hobballah

الموقع الرسمي لحيدر حب الله

آراء

التعليقة على منهاج الصالحين (أفعال الصلاة ـ القيام)

تاريخ الاعداد: 10/23/2024 تاريخ النشر: 10/24/2024
1670
التحميل

حيدر حبّ الله

 

هذه تعليقة فقهيّة مختصرة على كتاب منهاج الصالحين للسيّد الخوئي، لم تُكتب بقصد عمل الآخرين بها، بل بقصد اطلاع الباحثين والمهتمّين، والله الموفّق والمعين

(17 ـ 10 ـ 2024م)

 

 

الفصل الثالث

في القيام

وهو ركن حال تكبيرة الإحرام ـ كما عرفت ـ وعند الركوع، وهو الذي يكون الركوع عنه ـ المعبّر بالقيام المتصل بالركوع ـ فمن كبّر للافتتاح وهو جالس بطلت صلاته، وكذا إذا ركع جالساً سهواً وإن قام في أثناء الركوع متقوّساً، وفي غير هذين الموردين يكون القيام الواجب واجباً غير‌ ركن، كالقيام بعد الركوع، والقيام حال القراءة أو التسبيح، فإذا قرأ جالساً ـ سهواً ـ أو سبّح كذلك، ثمّ قام وركع عن قيام ثمّ التفت صحّت صلاته، وكذا إذا نسي القيام بعد الركوع حتى سجد السجدتين([1]).

مسألة 589: إذا هوى لغير الركوع، ثمّ نواه في أثناء الهوي لم يجز، ولم يكن ركوعه عن قيام، فتبطل صلاته، نعم إذا لم يصل إلى حدّ الركوع انتصب قائماً، وركع عنه وصحّت صلاته، وكذلك إذا وصل ولم ينوه ركوعاً([2]).

مسألة 590: إذا هوى إلى ركوعٍ عن قيام، وفي أثناء الهويّ غفل حتى جلس للسجود، فإن كانت الغفلة بعد تحقّق مسمّى الركوع، صحّت صلاته، والأحوط ـ استحباباً ـ أن يقوم منتصباً، ثمّ يهوي إلى السجود. وإذا التفت إلى ذلك وقد سجد سجدةً واحدة مضى في صلاته، والأحوط ـ استحباباً ـ إعادة الصلاة بعد الإتمام. وإذا التفت إلى ذلك وقد سجد سجدتين، صحّ سجوده ومضى. وإن كانت الغفلة قبل تحقّق مسمى الركوع عاد إلى القيام منتصباً، ثمّ هوى إلى الركوع، ومضى وصحّت صلاته([3]).

مسألة 591: يجب مع الإمكان الاعتدال في القيام([4])، والانتصاب([5])، فإذا انحنى أو مال إلى أحد الجانبين بطل، وكذا إذا فرّج بين رجليه على نحو يخرج عن الاستقامة عرفاً، نعم لا بأس بإطراق الرأس. وتجب أيضاً في القيام غير المتصل بالركوع الطمأنينة([6])، والأحوط ـ استحباباً ـ الوقوف على القدمين جميعاً، فلا يقف على أحدهما ولا على أصابعهما فقط ولا على أصل القدمين فقط([7]). والظاهر جواز الاعتماد على عصا أو جدار أو إنسان في القيام على كراهية، بل الأحوط ترك ذلك مع الإمكان([8]).

مسألة 592: إذا قدر على ما يصدق عليه القيام عرفاً، ولو منحنياً أو منفرج الرجلين، صلّى قائماً، وإن عجز عن ذلك صلّى جالساً، ويجب الانتصاب والاستقرار والطمأنينة على نحو ما تقدّم في القيام([9]). هذا مع الإمكان، والا اقتصر على الممكن، فإن تعذّر الجلوس حتى الاضطراري صلّى ـ مضطجعاً ـ على الجانب الأيمن ووجهه إلى القبلة كهيئة المدفون، ومع تعذّره فعلى الأيسر عكس الأوّل، وإن تعذّر صلّى مستلقياً ورجلاه إلى القبلة كهيئة المحتضر([10])، والأحوط ـ وجوباً ـ أن يومئ برأسه للركوع والسجود مع الإمكان، والأولى أن يجعل إيماء السجود أخفض من إيماء الركوع([11])، ومع العجز يومئ بعينيه([12]).

