hobballah

الموقع الرسمي لحيدر حب الله

آراء

التعليقة على منهاج الصالحين (أفعال الصلاة ـ تكبيرة الإحرام ـ القسم الثاني)

تاريخ الاعداد: 10/9/2024 تاريخ النشر: 10/17/2024
740
التحميل

حيدر حبّ الله

 

هذه تعليقة فقهيّة مختصرة على كتاب منهاج الصالحين للسيّد الخوئي، لم تُكتب بقصد عمل الآخرين بها، بل بقصد اطلاع الباحثين والمهتمّين، والله الموفّق والمعين

(10 ـ 10 ـ 2024م)

 

 

الفصل الثاني

في تكبيرة الإحرام

 

...

مسألة 582: الأحوط ـ وجوباً ـ عدم وصلها بما قبلها من الكلام، دعاء كان أو غيره، ولا بما بعدها من بسملةٍ أو غيرها([1])، وأن لا يعقّب اسم الجلالة بشي‌ء من الصفات الجلاليّة أو الجماليّة([2]). وينبغي تفخيم اللام من لفظ الجلالة، والراء من أكبر([3]).

مسألة 583: يجب فيها القيام التامّ، فإذا تركه ـ عمداً أو سهواً ـ بطلت([4])، من غير فرق بين المأموم الذي أدرك الإمام راكعاً وغيره، بل يجب التربّص في الجملة حتى يعلم بوقوع التكبير تامّاً قائماً. وأمّا الاستقرار في القيام المقابل للمشي والتمايل من أحد الجانبين إلى الآخر، أو الاستقرار بمعنى الطمأنينة([5])، فهو وإن كان واجباً حال التكبير، لكنّ الظاهر أنّه إذا تركه سهواً لم تبطل الصلاة.

مسألة 584: الأخرس يأتي بها على قدر ما يمكنه، فإن عجز عن النطق أخطرها بقلبه وأشار بإصبعه، والأحوط الأولى أن يحرّك بها لسانه إن أمكن([6]).

مسألة 585: يشرع الإتيان بستّ تكبيرات، مضافاً إلى تكبيرة الإحرام فيكون المجموع سبعاً، ويجوز الاقتصار على الخمس، وعلى الثلاث، والأولى أن يقصد بالأخيرة تكبيرة الإحرام([7]).

مسألة 586: يستحبّ للإمام الجهر بواحدة، والإسرار بالبقيّة([8])، ويستحبّ أن يكون التكبير في حال رفع اليدين إلى الأذنين أو مقابل الوجه أو إلى النحر، مضمومة الأصابع، حتى الإبهام، والخنصر مستقبلاً بباطنهما القبلة([9]).

مسألة 587: إذا كبّر ثم شكّ في أنّها تكبيرة الإحرام أو للركوع، بنى على الأولى([10]). وإن شكّ في صحّتها بنى على الصحّة. وإن شك في وقوعها وقد دخل فيما بعدها من القراءة، بنى على وقوعها.

مسألة 588: يجوز الإتيان بالتكبيرات وِلاءً بلا دعاء، والأفضل أن يأتي بثلاث منها ثمّ يقول: «اللهم أنت الملك الحقّ، لا إله إلا أنت سبحانك إنّي ظلمت نفسي، فاغفر لي ذنبي، إنّه لا يغفر الذنوب إلا أنت»، ثمّ يأتي باثنتين ويقول: «لبّيك، وسعديك، والخير في يديك، والشرّ ليس إليك، والمهديّ من هديت، لا ملجأ منك إلا إليك، سبحانك وحَنَانَيك، تباركت وتعاليت، سبحانك ربّ البيت»، ثمّ يأتي باثنتين ويقول: «وجّهت وجهيَ للذي فطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة حنيفاً مسلماً وما أنا من المشركين، إنّ صلاتي ونُسُكي ومحياي ومماتي لله ربّ العالمين لا شريك له وبذلك أُمرتُ وأنا من المسلمين»، ثمّ يستعيذ ويقرأ سورة الحمد([11]).

______________________________

([1]) ذهب بعض الفقهاء إلى أنّه لا يصحّ وصل تكبيرة الافتتاح لفظاً في الصلاة بما قبلها من الكلام سواء كان دعاءً أم غيره، ولا بما بعدها سواء كان البسملة أم غيرها. وفي العصر الحاضر:

أ ـ أفتى جماعة بلزوم عدم الوصل مطلقاً، مثل السيد محمد حسين فضل الله، والسيد محمّد باقر الصدر (في الفتاوى الواضحة)، والسيد كاظم الحائري على ما في تعليقته على الفتاوى الواضحة، وغيرهم.

