hobballah

الموقع الرسمي لحيدر حب الله

آراء

التعليقة على منهاج الصالحين (كتاب الصلاة ـ أعداد الفرائض والنوافل)

تاريخ الاعداد: 7/16/2024 تاريخ النشر: 7/24/2024
2740
التحميل

حيدر حبّ الله 

 

هذه تعليقة فقهيّة مختصرة على كتاب منهاج الصالحين للسيّد الخوئي، لم تُكتب بقصد عمل الآخرين بها، بل بقصد اطلاع الباحثين والمهتمّين، والله الموفّق والمعين

(18 ـ 7 ـ 2024م)

 

 

كتاب الصلاة‌

وفيه مقاصد‌

الصلاة هي إحدى الدعائم التي بُني عليها الإسلام، إن قُبلت قبل ما سواها، وإن رُدّت ردّ ما سواها([1]).

 

المقصد الأوّل

أعداد الفرائض ونوافلها ومواقيتها وجملة من أحكامها‌

 

وفيه فصول:

 

الفصل الأوّل

(أعداد الفرائض والنوافل)

الصلوات الواجبة في هذا الزمان([2]) ستّ: اليومية، وتندرج فيها صلاة الجمعة، فإنّ المكلّف مخيّر بين إقامتها وصلاة الظهر يوم الجمعة([3])، وإذا أقيمت بشرائطها أجزأت عن صلاة الظهر؛ وصلاة الطواف؛ والآيات؛ والأموات([4])؛ وما التزم بنذرٍ أو نحوه أو إجارة([5])؛ وقضاء ما فات عن الوالد بالنسبة إلى الولد الأكبر.

أمّا اليومية([6])، فخمس: الصبح ركعتان، والظهر أربع، والعصر أربع، والمغرب ثلاث، والعشاء أربع، وفي السفر والخوف تقصر الرباعيّة فتكون ركعتين([7]). وأمّا النوافل فكثيرة أهمّها([8]) الرواتب اليوميّة: ثمان للظهر([9]) قبلها، وثمان بعدها قبل العصر للعصر، وأربع بعد المغرب لها، وركعتان من جلوس([10]) تعدّان بركعة بعد العشاء لها، وثمان صلاة الليل([11])، وركعتا الشفع بعدها، وركعة الوتر بعدها([12])، وركعتا الفجر قبل الفريضة، وفي يوم الجمعة يزاد على الستّ عشرة أربع ركعات قبل الزوال([13])، ولها آداب مذكورة في محلّها، مثل كتاب مفتاح الفلاح للمحقّق البهائي (قدّس سرّه).

مسألة 498: يجوز الاقتصار على بعض النوافل المذكورة([14])، كما يجوز الاقتصار في نوافل الليل على الشفع والوتر، وعلى الوتر خاصّة، وفي نافلة المغرب على ركعتين([15]).

مسألة 499: يجوز الإتيان بالنوافل الرواتب وغيرها في حال الجلوس اختياراً، لكن الأولى([16]) حينئذٍ عدّ كلّ ركعتين بركعة، وعليه فيكرّر الوتر مرّتين، كما يجوز الإتيان بها في حال المشي([17]).

مسألة 500: الصلاة الوسطى التي تتأكّد المحافظة عليها، صلاة الظهر([18]).

___________________________

([1]) قد ذكرنا في كتاب (إضاءات 4: 137 ـ 139) كلاماً مختصراً في توضيح هذا الحديث المعروف، فراجع.

([2]) يقصد الماتنُ عصرَ الغَيبة بالمفهوم الإمامي، وسوف يأتي التعليق على بعض الصلوات التي عدّت مستحبّة في عصر الغيبة مثل صلاة العيدين، وذلك في محلّه إن شاء الله.

([3]) سوف يأتي في بحث صلاة الجمعة تعيين الموقف، وأنّها في عصر الغيبة واجبة تعييناً أو تخييراً أو أنّها محرّمة.

([4]) تقدّم الحديث عن صلاة الجنازة، وسيأتي ـ إن شاء الله ـ الحديث عن بقيّة الصلوات التي ذكرها السيّد الماتن.

