hobballah

الموقع الرسمي لحيدر حب الله

آراء

التعليقة على منهاج الصالحين (الأذان والإقامة ـ القسم الثاني)

تاريخ الاعداد: 9/19/2024 تاريخ النشر: 9/19/2024
1631
التحميل

حيدر حبّ الله

 

هذه تعليقة فقهيّة مختصرة على كتاب منهاج الصالحين للسيّد الخوئي، لم تُكتب بقصد عمل الآخرين بها، بل بقصد اطلاع الباحثين والمهتمّين، والله الموفّق والمعين

(12 ـ 9 ـ 2024م)

 

المقصد الخامس

أفعال الصلاة وما يتعلّق بها

وفيه مباحث:‌

المبحث الأوّل

الأذان والإقامة

وفيه فصول:

.....

الفصل الثاني

فصول الأذان ثمانية عشر: الله أكبر أربع مرات، ثم أشهد أن لا إله إلا الله، ثمّ أشهد أنّ محمّداً رسول الله، ثم حيّ على الصلاة، ثم حيّ على الفلاح، ثم حيّ على خير العمل، ثم الله أكبر، ثمّ لا إله إلا الله كلّ فصلٍ مرّتان([1])، وكذلك الإقامة، إلا أنّ فصولها أجمع مثنى مثنى، إلا التهليل في آخرها فمرّة، ويزاد فيها بعد الحيعلات قبل التكبير، قد قامت الصلاة مرّتين، فتكون فصولها سبعة عشر([2]). وتستحبّ الصلاة على محمّد وآل محمد عند ذكر اسمه الشريف([3]). وإكمال الشهادتين بالشهادة لعليّ× بالولاية وإمرة المؤمنين في الأذان وغيره([4]).

_________________________

([1]) اضطربت الآراء الفقهيّة والنصوص الحديثيّة والتاريخيّة عند الشيعة وعند السنّة، وبين الشيعة والسنّة، في كيفيّة الأذان وصيغته وفصوله وألفاظه، وبصرف النظر عن الروايات القليلة الضعيفة المعتبرة في حيّز الشذوذ والتي لم يعمل بها الفقهاء، والمنقولة في بعض الكتب الحديثيّة الشيعيّة وغيرها، فإنّ كيفيّة الأذان في الفتاوى والنصوص وردت على أشكال:

الشكل الأوّل: ما ذكره السيد الماتن، وهذه هي الكيفيّة المشهورة المعروفة بين الشيعة وعليها السيرة القائمة بينهم، وبها نصوص عديدة، ومنها ما هو معتبر الإسناد.

الشكل الثاني: ما ورد من نصوص عدّة في المصادر الحديثيّة الشيعيّة ـ ومنه ما هو معتبر الإسناد ـ من أنّ الكيفيّة هي عين ما ذكره السيد الماتن، غير أنّ التكبيرات الأولى تكون اثنتين، وليست أربعاً.

وهذان الشكلان يتضمّنان "حي على خير العمل"، أمّا الأشكال الثلاثة الآتية فكلّها ليس فيها "حيّ على خير العمل"، فانتبه.

الشكل الثالث: ما ورد في مصادر أهل السنّة من أنّ التكبيرات اثنتين في البداية، لكن يتمّ ترجيع الشهادتين، ويكون التهليل في النهاية مرّةً واحدة، فتصبح الفصول سبع عشرة كلمة، وهذا هو المعروف من مذهب المالكيّة. والمقصود من الترجيع في الأذان هو أن يذكر المؤذّن الشهادتين كلّ واحدة مرّتين بصوتٍ منخفض، ثم يذكرهما بنفس الطريقة مرّة ثانية، ولكن بصوتٍ مرتفع، فيأتي بهما سرّاً أولاً ثم يأتي بهما جهراً ثانياً.

الشكل الرابع: إنّ الأذان تسع عشرة كلمة، وذلك بتربيع التكبيرات الأولى وترجيع الشهادتين، مع كون التهليل الأخير واحداً، وهذا هو مذهب الشافعيّة.

الشكل الخامس: إنّ الأذان خمس عشرة كلمة، بإثبات التكبيرات الأربع في أوّله، وإسقاط الترجيع، مع توحيد التهليل في الأخير، وهذا هو مذهب الأحناف.

كما نقل المؤيّد بالله يحيى بن حمزة الزيدي (749هـ) في كتاب (الانتصار على علماء الأمصار 2: 715)، نصوصاً منقولة في كيفيّات متعدّدة للأذان، بعضها عن الإمام جعفر الصادق نفسه، ما يؤكّد كثرة صور وصيغ الأذان المنقولة في التراث الإسلامي.

هذا كلّه بصرف النظر عن "التثويب" والذي يُقصد منه قول: "الصلاة خير من النوم" في خصوص أذان الفجر مرّتين، فهو مقبول عند أهل السنّة؛ عملاً ببعض النصوص، ومنها خبر أبي محذورة الشهير والمصحّح عندهم، ولكنّه مرفوض شيعيّاً، ووردت نصوص ترفض التثويب وتنتقده عن أهل البيت، كما ورد ما يفيد جواز الإتيان به في خصوص حال التقية.

وقد ذهب السيد الماتن في بحوثه الاستدلاليّة إلى أنّ ما يجزئ في الأذان هو الشكل الثاني المتقدّم، وأنّ الأفضل هو الإتيان بالشكل الأوّل جمعاً بين النصوص المتعارضة في الموروث الحديثي الإمامي، ولهذا من الغريب أنّه أفتى هنا بالشكل الأوّل مع أنّه يرى الأذان بالشكل الثاني، ولعلّه عدل عن رأيه الذي مال إليه في بحوثه، وذهب آخرون إلى الأخذ بالشكل الأوّل؛ لكونه مقطوعاً به انطلاقاً من السيرة المعروفة والإجماعات المدّعاة بين الشيعة، وهما أمران أجاد السيد الماتن في مناقشتهما هنا في بحوثه، فلا نطيل.

وعندما نقرأ مجموع نصوص المسلمين في هذا الموضوع المتشابك، نجد أنّ القدر المتيقّن ـ وفقاً لمذهب أهل البيت النبويّ ـ هو الشكل الثاني، ولولا نصوص أهل البيت لربما كان القدر المتيقّن أقلّ من ذلك، والتثنية في التكبيرات وردت أيضاً في بعض روايات أهل السنّة. وأمّا التثويب فنصوصه آحادية وهناك معطيات متعارضة فيها. وأمّا ما يذكره بعض الشيعة من أنّ مستند أهل السنّة في التثويب هو قول عمر بن الخطاب، فصحيح من جهة وغير صحيح من جهة ثانية؛ وذلك أنّ هناك نصوصاً تشير لوضع عمر بن الخطاب لها، لكن في المقابل هناك نصوص لديهم منقولة عن الرسول، وعلى رأسها خبر أبي محذورة الذي نقله الطبراني وأبو داود وغيرهما، تفيد أنّها وضعت بأمرٍ نبوي، بل ورد في مجمع الزوائد للهيثمي أنّ الرسول بعد أن كان قد شرّع "حيّ على خير العمل"، أمر بلالاً أن يتركها ويقول مكانها: "الصلاة خير من النوم". وقد طرح في الوسط الفقهي السنّي احتماليّة أن تكون هذه الفقرة واقعةً بعد الأذان وأنّها لم يقصد منها أن تكون جزءاً من الأذان أو بين فصوله.