مسألة 593: إذا تمكّن من القيام ـ ولم يتمكّن من الركوع قائماً وكانت وظيفته الصلاة قائماً ـ صلّى قائماً، وأومأ للركوع، والأحوط ـ استحباباً ـ أن يعيد صلاته مع الركوع جالساً([13])، وإن لم يتمكّن من السجود أيضاً صلّى قائما وأومأ للسجود أيضاً.

مسألة 594: إذا قدر على القيام في بعض الصلاة دون بعض وجب أن يقوم إلى أن يعجز فيجلس، وإذا أحسّ بالقدرة على القيام قام وهكذا، ولا يجب عليه استئناف ما فعله حال الجلوس، فلو قرأ جالساً ثمّ تجدّدت القدرة على القيام ـ قبل الركوع بعد القراءة ـ قام للركوع([14])، وركع من دون إعادة القراءة، هذا في ضيق الوقت، وأمّا مع سعته فإن استمرّ العذر إلى آخر الوقت لا يعيد، وإن لم يستمر، فإن أمكن التدارك كأن تجدّدت القدرة بعد القراءة وقبل الركوع، استأنف القراءة عن قيام ومضى في صلاته، وإن لم يمكن التدارك، فإن كان الفائت قياماً ركنيّاً، أعاد صلاته، وإلا لم تجب الإعادة.

مسألة 595: إذا دار الأمر بين القيام في الجزء السابق، والقيام في الجزء اللاحق، فالترجيح للسابق، حتى فيما إذا لم يكن القيام في الجزء السابق ركناً، وكان في الجزء اللاحق ركناً.

مسألة 596: يستحب في القيام إسدال المنكبين، وإرسال اليدين، ووضع الكفين على الفخذين، قبال الركبتين، اليمنى على اليمنى، واليسرى على اليسرى، وضمّ أصابع الكفين، وأن يكون نظره إلى موضع سجوده، وأن يصفّ قدميه متحاذيتين مستقبلاً بهما، ويباعد بينهما بثلاث أصابع مفرجات، أو أزيد إلى شبر، وأن يسوي بينهما في الاعتماد، وأن يكون على حال الخضوع والخشوع، كقيام عبد ذليل بين يدي المولى الجليل([15]).

_______________________________

([1]) هناك أشكال من القيام الواجب في الصلاة عند الفقهاء، وهي: 1 ـ القيام حال تكبيرة الإحرام. 2 ـ القيام حال القراءة وما بحكمها. 3 ـ القيام المتصل بالركوع الذي يكون الركوع عنه. 4 ـ القيام الركوعي بمعنى أن يكون قائماً حال الركوع في مقابل الركوع الجلوسي الذي يكون في مثل صلاة الوتيرة. 5 ـ القيام اللاحق للركوع، بمعنى رفع الرأس بعد الركوع ثم الهوي للسجود.