([5]) أو شرط في ضمن عقد لازم، لكن في صدق أنّ الصلاة واجبة هنا نظر، بل الواجب هو لزوم الوفاء بالنذر أو العهد أو العقد أو الشرط.

([6]) لا بأس هنا بالإشارة إلى أنّ المدار المتعارف في حساب يومٍ ما أنّه الجمعة أو السبت هو الاعتبار، وليس الواقع التكويني ولا الفلكي مستقلاً، فهذه القضيّة قد لا تكون ابتلائيّة لأغلب الناس، لكنّها قد تكون ابتلائيّة لبعض، وتظهر أهميّتها في مثل بعض الجزر النائية في منطقة أقيانوسيا وضواحيها مثل مملكة تونغا، وكذلك ساموا، وأقاصي شرق روسيا الاتحاديّة التي تقترب من أميركا؛ وذلك أنّ خطّ الطول الأوّل (غرينتش GMT) يقسّم الكرة الأرضيّة إلى النصف الشرقي والغربي اعتباراً وتشريعاً، وليس تكويناً؛ لأنّ بإمكاننا أن نقسّم أيّ جسم كروي إلى نصفين: شرقي وغربي من أيّ نقطة منه، كما هو واضح، لكن لا يمكننا أن نقسّمه إلى نصفين علوي وسفلي إلا من منطقة واحدة وهي هنا خطّ الاستواء، لذلك دائرة الاستواء تكوينيّة لا بديل لها، لكنّ نصف النهار (غرينتش) أمر تشريعي اعتباري، كما نعرف في العصور القديمة "الجزر الخالدات" كانت تعتبر مبدأ نصف النهار، والتي تسمّى حالياً بجزر الكناري. من هنا قدّم الشيخ يوسف القرضاوي ـ ومعه جماعة من العلماء والباحثين ـ اقتراحاً بجعل خطّ الطول المارّ بمكّة المكرمة مبدأ التواقيت، وذلك في المؤتمر العلمي "مكّة مركز الأرض بين النظريّة والتطبيق"، والذي انعقد في الدوحة بتاريخ 19 ـ 4 ـ 2008م، كما اقترح الحاخام يحيئيل ميشال توكاتزنسكي جعل خطّ المبدأ هو الخط المارّ بالقدس الشريف بدل غرينتش. وبطبيعة الحال فإذا اعتبرنا المبدأ هو القدس أو لندن أو مكّة أو جزر الكناري أو أيّ مكان آخر، فسوف يتغيّر خطّ الطول وستتغيّر الحسابات كلّها، وكما نعرف فإنّ جميع الخطوط طولاً وعرضاً مستقيمة ما عدا خطّ التاريخ الدولي (خط طول 180 عن غرينتش) الذي يعتبر متعرّجاً؛ كي يتفادى العبور من الجزر والأماكن المأهولة بالسكّان. وهنا إذا ذهبنا إلى أقصى شرق روسيا الاتحاديّة، فقد نشاهد بيتاً ـ مثلاً ـ المطبخُ فيه يقع يوم الخميس، فيما غرفة النوم تقع يوم الجمعة، فلو عبر مسافرٌ ولاية ألاسكا الأميركيّة عبر مضيق بيرينغ، ودخل روسيا الاتحادية، يجب عليه أن يقدّم يوماً في التقويم، والعكس كذلك، يجب على المسافر الروسي حينما يتجه إلى ألاسكا أن يتعامل وكأنّه سافر إلى الأمس، وهذا ما يحصل بين جزيرتَي: ديوميدي الكبرى وديوميدي الصغرى بين روسيا وألاسكا، واللتين تفصلهما حوالي أربعة كيلومترات فقط، وعليه فلو فرضنا مسلماً أقام صلاة الجمعة في شبه جزيرة أقاصي شرقي روسيا، وذلك يوم الجمعة 14حزيران 2024، ثمّ ركب باخرةً بعد نهاية صلاة الجمعة عبر مضيق بيرينغ، ودخل ألاسكا الأميريكيّة فإنّه وبعد مضي مسافة بسيطة جداً، سوف يعيش في نفس الوقت من النهار، مع فارق أنّه سيكون في يوم الخميس، فهل يجب على هذا الشخص إقامة صلاة الجمعة ثانيةً في اليوم التالي؟! وماذا عن البشر الذين سكنوا الأماكن المأهولة التي تفاداها خطّ التاريخ الدولي؟