ب ـ واحتاط وجوباً بعدم الوصل مطلقاً جماعة، منهم: السيد محمّد باقر الصدر (في التعليقة على المنهاج، ويحتمل إرادته التفصيلَ الآتية الإشارة إليه)، والسيد أبو القاسم الخوئي، والسيد محمد صادق الروحاني، والسيد محمد محمد صادق الصدر، والشيخ محمد إسحاق الفياض، والسيد محمّد سعيد الحكيم، وغيرهم.

ج ـ وفصّل بعضهم بين الوصل بما قبلها، فاحتاط فيه وجوباً، وبما بعدها فلم يرَ به بأساً، وذلك مثل: السيد روح الله الخميني، والسيد محمّد رضا الگلپايگاني، والشيخ الوحيد الخراساني، والشيخ لطف الله الصافي وغيرهم. وأفتى السيد موسى الشبيري الزنجاني بعدم الوصل بما قبلها فيما احتاط استحباباً بعدم الوصل بما بعدها.

د ـ وأجاز جماعةٌ الوصلَ مطلقاً، وبعض هؤلاء الفقهاء احتاط استحباباً فقط، ومنهم: السيد أبو الحسن الإصفهاني، والسيد محسن الحكيم، والسيد علي السيستاني، والسيد محمود الهاشمي، والشيخ يوسف الصانعي، وغيرهم.

والأقرب جواز وصل تكبيرة الافتتاح لفظاً مطلقاً، بما قبلها وبما بعدها، ولو استلزم ذلك إدراج ووصل الهمزة في الأوّل أو إظهار الضمّة في الثاني، وما استدلّوا به من جريان السيرة أو القدر المتيقّن أو دوران الأمر بين التعيين والتخيير أو غير ذلك، لا ينهض دليلاً على المنع.

([2]) مقصوده أن لا يقول: الله العظيم أكبر، أو الله الرحمن أكبر. والوجه فيه أنّ كلمة التكبير منصرفة إلى صيغة واحدة، وهي: الله أكبر، وأنّ التعبير بالله العظيم أكبر أو الله الرحمن الرحيم الجليل أكبر، لا يتعارف إطلاق وصف التكبير عليه، وعلى الأقلّ هو مشكوك، فيلزم الاقتصار على المتيقّن لتفريغ الذمّة؛ لأنّه من الشك في المحصّل، لا من الشك في التكليف.

([3]) ولكنّه ليس بواجب. بل هو أفضل، ولعلّ تعبير الماتن بكلمة «ينبغي»، ليس لإفادة الاستحباب الشرعي بعنوانه، بل نوع من الترجيح الموجب لمزيد وثوق ببراءة الذمّة، وهذا ما نراه نحن هنا.

([4]) البطلان على تقدير السهو مبنيٌّ على الاحتياط الوجوبي.

([5]) المشهور بين الفقهاء ـ بل ادّعي عليه الإجماع ـ أنّه يلزم على المصلّي أن يكون مستقراً مطمئناً حال أفعال الصلاة كتكبيرة الافتتاح والقيام والقراءة والركوع والسجود والتشهّد ونحو ذلك، ومعنى الطمأنينة أن لا يكون المصلّي مضطرباً أو في حال حركةٍ من جسده واهتزاز ونحو ذلك، إمّا لعدم كون المصلّي مستقرّاً أو لعدم استقرار مكانه الذي يقيم الصلاة عليه، فلو كان يتمايل بجسده مثلاً أو تكثر حركة جسده بحيث يبدو مضطرباً غير مستقرّ، بطلت صلاته لو كان ذلك عن عمد، بل قال بعضٌ بالبطلان مطلقاً ولو قهراً أو عن سهو. ونادراً ما يجد الإنسان من يرى الخلاف في هذه المسألة صريحاً بين الفقهاء المتأخّرين والمعاصرين. نعم على المستوى الإفتائي احتاطَ وجوباً في شرط الطمأنينة في أفعال الصلاة السيدُ محمّد سعيد الحكيم.

