hobballah

الموقع الرسمي لحيدر حب الله

آراء

التعليقة الفقهيّة (كتاب الأطعمة والأشربة)

تاريخ الاعداد: 9/12/2023 تاريخ النشر: 9/12/2023
10840
التحميل

 

حيدر حبّ الله

 

هذه تعليقة فقهيّة لاختصار النتائج التي توصّلتُ إليها في الفقه الإسلامي، ولم تُكتب بقصد عمل الآخرين بها، بل بقصد اطّلاع الباحثين والمهتمّين، والله الموفّق والمعين


 

 

 

 

كتاب الأطعمة والأشربة

وهي على أقسام:

(القسم الأوّل)

حيوان البحر

مسألة 1678: لا يؤكل من حيوان البحر إلا سمكٌ له فَلس([1]). وإذا شكّ في وجود الفلس بُني على حرمته([2]). ويحرم الميّت الطافي على وجه الماء، والجلال منه([3]) حتى يزول الجلل منه عرفاً، والجرّي، والمارماهي، والزمير، والسلحفاة، والضفدع، والسرطان([4])، ولا بأس بالكنعت والربيثا والطمر والطبراني والإبلامي والأربيان.

مسألة 1679: يؤكل من السمك ما يوجد في جوف السمكة المباحة إذا كان مباحاً([5])، ولا يؤكل من السمك ما تقذفه الحيّةُ إلا أن يضطرب ويؤخذ حيّاً خارج الماء. والأحوط الأولى اعتبار عدم انسلاخ فلسه أيضاً.

مسألة 1680: البيض تابع لحيوانه، ومع الاشتباه قيل يؤكل الخشن المسمّى في عرفنا (ثروب)، ولا يؤكل الأملس المسمّى في عرفنا (حلبلاب)، وفيها تأمّل. بل الأظهر حرمة كلّ ما يُشتبه منه([6]).

 

(القسم الثاني)

البهائم

مسألة 1681: يؤكل من الأهليّة منها: الإبل، والبقر، والغنم. ومن الوحشيّة كبش الجبل، والبقر، والحمير، والغزلان، واليحامير. وفي تخصيص الحلّ بهذه الخمسة إشكال، والحليّة غير بعيدة([7]).

مسألة 1682: يكره أكل لحوم الخيل والبغال والحمير([8]).

مسألة 1683: يحرم الجلال من المباح، وهو ما يأكل عذرة الإنسان خاصّة([9])، إلا مع الاستبراء وزوال الجلل، والأحوط مع ذلك أن تطعم الناقة، بل مطلق الإبل علفاً طاهراً أربعين يوماً، والبقر عشرين، والشاة عشرة، والبطّة خمسة أو سبعة، والدجاجة ثلاثة([10]).

مسألة 1684: لو رضع الجدي لبن خنزيرة، واشتدّ لحمه حرم هو ونسله([11])، ولو لم يشتدّ استبرئ سبعة أيام، فيُلقى على ضرع شاة، وإذا كان مستغنياً عن الرضاع علف، ويحلّ بعد ذلك. ولا يلحق بالخنزيرة الكلبة والكافرة. وفي عموم الحكم لشرب اللبن من غير ارتضاع إشكال، والأظهر العدم([12]).

مسألة 1685: يحرم كلّ ذي ناب كالأسد والثعلب([13])، ويحرم الأرنب والضبّ واليربوع والحشرات والقمل والبقّ والبراغيث([14]).

مسألة 1686: إذا وطأ إنسان حيواناً محلّلاً أكله ومما يطلب لحمه حرُم لحمه([15]) ولحم نسله ولبنهما([16]). ولا فرق في الواطئ بين الصغير والكبير على الأحوط([17])، كما لا فرق بين العاقل والمجنون والحرّ والعبد والعالم والجاهل والمختار والمكره([18])، ولا فرق في الموطوء بين الذكر والأنثى([19]). ولا يحرم الحمل إذا كان متكوّناً قبل الوطء، كما لا يحرم الموطوء إذا كان ميتاً أو كان من غير ذوات الأربع([20]). ثم إنّ الموطوء إن كان مما يقصد لحمه كالشاة ذبح، فإذا مات أحرق فإن كان الواطئ غير المالك أغرم قيمته للمالك، وإن كان المقصود ظهره نفي إلى بلد غير بلد الوطء وأغرم الواطئ قيمته للمالك إذا كان غير المالك، ثمّ يباع في البلد الآخر. وفي رجوع الثمن إلى المالك أو الواطئ، أو يتصدّق به على الفقراء وجوهٌ خيرها أوسطها([21])، وإذا اشتبه الموطوء فيما يقصد لحمه أخرج بالقرعة.

