التعليقة على منهاج الصالحين (كتاب الطهارة ـ أحكام التخلّي)
حيدر حبّ الله
هذه تعليقة فقهيّة مختصرة على كتاب منهاج الصالحين للسيّد الخوئي، لم تُكتب بقصد عمل الآخرين بها، بل بقصد اطلاع الباحثين والمهتمّين، والله الموفّق والمعين
(12 ـ 1 ـ 2024م)
المبحث الثاني
أحكام الخلوة
وفيه فصول
الفصل الأول
أحكام التخلّي([1])
يجب([2]) حال التخلّي، بل في سائر الأحوال، ستر([3]) بشرة([4]) العورة ـ وهي القبل والدبر والبيضتان([5]) ـ عن كلّ ناظر مميّز([6]) عدا الزوج والزوجة، وشبههما كالمالك ومملوكته، والأمة المحلّلة بالنسبة إلى المحلّل له([7])، فإنّه يجوز لكلّ من هؤلاء أن ينظر إلى عورة الآخر([8])، نعم إذا كانت الأمة مشتركة، أو مزوّجة، أو محلّلة، أو معتدّة، لم يجز لمولاها النظر إلى عورتها. وفي حكم العورة ما بين السرّة والركبة على الأحوط([9]). وكذا لا يجوز لها النظر إلى عورته.
ويحرم([10]) على المتخلّي استقبال القبلة واستدبارها حال التخلّي، ويجوز حال الاستبراء والاستنجاء، وإن كان الأحوط استحباباً الترك. ولو اضطرّ إلى أحدهما فالأقوى التخيير، والأولى اجتناب الاستقبال([11]).
مسألة 55: لو اشتبهت القبلة لم يجز له التخلّي([12])، إلا بعد اليأس عن معرفتها، وعدم إمكان الانتظار، أو كون الانتظار حرجيّاً أو ضرريّاً.
مسألة 56: لا يجوز النظر إلى عورة غيره([13]) من وراء الزجاجة ونحوها، ولا في المرآة، ولا في الماء الصافي([14]).
مسألة 57: لا يجوز التخلّي في ملك غيره إلا بإذنه ولو بالفحوى.
مسألة 58: لا يجوز التخلّي في المدارس ونحوها ما لم يعلم بعموم الوقف([15]). ولو أخبر المتولّي، أو بعض أهل المدرسة بذلك كفى([16])، وكذا الحال في سائر التصرّفات فيها.
الفصل الثاني
كيفيّة غسل موضع البول
يجب([17]) غسل موضع البول بالماء القليل مرّتين على الأحوط وجوباً([18])، وفي الغسل بغير القليل يجزئ مرّة واحدة على الأظهر، ولا يجزئ غير الماء([19]).
وأما موضع الغائط فإن تعدّى المخرج تعيّن غسله بالماء كغيره من المتنجّسات([20])، وإن لم يتعدّ المخرج تخيّر بين غسله بالماء حتى ينقى ومسحه بالأحجار([21])، أو الخرق، أو نحوهما من الأجسام القالعة للنجاسة([22]). والماء أفضل، والجمع أكمل([23]).
مسألة 59: الأحوط ـ وجوباً([24]) ـ اعتبار المسح بثلاثة أحجار أو نحوها، إذا حصل النقاء بالأقلّ.
مسألة 60: يجب أن تكون الأحجار أو نحوها طاهرة([25]).
مسألة 61: يحرم الاستنجاء بالأجسام المحترمة([26])، وأمّا العظم والروث، فلا يحرم الاستنجاء بهما، ولكن لا يطهر المحلّ به على الأحوط([27]).
مسألة 62: يجب في الغسل بالماء إزالة العين والأثر([28])، ولا تجب إزالة اللون والرائحة، ويجزئ في المسح إزالة العين، ولا تجب إزالة الأثر الذي لا يزول بالمسح بالأحجار عادةً([29]).
مسألة 63: إذا خرج مع الغائط أو قبله، أو بعده، نجاسة أخرى مثل الدم، ولاقت المحلّ لا يجزئ في تطهيره إلا الماء([30]).
