hobballah

الموقع الرسمي لحيدر حب الله

آراء

التعليقة على منهاج الصالحين (التيمّم ـ القسم الثاني/كيفيّة التيمّم وأحكامه)

تاريخ الاعداد: 5/13/2024 تاريخ النشر: 5/16/2024
2590
التحميل

حيدر حبّ الله

 

هذه تعليقة فقهيّة مختصرة على كتاب منهاج الصالحين للسيّد الخوئي، لم تُكتب بقصد عمل الآخرين بها، بل بقصد اطلاع الباحثين والمهتمّين، والله الموفّق والمعين

(9 ـ 5 ـ 2024م)

 

الفصل الثالث

(كيفيّة التيمّم)

كيفيّة التيمّم أن يضرب بيديه على الأرض([1])، وأن يكون دفعة واحدة على الأحوط وجوباً([2])، وأن يكون بباطنهما([3])، ثم يمسح بهما جميعاً تمام جبهته وجبينه، من قصاص الشعر إلى الحاجبين، وإلى طرف الأنف الأعلى المتصل بالجبهة، والأحوط مسح الحاجبين أيضاً([4])، ثمّ مسح تمام ظاهر الكفّ اليمنى من الزند إلى أطراف الأصابع بباطن اليسرى، ثم مسح تمام ظاهر الكف اليسرى كذلك بباطن الكفّ اليمنى([5]).

مسألة 364: لا يجب المسح بتمام كلّ من الكفين، بل يكفي المسح ببعض كلّ منهما على نحو يستوعب الجبهة والجبينين([6]).

مسألة 365: المراد من الجبهة الموضع المستوي، والمراد من الجبين ما بينه وبين طرف الحاجب إلى قصاص الشعر.

مسألة 366: الأظهر كفاية ضربة واحدة في التيمّم بدلاً عن الغسل أو الوضوء([7])، وإن كان الأحوط تعدّد الضرب فيضرب ضربة للوجه وضربة للكفّين، ويكفي في الاحتياط أن يمسح الكفّين مع الوجه في الضربة الأولى، ثم يضرب ضربة ثانية فيمسح كفّيه([8]).

مسألة 367: إذا تعذّر الضرب والمسح بالباطن، انتقل إلى الظاهر([9]). وكذا إذا كان نجساً نجاسة متعدّية ولم تمكن الإزالة، أما إذا لم تكن متعدّية ضرب به ومسح، بل الظاهر عدم اعتبار الطهارة في الماسح والممسوح مطلقاً([10])، وإذا كان على الممسوح حائل([11]) لا تمكن إزالته مسح عليه، أمّا إذا كان ذلك على الباطن الماسح، فالأحوط وجوباً الجمع بين الضرب والمسح به، والضرب والمسح بالظاهر([12]).

مسألة 368: المحدث بالأصغر يتيمّم بدلاً عن الوضوء، والجنب يتيمّم بدلاً عن الغسل([13])، والمحدث بالأكبر غير الجنابة يتيمّم عن الغسل، وإذا كان محدثاً بالأصغر أيضاً أو كان الحدث استحاضة متوسّطة، وجب عليه أن يتيمّم أيضاً عن الوضوء، وإذا تمكّن من الوضوء دون الغسل أتى به وتيمّم عن الغسل، وإذا تمكّن من الغسل أتى به وهو يغني عن الوضوء([14]) إلا في الاستحاضة المتوسّطة فلا بدّ فيها من الوضوء، فإن لم يتمكّن تيمّم عنه.

 

الفصل الرابع

يشترط في التيمّم النية على ما تقدّم في الوضوء([15])، مقارناً بها الضرب على الأظهر([16]).

مسألة 369: لا تجب فيه نية البدلية عن الوضوء أو الغسل، بل تكفي نية الأمر المتوجّه إليه، ومع تعدّد الأمر لا بدّ من تعيينه بالنيّة([17]).