مسألة 1687: إذا شرب الحيوان المحلَّل الخمرَ، فسكر، فذبح، جاز أكل لحمه([22]). ولا بدّ من غسل ما لاقته الخمر مع بقاء عينها([23])، ولا يؤكل ما في جوفه من القلب والكرش وغيرهما على الأحوط([24]). ولو شرب بولاً أو غيره من النجاسات لم يحرم لحمه، ويؤكل ما في جوفه بعد غسله مع بقاء عين النجاسة فيه([25]).

 

(القسم الثالث)

الطيور

مسألة 1688: يحرم السبع منها كالبازي والرخمة، وكلّ ما كان صفيفه أكثر من دفيفه([26])، فإن تساويا فالأظهر الحليّة إذا كانت فيه إحدى العلامات الآتية، وإلا فيحرم([27])، والعلامات هي القانصة والحوصلة والصيصية، وهي الشوكة التي خلف رجل الطائر خارجة عن الكفّ، والقانصة وهي في الطير بمنزلة الكرش في غيره، ويكفي في الحلّ وجود واحدة منها، وإذا انتفت كلّها حرم. وإذا تعارض انتفاء الجميع مع الدفيف، قدّم الدفيف فيحلّ ما كان دفيفه أكثر وإن لم تكن له إحدى الثلاث، وإذا كانت له إحدى الثلاث وكان صفيفه أكثر حرم، نعم إذا وجدت له إحدى الثلاث أو جميعها وشكّ في كيفيّة طيرانه حكم بالحل. أمّا اللقلق فقد حكي وجود الثلاث فيه لكنّ المظنون أنّ صفيفه أكثر فيكون حراماً كما أفتى بذلك بعض الأعاظم على ما حكي([28]).

مسألة 1689: يحرم الخفّاش والطاووس والجلال من الطير حتى يستبرأ. ويحرم الزنابير والذباب([29])، وبيض الطير المحرّم([30])، وكذا يحرم الغراب على إشكال في بعض أقسامه، وإن كان الأظهر الحرمة في الجميع([31]). وما اتفق طرفاه من البيض المشتبه حرام([32]).

مسألة 1690: يكره الخطاف والهدهد والصرد والصوام والشقراق والفاختة والقبّرة([33]).

 

القسم الرابع

الجامد

مسألة 1691: تحرم الميتة وأجزاؤها، وهي نجسة إذا كان الحيوان ذا نفسٍ سائلة، وكذلك أجزاؤها، عدا صوف ما كان طاهرا في حال حياته وشعره ووبره وريشه، وقرنه وعظمه، وظلفه، وبيضه إذا اكتسى الجلد الفوقاني وإن كان مما لا يحلّ أكله والإنفحة([34]).

مسألة 1692: يحرم من الذبيحة على المشهور القضيب، والأنثيان، والطحال، والفرث، والدمّ، والمثانة، والمرارة، والمشيمة، والفرج، والعلباء، والنخاع، والغدد، وخرزة الدماغ، والحدق. وفي تحريم بعضها إشكال، والاجتناب أحوط، هذا في ذبيحة غير الطيور. وأمّا الطيور فالظاهر عدم وجود شيء من الأمور المذكورة فيها ما عدا الرجيع والدم والمرارة والطحال والبيضتين في بعضها([35])، ويكره الكلى، وأذنا القلب([36]).