والذي أحتمله في هذا الاضطراب العجيب في قضيّةٍ يُفترض فيها أن تكون واضحة؛ لأنها تعلَن أمام الناس بمرأى النبيّ والصحابة وأهل البيت ومسمعهم كلّ يوم أكثر من مرّة.. أحتمل عدّة احتمالات، منها:

أ ـ استحسان بعض الخلفاء أو الصحابة أو المسلمين جملةً لا بقصد الجزئيّة، الأمر الذي حوّلها إلى شعار، ثم نُسجت بعض الأحاديث للدفاع عنها لاحقاً، وبخاصّة مع احتماليّة كون إدخال بعض العناصر وقع أوّلاً في أذان الإعلام دون أذان الصلاة.

ب ـ حصول تعديل في العصر النبويّ في فصول الأذان، والتبس الأمرُ على بعض المسلمين.

ج ـ أن تكون بعض هذه الفصول غير واجبة، فتصوّرَ بعضٌ وجوبها، مثل تربيع التكبير، في حين أنّها مستحبّة.

د ـ احتمال أنّه تمّ نقل أذان الصلاة تارةً وأذان التجمّع أخرى، حيث كان النبيّ يستخدم الأذان لجمع المسلمين أحياناً، كما تحدّثنا عن ذلك سابقاً في بحث أوقات الصلوات، فربما التبس الأمر على شخصٍ قدم المدينة ليومٍ واحد مثلاً أو على شخص سمع من أحد الصحابة نقلاً لحادثةٍ تصوّر من خلالها أنّ هذا هو الأذان المعدّ للصلوات.

وربما تكون الاحتمالات الثلاثة الأولى هذه مجتمعةً هي السبب.

هـ ـ وهو احتمال ليس بالغريب، وهو أن لا يكون للأذان صيغة واحدة، بل يمكن للمسلم أن يأتي بأكثر من صيغة تجمع التكبير والشهادتين والحيعلات ونحو ذلك، فجرى مرّة قولها مرّةً واحدة، ومرّة أخرى مرتين مثلاً وهكذا، وهذا الاحتمال له ما يشبهه كما سوف يأتي عند الحديث عن كيفية التشهّد وكذلك كيفيّة التسليم، ولعلّ ما يؤيّده ما ورد من أنّ أذان المرأة أقلّ من ذلك.

([2]) اضطربت النصوص والفتاوى بين المسلمين أيضاً في كيفيّة الإقامة، وهذه الطريقة التي ذكرها السيد الماتن وردت في بعض الروايات الإماميّة، لا في جميعها، ومع ذلك فالإقامة وردت في النصوص والفتاوى على كيفيّات أبرزها:

الكيفية الأولى: ما ذكره السيد الماتن، وهو المعروف المعمول به بين الإماميّة، وبه رواية صريحة ضعيفة السند، وأخرى غير صريحة صحّحها بعضٌ.

الكيفيّة الثانية: ما ورد في بعض نصوص الإماميّة الحديثية من أنّ الإقامة كالأذان وأنّهما معاً مثنى مثنى في جميع الفصول، مع إضافة "قد قامت الصلاة"، مثل خبر صفوان الجمال.

الكيفيّة الثالثة: ما ورد في بعض النصوص الحديثية الإماميّة من أنّ الإقامة واحدة واحدة، فلا يتم تثنية ولا تربيع أيّ فقرة من فقراتها، كما ورد في خبر معاوية بن وهب.

الكيفيّة الرابعة: وهي عين الكيفيّة الثالثة لكن مع تثنية التكبير، وهو ما أفادته رواية عبد الله بن سنان، مع احتمال أنّ مثل خبر معاوية بن وهب ناظر لغير التكبير، فتتطابق الكيفيّتان.

الكيفية الخامسة: ما ذهب إليه الأحناف، من أنّ الإقامة سبع عشرة كلمة، مثنى مثنى ـ مع تربيع التكبير في البداية ـ وزيادة "قد قامت الصلاة" مرّتين، والتهليل مرّة واحدة. وهو معمول به بين الأحناف إلى اليوم في مثل تركيا والشرق الآسيوي.

الكيفيّة السادسة: ما هو مذهب الحنابلة والشافعية، وهو تثنية التكبير في الأوّل، وقول التشهّدين مع الحيعلات مرّة واحدة، ثم "قد قامت الصلاة" مرّتين، ثم التكبير مرّتين، ثم التهليل مرّة واحدة.

الكيفيّة السابعة: ما ذهب إليه المالكيّة من أنّ جميع فصولها مفردة ـ إلا التكبير في الأوّل والأخير فهو مثنى ـ فتكون فصولها عشرة.

والحقّ أنّ الجزم بأيّ واحدة من هذه الكيفيّات في غاية الإشكال ولا تتعدّى الأخبار الآحاديّة المتعارضة. والقدر المتيقّن هو الإتيان بجميع فصولها مفردة، مع تثنية التكبير (أعني بالتثنية هنا: الله أكبر الله أكبر) في الأوّل والآخر، فتكون: الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أنّ محمّداً رسول الله، حيّ على الصلاة، حيّ على الفلاح، حي على خير العمل، قد قامت الصلاة، الله أكبر الله أكبر ، لا إله إلا الله، فهذا المقدار موثوق باشتراطه، وأمّا ما هو أزيد فمظنونٌ بظنٍّ غير حجّة، نتيجة التعارضات الكثيرة.

([3]) لا شكّ في استحباب الصلاة على النبيّ وآله بعد ذكر اسمه في الأذان والإقامة وغيرهما، وسيأتي أنّه يُحتمل فيها الوجوب أيضاً، لكن يلزم ـ على الأحوط وجوباً ـ أن تكون الصلاة عليه وعلى آله هنا بحيث لا يوحي للسامعين بأنّ ذلك جزء من الأذان أو شعيرة أو هو مستحبّ في هذا الظرف بعنوانه، وفقاً لما سوف نبيّنه في التعليقة القادمة المتعلّقة بالشهادة الثالثة.