مسألة 370: الأقوى أنّ التيمّم رافع للحدث حال الاضطرار، لكن لا تجب فيه نية الرفع ولا نية الاستباحة للصلاة مثلاً.

مسألة 371: يشترط فيه المباشرة والموالاة حتى فيما كان بدلاً عن الغسل([18])، ويشترط فيه أيضاً الترتيب على حسب ما تقدّم([19])، والأحوط وجوباً([20]) البدأة من الأعلى والمسح منه إلى الأسفل.

مسألة 372: مع الاضطرار يسقط المعسور ويجب الميسور على حسب ما عرفت في الوضوء من حكم الأقطع، وذي الجبيرة، والحائل والعاجز عن المباشرة، كما يجري هنا حكم اللحم الزائد، واليد الزائدة وغير ذلك([21]).

مسألة 373: العاجز ييمّمه غيره، ولكن يضرب بيدي العاجز ويمسح بهما مع الإمكان، ومع العجز يضرب المتولّي بيدي نفسه، ويمسح بهما.

مسألة 374: الشعر المتدلّي على الجبهة يجب رفعه ومسح البشرة تحته، وأمّا النابت فيها فالظاهر الاجتزاء بمسّه([22]).

مسألة 375: إذا خالف الترتيب بطل مع فوات الموالاة([23]) وإن كانت لجهلٍ أو نسيان، أمّا لو لم تفت صحّ إذا أعاد على نحو يحصل به الترتيب.

مسألة 376: الخاتم حائل يجب نزعه حال التيمّم([24]).

مسألة 377: الأحوط وجوباً([25]) اعتبار إباحة الفضاء الذي يقع فيه التيمّم، وإذا كان التراب في إناء مغصوب لم يصحّ الضرب عليه([26]).

مسألة 378: إذا شكّ في جزءٍ منه بعد الفراغ لم يلتفت، ولكنّ الشك إذا كان في الجزء الأخير ولم تفت الموالاة ولم يدخل في الأمر المرتّب عليه من صلاة ونحوها، فالأحوط الالتفات إلى الشك([27])، ولو شكّ في جزء منه بعد التجاوز عن محله لم يلتفت، وإن كان الأحوط استحباباً التدارك.

 

الفصل الخامس

أحكام التيمّم

لا يجوز التيمّم لصلاةٍ موقّتة قبل دخول وقتها([28])، ويجوز عند ضيق وقتها، وفي جوازه في السعة إشكال، والأظهر الجواز مع اليأس عن التمكّن من الماء، ولو اتفق التمكّن منه بعد الصلاة وجبت الإعادة.

مسألة 379: إذا تيمّم لصلاة فريضة أو نافلة، لعذر، ثم دخل وقت أخرى([29]) فإن يئس من ارتفاع العذر والتمكّن من الطهارة المائية جاز له المبادرة إلى الصلاة في سعة وقتها، بل تجوز المبادرة مع عدم اليأس أيضاً، وعلى كلا التقديرين، فإن ارتفع العذر أثناء الوقت وجبت الإعادة.

مسألة 380: لو وجد الماء في أثناء العمل فإن كان دخل في صلاة فريضة أو نافلة وكان وجدانه بعد الدخول في ركوع الركعة الأولى مضى في صلاته وصحّت على الأقوى، وفيما عدا ذلك يتعيّن الاستئناف بعد الطهارة المائية.

مسألة 381: إذا تيمّم المحدث بالأكبر بدلاً عن غسل الجنابة ثمّ أحدث بالأصغر، انتقض تيمّمه ولزمه التيمّم بعد ذلك([30])، والأحوط استحباباً الجمع بين التيمّم والوضوء. ولو كان التيمّم بدلاً عن الحدث الأكبر غير الجنابة، ثمّ أحدث بالأصغر لزمه التيمّم بدلاً عن الغسل مع الوضوء، فإن لم يتمكّن من الوضوء أيضاً لزمه تيمّم آخر بدلاً عنه([31]).