مسألة 1693: تحريم الأعيان النجسة كالعذرة والقطعة المبانة من الحيوان الحيّ([37]). وكذا يحرم الطين([38])، عدا اليسير الذي لا يتجاوز قدر الحمصة من تربة الحسين عليه السلام للاستشفاء([39]). ولا يحرم غيره من المعادن والأحجار والأشجار.

مسألة 1694: تحرم السموم القاتلة، وكلّ ما يضرّ الإنسان ضرراً يعتدّ به. ومنه (الأفيون) المعبر عنه بالترياك، سواء أكان من جهة زيادة المقدار المستعمل منه أم من جهة المواظبة عليه([40]).

 

القسم الخامس

في المائع

مسألة 1695: يحرم كلّ مسكر، من خمر وغيره، حتى الجامد([41])، والفقاع([42])، والدم، والعلقة وإن كانت في البيضة([43])، وكلّ ما ينجس من المائع وغيره([44]).

مسألة 1696: إذا وقعت النجاسة في الجسم الجامد كالسمن والعسل الجامدين لزم إلقاء النجاسة وما يكنفها من الملاقي ويحلّ الباقي([45])، وإذا كان المائع غليظاً ثخيناً، فهو كالجامد، ولا تسري النجاسة إلى تمام أجزائه إذا لاقت بعضها، بل تختصّ النجاسة بالبعض الملاقي لها، ويبقى الباقي على طهارته.

مسألة 1697: الدهن المتنجّس بملاقاة النجاسة يجوز بيعه والانتفاع به فيما لا يشترط فيه الطهارة. والأولى الاقتصار على الاستصباح به تحت السماء([46]).

مسألة 1698: تحرم الأبوال مما لا يؤكل لحمه، بل مما يؤكل لحمه أيضاً على الأحوط، عدا بول الإبل للاستشفاء([47])، وكذا يحرم لبن الحيوان المحرم دون الإنسان، فإنّه يحلّ لبنه([48]).

مسألة 1699: لو اشتبه اللحم، فلم يعلم أنه مذكّى ولم يكن عليه يد مسلم تُشعر بالتذكية اجتُنب، ولو اشتبه فلم يعلم أنّه من نوع الحلال أو الحرام حكم بحلّه([49]).

مسألة 1700: يجوز للإنسان أن يأكل من بيت من تضمّنته الآية الشريفة المذكورة في سورة النور، وهم: الآباء والأمّهات، والإخوان والأخوات، والأعمام، والعمات، والأخوال، والخالات، والأصدقاء، والموكل المفوض إليه الأمر، وتلحق بهم الزوجة([50]) والولد، فيجوز الأكل من بيوت من ذكر على النحو المتعارف مع عدم العلم بالكراهية، بل مع عدم الظنّ بها أيضاً على الأحوط([51])، بل مع الشك فيها، وإن كان الأظهر الجواز حينئذ.

مسألة 1701: إذا انقلبت الخمر خلاً طهرت وحلّت، بعلاجٍ كان أو غيره([52])، على تفصيل قد مر في فصل المطهرات.

مسألة 1702: لا يحرم شيء من المربيات وإن شمّ منها رائحة المسكر([53]).

مسألة 1703: العصير من العنب إذا غلى بالنار أو بغيرها أو نشّ حرم حتى يذهب ثلثاه بالنار أو ينقلب خلاً([54]).

مسألة 1704: يجوز للمضطرّ تناول المحرّم بقدر ما يمسك رمقه([55])، إلا الباغي، وهو الخارج على الإمام أو باغي الصيد لهواً، والعادي وهو قاطع الطريق أو السارق. ويجب عقلاً في باغي الصيد والعادي ارتكاب المحرّم من باب وجوب ارتكاب أقلّ القبيحين ويعاقَب عليه. وأمّا الخارج على الإمام فلا يبعد شمول وجوب قتله لنفسه أيضاً([56]).

مسألة 1705: يحرم الأكل، بل الجلوس على مائدة فيها المسكر([57]).

مسألة 1706: يستحب غسل اليدين قبل الطعام([58])، والتسمية، والأكل باليمنى([59])، وغسل اليد بعده([60])، والحمد له تعالى، والاستلقاء وجعل الرجل اليمنى على اليسرى([61]).