مقتضى الحالة الطبيعية أنّه يلحقه حكم كلّ يوم، لكن مع ذلك يكون هذا كلّه تابعاً لطبيعة الحكم الشرعي، فهل موضوعه عنوان اليوم مطلقاً أو عنوان اليوم بوصفه واحداً في الأسبوع مثلاً، فقد يقال بأنّ صلاة الجمعة تجب مرّةً واحدة في الأسبوع، فلا يجب عليه تكرارها، وهكذا لا معنى لتكرار صلاة الصبح لو طلع الفجر عليه وهو في برج خليفة في مدينة دبي، فصلّى ثمّ نزل بسرعة، فطلع الفجر ثانيةً؛ للعلم بأنّ اللازم هو خمس صلوات في اليوم، لا خصوصيّة طلوع الفجر أو ما شابه ذلك فقط، وهكذا تكون هذه الأحكام تابعة لمواردها بهذا اللحاظ، وقد تختلف وقد تتخلّف تبعاً للعوامل الطارئة وطبيعة الأدلّة وما أخذته من شروط وقيود في موضوعات الأحكام.

([7]) ستأتي في موضعه شروطُ القصر في حالتَي: السفر والخوف.

([8]) استكشاف الأهميّة هنا آتٍ من طبيعة النصوص الدالّة على هذه النوافل، حتى ورد في بعضها ما يدل على وجوبها أو على أنّ تركها معصية، معزَّزاً ذلك بالشهرة الكبيرة، وربما الإجماع، بل قيل بأنّ ذلك من المسلَّمات. هذا وقد تُسمّى الرواتب اليومية بالنوافل المرتّبة.

([9]) استخدم السيد الماتن هنا تعبيراً يفيد أنّ كلّ نافلة من هذه النوافل جعلت لهذه الفرائض، ولهذا كانت هذه نافلة صلاة الظهر وكانت تلك نافلة صلاة المغرب وهكذا، غير أنّ هذا الأمر قد يقال بأنّه غير واضح من النصوص، فإن قصدنا من تعبير نافلة الظهر تلك النافلة التي تكون قبل صلاة الظهر، وقصدنا من نافلة المغرب تلك النافلة التي تكون بعد المغرب فلا بأس، أمّا إثبات أنّ هذه النوافل جُعلت لهذه الصلوات وإيجاد ربط بينها فهذا غير واضح؛ لكن قد يقال في المقابل بأنّ الوارد في النصوص أنّ أصل تشريع النوافل الرواتب كان لتكميل نواقص الفرائض التي يأتي بها الإنسان على غير وجهها الأكمل، وهذا يساعد في فكرة ربط كلّ نافلة بصلاتها، أعني النوافل التي على صلة بالصلوات دون مثل نافلة الليل، وإن كان هو أيضاً محلّ نظر. ومنه يظهر أنّ ما قيل عن صلاة الوتيرة وأنّها ليست نافلة العشاء، بل هي مجرّد صلاة نافلة يصبح مفهوماً أكثر. ولعلّ ما جعلهم يربطون بين النافلة والفريضة هو تبعيّة النافلة للفريضة في وقتها في الجملة كما سيأتي بيانه، فيكون الربط معقولاً أكثر حينئذٍ، وعلى أيّة حال فالأمر سهلٌ.

([10]) فلا تصحّ من قيامٍ بعنوانها، خلافاً لجماعة ممن صحّح القيام بها والجلوس، وجعل القيام أفضل. هذا والركعتان بعد العشاء تسمّيان بـ "الوتيرة".

([11]) ومنه يعلم أنّ الرواتب اليوميّة لا يلزم أن تكون مرتبطةً بفرائض يوميّة، فبعضها مرتبطٌ ـ ضمن ما شرحناه آنفاً ـ مثل نافلة الظهر والعصر، وبعضها غير مرتبط مثل نافلة الليل.