مسألة 382: لا تجوز إراقة الماء الكافي للوضوء أو الغسل بعد دخول الوقت([32])، وإذا تعمّد إراقة الماء بعد دخول وقت الصلاة، وجب عليه التيمّم مع اليأس من الماء وأجزأ، ولو تمكّن بعد ذلك وجبت عليه الإعادة في الوقت، ولا يجب القضاء إذا كان التمكّن خارج الوقت. ولو كان على وضوء لا يجوز إبطاله بعد دخول الوقت إذا علم بعدم وجود الماء أو يئس منه([33])، ولو أبطله والحال هذه وجب عليه التيمّم وأجزأ أيضاً على ما ذكر.

مسألة 383: يشرع التيمّم لكلّ مشروط بالطهارة من الفرائض والنوافل، وكذا كلّ ما يتوقّف كماله على الطهارة إذا كان مأموراً به على الوجه الكامل، كقراءة القرآن، والكون في المساجد ونحو ذلك، بل لا يبعد مشروعيّته للكون على الطهارة، بل الظاهر جواز التيمّم لأجل ما يحرم على المحدث من دون أن يكون مأموراً به ـ كمسّ القرآن ومسّ اسم الله تعالى([34]) ـ كما أشرنا إلى ذلك في غايات الوضوء.

مسألة 384: إذا تيمّم المحدث لغاية، جازت له كلّ غاية وصحّت منه، فإذا تيمّم للكون على الطهارة صحّت منه الصلاة، وجاز له دخول المساجد والمشاهد وغير ذلك مما يتوقّف صحّته أو كماله أو جوازه على الطهارة المائية. نعم لا يجزئ ذلك([35]) فيما إذا تيمّم لضيق الوقت.

مسألة 385: ينتقض التيمّم بمجرّد التمكّن من الطهارة المائيّة وإن تعذّرت عليه بعد ذلك، وإذا وجد من تيمّم تيمّمين ـ من الماء ـ ما يكفيه لوضوئه، انتقض تيمّمه الذي هو بدل عنه، وإذا وجد ما يكفيه للغسل انتقض ما هو بدل عنه خاصّة وإن أمكنه الوضوء به، فلو فقد الماء بعد ذلك أعاد التيمّم بدلاً عن الغسل خاصّة على إشكال في الاستحاضة المتوسطة.

مسألة 386: إذا وجد جماعة متيمّمون ماء مباحاً لا يكفي إلا لأحدهم، فإن تسابقوا إليه جميعاً ولم يسبق أحدهم، لم يبطل تيمّمهم، وإن سبق واحد بطل تيمّم السابق، وإن لم يتسابقوا إليه، بطل تيمّم الجميع، وكذا إذا كان الماء مملوكاً وأباحه المالك للجميع، وإن أباحه لبعضهم، بطل تيمّم ذلك البعض لا غير([36]).

مسألة 387: حكم التداخل الذي مرّ سابقاً في الأغسال يجري في التيمّم أيضاً، فلو كان هناك أسباب عديدة للغسل، يكفي تيمّم واحد عن الجميع، وحينئذ فإن كان من جملتها الجنابة، لم يحتج إلى الوضوء أو التيمّم بدلاً عنه، وإلا وجب الوضوء، أو تيمّم آخر بدلاً عنه إذا كان محدثاً بالأصغر أيضاً، أو كان من جملتها غسل الاستحاضة المتوسّطة.

مسألة 388: إذا اجتمع جنب، ومحدث بالأصغر، وميّت، وكان هناك ماء لا يكفي إلا لأحدهم، فإن كان مملوكاً لأحدهم تعيّن صرفه لنفسه، وإلا فالمشهور أنّه يغتسل الجنب، وييمّم الميت، ويتيمّم المحدث بالأصغر، ولكن تعيّن صرفه في الجنب لا يخلو عن إشكال.

مسألة 389: إذا شكّ في وجود حاجب في بعض مواضع التيمّم فحاله حال الوضوء والغسل في وجوب الفحص حتى يحصل اليقين أو الاطمئنان بالعدم([37]).