([1]) الأقرب حليّة كلّ ما في الماء ـ من بحرٍ ونهر ومستنقعات و.. ـ مطلقاً، سواء صدق عليه عنوان السمك أم لا، وسواء كان له فلس أم لا. والأحوط وجوباً تجنّب الجرّي والمارماهي بخصوصهما، كما أنّ الأحوط وجوباً تجنّب الحيوانات السبعية المائيّة.

([2]) بل يُبنى على حليّته حتى لو قلنا بأنّ الحيوان الذي لا فَلس له محرّم.

([3]) على الأحوط وجوباً في الجلال.

([4]) هذه كلّها حلال عدا الجرّي والمارماهي على الأحوط وجوباً كما قلنا آنفاً، والبرمائيّات كلّها حلال بعيداً عن السباع منها.

([5]) بعد فرض خروجه منها حيّاً، أو مع فرض الشكّ في ذلك، أمّا مع اليقين بخروجه منها ميتاً وعدم صيرورته جزءاً من السمكة التي وجد هذا السمك في بطنها، فيكون حراماً.

([6]) بيوض الحيوانات البريّة والبحريّة ـ والكافيار ـ كلّها حلال، بلا فرق بين كون الحيوان بنفسه حلالاً أو حراماً، وسيأتي الحديث عن بيوض الطيور.

([7]) فكلّ البهائم الأهليّة والوحشيّة حلال إلا ما خرج بالدليل.

([8]) لم تثبت كراهة أكلها، فضلاً عن الحرمة.

([9]) بحيث يتغذّى على العذرات لفترةٍ زمنيّة، فتكون العذرات غالبَ طعامه، فلا يكفي أن يأكل منها مرّة أو مرتين أو نحو ذلك، ففي هذه الحال يصدق عليه عنوان الجلال، فيحرم على الأحوط وجوباً سواء كان إبلاً أم غيره.

([10]) العبرة بزوال وصف الجلل عرفاً، ولا يوجد تحديد زمني شرعي لذلك مطلقاً.

([11]) الأقوى عدم الحرمة مطلقاً، فلا موضوع للاستبراء وغيره.

([12]) إذا قلنا بحرمة الحيوان المرتضع من لبن خنزيرةٍ، فلا فرق بين الارتضاع من الثدي أو تناول اللبن من غير ارتضاع.

([13]) ليس مدار التحريم هنا ـ لو قلنا به ـ على كونه ذا ناب، بل العبرة بصدق عنوان السبع عليه، والقدر المتيقّن من صدقه هو كونه مفترساً يعدو على غيره ويكون له ناب، أمّا إذا كان له ناب ولا يفترس، أو كان يفترس ولا ناب له، فالحكم فيه هو الحليّة. هذا على مستوى الموضوع، أمّا على مستوى الحكم، فتحريم أكل لحوم السباع مبنيّ على الاحتياط الوجوبي.

([14]) لا يحرم شيء من هذه الأمور بما في ذلك الأرنب، ما لم يكن شيءٌ منها موجباً للضرر المحرّم إلحاقه بالجسم.

([15]) على الأحوط وجوباً في خصوص البهائم مثل الشاة والبقرة والإبل والحمار والحصان، دون غيرها، فلا تحرم الحيوانات الأخرى بوطء الإنسان لها.

([16]) لم تثبت حرمة نسله ولا لبنه.

([17]) الحرمة المبنية على الاحتياط هنا مقتصرة على كون الواطء رجلاً بالغاً.

([18]) الجاهل والمجنون والمكرَه لا يترتب على وطئهم شيء هنا.

([19]) كما لا فرق بين كون الوطء في القبل أو الدبر، أو كون الحيوان مما يتخذ للركوب أو للأكل، وبلا فرق بين الإنزال وعدمه.

([20]) قد تقدّم أنّ العبرة بكونه من البهائم لا بكونه من ذوات الأربع أو غيرها.