([12]) ومجموع صلاة الليل مع الشفع والوتر يسمّى أحياناً "نافلة الليل". كما وردت بعض النصوص تُطلق عنوانَ صلاة الوتر على مجموع الشفع والوتر، وعليه فتكون الوتر ثلاث ركعات منفصلة، لكنّ نصوصاً أخرى فصلت بينهما.

([13]) جميع أنواع النافلة الرواتب منها وغيرها يؤتى بها ركعتين ركعتين، عدا بعض قليل جداً ممّا عُدَّ من الصلوات المستحبّة مثل صلاة جعفر الطيار، فإنّ لها كيفية أخرى. وكذا مثل صلاة الوتر فإنّها ركعة واحدة.

([14]) بمعنى أنّها غير مترابطة، فلا يلزم عندما تؤدّي هذه النوافل في اليوم والليلة أن تأتي بها معاً، وإلا فتكون كأنّك لم تأتِ بشيء، بل يمكن فصلها عن بعض في الإتيان ببعضها وترك بعضٍ آخر.

([15]) قلنا بأنّ هذه النوافل غير مترابطة مع بعضها فيمكن الإتيان ببعضٍ دون بعض، لكنّ هذا لا يعني أنّه لو أراد المكلّف الإتيان بنافلة الظهر مثلاً أن يأتي بركعتين فقط منها ويترك البقيّة، فإنّه لا يكون ممتثلاً لنافلة الظهر بعنوانها، بل يكون فعله مصداقاً لمطلق النافلة، لا لخصوص الرواتب اليوميّة. وأمّا ما دلّ على كفاية الركعتين في نافلة المغرب فهو خبرٌ آحادي لا يُحتجّ به، أمّا الشفع والوتر فلا بأس بفصلها عن الركعات الثماني قبلها، لظهور التعدّد في نافلة الليل، وأنّها ليست وحدة واحدة بالضرورة.

([16]) المعروف بين الفقهاء هو أنّه يجوز الإتيان بالنوافل عن جلوس ولو في حال الاختيار، فضلاً عن صورة الحرج أو الاضطرار، والمعروف بينهم أنّ عدد الركعات لا يتغيّر، فالثمانية تبقى ثمانية، نعم الأفضل له أن يجعل كلّ ركعة عن قيام ركعتين من جلوس، بمعنى أنّ كلّ ركعتين من النافلة قياماً تصبح أربعة (ركعتين ركعتين) من جلوس، وليس ذلك بواجب ولا هو بالشرط في صحّة إتيانه بالنوافل وترتّب الثواب عليها، فإذا أراد أن يصلّي نافلة الظهر مثلاً، وهي ثمان ركعات، فإنّ الأفضل له أن يصلّي ست عشرة ركعة من جلوس. وهذا ما يذهب إليه أغلب المتأخّرين المقاربين لعصرنا أو المعاصرين، مثل: السيد محسن الحكيم، والسيد محمد باقر الصدر، والسيد الخوئي، والشيخ جواد التبريزي، والسيد أبي الحسن الإصفهاني، والسيد محمد صادق الروحاني، والسيد محمد حسين فضل الله، والسيد محمود الهاشمي، والسيد الخميني، والشيخ المنتظري، والسيد الكلبايكاني، والشيخ يوسف الصانعي، والشيخ محمد أمين زين الدين، والشيخ محمد إسحاق الفياض، والشيخ فاضل اللنكراني، والسيد محمد سعيد الحكيم، والشيخ بهجت، والشيخ الصافي الكلبايكاني، والشيخ الوحيد الخراساني، وغيرهم.