والثابت أنّ القيام لازم حال تكبيرة الإحرام والقراءة وما بحكمها وكذلك حال الركوع وبعده، لكنّ السؤال هل لزومه بمعنى كونه جزءاً مستقلاً منفصلاً، أو أنّه شرط لحال الإتيان بهذه الأمور، بحيث تبطل هذه الأجزاء لو ترك القيام حالها عمداً، فتبطل الصلاة نتيجة ذلك؟ الظاهر أنّ غير القيام اللاحق للركوع لا دليل على كونه جزءاً مستقلاً، والجزئيّة الزائدة تتطلّب عرفاً مؤونة زائدة هنا، وعليه فإذا قلنا بأنّ تكبيرة الإحرام ركن ـ كما قلنا به سابقاً بناء على الاحتياط الوجوبي ـ كان ترك القيام حال تكبيرة الإحرام تركاً لما هو واجب، لكنّ القيام حال تكبيرة الإحرام لا دليل على ركنيّته أو تقوّم تكبيرة الإحرام به ـ بحيث لا يصدق عليها تكبيرة الإحرام بدون قيام ـ إلا رواية واحدة، وهي خبر عمار، وأمّا النصوص العامّة في القيام منتصباً، فقد يقال بأنّه يصدق القيام منتصباً لو كبّر حال الجلوس، لكنّه قرأ وأكمل صلاته عن قيام، لكن مع ذلك فالأحوط وجوباً القول ببطلان الصلاة بترك القيام حال تكبيرة الإحرام عمداً أو سهواً.

وأمّا القيام المتصل بالركوع الذي يكون الركوع عنه، فليس عليه دليل في النصوص، وأهمّ ما استدلّ به هنا هو عدم صدق الركوع على تقدير عدم سبق القيام له، بدعوى أنّ هناك فرقاً بين أن يركع الإنسان وبين أن يكون الإنسان على هيئة الراكع، فـ "أن يركع" لا بدّ أن يكون قائماً أوّلاً حتى يصدق عليه أنّه ركع، بينما "أن يكون على هيئة الراكع" يصدق ولو قام من الجلوس متقوّساً وتحقّق الركوع منه، وهذا ما أفاده أيضاً السيد الماتن في بحوثه، ولكنّ الأقرب عدم صحّة ذلك؛ فإنّ العرف يرى صدق الركوع وهيئة الراكع معاً في حقّ شخص حقّق الركوع سواء سبقه قيامٌ أو كان جالساً فوقف متقوّساً راكعاً، فيقال: ركع، فلو كان شخص جالساً أمام الملك ثم قيل له: اركع للملك، فقام متقوّساً راكعاً، صدق أنّه ركع للملك، فالأقرب عدم ركنيّة القيام المتصل بالركوع، بل ولا جزئيّته من حيث هو متصل بالركوع، نعم هو لازم حال القراءة أو الذكر في الركعات كلّها فمن الطبيعي عادةً أن يقع الركوع عنه، لكن لو لم يقع لا تبطل الصلاة، فلو نسي المصلّي القيام حال القراءة، وقلنا بعدم ركنيّة القيام حال القراءة، ثم وقف للركوع دون أن يقوم منتصباً قبله صحّت صلاته، وكذا لو أنهى المصلّي القراءة ثم هبط إلى الأرض ليأخذ شيئاً قد سقط منه مثلاً، ثم قام للركوع مباشرةً، دون أن يقف ثم يركع، ففي مثل هذه الحال يصحّ ركوعه فتصحّ صلاته، وهكذا لو كبّر المأموم والإمام راكعٌ، فإنّه يكفيه أن يحقّق القيام حال تكبيرة الإحرام، ثم ينزل فوراً، ولا يلزمه أن يبقى واقفاً قليلاً بعد التكبيرة حتى ينزل للركوع عن قيام كما قد يتصوّر بعضٌ. ومنه يظهر أنّ المراد بالقيام الركني عندهم ليس القيام حال القراءة قبل الركوع ليكون الركوع بعد إتمام القراءة عن قيام، بل ذات القيام قبل الركوع بصرف النظر عن القراءة قائماً أو لا.

