محمّد وآل محمّد، فلم يثبت بعنوانه وخصوصه مستقلاً في الركوع، ونعني بذلك أنّ الوارد فيه روايات قليلة جداً (ذكرها الحر العاملي في الباب 20 من أبواب الركوع)، عمدتها: خبر عبد الله بن سنان، لكنّه وإن صحّ سنداً بطريق الطوسي، لكنّه بطريق الكليني جاءت الرواية عن عبد الله بن سنان عن عبد الله بن سليمان، والأخير لم تثبت وثاقته، بل الاسم مشترك بين أكثر من شخص، والظاهر أنّ الكليني والطوسي نقلا عن مصدرٍ واحد؛ لاتحاد السند؛ حيث أخذا الرواية من كتب الحسين بن سعيد الأهوازي فيما يظهر، ومع تردّد السند في وجود عبد الله بن سليمان فيه وعدم وجوده لا يمكن التأكّد من صحته، فما ذكره بعضهم ـ مثل السيد محسن الحكيم في المستمسك والسيد السبزواري في مهذّب الأحكام ـ من وصف هذا الخبر بـ "الصحيح"، غير واضح.. بل إنّ ظاهر هذه الرواية أنّ الرجل يسأل عن أنّني ذكرت النبيَّ في ركوعي أو سجودي، فهل لي أن أصلّي عليه؟ وهنا قال له الإمام: نعم، وأنّ الصلاة عليه كالتسبيح والتكبير، وأنّ فيها الحسنات، وعليه فلا يُعلم أنّ الإمام كان بصدد بيان تشريع متعلّق بالركوع والسجود بعنوانهما أو كان في مقام بيان فضيلة الصلاة على النبيّ عند ذكره أو نحو ذلك، فيكون من ضمن الاستحباب العام دون الخاصّ، فتأمّل جيداً. وأمّا خبر أبي بصير أنّه سأل الإمام الصادق× فقال: أصلّي على النبيّ وأنا ساجد؟ فأجابه: «نعم، هو مثل سبحان الله والله أكبر»، فالسؤال فيه يحتمل كونه سؤالاً عن الجواز ويحتمل كونه سؤالاً عن الاستحباب، وجواب الإمام فيه يحتمل أنّه يريد الاستحباب، لكنّه يحتمل بشكل أقوى أنّه يريد أن يقول له بأنّ الصلاة كالذكر لله تعالى، مثل سبحان الله، فلك أن تقولها وتأخذ أجر الذكر، وهذا لا يدلّ على استحباب مستقلّ بعنوانه، بل من حيث هو مصداق للذكر في الصلاة، فيمكن الاكتفاء به أيضاً، ولعلّه يشهد لذلك خبر الحلبي الوارد في الباب نفسه، من أنّ «كلّ ما ذكرت الله عزّ وجل به والنبيّ فهو من الصلاة»، حيث يفيد أنّ ذكر النبيّ جزءٌ من الصلاة ومساوقٌ لذكر الله تعالى، فليس القصد بيان استحباب جديد هنا في ركوع أو سجود الصلاة بعنوانهما، بل كون الصلاة على النبيّ وآله مصداقاً للذكر في الركوع والسجود، فتكون على وزان سائر الأذكار، وهذا ما نقصده. وأمّا خبر محمّد بن أبي حمزة عن أبيه فهو وإن دلّ على فضل الصلاة على النبيّ وآله في الركوع والسجود، لكنّه ضعيف السند بالإرسال، كما هو واضح، فراجع.
هذا كلّه، مضافاً إلى أنّه من النادر للغاية العثور على من صرّح باستحباب الصلاة على محمّد وآل محمّد في الركوع والسجود قبل الشهيد الأوّل في النصف الثاني من القرن الثامن الهجري، ولعلّ الشهيد الأوّل ـ في كتاب ذكرى الشيعة ـ هو أوّل من تحدّث عن هذا الاستحباب، بل اللافت أنّ النصوص البيانيّة في الصلاة لا تشتمل على شيء من ذلك أيضاً.