لكنّ بعض الفقهاء ـ مثل السيد علي السيستاني ـ اعتبر أنّ تكرارها يؤتى بالزائد فيه برجاء المطلوبيّة، والظاهر عدم ثبوت التضعيف عنده، بمعنى أنّ الركعتين عن قيام لا تصبحان عنده أربع ركعات (ركعتين ركعتين) من جلوس، لا بنحو اللزوم ولا حتى بنحو الأفضليّة، بل يؤتى بالركعتين من قيام ركعتين من جلوس، وإذا أراد أن يضاعفها (يجعلها على الضعف) فيأتي بالزائد برجاء المطلوبيّة، أي أنّه يأتي بالركعتين الإضافيّتين برجاء المطلوبيّة، فلو أراد نافلة الظهر فإنّ الركعات الجلوسيّة الثمانية الأولى يمكنها أن تعادل النافلة القياميّة، فيؤتى بالركعات الجلوسيّة الثمانيّة الثانية برجاء المطلوبيّة. كما أنّ الشيخ المحقّق العراقي شكّك في تعليقته على العروة في أولويّة مضاعفة عدد الركعات لو أُتي بالنوافل من جلوس. نعم، احتاط الشيخ ناصر مكارم الشيرازي بجعل الركعة قياماً ركعتين جلوساً، واعتبر أنّ أدلّة المضاعفة قويّة، على العكس تماماً ـ فيما يبدو ـ من نظر السيد السيستاني.

والأقرب بالنظر ـ بعد مراجعة الروايات وكلمات الفقهاء وتحقيق أسانيد هذه النصوص ـ هو أنّ التضعيف (جعل الركعة القياميّة ركعتين من جلوس، أو فقل جعل كلّ ركعتين أربعاً مكوّنة من تكرار ركعتين)، على تقدير ثبوت مشروعيّة الإتيان بالنوافل عن جلوس اختياراً.. هذا التضعيف لم يثبت بدليلٍ معتبر سنداً أو موثوق صدوراً، لا وجوبه ولا رجحانه، بل الثابت كون الركعات الجلوسيّة مطابقة في العدد للركعات القياميّة. وأظنّ أنّ منشأ الخلاف بين مثل السيد السيستاني وغيره هو في النظريّات الرجاليّة المفضية إلى تصحيح أو تضعيف الروايات القليلة الواردة في موضوع التضعيف، فالراجح بنظري ما ذهب إليه السيستاني، فإنّ ذلك على مبنى الاطمئنان بالصدور أوضح وأجلى أيضاً.

([17]) فيه تأمّل، ولا يبعد ـ على تقديره ـ الاختصاص بالسفر.

([18]) فيه تأمّل. وقد اختلفت الأقوال بين علماء المسلمين في تعيين الصلاة الوسطى فبلغت عشرين قولاً، كما جمعها ابن حجر العسقلاني، والأشهر بين أهل السنّة أنها صلاة العصر، ويليها في الشهرة أنّها صلاة الصبح، فيما يشتهر بين الإماميّة أنّها صلاة الظهر، عملاً بجملة من الروايات. وقد ذُكرت في كتب التفسير والفقه شواهد كثيرة لهذا الرأي وذاك، وكثيرٌ منها ضعيف بل استحساني. وقد تصوّر بعض العلماء أنّ مفهوم الوسط هنا يدور بين الصلوات اليوميّة أو مع نوافلها، فالظهر وسطى لأنّها وسط النهار، والصبح وسطى لأنّها وسط بين صلاتين قابلتين للقصر، وهكذا، فيما يحتمل أوليّاً أنّ الصلاة الوسطى قد تكون صلاةً أخرى خارج سياق الصلوات اليوميّة أساساً، وأنّه ليس المراد من الوسطى التوسّط بين شيئين أو زمانين، بل المراد أمرٌ آخر وهو بيان الأهميّة؛ فالعرب تستعمل "الوسط" لبيان أهميّة الشيء؛ لأنّ وسط كلّ شيء في اللغة العربيّة هو خيره وأفضله، ولهذا فسّر بعضهم قوله تعالى: (قَالَ أَوْسَطُهُم أَلَمْ أَقُلْ لَكُم لَوْلَا تُسَبِّحُوْن)، بأنّ المراد ليس أوسطهم سنّاً بل أرجحهم عقلاً، وعليه فيمكن أن يكون المراد هو الأمر بالحفاظ على الصلوات كلّها، وبخاصّة الصلوات الأكثر أهميّة دون إشارة إلى ما هي. والأقرب عندي هو التوقّف في هذه المسألة؛ لتعارض النصوص؛ وبخاصّة بعد الأخذ بعين الاعتبار مجموع مصادر الحديث عند المسلمين.