([4]) الحديث عن الشهادة الثالثة في الأذان والإقامة يمكن أن يكون مبسوطاً، لكنّ جوهر النقاشات فيه محدودة، وهذه التعليقة لا تتحمّل التوسعة والبسط، ويمكن تركيز الكلام في عدّة أمور، أبرزها:

1 ـ إنّ المشهور المعروف بين الإماميّة ـ فضلاً عن غيرهم ـ منذ قديم الأيّام عدم جزئيّة الشهادة الثالثة في الأذان والإقامة، ولكنّ بعض العلماء قالوا بالجزئيّة، كما يُفهم من مثل صاحب البحار، وقد ذهب الآملي في التعليقة على العروة إلى أنّها وإن لم تكن جزءاً من ماهيّة الأذان لكنّها جزء من الفرد، نتيجة كونها مستحبّاً مطلقاً، فيما قال كاشف الغطاء في تعليقته على العروة بأنّه يمكن فهم كونها جزءاً مستحبّاً من العمومات. وذهب السيد محمد الشيرازي وكذلك السيد صادق الشيرازي إلى كونها جزءاً مستحباً من الأذان والإقامة، واستقرب الروحاني احتماليّة كونها جزءاً أيضاً. وذهب مفتي الشيعة في التعليقة على العروة إلى أنّه لا يبعد القول بجزئيّتها، وأنّ عدم ذكرها في الأخبار كان للتقية. وصنّف الشيخ محمّد سند كتاباً في مجلّدات لإثبات جزئيّتها في الأذان والإقامة والتشهّد ونحو ذلك، وقد أتعب نفسه ـ حفظه الله ـ في حشد متناثرات الشواهد التي لا أدري إلى أيّ حدّ يمكن أن يتمّ الاقتناع بها! ومثله فعل بعض المعاصرين مثل الشيخ جميل حمّود العاملي، والشيخ نجاح الطائي في كتابه "الشهادة الثالثة واجبة وجزئيّة". وذهب الشيخ يعسوب الدين رستكَار جويباري إلى جزئيتها أيضاً حتى في التشهّد، وكان يقولها في صلواته التي كان يقيمها في مكتبه في مدينة قم.

2 ـ كان الشيخ الصدوق قد نسب للمفوّضة ـ الذين لعنهم ـ زيادات في الأذان منها الشهادة الثالثة، وقال بأنّهم وضعوا أخباراً في ذلك، مما يفيد وجود روايات كانت حاضرة آنذاك، ولا نعرف هل زادوا هذه الشهادة بنحو الوجوب والجزئيّة أو لا بنحو الوجوب والجزئيّة، بل بنحو مطلق الاستحباب فقط؟ كما ذكر الشيخ الطوسي أنّ هذه الأخبار من الشواذّ، وأنّ الشهادة الثالثة ليست من فصول الأذان ولا من مكمّلاته (النهاية في مجرّد الفقه والفتاوى: 69). وكذلك وصفها العلامة الحلّي وقال بأنّه لا يعوّل عليها، وكثير من العلماء بعد الحلّي قالوا بأنّ هذه الأخبار من الشواذّ ولا يعوّل عليها، مثل الشهيد الأوّل، لكنّ الشهيد الثاني صرّح في "روض الجنان" بأنّ هذه الإضافة في الأذان بدعة، فهل يقصد الإضافة بنحو الجزئيّة أو مطلق الإضافة؟ فيه احتمالان أوّليان.

لكنّ الشيخ الصادقي الطهراني رأى بوضوح وصراحة أنّ الشهادة الثالثة بدعة، وكلّ شهادة مثلها كالشهادة بالمعاد، وهو قريبٌ من موقف الشيخ محمّد الخالصي (1963م) الذي كانت بينه وأتباعه من جهة والسيد محسن الحكيم وأتباعه من جهة ثانية ما يشبه المعركة حول هذه القضيّة. وقال المحقّق الأردبيلي في (مجمع الفائدة والبرهان 2: 181 ـ 182)، بعد نقله كلام الشيخ الصدوق: «فينبغي اتّباعه؛ لأنّه الحقّ، ولهذا يشنّع على الثاني بالتغيير في الأذان الذي كان في زمانه ـ صلّى الله عليه وآله ـ فلا ينبغي ارتكاب مثله مع التشنيع عليه. ولا يتوهّم عن المنع الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله فيه؛ لظهور خروجه منه، وعموم الأخبار الدالّة بالصلاة عليه مع سماع ذكره، ولخصوص الخبر الصحيح المنقول في هذا الكتاب عن زرارة (الثقة) وصلّ على النبي صلى الله عليه وآله كلّما ذكرته، أو ذكره ذاكر عنده في أذان أو غيره..».

وقال السيد محمّد حسين فضل الله: «قد ذهب بعض الفقهاء إلى استحباب الشهادة لأمير المؤمنين عليّ× بالولاية بعد الشهادة للنبيّ‘ بالرسالة، في كلّ من الأذان والإقامة، ولكن لم يثبت عندي استحبابها، وقولها فيهما لا يوجب بطلانهما، وإن كان الأحوط تركها في الإقامة؛ لاحتمال كون الإقامة جزءاً من الصلاة، مما يفرض أن لا يكون فيها كلامٌ خارج عن الصلاة. كما أنّني لا أجد مصلحةً شرعيّة في إدخال أيّ عنصر جديد في مقدّمات الصلاة أو أفعالها، لا سيما وأنّ الفقهاء قد أجمعوا على أنّها ليست جزءاً من الأذان ولا من الإقامة، وأنَّ اعتقاد جزئيّتها تشريعٌ محرّم. وقد أجاد الشهيد الثاني (رض) عندما عبّر عن هذه الفكرة بقوله: إنَّ الشهادة لعليّ بالولاية من حقائق الإيمان لا من فصول الأذان». وظاهر عبارة السيد محمّد باقر الصدر في "الفتاوى الواضحة" يفيد جواز الشهادة الثالثة، دون أن يشير إلى طلبها أو مرغوبيّتها أو حُسنها، وقد وافقه السيد كاظم الحائري في تعليقته عليها، لكنّ السيد الصدر في تعليقته على المنهاج لم يعلّق بأيّ موقفٍ سلبيّ على ما قاله السيد الحكيم في متن المنهاج.

3 ـ مال العديد من العلماء للقول باستحباب الإتيان بها رغم عدم الجزئيّة، أو لتحسين الإتيان بها، وهذا هو المتداول كثيراً وبخاصّة منذ العصر الصفوي. ومن بين المعاصرين الذين يظهر منهم ذلك: السيد محسن الحكيم والسيد الخوئي والسيد علي السيستاني والشيخ الوحيد الخراساني والشيخ محمد إسحاق الفياض والسيد محمود الهاشمي والسيد محمّد سعيد الحكيم والسيد محمّد محمّد صادق الصدر والشيخ حسين علي المنتظري والشيخ يوسف الصانعي والسيد عبد الكريم الموسوي الأردبيلي وغيرهم، كما أنّ السيد الخامنئي عبّر بأنّ الإتيان بها حسنٌ ومهمّ لكنّها ليست جزءاً، وذهب الشيخ جوادي آملي إلى أنّه من المناسب قولها بعنوان التبرّك والتيمّن. وأغلب المحشّين على العروة كان مزاجهم متوافقاً مع هذا التوجّه.