الفصل الثالث
مستحبّات التخلي
يستحبّ للمتخلي - على ما ذكره العلماء رضوان الله تعالى عليهم ـ أن يكون بحيث لا يراه الناظر ولو بالابتعاد عنه، كما يستحبّ له تغطية الرأس والتقنّع وهو يجزئ عنها، والتسمية عند التكشف، والدعاء بالمأثور، وتقديم الرجل اليسرى عند الدخول، واليمنى عند الخروج، والاستبراء، وأن يتكئ - حال الجلوس - على رجله اليسرى، ويفرج اليمنى([31]). ويكره الجلوس في الشوارع، والمشارع، ومساقط الثمار، ومواضع اللعن: كأبواب الدور ونحوها من المواضع التي يكون المتخلي فيها عرضة للعن الناس، والمواضع المعدة لنزول القوافل([32])، واستقبال قرص الشمس أو القمر بفرجه، واستقبال الريح بالبول، والبول في الأرض الصلبة، وفي ثقوب الحيوان([33])، وفي الماء خصوصاً الراكد([34])، والأكل والشرب حال الجلوس للتخلي([35])، والكلام بغير ذكر الله([36])، إلى غير ذلك مما ذكره العلماء رضوان الله تعالى عليهم.
مسألة 64: ماء الاستنجاء طاهر على الأقوى([37])، وإن كان من البول، فلا يجب الاجتناب عنه ولا عن ملاقيه، إذا لم يتغيّر بالنجاسة، ولم تتجاوز نجاسة الموضع عن المحلّ المعتاد، ولم تصحبه أجزاء النجاسة متميّزةً([38])، ولم تصحبه نجاسة من الخارج أو من الداخل، فإذا اجتمعت هذه الشروط كان طاهراً، ولكن لا يجوز الوضوء به على الأحوط([39]).
الفصل الرابع
كيفيّة الاستبراء
كيفيّة الاستبراء من البول، أن يمسح من المقعدة إلى أصل القضيب ثلاثاً، ثم منه إلى رأس الحشفة ثلاثاً، ثم ينترها ثلاثاً([40]).
وفائدته طهارة البلل الخارج بعده إذا احتمل أنّه بول، ولا يجب الوضوء منه، ولو خرج البلل المشتبه بالبول قبل الاستبراء وإن كان تركه لعدم التمكن منه، أو كان المشتبه مردّداً بين البول والمني بنى على كونه بولا، فيجب التطهير منه والوضوء([41])، ويلحق بالاستبراء - في الفائدة المذكورة - طول المدة على وجه يقطع بعدم بقاء شيء في المجرى.
ولا استبراء للنساء([42])، والبلل المشتبه الخارج منهنّ طاهر لا يجب له الوضوء. نعم الأولى للمرأة أن تصبر قليلاً وتتنحنح وتعصر فرجها عرضاً ثم تغسله([43]).
مسألة 65: فائدة الاستبراء تترتب عليه ولو كان بفعل غيره.
مسألة 66: إذا شكّ في الاستبراء أو الاستنجاء بنى على عدمه، وإن كان من عادته فعله([44])، وإذا شك من لم يستبرئ في خروج رطوبة بنى على عدمها، وإن كان ظانّاً بالخروج.
مسألة 67: إذا علم أنّه استبرأ أو استنجى، وشكّ في كونه على الوجه الصحيح بنى على الصحّة([45]).
مسألة 68: لو علم بخروج المذي، ولم يعلم استصحابه لجزء من البول بنى على طهارته، وإن كان لم يستبرئ.
___________________________
([1]) لعلّ وضع باب التخلّي في قسم المطهّرات وما يلحق بها أنسب؛ لأنّ عمدة البحث فيه يتناسب مع كونه أقرب لمفهوم التطهير منه لمفهومٍ آخر، وإن كان وضعه قبل الوضوء له نحو تناسبٍ أيضاً، من حيث كونه مما يحصل معه نواقض الوضوء.
([2]) على الأقوى بين غير المتماثلين مطلقاً، وعلى الأحوط وجوباً في المتماثلين، كالرجل مع الرجل والمرأة مع المرأة، في غير ما يكون ـ نوعاً ـ موجباً للشهوة أو خوف الوقوع في الفتنة، كما في حالات العلاج الطبي ونحو ذلك.