____________________________

([1]) الأقرب كفاية الوضع على الأرض مع تحقق العلوق (على وفق ما احتطنا به سابقاً)، وإن كان الضرب هو الأحوط استحباباً. ولعلّ الضرب جاء في سياق تحقيق العلوق ـ لا بعنوانه ـ فتأمّل جيّداً.

([2]) بل هو الأحوط استحباباً.

([3]) على الأحوط وجوباً.

([4]) إنّ مقاربة النصوص مع بعضها على تنوّعها، ثمّ مقارنتها بالآية الكريمة، يفضيان إلى القول بكفاية مسح بعض الوجه مطلقاً بحيث يصدق عرفاً أنّه مسح بعضاً من وجهه، بلا فرق بين كون هذا البعض هو الجبهة أو الجبينين أو ما يشمل الحاجبين أو غير ذلك، لكنّ الأحوط وجوباً أن لا يكتفي بمجرّد مسح الوجنتين أو الذقن أو ما شابه ذلك. وهكذا الحال في اليدين فالقدر المتيقّن اللازم هو إلى الكفين. وبهذا يظهر أنّ ما ذهب إليه الكثير من فقهاء الأحناف والشافعيّة من لزوم مسح اليدين إلى المرفقين، غيرُ واضح، فالأصحّ ما ذهب إليه الإماميّة والمالكية والحنابلة من كفاية مسح الكفين إلى الزندين، فإنّه القدر المتيقّن من الوجوب.

([5]) هنا أمور: أولاً: مسح ظاهر الكفّ ـ دون سائر أجزاء اليد ـ هو الأحوط وجوباً. ثانياً: تقديم مسح اليمنى على اليسرى لا دليل عليه، فيمكن العكس. ثالثاً: الأحوط استحباباً زيادة المسح فوق الكفّ بقليل، لورود بعض النصوص الآحاديّة في ذلك.

([6]) قد تقدّم الحديث في المقدار الممسوح من الوجه، والحقّ مع الماتن في الماسح بشكل يصدق عليه عرفاً أنّه مسح بيده.

([7]) وهو كذلك مع تحقّق صدق أنّه مسح يديه بالصعيد بناء على شرط العلوق وشرط المسح بالصعيد، وإلا فمقتضى الاحتياط الوجوبي هو التعدّد بحيث يتحقّق ذلك وفق ما قلناه سابقاً، بلا فرق في ذلك بين التيمّم بدلاً عن الوضوء أو الغسل. وبهذا يظهر عدم صحّة ما ذهب إليه العديد من فقهاء الإماميّة والشافعيّة والأحناف من لزوم الضربتين.

([8]) بل الأحوط استحباباً الأخذ بهذه الكيفيّة خاصّة دون غيرها.

([9]) مراعاة الاحتياطات الممكنة هنا مبنيّةٌ على الاحتياط الوجوبي.

([10]) هذا هو الأقوى، فطهارة أعضاء التيمّم ليست بشرط ما لم يلزم صيرورة المتيمَّم به خبيثاً، ومنه يظهر الموقف من حالة التعدّي وغيرها التي ذكرها الماتن.

([11]) أصل مسألة الحائل تخضع لما قلناه في مسألة الحاجب في الوضوء، فراجع.

([12]) إذا استوعب الحائل تمام باطن الكفّ بحيث لم يعد يصدق عرفاً أنّه مسح بباطن كفّه، ففي هذه الحال يتمّ الانتقال إلى الظاهر وفق الاحتياط الذي ذكرناه آنفاً، وإلا كفى المسح ببعض الباطن كما قلنا سابقاً.