ويرى بعضٌ أنّ الشهادة الثالثة هجرها الشيعة بين عصر الصدوق وزمن الشاه إسماعيل الصفوي في القرن العاشر الهجري، وأنّه أعيد إحياؤها بتأثير الدولة الصفويّة؛ ولهذا لم نجد ذكراً لها في كتب الفقه الشيعي حتى القرن الحادي عشر الهجري، وإذا ذكرت فتُذكر بالنفي والرفض عادةً. ولا بأس بنقل قصّة تعطي دلالة على طبيعة الضغط الاجتماعي ـ وبخاصّة منذ العصر الصفوي ـ الذي قد يحول دون تصريح العلماء بآرائهم في قضيّةٍ من هذا النوع، حيث يذكر الشيخ محمّد تقي المجلسي المعروف بالمجلسيّ الأوّل (1070هـ)، وهو والد العلامة المجلسي صاحب كتاب بحار الأنوار، في كتابه (لوامع صاحب قراني 3: 566 ـ 567)، وهو شرح مفصّل على (كتاب من لا يحضره الفقيه) باللغة الفارسيّة، يذكر أنّه كان يحضر عند أُستاذه المولى عبد الله (الظاهر أنّه التستري)، وبلغ الكلام الشهادةَ الثالثة في الأذان والإقامة، وهناك نقل المولى عبد الله كلامَ الشيخ الصدوق في القضيّة، فسأله المجلسي الأوّل: فلماذا أنت تقول الشهادة الثالثة في الأذان والإقامة؟ فقال له: تيمّناً وتبرّكاً. وبعد نقاشٍ وتبادل رأي، قرّر الأستاذ أن يترك قولها في الأذان والإقامة، وسرعان ـ والكلام للمجلسي الأوّل ـ ما اتُّهم المولى عبد الله بأنّه سنّي وليس شيعيّاً، فسارع المجلسي الأوّل إلى أُستاذه ليقول له: إنّ قول الشهادة الثالثة صار لازماً عليك من باب التقيّة، فأجابه أُستاذه المولى عبد الله بأنّني كنت أُريد أن أقول لك ذلك من الأوّل، ولكنّني عبّرت بالتيمّن والتبرّك.

إنّ المجلسي الأوّل ( 1070هـ) يشرح لنا الموقف رغم أنّه هو نفسه يعدّ من أوائل من فتح باب تبرير قول الشهادة الثالثة، ثمّ تبعه ولده العلامة المجلسي (1111هـ) صاحب البحار الذي قال بجزئيّتها، ومنذ ذلك الزمان صارت الشهادة الثالثة ذات حضور في المصنّفات الفقهيّة، وغالباً بشكلٍ يجيزها أو يُفتي باستحبابها دون جزئيّتها.

4 ـ يظهر من بعض العلماء المتأخّرين والمعاصرين أنّهم ـ بعد أن لم يروا الجزئيّة ـ تحفّظوا في كيفيّة ذكر الشهادة الثالثة، فقد ذكر السيد موسى الشبيري الزنجاني أنّه ينبغي قولها فإنّها من أركان الإيمان، فلا يصحّ إهمالها، لكن تقال بشكل لا يُفهم أنّها من أجزاء الأذان، وقريب منه الشيخ ناصر مكارم الشيرازي في "توضيح المسائل" وفي تعليقته على العروة لكنّه قيّد بأن يكون بصورة لا يُفهم عند السامع أنّها من أجزاء الأذان، بل يعلم أنّها ليست منه كتغيير عددها أو كيفيّتها ونحو ذلك.

5 ـ أبرز الأدلّة المدّعاة هنا لاستحباب الشهادة الثالثة (أو وجوبها أو جزئيّتها) ـ بعد حذف الكثير مما عبّر عنه بالأدلّة، ممّا لا يرقى إلى مستوى قرينة، ولا داعي لصرف الوقت في التعليق عليه ـ هو الآتي:

أ ـ التمسّك بالحُسن والرجحان الذاتي، وهو ما ذهب إليه السيد الخوئي (مستند العروة الوثقى 2: 288)، وتبعه غيره، وقد يلوح من كلمات السيد البروجردي أيضاً، فإنّ الشهادة بالولاية أمرٌ راجح في نفسه، فيكون مستحباً في أيّ لحظة، ومنها هذه اللحظة الواقعة في الأذان والإقامة.

ويجاب بأنّ الراجح والمطلوب هو الاعتقاد بالولاية أو الشهادة الموجبة لدخول الإنسان في التشيّع والانتماء له، أمّا مجرّد تكرار قول هذه الشهادة فلا يُعلم أنّه مستحبّ، كما أنّ الرجحان الذاتي لا يساوي الاستحباب الشرعي، وإلا لزم الإفتاء باستحباب الشهادة بالمعاد وكلّ ما هو حقّ ـ بما فيه القضايا السياسيّة المعاصرة، فنقول: أشهد أنّ فلسطين مغتصبة مثلاً ـ في الأذان والإقامة، ولا أدري إذا كان مستحبّاً فلماذا لم ينقل هذا كلّه ولا مرّة واحدة عن أحدٍ من أهل البيت أو أصحابهم؟! بل لم ينقل عنهم أنّهم كانوا يقولونها خارج الأذان والإقامة أيضاً بشكلٍ مستقل بوصفها حسنة ومستحبّة.

ومنه يعلم أنّ هذه القضيّة ليست عقائديّة خارجة عن حيّز التقليد ـ كما يحاول طرح ذلك بعض المعاصرين ـ بل هي قضيّة فقهيّة كما تعامل معها الفقهاء عبر التاريخ، فالقسم العقائدي منها هو الاعتقاد بمضمونها، أمّا قولها باللسان هنا وهناك، فهذا فعلٌ جوارحي يقع خارج سياق الاعتقادات.

ب ـ إنّ الشهادة الثالثة ذكرٌ لله، والذكر مستحبّ مطلقاً.

والجواب إنّ الشهادة الثالثة ليست ذكراً، وإنّما الذكر فيها هو كلمة "الله" في آخرها، وتكلّف جعلها ذكراً لله غريبٌ، وقد كنّا سألنا السيد كاظم الحائري قبل سنين طويلة عن رأيه في كون الشهادة الثالثة ذكراً فاستغرب ذلك، وأذكر أنّني كنت أصلّي خلفه مراراً في مكتبه في مدينة قم، ولم يكن يذكر الشهادة الثالثة في الإقامة.

ج ـ رواية الاحتجاج، عن القاسم بن معاوية، عن الإمام الصادق× أنّه قال: «إذا قال أحدكم لا إله إلا الله محمّد رسول الله، فليقل: عليّ أمير المؤمنين (ولي الله)».

ويجاب بأنّ هذه الرواية ظهرت في القرن السادس الهجري، ولا نعرف لها حضوراً قبل ذلك، فهي مرسلةٌ لا سند ولا مصدر لها، وقد حقّقنا في محلّه ـ وفاقاً للمشهور ـ أنّ كتاب الاحتجاج لم تثبت صحّة رواياته بقاعدة عامّة، ولهذا فأغلب نصوصه مراسيل. وقد بذل الشيخ جميل حمود العاملي جهداً لتصحيح هذه الرواية، بما لا يبدو مقنعاً إطلاقاً، فراجع. علماً أنّ الرواية لا تتحدّث عن الأذان والإقامة بشكلٍ مباشر.

وأمّا ما ذكره السيد علي الميلاني هنا قائلاً: «إنّا لم نجد أحداً من فقهائنا يقول بمنع الشهادة الثالثة في الأذان، حينئذ، يكون علماؤنا قد أفتوا على طبق مفاد هذه الرواية، وإذا كانوا قد عملوا بهذه الرواية حتى لو كانت مرسلة، فعمل المشهور برواية مرسلة أو ضعيفة يكون جابراً لسند تلك الرواية، ويجعلها رواية معتبرة قابلة للاستنباط والاستدلال في الحكم الشرعي» (الشهادة بالولاية في الأذان: 28)، فهو قابل للنقاش جداً؛ فإنّ عدم إفتاء الجميع ـ لو سلّمناه ـ بالمنع عن الشهادة الثالثة في الأذان لا يساوق عملهم بخبر الاحتجاج؛ فلعلّهم قالوا بذلك عملاً بأصالة البراءة أو بنحو ذلك، بل لو عملوا بخبر الاحتجاج للزم أن يظهر ذلك بإفتائهم بالاستحباب والرجحان، دون مجرّد عدم المنع، وهو ما لم نجده بين المتقدّمين.