وبهذا يظهر أنّ ما أورده السيد الماتن في بحوثه الاستدلاليّة من احتمالاتٍ ثلاثة: احتمال أن يكون القيام الركوعي شطراً من الركوع، واحتمال أن يكون شرطاً للوجود ومقدّمة له، واحتمال أن تكون الهيئة الركوعيّة هي المطلوبة فقط، وهو المنسوب إلى الطباطبائي والشيخ النجفي، ناقداً الثالث عبر الاعتماد على ظواهر النصوص وكلمات اللغويّين، غير صحيح؛ وذلك أنّ كلام اللغويين مبنيّ كالعادة على الغالب، حيث الغالب في الركوع أن يكون عن قيام، فشرحوه بصورته المتعارفة، ونحن لا نريد أن نقول بأنّ المطلوب هو الهيئة الركوعيّة محضاً، وإن كان هذا كافياً في الجملة، بل نقول بأنّه في كثير من الموارد يكون تحقيق الركوع وإحداثه موجوداً بلا حاجة للقيام، ومفهوم الركوع ليس جديداً، بل معروف قبل الإسلام.

وأمّا القيام في القراءة وما بحكمها وكذلك بعد الركوع، فهو لازم، لكنّه لا يوجب بطلان القراءة أو الركوع بتركه سهواً، وأمّا القيام حال الركوع فهو لازم، وسيأتي الحديث عنه في باب الركوع قريباً إن شاء الله.

([2]) هذا من السيد الماتن مبنيٌّ على ركنية القيام المتصل بالركوع، بل وتقوّم الركوع به، وحيث ناقشنا في ذلك، فإنّ الأقرب هو الآتي:

أ ـ إذا هوى لغير الركوع، ثمّ نواه في أثناء الهوي أجزأ؛ لأنّ المفروض أنّ الواجب عليه هو الركوع وقد تحقّق.

ب ـ إذا هوى لغير الركوع، ولم يصل إلى الركوع، لم يجب عليه الانتصاب قائماً، بل يكفيه أن يُكمل هويّه حتى يتحقّق الركوع، وتصحّ صلاته.

ج ـ إذا هوى لغير الركوع، ووصل إليه دون أن ينوه ركوعاً، كفاه نيّة الركوع من هذه اللحظة، بلا حاجة للقيام ثم الركوع عن ذلك القيام.

قد تقول: إنّه بالنسبة إلى (ج) فإنّ الحکم به یحتاج إلى التعدّي عن النصّ إلی المناط أو مقصد الشارع؛ فإنّ الحکم کذلك یحتاج إلى أن نقول بأنّ مقصود الشارع من قوله: «إرکع» هو تحقّق حالة الرکوع، لا إيجاده وإحداثه، فلو قال أحدٌ لمن هو راکع: «إرکع لله»، فإنّه یقوم بارتکازه ثم یرکع ثانياً، ولا یکتفي ببقائه في الحال نفسه؛ لأنّ الأمر ظاهرٌ في الإحداث؛ ما لم نحرز مناط الحکم وملاکه.

ويجاب: إنّنا لو أخذنا المثال المشار إليه آنفاً، فإنّ المأمور سوف يقول: إنّني راكعٌ، فأمرك لي بالركوع لله تحصيلُ حاصلٍ لا معنى له، وعلى فرض أنّه راكع لا بقصد الخضوع لله، فطلب منه أن يركع لله، فإنّ مجرّد أن ينوي أنّ خضوعه هذا هو لله كافٍ في تحقيق الركوع له عرفاً، وهذا مثل أنّك انحنيت لكي تزيل شيئاً عن ركبتك ـ كحشرة مثلاً ـ وكان ذلك بمحضر الملك، وأثناء إزالتك للحشرة، قال لك الوزير: اركع للملك، فقمت بتثبيت ركوعك وقصدتّه للملك، ولم تعد منحنياً لأجل الحشرة ولا مشغولاً بإزالتها، ألا يصدق أنّك قد ركعت للملك؟! وما ينبّه لذلك أنّنا في كثيرٍ من الأحيان عندما ننزل إلى السجود أو نرتفع من السجود نحقّقُ مصداق الركوع في طريقنا صعوداً أو نزولاً، لكن لا يقال بأنّنا ركعنا؛ لأنّ الركوع عنوانه حالة التذلّل والخضوع بكيفيّة خاصّة وقصد مخصوص.