والأقوى هو أنّ الشرط في الصلاة هو صدق عنوان الأفعال صدقاً عرفيّاً ـ لا علميّاً وفلسفيّاً ـ بحيث يتحقّق ما يُسمّى باللبث والمكث في مقابل العجلة والسرعة، فمثلاً يجب أن يتحقّق القيام والانتصاب في مقابل الجلوس أو الوقوف مائلاً، ويتحقّق الركوع في مقابل مثل "سرعة الإنحناء ثمّ الوقوف، بحيث لا يكون الإنسان ولو للحظةٍ عرفيّةٍ مستقرّاً راكعاً"، ويتحقّق السجود بحيث تستقرّ الجبهة على الأرض ولو للحظةٍ عرفيّة، وهو المعبّر عن عدمه في لسان بعض الروايات بنَقْرِ الغراب وأحياناً بالسجود على الحصى، وهكذا. أمّا الاستقرار والطمأنينة في حال قراءة الفاتحة وما بعدها كلّها أو حال تكبيرة الافتتاح كلّها أو حال الذكر كلّه في الركوع والسجود أو حال التشهّد أو حال جلسة الاستراحة أو نحو ذلك، بمعنى عدم تحرّك الجسد حدّاً يبلغ الاضطراب أو عدم المشي بخطوةٍ مطلقاً، حتى لو لم يضرّ ذلك كلّه بصدق استقبال القبلة ولم يلزم منه محو صورة الصلاة وأمثال ذلك.. أمّا الطمأنينة بهذا المعنى وبهذا الحدّ فهي غير لازمة، بل تصحّ الصلاة ولو من دونها، وإن كان هو مقتضى الاحتياط الاستحبابيّ، وبخاصّة في الركوع والسجود.

والعمدة في الاستدلال لديهم هنا هو الإجماع والتسالم. كما استند بعضهم لبعض الروايات القليلة ضعيفة الإسناد والدلالة في الغالب، وقد ناقشها غير واحدٍ من المتأخّرين بمناقشاتٍ عديدة، لكنّهم قبلوا أحياناً ببعضها في الركوع أو السجود انطلاقاً من بعض المباني الرجاليّة، كما اعتبروا أنّ التسالم كافٍ في نفسه أو جابر لضعف أسانيد ما هو ضعيف السند منها وتامّ الدلالة برأيهم. والمقدار الثابت من مجموع الروايات ومن أدلّة الأفعال الصلاتيّة.. هو الطمأنينة بالمعنى الذي قلناه، أي الاستقرار بحدٍّ يصدق معه أنّه ركع وسجد عرفاً، فلا يصحّ أن يجعل رأسه يرتطم بمحلّ السجود ـ مثلاً ـ ثمّ ينهض سريعاً، كما لا يصحّ أن يقف متمايلاً بحيث لا يصدق عليه عنوان أنّه قائم منتصب.. أمّا كون تمام القراءة وذكر الركوع والسجود والتشهّد والتكبير و.. عن استقرار وعدم اضطراب لحركة الجسد مطلقاً، فهذا غير ثابت.

([6]) من الواضح انّ الأخرس وأمثاله يلزمهم الإتيان بتكبيرة الافتتاح بما يمكنهم، وإذا لم يمكنه شيء مطلقاً سقطت عنه، واقتصر على ما يمكنه، أمّا إخطارها في القلب والإشارة لها بإصبعه أو تحريك لسانه أو رفع يديه أو ما شابه ذلك، فهو مبنيٌّ على الاحتياط الاستحبابي؛ إذ عمدة مستنده خبر السكوني الضعيف بالنوفلي، وادّعاء الإجماع المحتمل كونه مدركيّاً.

([7]) ظاهر السيد الماتن أنّ التكبيرات الستّ الإضافيّة أمرٌ مشروع، لكنّ الأقرب أنّه مستحبٌّ أيضاً، ولعلّه يقصد ذلك. بل يحتمل ـ وفاقاً لما هو منسوب للمجلسي الأوّل، وفيه إشارات في بعض النصوص ـ أن تكون تكبيرة الافتتاح لها كيفيّات، أقلّها أن تقال مرّة، وأفضل من ذلك أن تقال ثلاثاً، والأفضل منه خمساً، والأفضل سبعاً، كما أنّه لو استبعدنا هذا الاحتمال لم يظهر ترجيح لاعتبار الأولى تكبيرة افتتاح والبقيّة مستحبات، ولا ترجيح اعتبار الأخيرة هي الافتتاح والبقيّة قبلها مستحبّات، بل له اختيار ما يشاء أن تكون هي تكبيرة الافتتاح.