ومثل رواية الاحتجاج ما نقله السيد محمّد سعيد الحكيم في منهاجه، حيث قال بأنّ بعض كتب الجمهور المخطوطة نُقل أنّها نقلت أنّ أبا ذر الغفاري قال الشهادة الثالثة، فأنكر الناس عليه، وأقرّه رسول الله، دون أن يبيّن السيد الحكيم ما هو هذا الكتاب؟ وما هي مصادره وأسانيده في ذلك؟ ومن هو الذي نقل عن هذا الكتاب؟! ومثله فعل السيد علي الميلاني فيما نقله عن بعض كتب أصحابنا عن الشيخ عبد الله المراغي (ق 7هـ) في كتاب "السلافة في أمر الخلافة" من قصّة شبيهة عن كل من سلمان الفارسي وأبي ذر رغم أنّ الميلاني أقرّ بأنّه من الصعب التأكّد من هذه الأخبار؛ لمجهوليّة الكتاب والمؤلّف والسند أساساً، ولا نعرف وجود هذا الكتاب اليوم وإن ادّعى بعض ـ دون أن يقدّم دليلاً ـ أنّ مخطوطته موجودة في بعض المكتبات الدمشقيّة، لكنّها أُخفيت لأجل إخفاء حقيقة الإمامة والشهادة! وكذلك الحال في روايات عدّة تمسّك بها غير واحد من المعاصرين، مثل أنّ الشهادة بالولاية مكتوبةٌ على العرش الإلهي أو ينادي ديكٌ من السماء بالشهادة الثالثة أو أنّه مكتوبٌ ذلك على باب الجنّة أو غير ذلك.. وليس واضحاً لديّ ما علاقة هذه الأمور باستحباب الشهادة الثالثة في الأذان والإقامة؟! فإنّ هذه النصوص ـ لو صحّت ـ تريد إثبات أمر الولاية فقط، أمّا أنّها دالّة على جعلٍ شرعيّ استحبابي أو وجوبي أو جعل الجزئيّة في الأذان والإقامة، فغير مفهومٍ لي، ولعلّ القصور من عندي.

ومن هذا القبيل رواية: «يا عليّ إنّي طلبت من الله أن يذكرك في كلّ مورد يذكرني فأجابني واستجاب لي»، فإنّها لا تدلّ على مورد بحثنا، بل تدل على أنّ الله يذكره بنفسه، لا أنّه عندما نذكره نحن نذكره معه، هذا فضلاً عن كونها رواية مرفوعة لا سند لها أساساً، بل ذُكرت في القرون المتأخّرة في عصر المجلسي وما بعده.

د ـ إنّها صارت من شعائر المذهب، فتكون مستحبّة من باب استحباب حفظ الشعائر، بل قد تجب، كما توحيه عبارة أمثال السيد محسن الحكيم في (مستمسك العروة الوثقى 5: 545)، ودافع عن ذلك الشيخ محمّد سند وغيره. ومثله ما ذكره بعض المعاصرين شفاهاً من أنّ عدم ذكر الشهادة الثالثة تضعيفٌ للشيعة وإضلال للناس، فيكون حراماً، فتجب الشهادة الثالثة، وتركها كترك أيّ جزء من الأذان، فيكون الأذان بدونها حراماً وبدعة!

ويجاب بأنّه لا دليل معتبراً على صيرورة الأمر شعيرة بمجرّد صيرورته متعارفاً بين الناس، بل الشعائر توقيفيّة بمعنى من المعاني كما حقّقناه في محلّه، وسيأتي الحديث عنه إن شاء الله. بل هذا الدليل أخصّ من المدّعى أيضاً، وذلك لما قاله الشيخ بيات الزنجاني من أنّ أذان الصلاة ليس من شعائر التشيّع، بخلاف أذان الوقت أو الإعلام، فلا معنى لجعل الشهادة الثالثة شعار التشيّع هنا مطلقاً، فيكون هذا الدليل أخصّ من المدّعى. وأمّا القول بأنّ الأذان من دونها بدعة فمن غرائب ما سمعنا في حياتنا، ونحن نشكّك في أنّ تركها يوجب هدم التشيّع، فهذه من المبالغات الخطابيّة، بل لعلّه يوجب تقويته وإقبال كثيرين عليه، لما سيُعرف من أنّ علماء الشيعة يواجهون المجعولات المضافة عبر التاريخ، ولو سلّمنا فهذا استدلالٌ بعنوان ثانوي لا بعنوان أوّلي حتى يُطرح في هذا المضمار.

هـ ـ الاستناد لقاعدة التسامح في أدلّة السنن، فإنّ مثل رواية الاحتجاج، وكذلك ما ذكره الصدوق وغيره من وجود روايات اعتبرها هو ضعيفة وموضوعة، هذا يفيد وجود روايات حول الموضوع فإنّها وإن كانت ضعيفة السند، لكنّها تجري فيها قاعدة التسامح. ودعوى الصدوق أنّها موضوعه هو وجهة نظر له، لكنّ هذا لا يفيد وثوقنا بوضعها حتى تخرج عن دائرة قاعدة التسامح.

والجواب: إنّ قاعدة التسامح، بل مطلق روايات من بلغ، لم تثبت عندنا، وقد سبق أن ناقشناها بالتفصيل في كتابنا: "الحديث الشريف حدود المرجعيّة ودوائر الاحتجاج"، فراجع، مضافاً لمناقشات أخرى بعضها سيأتي قريباً.

وقد علّق السيد الخوئي على جريان قاعدة التسامح هنا بأنّها مختصّة بصورة بلوغ الثواب، ولا تشمل حالة بلوغ الثواب وبلوغ عدمه معاً؛ إذ المفروض أنّ الراويين هنا ـ وهما الصدوق والطوسي ـ قد أخبرا بالعدم أيضاً (مستند العروة الوثقى 2: 287 ـ 288).

وأمّا ما قاله السيد الميلاني من أنّ تعبير الشيخ الطوسي بأنّ هذه الأخبار شاذّة، وأنّ الشاذ هو الصحيح السند المعارض لروايات صحيحة أو أصحّ، فتكون أخبار الشهادة الثالثة صحيحة السند بشهادة الشيخ الطوسي (الشهادة بالولاية في الأذان: 33)، فهو أيضاً غير دقيق؛ فإنّ الشاذّ من الأخبار كما يطلق على الصحيح المخالف لغيره، يطلق أيضاً على الأعم منه ومن الضعيف أو الذي لا يكون راويه ثقة، وهذه كتب علوم الحديث ومصطلحاته موجودة، وقد أبان ذلك ابن الصلاح الشهرزوري وغيره، وحيث لا نعلم مقصود الطوسي بدقّة فلا يمكن الجزم بتصحيحه السند، بل حتى لو صحّحه فهو بنفسه يشهد لنا بأنّ هذه الأخبار شاذّة، ومعنى ذلك أنّها مخالفة لأخبار أخَر أكثر منها، وربما أصحّ من وجهة نظره، ومع ذلك كيف لنا الجزم بالاستحباب في مثل هذه الحال؟! ولعلّ هذا هو ما دفع السيد الخوئي للحديث عن عدم شمول قاعدة التسامح أيضاً للمورد.