([13]) لا دليل على شرط قصد البدليّة لا عن الوضوء ولا عن الغسل، فيمكنه الإتيان بالتيمّم بدون قصد ذلك، فالمهم تحقّق فعل التيمّم منه في محلّه. والظاهر أنّ الماتن لا يقصد سوى أنّ المحدث بالأصغر عليه تيمّم، والمحدث بالجنابة عليه تيمّم، والمحدث بغير الجنابة عليه تيمّمان، لا أنّه يريد بيان قصد البدليّة هنا؛ لما سيأتي منه في المسألة رقم: 369، فالعبارة موهمة.

([14]) هذا مبنيٌّ على إغناء غير غسل الجنابة عن الوضوء، ولما لم يثبت عندنا فإنّ عليه الوضوء هنا، فإن لم يقدر على الوضوء بعد الغسل، تيمّم للوضوء، وقد تقدّم الحديث عن ذلك كلّه في غسل الجنابة، فراجع.

([15]) قد قلنا في بحث الوضوء والأغسال أنّه لا يشترط في الطهارات الثلاث النيّة ولا قصد القربة وبيّنّا وجهه، فراجع.

([16]) لم يثبت أنّ الضرب على الأرض أو وضع اليدين من أفعال التيمّم، والقرآن واضح في أنّ التيمم مسح الوجه واليدين لا غيره. وذاتُ قصد الصعيد الطيّب لا شكّ أنّه ليس عباديّاً بل مقدّمة لفعل العبادة لو كان التيمم عباديّاً، والنصوص الحديثيّة الموثوقة الصدور لا يُفهم منها تقييد، فإنّ الضرب أو الوضع لا محالة لا يمكن بيان التيمّم بدونه عادةً، تماماً كما غسل الوجه في الوضوء لا يمكن أن يحدث في الوضوء الترتيبي إلا عبر أخذ غرفة من الماء بيده، مع أنّ أخذ الغرفة ليس من أفعال الوضوء نفسه، وغالبُ النصوص هنا بيانٌ لفعل الإمام، وهو لا يصلح لتقييد مفاد ظاهر النصّ القرآني، وما فيه بيانٌ لفظي أو نحوه قليل العدد جداً ضعيف الإسناد على التحقيق، وعليه فلو قلنا بشرط النيّة في التيمّم فالأقرب أنّه يكفي النيّة ابتداءً من المسح على الوجه، دون ما قبل ذلك، فلو ضرب بيديه على التراب لا بقصد التيمّم، ثم بدا له بعد لك فوراً أن يتيمّم، كفاه ما فعل في البدء بمسحِ وجهه.

([17]) ما أفاده من عدم اشتراط قصد البدليّة هو الصحيح، أمّا باقي المسألة فهو مبنيٌّ على شرط النيّة، وقد علّقنا عليه. وعلى تقدير التسليم بشرط النيّة فما ذكره الماتن من ضرورة التعيين في حال التعدّد هو الصحيح.

([18]) الأقرب أنّه لا تشترط المباشرة، بمعنى أنّه يمكن أن ييمّمه غيره، لا أن يتيمّم غيره عنه فهذا غير مشروع، كما أنّه لا تشترط الموالاة إلا بمعنى عدم صدق عنوان التيمّم على أفعاله لو كان الفاصل كبيراً بحيث لا يصدق في مورده عنوان الوحدة العرفيّة للفعل (أي لا يقول العرف: إنّه تيمّم بوصف التيمّم فعلاً واحداً قائماً بنفسه مدعوّاً إليه). وقد تقدّم في باب الوضوء الحديث عن شرط المباشرة والموالاة بما ينفع هنا، فلا نعيد.

([19]) وفاقاً للإمامية والشافعيّة، وخلافاً لما ذهب إليه الكثير من فقهاء الأحناف والمالكيّة من كون الترتيب مستحبّاً غير واجب، وخلافاً أيضاً لما ذهب إليه العديد من فقهاء الحنابلة من أنّ التيمم الذي يكون بدل الوضوء يلزم فيه الترتيب، وأمّا التيمّم في مورد الحدث الأكبر فلا يجب فيه الترتيب؛ فإنّه لا يوجد دليل في التيمّم ينزّله من جميع النواحي منزلة الوضوء أو الغسل، بل المفهوم من دليل البدلية قيامه مقامه في ترتيب الآثار عليه لا في بيان الكيفيّة والشروط وما شابه ذلك.