هذا، وأمّا النهي عن دخول الحمامات بغير مئزر بدعوى أنّه دالّ على وجوب ستر العورة، فهو ـ مضافاً لوجود النهي عن التعرّي بدون مئزر في مواضع أخر لا وجود فيها للناس معلّلةً بالجنّ أو بمخلوقات أخرى ـ ممّا يفرض علينا دراسة وضع الحمامات في العصر الأموي والعباسي، فإنّ ظاهرة الحمّامات العامّة لم يكن لها وجود في العصر النبويّ ولا بين العرب قبل الإسلام، وقد عرفها المسلمون ـ فيما يبدو ـ بعد فتح بلاد الشام، والظاهر أنّها جاءتهم من التراث المسيحي البيزنطي الذي كانت الحمامات فيه في أوروبا معروفة، من هنا قد يفهم من بعض الإشارات التاريخيّة ما يجعلنا نحتمل بقوّة أنّ الحمامات كانت موضعاً محتملاً للفاحشة، وأنّ التعرّي فيها مدعاة للواط وغيره، بل يبدو من بعض زخارف بعض الحمامات القديمة ما يوحي بذلك، ويظهر أنّ الحمامات كانت تحتوي في العصر الأموي والعباسي على الموسيقى ومظاهر الترفيه.. ربما لهذا كلّه حاول الأئمّة والعلماء محاربة ظواهر الفساد ومناشئه في الحمامات في تلك الفترة والحدّ من ذلك عبر الأمر بالستر تارةً، بل وفي بعض النصوص الحديثية الإسلاميّة ما يفيد كراهة الذهاب للحمام أصلاً، والتعليل بأنّه مُذهِب للحياء، بل حرّمه بعض فقهاء الإسلام القدامى لغير ضرورة، فليس من الواضح أنّ الأمر بالاتّزار في الحمامات مرجعه لمطلق حرمة كشف العورة، بل يحتمل جدّاً كونه حكماً تحفّظياً للحيلولة دون جعل الحمامات مكاناً للرذيلة، فيصعب الاستناد إليه بعد افتقاده إلى تعبير العورة وسترها كما هو واضح.
وأمّا روايات أنّ عورة المؤمن على المؤمن حرام، فهي قابلة للنقاش من جهات، ولا أقلّ من وجود روايات بعضها معتبر الإسناد ـ على المشهور في الحدّ الأدنى ـ تفسّر هذه الروايات بالنهي عن إذاعة سرّ المؤمن، وكأنّها تنفي أنّه أُريدَ بها المعنى المادّي البدني للعورة.
وأمّا دعوى الإجماعات والشهرات والضرورات فجوابها معلوم، كما أنّه أوّل الكلام كون ذلك من الإلزامات العرفيّة في عصر النصّ في حدود القيود التي ذكرناها، بحيث يُفهم منه ـ بالإمضاء ـ الإلزامُ الشرعيّ، بل لو تمّ فلا يحرز الإمضاء، بمعنى بيان حكم شرعي، لما قلناه في مباحث شمول الشريعة، فراجع، وعلى أيّة حال، فالمسألة مشكلة وتحتاج لتوسّع أكبر، فالاحتياط لا يُترك.
([3]) المراد من الستر هنا كلُّ ما يمنع رؤية العورة ولو كان هو الظُلمة.
([4]) ذكرُ الماتنِ للبشرة جاء في مقابل مثل الحجم، حيث لا دليل على حرمة كشف أو النظر لحجم العورة بعنوانه دون رؤية البشرة.
([5]) العورة (بالمعنى الأخصّ) في الفقه الإسلامي عنوانٌ تلحقه أحكام عديدة، ومن بينها حرمة النظر إليها ولو بالنسبة للمماثل أو للمحارم، مع استثناء مثل حالة علاقة الزوجيّة. وقد بحث الفقهاء المسلمون عن تحديد معنى العورة التي تترتّب عليها الأحكام، فذهب فريق إلى أنّها القُبُل والدبر والبيضتان، ومن ثمّ فليست الأليتان من العورة ولا الفخذين ولا العانة ولا نحو ذلك. لكنّ فريقاً آخر قال بأنّ العورة هو ما تقدّم لكن منها أيضاً أو يلحقها في الحكم ما بين السرّة والركبة، فتترتب على هذه المساحة من الجسد أحكام العورة، فإذا قلنا مثلاً بحرمة نظر الأخ لعورة أخته شمل ذلك الفخذين، وإذا قلنا بوجوب ستره لعورته أمامها، كان الحكم كذلك وهو وجوب ستر الفخذين، وإذا قلنا بالتفصيل في مفهوم العورة بالمعنى الأخصّ بين الرجل والمرأة كان الحكم كذلك، وهكذا.