والنتيجة إنّه لا يوجد دليل معتبر على الاستحباب، فضلاً عن الوجوب أو الجزئيّة، بل القرائن التاريخية تقف على النقيض من ذلك؛ وذلك أنّ جميع الروايات الشيعيّة البيانية للأذان والإقامة ـ فضلاً عن غير الشيعيّة ـ لم يرد فيها، ولا في أيّ رواية ضعيفة السند أيّ إشارة للشهادة الثالثة في الأذان والإقامة، بل إنّ الشيعة لم ينقل عنهم أيّ شيء ولا عن الأئمّة أنّهم كانوا يقولون الشهادة الثالثة حتى في بيوتهم، فلو كانت مستحبّة لكان يتوقّع انتشارها ومعروفيّتها بينهم، كيف والمفترض تكرّرها عدّة مرات يوميّاً، فجميع الروايات البيانيّة التي تشرح كيفيّة الأذان والإقامة ـ وهي بالعشرات عند السنّة والشيعة معاً، بل عقد لها الحرّ العاملي باباً في "الوسائل" تضمّن أكثر من عشرين حديثاً ـ لم تتضمّن الشهادة الثالثة إطلاقاً، فراجعها. ودعوى التقية غريبة جداً هنا، فإنّ الأذان والإقامة لو كانا للإعلام لأمكن تعقّل ذلك، لكن لدينا أذان وإقامة للصلاة، ويقيمهما الفرد لنفسه بصرف النظر عن التجمّعات والإعلام، ومع ذلك لا عين ولا أثر لعرفٍ من هذا القبيل طيلة ثلاثة قرون، واللافت أنّ نصوص "حي على خير العمل" وردّ التثويب موجودة وصريحة في كتب الحديث الشيعي، بلا موجبٍ للتقية، فلماذا صارت الولاية لعليّ موجبة للتقية دونهما؟! بل لم ينقل أحد من غير الشيعة أنّ الشيعة كانوا يفعلون ذلك في تلك الفترة ولو بقصد نقده لهم، إذ سيكون ذلك مناسباً للهجوم على الشيعة في أنّهم مبتدعة وأنّهم اخترعوا أجزاء في الأذان والإقامة. كما أنّه لو كانت هذه الشهادة موجودة في العصر النبويّ لتسبّبت في نقاش، ومن الطبيعي أن ينعكس هذا النقاش والجدل حولها بُعيد العصر النبوي بين الصحابة، ومع ذلك لم نسمع أحداً من مقرّبي أمير المؤمنين وأوليائه أشار لشيء من هذا ولا حتى أمير المؤمنين نفسه حاجج يوماً أحداً بشيء من هذا القبيل. بل لا نجد تفسيراً تاريخيّاً معقولاً لغياب نصوص الشهادة الثالثة غياباً مطلقاً، لو كانت فعلاً مستحبّة أو واجبة أو جزءاً، بل إنّه من غير المتوقّع أن يلعن الصدوق أصحاب هذه الروايات لو كان بالفعل قد وجد شبيه هذه الروايات في الكتب والأصول التي وصلته من القرن الثاني والثالث الهجريّين، فكلّ مصادر الكتب الأربعة ـ مضافاً لمصادر صاحبَي الوسائل والمستدرك ـ وهي بمجموعها تمثل الأغلبية الساحقة من مصادر الحديث الإمامي، لا وجود لشيء من هذا القبيل فيها. وأمّا ما بذله بعض الباحثين من محاولة إثبات أنّ بعض المجتمعات الشيعيّة كانت تعرف الشهادة الثالثة، فأقصى ما أمكنه حشده هو ما بعد القرن الثالث الهجري، وهذا لا شأن لنا به، إذ هو بعد عصر النصّ، بل نصوص الصدوق والطوسي وغيرهما كأنّها تريد ردّ هذه الظاهرة التي كانت موجودة في بعض بقاع العالم الإسلامي في القرن الرابع والخامس والسادس، وسيأتي في خاتمة هذه التعليقة ما له صلة بهذه النقطة إن شاء الله.

والمتحصّل: إنّه لم يثبت وجوب ولا استحباب ولا جزئيّة الشهادة الثالثة ولا غيرها في الأذان والإقامة بأنواعهما، فمن غير الواضح ما ذكره بعض المعاصرين ـ مثل الشيخ عبد الله الأحمدي الشاهرودي ـ من أنّ الأذان بدون الشهادة الثالثة بدعةٌ وحرام!

وعليه، فلا دليل على الاستحباب، لكنّ الكلام في البدعيّة يحتاج أيضاً لتوقّف، وذلك أنّ بعض الكلمات تشير إلى أنّه إذا كان المشهد التاريخي كذلك، فإنّ المفترض تجنّب قول هذه الشهادة حذراً من البدعة، كما ألمحت لذلك بعض الكلمات التي نقلناها سابقاً، فما هو الموقف على هذا الصعيد؟

ترتبط هذه المسألة بتعريف البدعة، والمجال هنا لا يسع للتوسّع، لكنّنا نميل ـ ترجيحاً ـ لرأي المحقّق النراقي في ذلك، وهو ما يظهر من بعض العلماء في فتاويهم أيضاً مثل السيد موسى الشبيري الزنجاني والشيخ ناصر مكارم الشيرازي، وسمعت الميل إليه شفاهاً من أستاذنا السيد محمود الهاشمي الشاهرودي عندما كنّا نشتغل على مصطلح "بدعة" في "دائرة معارف الفقه الإسلامي طبقاً لمذهب أهل البيت". قال المحقّق النراقي في (عوائد الأيّام: 320 ـ 325): «والمهمّ تحقيق معنى (البدعة) ومصداقها؛ فإنّي أراه مشتبهاً على كثير من الأعلام، فإنّهم يقولون: إنّ الفعل الفلاني لم يثبت من الشرع، فلو فعل لا بقصد العبادة والثبوت من الشارع وإطاعته، فهو لغو لا ثواب عليه ولا عقاب، وإن فعله أحد بقصد العبادة والإطاعة وباعتقاد ذلك، يكون حراماً موجباً للعقاب؛ لأنّه يكون بدعة وتشريعاً. ومقتضى ذلك أنّ البدعة هي كلّ فعل يفعل بقصد العبادة والمشروعيّة وإطاعة الشارع مع عدم ثبوته من الشرع. ولا معنى محصّل لذلك.. والتحقيق: أنّ كلّ فعل لم يثبت من الشرع لا يمكن الإتيان به باعتقاد أنّه من الشرع، ولكن يمكن فعله بإزاء أنّه من الشرع أو جعله شرعاً للغير، وهو تشريع وإدخال في الدين وإن لم يعتقده المتشرع، وهذه هي (البدعة)، ولذا تطلق (البدعة) على ما ابتدعه خلفاء الجور، كالأذان الثالث يوم الجمعة، وغسل الرجلين، وتثليث غسل الوجه في الوضوء، وصلاة الضحى، والجماعة في النوافل، ونحو ذلك، مع أنّهم ما كانوا يعتقدون ثبوته من الشارع، وإنّما أدخلوه في الدين إدخالاً، بل وإن اعتقدوه أيضاً. وبالجملة: المناط في الابتداع والتشريع والإدخال في الدين: وضع شيءٍ شرعاً للغير، وجعله من أحكام الشارع له لا لنفسه، لأنّه غير ممكن. فالبدعة فعل قرّره غير الشارع شرعاً لغيره من غير دليل شرعي، ولا شكّ في كون ذلك (بدعة) كما ترى إطلاقها عليه في جميع ما ابتدعه العامّة، مع أنّه تدليس وإغراء وكذب وافتراء، فيكون محرماً قطعاً، وأمّا ما لم يكن كذلك، فإطلاق البدعة عليه غير معلوم، ولم يثبت كونه بدعة وتشريعاً».