([20]) لا دليل معتبراً عليه، وقد تقدّم الحديث عنه في الوضوء، فراجع.

([21]) وقد تقدّم التعليق على ذلك كلّه في الوضوء، كما تقدّم الحديث عن شرط إمرار الماسح على الممسوح هناك، فراجع.

([22]) قد تقدم الحديث عن الحاجب وأمثاله، وعن الشعر النابت ونحوه، وذلك في بحث الوضوء، فراجع.

([23]) بالمعنى الذي قلناه آنفاً للموالاة المشتَرَطَة، لا مطلقاً.

([24]) قد تقدم الحديث عن الحاجب وأمثاله في الوضوء، فراجع. والمراد هنا الخاتم الذي في اليد الممسوحة دون الماسحة، وإلا فلا إشكال فيه قطعاً.

([25]) استحباباً.

([26]) يقع التيمّم صحيحاً، وأمّا نفس التصرّف فهو حرام لو صدق عرفاً أنّه تصرّف في المغصوب.

([27]) قد قلنا في الوضوء بأنّه لو لم يدخل في شيءٍ آخر لكن صدق عرفاً أنّه فرغ من التيمّم، كفى في تحقيق موضوع قاعدة الفراغ، حتى لو لم يدخل في الأمر المترتّب عليه كالصلاة، فراجع.

([28]) بل يجوز مع إحراز موضوع الحكم بالتيمّم في الوقت، بمعنى أنّه لو كان موضوع الحكم ـ وهو فقدان الماء مثلاً ـ متحقّقاً طيلة الوقت، وعلم بذلك المكلّف أو قامت عنده حجّة معتبرة، فإنّه يمكنه قبل الوقت أن يتيمّم للصلاة، ولا إشكال في ذلك، والأوضح منه أن يتيمّم لغايةٍ أخرى ـ كالكون على طهارة مثلاً ـ ثم يدخل الوقت، ويكون موضوع التيمّم متحقّقاً في الوقت، فإنّه يجوز له الصلاة بالتيمّم السابق. وبهذا ظهر أقربيّة ما ذهب إليه بعض فقهاء الأحناف هنا من عدم اشتراط كون التيمّم بعد دخول الوقت. وظهر أيضاً عدم صحّة ما ذهب إليه العديد من فقهاء المالكيّة من أنّه لو تيمّم وفصل بين تيمّمه وصلاته فاصلٌ زمني معتدّ به بطل تيمّمه، حتى لو وقع تيمّمه داخل الوقت، فإنّه لا دليل معتبراً على بطلان تيمّمه في هذه الحال.

([29]) ولم ينتقض التيمّم السابق بتحقّق الحدث منه.

([30]) الأقرب أنّه يجب عليه تيمّمٌ بدل الوضوء، لا أنّ تيمّمه بدلَ الغسل يكون منتقضاً.

([31]) لا فرق بين التيمّم الذي يقع بدلاً عن غسل الجنابة أو غيرها في أنّه لا يتمّ نقضه بالحدث الأصغر، غايته أنّ المنتقَض بالحدث الأصغر هوالوضوء الذي أتى به إلى جانب غسل غير الجنابة ـ بناء على عدم إجزاء غسل غير الجنابة عن الوضوء كما هو الصحيح ـ فلو أتى بتيمّمٍ بدل الغسل وبتيمّم آخر بدل الوضوء، فأحدث بالأصغر، انتقض تيمّمه الثاني الذي كان بدل الوضوء لا غير، فيلزمه تيمّمٌ قائم مقام الوضوء.