([21]) لم يثبت شيء من كلّ ما قيل في مصير هذا الحيوان من الذبح أو الإحراق أو الإخراج من البلد، إنّما الثابت هو أنّ على الحاكم الشرعي أن يتخذ الإجراء الذي يراه مناسباً في إيجاد الرهبة والردع عن مثل هذا الفعل من قبل الناس تبعاً للظروف الزمكانيّة والحالية.

([22]) ولا يلزم غسل اللحم قبل الأكل.

([23]) الغَسل هنا ليس لأجل النجاسة؛ إذ لم تثبت نجاسة الخمر والمسكرات، كما تقدّم في باب النجاسات، بل إذا كانت عين الخمر موجودة بحيث يصدق تناول الخمر ـ ولو القليل منه ـ في هذه الحال، فيحرم من باب حرمة شرب الخمر، لا من باب النجاسات والمتنجّسات.

([24]) استحباباً.

([25]) ليس المدار هنا على عنوان النجاسة، بل على العناوين التي ثبت تحريم تناولها، وسوف يأتي قريباً أنّ النجاسات بعنوانها لم يقم دليل على حرمتها، بل قام الدليل على حرمة تناول بعض ما عدّ من النجاسات في باب النجاسات فانتبه، فالبول مثلاً لم يقم دليل على حرمة تناوله بعيداً عن استلزامه الضرر المحرَّم، فلو شرب الحيوان بولاً، ثمّ ذبح، ثمّ وُجد البول في أحشائه لم يلزم تطهيره، ولا إزالته.

([26]) العبرة بالمخلبيّة دون السبعيّة ولا التغذي على الجِيَف، فكلّ طير له مخلب أو كان صفيفه أكثر من دفيفه حرم أكله على الأحوط وجوباً.

([27]) كلّ طير لم يثبت وجود مخلب له، كما لم يثبت كون صفيفه أكثر من دفيفه، فهو حلال، بلا فرق بين وجود العلامات المشار إليها فيه وعدمه.

([28]) لم تثبت معياريّة العلامات الثلاث أصلاً، وعليه فالفروع المترتّبة عليها ـ مما جاء في المتن ـ ليس لها موضوع.

([29]) لم تثبت حرمة ولا كراهة الخفاش والطاووس والزنابير والذباب بعناوينها بعيداً عن المعيار الكلّي المتقدّم في الطيور. نعم الطير الجلال حرامٌ على الأحوط وجوباً كما تقدّم.

([30]) الأحوط وجوباً حرمة كلّ بيض لا يمكن تمييز طرفيه لكونه متشابهاً أو كان شكل البيض دائريّاً، وما عدا ذلك فكلّه حلال، بلا فرق بين كون الطير حلالاً في الأصل أو حراماً. ذلك كلّه بلا فرق بين كون البيض معلوماً أنّه لهذا الحيوان أو ذاك أو مشتبهاً.

([31]) لم تثبت حرمة ولا كراهة أيّ من الحيوانات الآتية: الوطواط، والخطّاف، والطاووس، والزنبور، والغراب بأنواعه، والهدهد، والصرد، والصوّام، والقبّرة، والحُبارى، والشقرّاق، والفاختة، والذباب، والبقّ، والحمام، والحَجَل، والدُّرَّاج، والقَبَج (القباج)، والقَطَا، والطَّيهُوج، والدجاج، والكَرَوان، والكُرْكي، والنعامة، والصعو، وأمثالها، فالمعيار هو المعيار الكلي المتقدّم في عامّة الطيور، لا هذه العناوين بذاتها.

([32]) لا يحرم، والمعيار ما تقدّم.

([33]) قد تقدّم عدم ثبوت كراهة أيٍّ منها.