وحاصل الفكرة التي نميل إليها أنّ البدعة لا تعني القيام بشيء بقصد كونه جزءاً من الشرع مع العلم أنّه ليس كذلك، فهذا محرّم لكن لا بعنوان البدعة، إنّما البدعة هي المساهمة في خلق أو تكريس سُنن اجتماعيّة وأعراف يتمّ تلقّيها في المجتمع على أنّها جزء من الدين، حتى لو كانت النخبة أو الفقهاء يعرفون أنّها ليست كذلك، فخلق هذه السنن حرام، وكذلك السير معها وتقويتها، بل يجب مواجهتها بالبيان والتذكير ونحو ذلك.

وبناءً عليه، يمكن الذهاب إلى تفصيل هنا بأن يقال بأنّ الشهادة الثالثة في نفسها جائزة في الأذان والإقامة، لكن عندما تتحوّل إلى بدعة، بالمعنى الذي ذكرناه، أو تكون محتملةَ البدعيّة احتمالاً قويّاً، فإنّه يلزم ـ بنحو الفتوى أو الاحتياط، تبعاً للجزم أو قوة احتمال البدعيّة فيها ـ عدم المشاركة في تكريسها، فيجوز مثلاً قولها سرّاً بينك وبين نفسك؛ لأنّ هذا ليس تكريساً اجتماعيّاً لها، ويجوز قولها علناً فيما لو تلاشت ظاهرة تلقّيها الاجتماعي على أنّها جزءٌ من الدين، كما لو ترك الشيعة كلّهم قول الشهادة الثالثة في الأذان والإقامة مثلاً، ثم قام شخص بقولها ولو علناً، فهذا جائز ما لم يقع فعلُه ذلك في طريق إعادة خلقها بوصفها ظاهرة اجتماعيّة دينيّة، وهكذا، بل قد يقال ـ كما سوف نأتي على ذكره في مباحث مبطلات الصلاة كالتكتّف والتأمين ـ بأنّ أهل البيت النبويّ كانوا عندما تظهر بدعة يقومون بتحريمها مطلقاً، بهدف القضاء عليها واجتثاثها، وهذا ما نراه في موقفهم من التثويب هنا، ومن التأمين والتكتف في الصلاة وغير ذلك. وبهذا يظهر أنّ الموضوع هنا مردّد بين البدعيّة والمطلوبيّة (على أبعد تقدير)، ولا معنى في هذا المورد لتبرير الإتيان بها برجاء المطلوبيّة، كما هو واضح، ومنه يظهر مزيد تعليق على إجراء فكرة قاعدة التسامح وأخبار "من بلغه" في هذا المورد. نعم من يقوم بفعل الشهادة الثالثة معتقداً ـ اجتهاداً أو تقليداً ـ أنّها جزء واجب أو مستحب أو أنّها واجبة أو مستحبّة ولو لم تكن جزءاً، فهو معذور شرعاً، ومثاب انقياداً إن شاء الله.

من هنا نرى أنّ الأحوط وجوباً ترك ذكر الشهادة الثالثة في الأذان والإقامة، فيما لو كان قولها يوجب خلق أو تكريس تصوّرها اجتماعيّاً بوصفها جزءاً من الممارسات الدينيّة؛ وذلك لشبهة البدعيّة فيها، وبخاصّة مع توقيفيّتهما، وبالأخصّ في الإقامة التي يُحتمل فيها أنّها جزء أو شبه الجزء للصلاة، كما أفادته بعض النصوص. وهذا الكلام لا يختصّ بالشهادة الثالثة، بل يجري في كلّ ما يشبهها عند الشيعة والسنّة وغيرهم. كما أنّه ينبغي معرفة أنّ بعض ما يُقال قبل الأذان وبعده في مآذن بعض المساجد أو عند بعض المسلمين، ليس هو الآخر جزءاً من الأذان ولا الإقامة، فيلزم أن يُنتبه إلى عدم صيرورته في الذهن العام جزءاً منهما، حذراً من الوقوع في شبهة البدعيّة.

لكن قد يقال: أليس حكمُكم ببدعيّة أو شبهة بدعيّة الشهادة الثالثة هو تشخيصٌ مصداقي يُرجع فيه لكلّ مكلّف على حدة، من ثم لا يحقّ لكم تقديم رأي فقهي في هذه المسألة، بما هو رأيٌ فقهي؟

ويجاب:

أوّلاً: إنّنا لا نجزم هنا ببدعيّة الشهادة الثالثة، وإلا لقلنا بالحرمة، لكنّنا نراها تحوي شبهة البدعيّة على الأقلّ، وفقاً للمعطيات التاريخيّة والحديثيّة المتوفّرة، ولهذا فنحن نحتاط في الموضوع ولا نقدّم رأياً فقهياً نهائيّاً، ورأيُنا الفقهي النهائي مقتصرٌ على عدم ثبوت جزئيّتها لا وجوباً ولا استحباباً، لا في الفرد ولا في الماهية، وعدم ثبوت استحبابها ولا وجوبها بوصفها جزءاً أو من دون هذا الوصف، وذلك مطلقاً في الأذان والإقامة.

ثانياً: إنّ إثبات انتساب شيء للدين كإثبات نفي شيء عنه هو عمل اجتهاديّ، فلو أمكن للمكلّف تعيين ذلك فلا بأس إنّما نبيّن هنا تعييننا وقراءتنا الاجتهاديّة للموضوع. نعم نحن نوافق على أنّ كون الشهادة الثالثة في الخارج اليوم تتضمّن في الذهن العام انتساباً للدين بما يحقّق البدعيّة بالمعنى الذي رجّحناه.. إنّ كونها كذلك ـ إثباتاً ونفياً ـ شأنٌ غير فقهي، فيُرجع فيه للمكلّف، فانتبه، ولهذا قيّدنا آنفاً قلنا: «فيما لو كان قولها يوجب خلق أو تكريس تصوّرها اجتماعيّاً بوصفها جزءاً من الممارسات الدينيّة».