وفي العصر الحديث مال الفقهاء لما هو المشهور من اختصاص العورة بالقبل والدبر والبيضتين، ومنهم: السيد أبو الحسن الإصفهاني، والسيد محسن الحكيم، والسيد روح الله الخميني، والسيد محمّد باقر الصدر، والسيد محمد رضا الگلپايگاني، والشيخ محمّد أمين زين الدين، والسيد علي السيستاني، والسيد محمّد صادق الروحاني، والشيخ الوحيد الخراساني، والشيخ لطف الله الصافي، والسيد محمّد حسين فضل الله، والشيخ يوسف الصانعي، والسيد محمد سعيد الحكيم، والشيخ فاضل اللنكراني، والشيخ محمّد تقي بهجت، وغيرهم. واحتاط وجوباً فيما بين السرّة والركبة السيدُ أبو القاسم الخوئي (وفي بعض كلماته نوع تفصيل)، ومثله السيد محمّد الروحاني، والسيد محمود الهاشمي. بل أفتى الشيخ محمّد إسحاق الفياض بكون ما بين السرّة والركبة بحكم العورة. هذا واحتاط بعضٌ ـ مثل السيد محمّد محمّد صادق الصدر ـ في خصوص العجان، وهو ما بين القبل والدبر، أمّا غير ذلك مما بين السرّة والركبة فظاهره عدم لحوق حكم العورة له.
والأقرب أنّ المقدار المتيقّن من العورة هو القبل والدبر في الرجل والمرأة، ويدخل في القبل عند الرجل القضيب والبيضتان، وعند المرأة الفرج والشفران، وأمّا الدبر فهو الحلقة فقط، دون الأليتين. أمّا ما هو أزيد من ذلك فلا دليل على دخوله في عنوان العورة بحيث تترتّب عليه أحكامها الخاصّة. نعم مقتضى الاحتياط الاستحبابي هو ترتيب أحكام العورة على ما بين السرّة والركبة. بل قد دلّت جملة من النصوص بشكلٍ صريح على خروج الأليتين وأمثالهما من حدود العورة وإن كانت هذه الروايات ضعيفة الإسناد. وأمّا ما دلّ على التوسّع فهو روايات قليلة جدّاً لا تزيد عن أصابع اليد الواحدة، ضعيفة إسناداً أو دلالةً، معارضة بما يوجب فقدان الوثوق بمفادها، بناء على مسلك الوثوق، على ما هو الصحيح. والتفصيل في محلّه.
([6]) إذا كان إنساناً بالغاً عاقلاً، أمّا المميّز غير البالغ فالحكم فيه مبنيٌّ على الاحتياط، ما لم يلزم من النظر إلى عورته أو كشف العورة أمامه مفسدة مثل التوهين أو إثارة الغرائز أو نحوهما، فيحرم.
([7]) بناءً على شرعيّة التحليل؛ فإنّ هذا الحكم يجب تقييده بما إذا كان النظر مشمولاً لمساحة التحليل المعطاة من قبل المالك.
([8]) كما يجوز له كشفها أمامه، بل الأنسب أن يعبّر الماتن بالكشف هنا؛ لأنّ الموضوع في مطلع حديثه كان عن الستر.
([9]) استحباباً.