([8]) بل الأحوط استحباباً أن يعتمد هذه الطريقة خاصّة؛ فراراً من مخالفة ظاهر بعض النصوص أو ما هو قريب من الظهور في الإلزام.

([9]) هنا أمور:

أ ـ الظاهر من النصوص أنّ المطلوب هو رفع اليدين، وقد تعدّدت الطرق بين مقابل الوجه والنحر والأذنين، فهذه ليست كيفيّات مجعولة شرعاً، بل مصاديق لفكرة رفع اليدين، ولهذا يمكن رفعهما إلى حدّ محاذاة الوجه، غير أنّ النصوص أكّدت ـ بالدلالة المطابقية والالتزاميّة ـ على أنّ رفع اليدين يلزم أن لا يكون إلى ما وراء الرأس ولا إلى ما وراء الأذنين.

ب ـ لم يثبت استحباب كون الأصابع مضمومة بما في ذلك الإبهام والخنصر، فالرواية آحاديّة، كما لم يثبت ما ذهب إليه الأحناف والمالكيّة والشافعيّة من استحباب نشر الأصابع، بمعنى التوسّط بين ضمّها وتفريجها، فتفرّق تفريقاً بسيطاً، حيث الرواية أيضاً آحاديّة نقلها الترمذي و..

ج ـ لم يثبت استحباب استقبال القبلة بباطن الكفّين حين رفع اليدين في التكبير، فدليله آحادي قليل جداً. كما لم يثبت ما ذهب إليه العديد من فقهاء المالكيّة من أن يرفع يديه ويكون باطنهما إلى جهة الأرض وظاهرهما إلى جهة السماء على صفة الخائف.

د ـ ظاهر السيّد الماتن وغيره ـ وهو القدر المتيقّن من ظواهر الأدلّة ـ هو أن يشرع المصلّي بالتكبير وفي الوقت عينه يشرع برفع يديه، ويُنهي التكبير عند صيرورة اليدين في الأعلى، ثمّ بعد ذلك يُنزل يديه، وهذا ما صرّح به العديد من الفقهاء بعبارةٍ أوضح من عبارة السيد الماتن، وهذا معناه أنّ ما هو السائد بين الناس، من رفع اليدين أوّل التكبير والانتهاء من التكبير عند عود اليدين إلى الفخذين غير مطابق لما هو المستحبّ، فيلزم التنبّه، وهذا ـ أي ما ذكره السيد الماتن ـ هو ما ذهب إليه أيضاً العديدُ من فقهاء الشافعيّة والحنابلة. وكذلك يقوم بعض الناس برفع اليدين بمحاذاة الوجه، ثمّ يبدأ بالتكبير شارعاً بإنزال اليدين، وهذا أيضاً غير مطابق للقدر المتيقّن من ظواهر النصوص.

([10]) ما دام لم يركع وإلا بنى على ركوعه وأكمل صلاته.

([11]) هنا أمور:

أ ـ إنّ هذه الكيفيّة بحرفيّاتها وردت في خصوص خبر الحلبيّ، وهو خبر واحد منفرد، فيمكن قولها ويمكن قول غيرها، لكنّ أغلب فقرات الأدعية الواردة في هذه الكيفيّة وردت في مصادر الشيعة والسنّة في مجال أدعية النبيّ عند افتتاح الصلاة، وبأكثر من سند، فالظاهر أنّ قولها مستحبّ، ولو لم يكن بهذه الكيفية الخاصّة والترتيب الخاصّ الوارد في هذا الخبر، وقد وردت أدعية أخرى وكيفيات أخرى في النصوص الحديثيّة الشيعيّة والسنيّة هنا وكذلك في النصوص الفقهيّة للفريقين، فليراجع، حتى لا نطيل.

وبهذا يُعلم عدم رجحان ما ذهب إليه العديد من فقهاء المالكيّة من القول بكراهة هذه الأدعية عند افتتاح الصلاة، فإنّ خبر أنس بن مالك الذي اعتمدوا عليه من أنّ النبي كان يفتتح الصلاة بالحمد لله ربّ العالمين، ليس بواضح الدلالة على مدّعاهم.