وقد يقال مرّة ثانية: ألا يمكن رفع اليد عن هذا الاحتياط والتخلّص من شبهة البدعيّة في ذكر الشهادة الثالثة في الأذان والإقامة من خلال التوضيح المتكرّر للناس بأنّها ليست جزءاً من الأذان والإقامة؟ وبهذا تبقى محافظاً عليها وفي الوقت عينه لن تُصبح عرفاً ولا سنّةً اجتماعية عند الناس بوصفها جزءاً من الدين. وبهذا تكون شبيهة بما ذكرناه سابقاً عند التعليق على مسألة نجاسة الخمر في باب النجاسات، من أنّ تبرير بعض الفقهاء لنجاسة الخمر خوفاً من وقوع الناس في الاشتباه بين طهارته وجواز شربه، يمكن معالجته من خلال الشرح والتوضيح المتكرّر حتى يرتفع الالتباس.

ويمكن التعليق بأنّه إذا حصل ذلك على نطاق واسع بحيث تشكّل في الوعي الجماهيري العام مفهومُ التمييز بين الشهادة الثالثة بوصفها فعلاً بشريّاً وبينها بوصفها مستحبّاً أو شعيرة دينيّةً أو جزءاً ففي مثل هذه الحال ترتفع إشكاليّة شبهة البدعيّة، لكنّ المشكلة تكمن في الوظيفة الشرعيّة الآن على تقدير عدم وصولنا لتلك المرحلة.

وبعد هذه النتيجة قد يقال مرّة ثالثة: كيف يمكن التوفيق عموماً بين ما ذهبتم إليه في معنى البدعة وبين ما روي من أنَّه «من سنّ سنَّةً حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها»؟! ثم ألا يُخشى من أن يؤدِّي إلغاء الشهادة الثالثة في الأذان إلى ظاهرة جديدة مفادها عدم اعتبار ضرورة الاعتقاد بولاية أمير المؤمنين× وأحقيّته، خصوصاً بعد أن ثبتت فترة من الزمن. ففرقٌ بين أن نمنع الظاهرة الجديدة من أوَّل حدوثها ونشوئها وبين أن نمنعها بعد استفحالها، فإنَّ ما يتركه كلّ من المنعين من انطباع لدى عموم الناس يختلف عن الآخر. ثمَّ إنَّه هناك فرق من حيث الانطباع لدى عموم الناس بين منع ظاهرة تحوي شهادة حقّة ومنع ظاهرة تحوي شهادة باطلة، فمنع الشهادة الثالثة وهي شهادة حقَّة بعد ثبوتها فترةً طويلة من الزمن قد يُفهم خطأ ويؤسِّس لظاهرة أخرى، وبالتالي يؤسِّس لبدعةٍ بناءً على تعريفكم للبدعة. وإن قيل بأنّ إلغاء الشهادة الثالثة لن يؤدِّي إلى هذه الظاهرة، أقول: ليس معلوماً، فإنَّ عوام الناس شأنهم التعميم بسرعة، وترتيب لوازم غير لازمة، والانتقال بالفكرة المحدودة جدّاً إلى حدِّ التضخيم، فقد يكون همّ الفقيه إلغاء الشهادة الثالثة تأكيداً على عدم الجزئيَّة وتثبيتاً لعدم الجزئيَّة ومنعاً لحصول ظاهرة الجزئيَّة، لكنَّ عوام الناس يذهبون بالأمر بعيداً جدّاً، فننتقل من أزمةٍ إلى أزمة أعمق.

ويمكن الجواب:

أوّلاً: لا علاقة بين بحث البدعة وبحث من سن ّسنّةً حسنة، كما أقرّوا بذلك في محلّه؛ لأنّ السنّة الحسنة موصوفة بأنّها حسنة، والبدعة ليست حسنة كما دلّ على ذلك الحديث المتواتر أو شبه المتواتر «كلّ بدعة ضلالة»، فالمراد بالسنن الحسنة كلّ سيرة اجتماعيّة صالحة، ولو لم تكن منصوصة في الدين، شرط أن لا يتمّ تلقّيها على أنّها من الدين فتكون بدعة، فالمشكلة مع البدعة ليس في أنّها بذاتها حسنة، فإنّ «الصلاة خير من النوم» هي أيضاً كلام حقّ وحسن، لكنّه مع ذلك وصف بالبدعة، وكذلك صلاة الضحى التي ورد في النصوص ـ كصحيح الفضلاء ـ أنّها بدعة بالنصّ الصريح عن الأئمّة، مع أنّ الصلاة خير موضوع.

ثانياً: إنّ إلغاء الشهادة الثالثة مثلاً لا يتمّ بشكل دفعي وقهري، بل عندما يتخذ أئمّة المسلمين وفقهاء الإسلام قراراً بشيء من ذلك، فلا بدّ من وضع استراتيجيّة مراحلية متدرّجة وذات قراءة واعية؛ لضمان رفع أيّ بدعة بأقلّ الخسائر الممكنة.

ثالثاً: إنّ بحثنا هنا علميٌّ، ولا نتحدّث عن مواجهة بدعةٍ، ما قد يجرّ الناس للتمسّك بها، فهذه مرحلة ثانية، وهي مرحلة مواجهة البدعة في المجتمع، لا مرحلة تعيين البدعة واتخاذ الموقف العلمي منها.

رابعاً: إنّ مجرّد أنّ الناس سوف تجعل البدعة شعاراً لها ويزداد تمسّكها بها، لا يبرّر دوماً سكوت العلماء عن البدع، فالقرآن الكريم نصَّ على أنّه بنفسه كان سبباً لضلال وقسوة قلوب الكافرين، بعكس المؤمنين، فهل يعني ذلك أن يتوقّف الوحي خشيةً من المزيد من كفر الكافرين لحقدهم على المؤمنين؟! لهذا يجب أن تكون المؤسّسات العلميّة والعلماء هم من يشتغل على إدارة الوضع الديني، لا أن ينزلوا للعوام كي يتحكّم العوام بنا، فإنّ هذه من المصائب التي أشار إليها عدّةٌ من الأعلام، ليس آخرهم الشيخ مرتضى مطهري.

وأختم هذا المختصر بما نقله أبو بكر عبد الله بن عمر بن محمد البلخي (ق 6هـ) من أنّ موسى بن عمران أصبح والياً على ما يشمل بلخ، وأنّه في فترة ولايته أمر في إعلان الصلاة بالقول: «أشهد أنّ علياً رسول الله»، وقد أدّى ذلك لهياج المسلمين ضدّه إلى أن قُتل عام 202هـ (فضائل بلخ: 38)، وهذا يعني ـ إذا صحّ النقل ـ أنّ محاولات مغالية من هذا المستوى كانت قد ظهرت هنا وهناك حتى في عصر الأئمّة، وربما في هذا السياق نجد أنّ الصدوق يتّهم من فعلوا ذلك بأنّهم مفوّضة ومحسوبين على خارج الخطّ الشيعي المتعارف بما أجاز لعنهم بالنسبة إليه، والله العالم.

هذا، وكلامنا المتقدّم كلّه هنا في الأذان والإقامة خاصّة، وأمّا الشهادة الثالثة في التشهّد والتسليم، فسوف يأتي الحديث عنها في موضعه، إن شاء الله تعالى.