([10]) بل يجوز مطلقاً في الأبنية وخارجها، وفي الصحاري وغيرها، وإن كان مكروهاً. كما لا يحرم استقبال ولا استدبار بيت المقدس، رغم ورود رواية في بعض المصادر السنيّة حوله. ويبدو أنّ الرأي المشهور بين الإماميّة هو القول بحرمة استقبال القبلة واستدبارها حال التخلّي (قضاء الحاجة) مطلقاً. فيما ذهب الكثير من فقهاء أهل السنّة إلى التمييز بين التخلّي في الأبنية والتخلّي في الصحاري وأمثالها من المناطق المكشوفة، بالترخيص في الأوّل (البنيان) والتحريم في الثاني (المناطق المكشوفة). وقد بلغت الأقوال في هذه المسألة بين مذاهب المسلمين ما يقارب السبعة. كما ذهب عددٌ من الفقهاء لكراهة استقبال القبلة واستدبارها حال الجماع. غير أنّ فقهاء الإماميّة أخذوا منذ زمن السيد محمّد العاملي (1009هـ)، صاحب المدارك.. أخذوا يتداولون القول بكراهة استقبال واستدبار القبلة حال التخلّي رغم بقاء مشهورهم على الحرمة، إلى أن وصل الأمر إلى العصر الحديث، حيث بنى العديد من الفقهاء المعاصرين والمتأخّرين منهم الحكمَ على الاحتياط الوجوبي دون الفتوى، ومن هؤلاء: السيد محمّد باقر الصدر في تعليقته على منهاج الصالحين، والسيد محمّد الروحاني، والسيّد علي السيستاني، والشيخ محمد إسحاق الفياض، وغيرهم. فيما جعل بعضٌ آخر القضيّة بنحو الاحتياط الاستحبابي فقط، ومنهم السيد محمّد حسين فضل الله، بل قد اختار الكراهة صريحاً السيد محمد سعيد الحكيم، وهو ـ أي الكراهة غير التحريميّة ـ المنسوب للعديد من فقهاء الزيديّة أيضاً.
ويُعدّ الإجماع والسيرة من أبرز الأدلّة التي اعتمدها جمعٌ من علماء الإماميّة المتأخّرين للقول بالتحريم، ومنهم السيد الخوئي والسيد تقي القمي، إذ الروايات تعاني عندهم من مشاكل حقيقيّة جوهريّة في أسانيدها، بل حتى عند بعضهم في دلالاتها أيضاً.
هذا كلّه في التخلّي، وأمّا الجماع فلا حرمة في الاستقبال ولا الاستدبار حاله، وإن كان الأفضل تجنّبهما.
([11]) إذا قلنا بحرمة الاستقبال فقط دون الاستدبار فالمتعيّن هنا هو اختيار الاستدبار، وهذا واضح، والعكس صحيح؛ أمّا لو قلنا بأنّهما محرمّان معاً، فإنّ القول بالتخيير هو المتعيّن، ولا موجب لأولويّة تجنّب الاستقبال؛ إذ بعد عموميّة الدليل لا مبرّر موضوعيّاً لفرض احتمال أهميّة حرمة الاستقبال.
([12]) على الأحوط وجوباً، إلا إذا وقع منه التخلّي إلى تمام الجهات المحتملة فيكون محرّماً على الأقوى، هذا لو قلنا بحرمة استقبال القبلة حال التخلّي، وإلا ـ كما هو الأقرب ـ فجائزٌ مطلقاً.
([13]) ممن يحرم النظر إلى عورته بالمباشرة.
([14]) بل ولا في الصور الفوتوغرافية وغيرها، ولا في التلفاز ونحوه، بلا فرق بين الصورة المتحرّكة وغيرها، وبين البثّ المباشر وغيره.
([15]) ولو كان يجوز له قبل الوقف ـ لسببٍ أو لآخر ـ أن يتصرّف فيها، ثمّ شكّ بعد تحقّق الوقف في أنّه هل كان الوقف عامّاً أو غير عامّ، فيجوز له هنا حتى يثبت عدم عموميّة الوقف له. وأيضاً لو علم أنّ الوقف خاصّ بطلاب هذه المدرسة الذين ليس هو منهم، لكنّ الواقف والمتولّي لم يمنعا من تخلّي غيرهم في المرافق الصحيّة لهذه المدرسة، جاز؛ لأنّ خصوصيّة الوقف لا تلازم دائماً منع الآخرين من الاستفادة، لكنّ هذا مشروط بعدم مزاحمة الموقوف عليهم.
([16]) على تقدير الوثوق من قولهما أو كان لهما يد على المدرسة. وكذا لو قامت قرينة على ذلك توجب الوثوق أو تكون بمثابة الحجّة المعتبرة كجريان العرف والعادة بين الناس المتشرّعين بما يوجب الوثوق بكون الوقف عامّاً.
([17]) وجوب تطهير موضعَي البول والغائط شرطيٌّ مقدَّمي. كما أنّ الاستنجاء ـ بمعناه العام ـ خاصّ بكونه من خروج البول أو الغائط، ولا يشمل النوم أو الريح أو غيرهما، كما نصّت على ذلك الروايات وكلمات الفقهاء أيضاً.