ب ـ إنّ تعابير "لبيك وسعديك وحذاريك وحنانيك" تأتي في اللغة العربيّة دائماً منصوبة بصيغة المثنّى، وتُعرب مفعولاً مطلقاً أو مصدراً منصوباً، والمراد بـ "لبّيك" هو أنّني مقيمٌ على طاعتك إقامةً بعد إقامة ومجيبٌ لك إجابةً بعد إجابة، فهي بمعنى الإجابة الثابتة، أي أنّني إذا أجبتك في أمرٍ فإنّني سوف أجيبك في الثاني وهكذا، وأمّا "سعديك" فهو طلب بمعنى: أسعدنا سعادةً بعد سعادة وأسعدنا إسعاداً بعد إسعاد. وقيل بأنّ معنى الإسعاد هو المعاونة، يقال: أسعد فلانٌ فلاناً بمعنى أعانه، فيكون مساعدةً لأمرك بعد مساعدة. وقيل بأنّ سعديك بمعنى المطاوعة فأنا متابع أمرك ومطاوع. قال ابن الأنباري: «قال أبو بكر: [لبيك] معناه: إجابتي إيّاك. ومعنى سعديك: أسعدك الله إسعاداً بعد إسعاد. وقال الفراء: لا واحد للبّيك وسعديك على صحّة. ومن ذلك [قولهم]: حنانَيْكَ، معناه: رحمك الله رحمةً بعدَ رحمةٍ. ومنهم مَنْ يقول: حنانَك، فلا يُثنّي.. ويقال: سعديك مأخوذ من المساعدة، ومعناه قريب من معنى لبيك» (الزاهر في معاني كلمات الناس 1: 103). هذا وثمّة تفسيرات لغويّة أخرى لهذه الكلمة، فليراجع. وأمّا كلمة حنانيك فتعني: تحنّناً بعد تحنّن، أو رحمةً بعد رحمة.

ج ـ إنّ هذه الأدعية الواردة في المتن أعلاه صيغةٌ من صيغ دعاء الاستفتاح الذي يُطلق عليه أيضاً دعاء الثناء. ودعاء الاستفتاح هو المصطلح الذي يقصد منه الأدعية التي تكون عند افتتاح الصلاة، وكذلك ورد بعضها في صلاة الليل، وهذا التعبير "دعاء الاستفتاح" أكثر شيوعاً في الوسط السنّي منه في الوسط الشيعي. كما أنّه في الوسط الشيعي هناك دعاء آخر اسمه دعاء الافتتاح، لكنّه لا علاقة له بافتتاح الصلاة ولا بصلاة الليل، وإنّما يُقرأ عادةً في ليالي شهر رمضان المبارك. كما ورد تعبير دعاء الاستفتاح لدعاءٍ يعدّ جزءاً مما يعرف بأعمال أمّ داود في التراث الدعائي الإمامي، وهو غير دعاء الاستفتاح الذي يكون عند افتتاح الصلاة، كما هو واضح.

د ـ تركيبة هذه الأدعية الواردة في المتن أعلاه قد توحي وكأنّها مأخوذة من القرآن الكريم، حتى أنّ بعض الطبعات السابقة لمنهاج الصالحين للسيد الخوئي حاولت تحريك وتشكيل بعض هذه الكلمات بطريقة توحي وكأنّها جزءٌ من النصّ القرآني، غير أنّ الصحيح أنّها ليست كذلك، بمعنى أنّها لا تطابق النص القرآني بشكل كامل، وليس تسلسلها بعينه موجوداً في القرآن؛ ولهذا قد يتصوّر بعضٌ أنّ هذا تحريف للقرآن، وليس بصحيح، فهي أخذت مقاطع من أدعية قرآنيّة، ثمّ ساقتها بطريقة تنسجم مع المتكلّم، ولا ضير في ذلك. ولهذا نجد أنّ الطبعات اللاحقة من منهاج السيد الخوئي ـ كالطبعة الثامنة والعشرين ـ حُذف منها تشكيل وتحريك هذه الكلمات الواردة في هذه الأدعية، وهذا هو الصحيح.

هـ ـ الوِلاء بكسر الواو، هو التتابع والتتالي، فأن يؤتى بالتكبيرات وِلاءً بمعنى أن تكون متتالية لا يفصل بينها شيء، ولهذا عبّر السيد الماتن بالوِلاء مقابل التلفّظ بالأدعية التي قد تفصل بين التكبيرات.