وعليه، فالصلاة على النبيّ وآله في الصلاة أو خارجها مستحبّ بعنوانه العام، بل هو كالذكر، فيجوز من حيث كونه دعاءً لله سبحانه، بل هو من عظيم الدعاء، وسوف يأتي أنّ بعض الفقهاء قال بوجوب الصلاة على النبيّ عند ذكر اسمه مطلقاً. أمّا الروايات في خصوص الركوع ـ والسجود ـ فآحاديّةٌ قليلة، وفي دلالة بعضها وإسناد بعضٍ آخر نقاش، أوجزنا مهمّه آنفاً.
هذا، ولم أجد فقيهاً شيعيّاً صرّح بعدم ثبوت الاستحباب الخاصّ للصلاة على النبيّ وآله بعنوانه في الركوع والسجود إلا القليل النادر للغاية، ومنهم: السيد البروجردي في تعليقته على العروة الوثقى، حيث علّق على موضوع الصلاة على النبيّ وآله في مستحبّات الركوع فقال: «لا بقصد الخصوصيّة، وكذا في السجود» ـ كما علّق الرفيعي قائلاً: «لا بقصد الجزئيّة ولو استحباباً» ـ وهو ما يظهر منه أنّه لا يرى ثبوت استحباب خاصّ للصلاة على النبيّ وآله في الركوع والسجود.
هذا، وقد اعتاد الناس على قول الصلاة على النبي وآله في الركوع والسجود بعد التسبيحة الكبرى أو التسبيحات الصغرى، وهذا أيضاً لم يثبت استحبابه، فضلاً عن وجوبه أو تعيّنه، فيمكن تقديم الصلاة على التسبيح والذكر، ويمكن العكس.
([15]) قد تقدّم أنّه مقتضى الاحتياط الوجوبي، وذلك عند التعليق على (المسألة رقم: 593)، من بحث القيام في الصلاة، فراجع.
([16]) قد تقدّم عند التعليق على (المسألة رقم: 592)، من بحث القيام في الصلاة أنّ الإيماء بالعينين هو مقتضى الاحتياط الاستحبابي، فراجع.
([17]) بل يجمع احتياطاً بين الإيماء برأسه وخفض بدنه أكثر مما هو عليه بحيث يكون قد انحنى أزيد من حالته الطبيعيّة.
([18]) قد تقدّم عند التعليق على (المسألة رقم: 592)، من بحث القيام في الصلاة أنّ الإيماء بالعينين هو مقتضى الاحتياط الاستحبابي، فراجع.
([19]) لا يوجد تحديد شرعيّ للركوع الجلوسي، بل العبرة بما يراه العرف ركوعاً في حقّ الجالس، تماماً كالركوع القيامي، ولا شكّ أنّ ما ذكره السيد الماتن هو مصداقٌ عرفي للركوع الجلوسي، لكنّ الكلام في عدم كفاية غيره، فالأفضل إيكال الأمر المصداقي إلى العرف.
([20]) قد تكلّمنا سابقاً عن القيام المتصل بالركوع والذي يكون الركوع عنه، وناقشنا في تقوّم الركوع به، فراجع مطلع الحديث عن "القيام في الصلاة".
([21]) قد تكلّمنا سابقاً عن القيام المتصل بالركوع والذي يكون الركوع عنه، وناقشنا في تقوّم الركوع به، فراجع مطلع الحديث عن القيام في الصلاة، وبه يعلم أنّه لو هوى لأمرٍ آخر ثم التفت لزمه أن يركع ولو من دون قيام وتكفيه النيّة في هذه الحال وتحقيق الركوع المطلوب شرعاً، وفاقاً لبعض الفقهاء.
([22]) قد تقدّم آنفاً عند التعليق على "الأمر الثاني مما يجب في الركوع" أنّ المرّة الواحدة كافية ولو لغير الضرورة، فتكون كافية في موارد الضرورة أيضاً، بلا فرقٍ بين "سبحان الله" وغيره من أنواع الذكر له سبحانه.