([18]) استحباباً، وتكفي المرّة الواحدة مع استيعاب المحلّ وانفصال الماء، بلا فرقٍ في ذلك بين الرجل والمرأة.
([19]) على تقدير زوال القذارة العرفيّة يكون هذا الحكم مبنيّاً على الاحتياط الوجوبي، وكذا الحال في استعمال الماء المضاف.
([20]) التعدّي تارةً يكون بمعنى وصول أجزاء من الغائط للرِّجل أو ما شابه ذلك، فهنا يلزم التطهير على قواعد التطهير، وأخرى يتعدّى بمعنى لا يكون كالمعتاد لكن تظل النجاسة موجودة في محيط الدبر، فهنا لا يُشترط الماء، بل يكفي الأحجار وأمثالها. والمدار هنا هو أنّ بقاء النجاسة في محيط المخرج مشمول لأدلّة الاستنجاء، أمّا لو كانت النجاسة قد لامست شيئاً آخر بحيث يكون تطهيره لا يعدّ عرفاً من الاستنجاء، لم يكن مشمولاً لأدلّته، فيلزم إجراء أدلة التطهير الأخرى الشاملة له.
([21]) ويسمّى في هذه الحال بالاستجمار، من الجمرات وهي الأحجار.
([22]) بل لا يشترط الجسميّة، فلو أمكن إزالة العين عبر أيّ تقنيّة أخرى ـ عرفها البشر اليوم أو لم يعرفوها بعد ـ كفى.
([23]) أكمليّة الجمع هنا ليست حكماً شرعيّاً بنفسها؛ لضعف المستند، بل محاولة احتياطيّة لا أكثر.
([24]) بل استحباباً، خلافاً لجمعٍ من فقهاء الإمامية والشافعيّة والحنابلة. كما أنّه لا وجه معتبراً لتمييز بعضهم بين الأحجار، فيلزم فيها ثلاثة، وغير الأحجار فيكفي الواحد مع حصول النقاء.
([25]) على الأحوط استحباباً، فيحصل بها الاستنجاء ولو كانت متنجّسة. نعم قد توجب في بعض الصور نجاسة الموضع مستقلاً عن عنوان الاستنجاء، بناء على تنجيس المتنجّس. كما أنّه لا يشترط جفاف هذه الأحجار ونحوها خلافاً لبعض العلماء.
([26]) مع صدق عنوان الهتك وكون تلك الأجسام مما يحرم هتكه كأوراق القرآن الكريم. وفي موارد الحرمة يكون قد ارتكب معصية لكنّ الموضع يحكم بطهارته.
([27]) بل يطهر على الأقوى.
([28]) المراد بالأثر هنا ـ على ما ذكروه ـ إمّا الأجزاء الصغار من العين والتي لا ترى عادةً، أو المراد أيّ شيء لا يزول بالأحجار عادةً لكنّه يُزال بالماء. وبهذا يظهر الفرق ـ عندهم ـ بين الأثر وكلّ من اللون والرائحة.
([29]) إزالة العين أمرٌ واضح لزومه، أمّا إزالة الأثر في موضع الغائط دون أن يشتمل على أجزاء من العين بالنظر العرفي، فهو غير لازم، بلا فرق بين الغسل والمسح. نعم لو لم يتعقّل ـ عرفاً ـ وجود الأثر إلا بوجود العين، صارا أمراً واحداً.
([30]) المقصود أنّه لا يتعامل مع الموقف من باب الاستنجاء، بل هو موضوع آخر مستقلّ.
([31]) إنّ جميع هذه المستحبات غير ثابتٍ، بل بعضها لا مستند له. نعم الراجح ثبوت استحباب التعوّذ قبل البدء والحمد بعد الانتهاء لا غير.
([32]) لم تثبت الكراهة في هذه الموارد بعنوانها، لكن قد تفهم المرجوحيّة من صدق عناوين عامّة عليها، بل قد تنطبق أحياناً عناوين تحريميّة كأذيّة الآخرين أو التصرّف غير المشروع في الممتلكات أو الأوقاف.
([33]) لم تثبت هنا كراهةٌ شرعيّة لهذه الأمور الأربعة.