([3]) ما أفاده الماتن في محلّه، عدا النقطة الأخيرة، حيث لا يلزمه القيام منتصباً ثمّ الركوع. وقد صار ذلك واضحاً مما بنينا عليه في مناقشة القول بركنيّة القيام المتصل بالركوع وتقوّم الركوع به، فلا نعيد.

هذا، وهذه المسألة كما يناسب ذكرها هنا، فإنّها أيضاً من شؤون بحث الركوع أكثر من شؤون بحث القيام، والعلم عند الله.

([4]) لا دليل معتبراً عليه؛ لصدق القيام مع عدم الاعتدال عرفاً، وأمّا إذا قيل بأنّ المقصود هو الاعتدال الموجب لصدق القيام، بمعنى ما لا يصدق القيام من دونه، فهذا ليس شرطاً إضافيّاً، فالمرجع العرف.

([5]) على الأحوط وجوباً. والمراد به أنّ القيام له حالتان حالة تكون فقرات الظهر فيها منتصبة مستوية، وأخرى لا تكون كذلك، فالانتصاب قيدٌ زائد على ذات القيام؛ لصدق القيام منتصباً تارةً وغير منتصبٍ أخرى. ومن الواضح أنّ القيام يقابله عنوانان: الجلوس، والانحناء البالغ حدّ الركوع، ويلزم تحقيق هذين الأمرين معاً، بمعنى أن يكون قائماً ولا يكون جالساً، وأن يكون قائماً وليس متقوّس الظهر حدّ صدق أنّه راكع وليس قائماً، فانتبه، أمّا الانتصاب بقدرٍ أزيد من ذلك بحيث يكون مستوي الظهر ولا ينحني للأمام ولا للخلف، فليس مطلوباً إلا بناءً على الاحتياط الوجوبي.

هذا، وقد ذهبت الشافعيّة إلى شرط انتصاب فَقَار الظهر؛ لاعتقادهم بأنّ عنوان القيام لا يكون متحقّقاً إلا بذلك، بينما رأت الحنفية والمالكيّة والحنابلة أنّ العبرة بصدق القيام، وعدم كونه راكعاً بحيث لو مدّ يديه لا يكون راكعاً.

([6]) قد سبق في بحث تكبيرة الإحرام (المسألة رقم: 583) الحديث عن شرط الطمأنينة في أفعال الصلاة، وأنّه لم يثبت إلا ببعض معانيه، فراجع.

([7]) هذا كلّه مبنيٌّ على الاحتياط الاستحبابي الذي أشار إليه السيد الماتن.

([8]) في ثبوت الكراهة ـ فضلاً عن المنع ـ إشكال، بل منع، والأمر موكول للعرف. نعم الأحوط استحباباً عدم الاتّكاء على شيء، خلافاً لكلّ من الأحناف والمالكيّة والحنابلة الذين شرطوا الاستقلال في القيام، فلو اتكأ على عصا بحيث لو تركها سقط، لم يصحّ هذا القيام عندهم، بينما خالفت في ذلك الشافعيّة فنفت شرط الاستقلال في القيام، واعتبرت أنّ عدم الاستقلال مكروه فقط، غير أنّهم ذكروا قيداً، وهو أنّه يلزم أن لا يكون الاتكاء بحيث لو رفع رجليه عن الأرض ظلّ كما هو، فإنّ هذا لا يقال عنه: قائم، بل يقال: معلّق، فلا يتحقّق منه القيام. والصحيح أنّه حتى في هذه الصورة التي ذكرها الشافعيّة تصحّ الصلاة، ما دام واضعاً رجليه على الأرض؛ لصدق أنّه واقف قائم، نعم لو رفعهما وبقي معلّقاً في الهواء لم يصحّ وصف القائم عليه، وكونه معلّقاً تقديراً لا يبطل الصلاة، لصدق القيام الفعلي في مورده.

([9]) قد بيّنا الموقف آنفاً (المسألة: 591) من الاستقرار والطمأنينة، وأمّا الانتصاب فحتى لو قلنا به في القيام، لكنّه لا دليل عليه في حال الجلوس.