([34]) الميتة هنا ـ وهو خصوص الحيوان الذي مات حتف أنفه أو مات بغير ذبحٍ أو صيدٍ أو نحر، فلا تشمل مطلق غير المذكّى شرعاً ـ محرّمة بجميع أجزائها، بلا فرق بين التي تحلّها الحياة أو تلك التي لا تحلّها الحياة، وبلا فرقٍ بين القول بنجاسة الميتة أو هذا الجزء منها أو القول بالطهارة. ومثل الميتة كلّ حيوان ذبح لغير الله تعالى بحيث قصد به غير الله بحيث استهدف الذابح تجنّب غضب الآلهة ـ غير الله ـ أو طلب رحمتها ورضاها ونحو ذلك. والأحوط وجوباً تجنّب الحيوان الذي ذبح بنيّةٍ مشتركة بين الله وغيره، كما أنّ الأحوط استحباباً تجنّب كلّ الأطعمة ـ غير الحيوانات ـ التي تصنع للتقرّب لغير الله تعالى، مثل الحلوى، كصناعة خبز لأحد الأولياء على اسمه وبهدف جلب منفعته وشفاعته أو دفع غضبه ونقمته ونحو ذلك.

([35]) يحرم من الحيوان محلّل الأكل بعد تذكيته كلّ من الدم والطحال مطلقاً، كائناً ما كان هذا الحيوان شاةً أو غيرها، حيواناً بريّاً كان أو بحريّاً أو جويّاً، صدق عليه عنوان الذبيحة أو لم يصدق. والأحوط وجوباً تجنّب الغدد كذلك. أمّا الخصيتان والقضيب والنخاع فالأحوط وجوباً تجنّبها في مطلق الذبيحة دون غيرها، وأمّا في غيرها فهو حلال. وباقي أجزاء الحيوان محلّلِ الأكل حلالٌ، مثل المثانة والكليتين والمرارة والفرث والفرج وآذان الفؤاد والمشيمة والعين والحدق وخرزة الدماغ والعلباوان والرحم والظلف والشعر والجلد والقرن ونحو ذلك، فهذه كلّها حلال.

([36]) لم تثبت كراهة أكل الكلى وآذان الفؤاد.

([37]) لم يقم دليل معتبر على حرمة تناول الأعيان النجسة بعنوان كونها أعياناً نجسة، إنّما الثابت حرمة تناول بعض ما عدّ في النجاسات فقهيّاً عندهم، لكن بعنوانه الخاصّ، وهو: الميتة بأنواعها، والدم، ولحم الخنزير، والمسكر وملحقاته كالفقّاع، والكافر؛ لحرمة أكل الإنسان، والكلب (على احتياطٍ وجوبيّ فيه)، وهذه يحرم أكلها جميعاً ولو قلنا بطهارتها كلّها. أمّا المتنجّسات، فليست بحرام، نعم ما لاقى ما يحرم أكله من الميتة والدم والمسكر والكلب (احتياطاً) والخنزير بحيث تحقّقت السراية، حرُم أكله، وأمّا غير ذلك، فلا دليل على التحريم، فضلاً عن تحريم الانتفاعات الأخرى. وقد ذهب الكثير من الفقهاء لتحريم كلّ مستخبَث ومستقذَر، ولكنّه لم يثبت وجود تحريم من هذا النوع.

([38]) القدر المتيقّن من الحرمة في الطين هو أكل الطين ما لم يثبت عدم الضرر في مورد أو حالة، فلو أحرز عدم الضرر ـ لا ما إذا لم يحرز الضرر ـ لم يحرم. كما أنّ القدر المتيقّن من الطين المحرّم، هو التراب الممزوج بالماء مزجاً والمعجون به، مع حرمته بعد جفافه أيضاً، والاحتياط في مطلق التراب قويّ جداً، بل لعلّ الحرمة هو الأظهر، دون غير ذلك من الأجسام؛ إلا مع الضرر. نعم يستثنى بعض حبّات التراب في المياه والفواكه وغير ذلك.