([32]) الأقرب الجواز وإن كان الأحوط استحباباً تجنّبه، فإنّه حيث يوجد للوضوء بدلٌ وهو التيمّم، فنحن لا نعرف كم هو المقدار الذي فات من الملاك بلا بدل، ولعلّ المقدار ليس بحيث يكون قبيحاً تفويته عقلاً، ومن أين للعقل إحراز القبح التام، وهو لا يعرف الموضوع؟! نعم إذا لم يكن لديه ما يتيمّم به فإنّ إراقة الماء غير جائزة بحكم العقل؛ لأنّ في ذلك تفويتاً كاملاً لملاك الطهارة، وبخاصّة على القول بسقوط الصلاة في مورد فاقد الطهورين كما رجّحناه آنفاً، فيتحقّق أيضاً تفويت مصلحة الصلاة. والعرفُ والعقلاء يحكمون بأنّ هذا الشخص هنا لم يحافظ على الصلاة، فلم يعمل بما هو مأمورٌ به في القرآن الكريم من الحفاظ على الصلوات.

([33]) الأقرب الجواز وإن كان الأحوط استحباباً تجنّبه.

([34]) هذه الأمثلة سبق أن علّقنا عليها وناقشنا فيها، وذلك في كلّ من الوضوء وغسل الجنابة، فراجع حتى لا نعيد.

([35]) على الأحوط وجوباً. وهذا غير ما ذهب إليه العديد من فقهاء الحنابلة من أنّ خروج وقت الصلاة بنفسه موجبٌ لبطلان التيمّم، فكأنّ التيمّم للصلاة ينتهي بانتهاء وقتها، وقد ظهر مما تقدّم وسيأتي عدم صحّة ذلك أيضاً.

([36]) هذا النوع من مقاربة المسائل لا يبدو وافياً بالمنظور العرفي للنصوص، فالتفصيل بين التسابق وغيره تدقيقٌ غير عرفي، والمسألة ليست تقاس بالثانية الواحدة والثانيتين حتى يسقط التيمّم، بل العبرة بالنتيجة المتحصّلة عرفاً، فلو تسابقوا وسبق واحد فأخذه، صدق أنّه واجد للماء فلم يعد يكفيه التيمّم للآتي، وصدق أنّ البقية غير واجدين للماء، فيبقى تيمّمهم على حاله. ولو لم يتسابقوا أصلاً أو تسابقوا ووصلوا جميعاً أو لم يتسابقوا لكن علموا بأنّهم لو تسابقوا لوصلوا جميعاً أيضاً دون أن يسبق أحدٌ منهم الآخر، فإنّ العرف لا يرى أنّ كلّ واحدٍ منهم مصداق لعنوان الواجد للماء ما دام التزاحم ما زال قائماً بينهم. نعم يمكن فرض صور أخرى لهذه المسائل وتشقيقات، من نوع أنّ تيمّم أحدهم كان بدلاً عن الغسل، والآخر بدلاً عن الوضوء، فوجدوا مقداراً يمكن الوضوء به دون الغسل، فإنّه لا يبطل تيمّم من تيمّم بدلاً عن الغسل فيما يبطل تيمّم الآخر، وكذا لو كان أحدهم بحيث لا يمكنه أداء الوضوء إلا خلال خمس دقائق؛ نظراً لحالته الصحيّة، بينما الآخر يمكنه ذلك في دقيقة واحدة، فلو عثروا على الماء لوضوء واحد ولم يبقَ من الوقت إلا خمس دقائق، فإنّ الذي لا يمكنه تكويناً الصلاة في الوقت لكونه لا يقدر تكويناً على إنهاء الوضوء قبل انتهاء الوقت، يظلّ تيممه السابق قائماً، بخلاف الثاني، وكذا لو وجدوا ماء مملوكاً لواحدٍ منهم بالخصوص فإنّه يصدق عليه أنّه وجد الماء دونهم، حيث لا يعطيهم الإذن في التصرّف، وهكذا. ومنه يظهر الحال في مسألة إباحة المالك التي أشار لها الماتن.

([37]) وقد تقدّمت هذه الجوانب المرتبطة بأحكام الحاجب في الوضوء، فراجع.