([34]) البول في خصوص الماء الراكد مرجوح، دون مطلق الماء. والمراد به مثل المستنقعات الكبيرة والصغيرة، كتلك التي تكون بتجمّع ماء المطر مثلاً، أمّا مثل الماء الموجود في المراحيض الإفرنجيّة، فلا يشمله مفهوم الراكد الوارد في النصوص، بل هو منصرفٌ عنه.
([35]) لم تثبت هنا كراهة شرعيّة.
([36]) لم تثبت هنا كراهة شرعيّة.
([37]) الأحوط وجوباً الحكم بالنجاسة.
([38]) بل حتى لو صحبته بناء على القول بالطهارة أو على الأقلّ القول بعدم كونه منجّساً.
([39]) بناءً على القول بالطهارة فلا وجه لمنع رفع الخبث والحدث به من هذه الناحية، إلا مع اشتراط النظافة في ماء الوضوء، فضلاً عن الطهارة، وكان هذا الماء غير معدود من المياه النظيفة عرفاً، وسيأتي الاحتياط فيه في الفصل الثالث من بحث الوضوء، بداية الحديث عن شرائط الوضوء.
([40]) لم تثبت كيفيّة محدّدة شرعاً للاستبراء، بل المهم هو السعي لإخراج بقية البلل المتبقي، بحيث يمكنه بعد ذلك ترتيب الآثار الشرعية المبيّنة في الأدلّة، وهو يختلف باختلاف الناس وأجسامهم. وعلى فرض الأخذ بالنصوص هنا فإنّ الأقرب في الكيفية هو العصر من أصل الذكر إلى طرفه ثلاثاً ثم نتر الطرف ولو مرّة واحدة، عملاً بخبر محمد بن مسلم؛ فإنّه نسبيّاً أقوى إسناداً من خبرَي: حفص بن البختري وعبد الملك بن عمرو الأحول. وأمّا ما هو المذكور في المتن فلا دليل عليه بوجهٍ.
([41]) تارة بالاستبراء يحصل نوع من الوثوق النوعي بنقاء المجرى فيكون احتمال أنّ الخارج هو بول احتمالاً بسيطاً غير معتنى به عقلائيّاً، وهنا يحكم بالطهارة، وأخرى لا يكون الأمر كذلك ـ لسببٍ صحّي أو لآخر ـ فالحكم بطهارة الرطوبة المشتبهة الخارجة يكون متعيّناً من باب عدم ثبوت نجاستها، والعكس صحيح، فإنّه في حال عدم الاستبراء إذا كان هناك نوع من الوثوق النوعي بأنّ الخارج سيكون لا محالة بولاً، حكم بالنجاسة وإلا فالحكم بالنجاسة مشكل، بل الأقوى الطهارة. وبهذا يعلم أنّ فكرة الاستبراء ليست تعبديّةً وأنّ الشارع لم يحكم بنجاسة الرطوبة المشتبهة حال عدم الاستبراء تعبداً، كما أنّ حكمه بطهارتها مع الاستبراء ليس تعبديّاً.
([42]) فكرة الاستبراء بالشكل الذي بيّنّاه لا فرق فيها بين الرجال والنساء من حيث الحكم الشرعي، إنّما الأمر يتعلّق بمديات إمكان بقاء شيء في المجرى عندهنّ وعدمه وحالاته، وهذا يرجع فيه للعلم والتجربة. وقد ذكر بعض علماء أهل السنّة أنّ استبراء المرأة يكون بأن تضع أطراف أصابع يدها اليسرى على عانتها، وهو ما لم يقم عليه دليلٌ معتبر أيضاً.
([43]) لم يرد شيء ثابت في الشرع يتعلّق بما ذكر في المتن، والظاهر أنّ هذه الأولوية مجرّد نصيحة أو تنبيه لحصول حال الوثوق بالنقاء.
([44]) ما لم توجب هذه العادة حصول وثوق له بأنّه استبرأ فيكون خروجاً عن مفروض المسألة، وهو الشك.
([45]) في المسألة عندي تأمّل شديد، منشؤه عدم وجود فعل في المسألة اسمه الاستبراء بنحو الفعل المصدري حتى نجري فيه قاعدة الفراغ، بل المأخوذ موضوعاً شرعاً هو ناتج الفعل من جهة أولى، مع قوّة احتمال وجوده من جهة ثانية، فالأحوط عدم ترتيب آثار الصحّة، لكن لو صلّى ثم شكّ حكم بصحّة صلاته.