([10]) هذا الترتيب الذي ذكره السيد الماتن موافق أيضاً لما ذهب إليه المالكيّة لكن بنحو الندب، بينما اعتبر الأحناف أنّ الأولى أن يجلس بهيئة المستلقي على ظهره ورجلاه إلى القبلة، وإن جاز له الاضطجاع يميناً أو يساراً، وقالت الشافعية ـ ومثلهم الحنابلة ـ بأنّ عليه الاضطجاع على جنبه وجوباً، والأولى تقديم الأيمن.

([11]) بل هو الأحوط وجوباً. وقد وردت فيه نصوصٌ عند الشيعة والسنّة.

([12]) على الأحوط استحباباً، وإلا فيكفيه نيّة الركوع والسجود، والإتيان بذكرهما.

([13]) قد يقال بأنّه مقتضى الاحتياط الوجوبي، ولا أقلّ لدوران الأمر بين لزوم الركوع الجلوسي عليه، والمفروض أنّه قادر عليه، وبين كفاية الإيماء، وليس في البين ترجيحٌ.

وقد يقال: الظاهر أنّ الركوع الجلوسي هو ركوعٌ طبيعي وفردٌ آخر من الركوع حال عدم إمكان الركوع القيامي، وطبيعة الإيماء ـ كما يُفهم من سياقات الأدلّة ـ أنّه وظيفة من لا يقدر على أداء الركوع الطبيعي، فالإيماء وظيفة العاجز الذي لا يقدر على إحناء جسده، والذي ينبّه عليه أنّ المتشرعة وغيرهم لا يتقبّلون أداء الركوع إيماءً، ثم يسجد سجود الصحيح، بحجّة العجز عن "القيام" ، دون تحقيق الركوع الجلوسي، الذي هو ركوعٌ حقيقة.

ولعلّ الأرجح بالنظر هو وجوب الاحتياط بالإيماء بقصد الركوع برجاء المطلوبيّة، ثمّ تحقيق الركوع الجلوسي بالقصد نفسه، معاً في الصلاة الواحدة؛ فإنّ أحدهما لغوٌ فلا يوجب ذلك بطلان الصلاة، وذلك من دون حاجة لتكرار الصلاة أصلاً، وبخاصّة أنّ التكرار على المريض خلاف مقصد التخفيف، إذ سيكون حال المريض أشدّ من الصحيح.

([14]) بناء على ما ذهب إليه السيّد الماتن من تقوّم الركوع بالقيام السابق عليه.

([15]) إنّ المذكورات في هذه المسألة لم يثبت استحبابها بعنوانها، لأنّ دليلها آحادي وقليل جداً، فعمدتها خبر زرارة وخبر حماد لا غير، وبعضها فيه روايات مرسلة وضعيفة فقط، عدا عن الأخيرة وهي «أن يكون على حال الخضوع والخشوع، كقيام عبد ذليل بين يدي المولى الجليل»، فإنّ هذا ثابت الاستحباب؛ لوضوح استحباب الخشوع والخضوع في الصلاة وحضور القلب فيها، كما قلنا سابقاً. ولا يبعد أنّ بعض هذه المذكورات إنّما جيء به في النصوص لكونه مصداقاً للخشوع، ولهذا قال فقهاء أهل السنّة ـ على سبيل المثال ـ بأنّ التفريج قليلاً بين القدمين حال الوقوف مندوبٌ، معلّلينَه بكونه مظهراً للخشوع وأقرب إليه، وأنّ لصق القدمين ببعضهما مكروه؛ لأنّه ينافي الخشوع عندهم، فلا يبعد أن تكون بعض هذه النصوص جاءت لبيان مصاديق الصلاة من حيث صدق الخشوع والانكسار أمام الله عليها، فانتبه، فلا تكون مستحبّةً بعنوانها، بل لكونها مصداقاً لهذا العنوان العام، والله العالم.