([39]) إذا قلنا بحرمة أكل الطين بعنوانه، فالأحوط الشمول لطين قبر الحسين×، لهذا يلزم لو أُريد تناوله للاستشفاء أو غيره، أن يوضع في ماء كثير بحيث يُستهلك ثمّ يتناول، وفي هذه الحال لا يوجد تحديد لأيّ كميّة بعينها، ولا تخصيص بقبر الحسين دون غيره، ولا بحال انحصار العلاج، أو بحال المرض وقصد الاستشفاء، ولا على تقدير ثبوت أنّ التربة حسينيّةً أو غير حسينيّة، بلا فرق بين القيام بالأعمال الخاصّة وغيرها. أمّا لو قلنا بخروج تربة الحسين تخصيصاً عن عموم دليل الحرمة الثابت على الطين بعنوانه، فإنّ القدر المتيقّن من الجواز هو كونه بمقدارٍ بسيط مثل الحمّصة، واختصاصُه بالحسين× دون سائر الأنبياء والأئمّة والأولياء والأوصياء والعلماء والصالحين، بلا فرق بين أن يكون العلاج منحصراً به أو لا، وبلا فرق بين قصد الاستشفاء أو لا، نعم يلزم ثبوت كون التربة حسينيّةً بالدليل الشرعي، والاقتصار على التناول ضمن حال اليقين والدعاء. والمراد بتربة القبر ما عدّ عرفاً أنّه تراب هذا القبر ممّا يحيط به ويكون قريباً جداً منه من مختلف الجهات، لا المساحة الواسعة الواردة في بعض الآراء الفقهيّة أو غيرها.

([40]) المخدرات بأنواعها حلال مطلقاً، إلا: أ ـ إذا كانت من النوع المشابه في عوارضه أو مناطه لحال السّكر، وهو ما يكون في مثل الحشيش على رأي بعضهم (الحكم الأوّلي). ب ـ إذا لزم منه محرّم آخر كالضرر المعتدّ به نتيجة الكميّة المأخوذة أو نتيجة الإدمان أو لحوق الضرر بملاحظة المجتمع كافّة ونحو ذلك (الحكم الثانوي)، سواء صدق عليه عنوان المسكر أم لا، فيحرم بمقدار تحقّق العنوان الثانوي.

وبذلك يُعلم أنّ مخدّرات العقاقير والأدوية غير محرّمة ولا نجسة، لمجرّد كونها مخدّراً، بل لابدّ من النظر فيها، فإن كانت ملحقة بالمسكر ـ موضوعاً أو مناطاً ـ كانت محرّمة، وإلا فتجوز ما لم يلزم منها عنوان ثانوي تحريمي كالضرر فتحرم في مورده. نعم لو كانت الموادّ المخدّرة الملحقة بالمسكر موجودة ضمن دواء لو أخذه الإنسان لا يسكر بحيث تلاشت فيه أو استحالت جاز أخذها.

([41]) الخمر بالمعنى الأخصّ (ماء العنب المختمر بنفسه بالغاً حدّ الإسكار)، وكذلك الخمر بالمعنى الأعمّ (وهو كلّ مسكر)، حرامٌ مطلقاً، قليلاً كان أو كثيراً، تحقّق السُّكر عند الإنسان بشربه بالفعل أو لا.

([42]) النبيذ والفقّاع والعصير العنبيّ والعصير الزبيبي والعصير التمري وعصير الحصرم وغير ذلك من العصائر والمشروبات المغليّة ـ بالنار وغيرها ـ وما إلى ذلك، إنّما تحرم حال كونها مسكرة وصدق عنوان المسكر عرفاً عليها ولو بإسكارٍ خفيف، والاحتياط الواجب هو تجنّبها في حال احتماليّة صيرورتها مسكرة احتماليّةً معقولة معتدّ بها، ولم يحصل التبيّن. والعبرة في التحريم ليس اسم العصير العنبي المغلي أو الفقّاع أو نحوهما، وليس أصل وجود الكحول، بل النسبة الكحوليّة الموجبة لصدق عنوان المسكر عليه عرفاً، ولو بإسكارٍ خفيف.

من هنا، لا يوجد حكمٌ شرعي مستقلّ في الشريعة بعنوانه اسمه تحريم الفقّاع، بحيث كلّما صدق عنوان الفقّاع حرُم مطلقاً، بل هو مجرّد تطبيق للقاعدة الثابتة في الشريعة، والتي تقول: «كلّ ما أسكر كثيرُه فقليله حرام»؛ ولهذا ورد في بعض الروايات حول الفقّاع أنّه «خُميرةٌ استصغرها الناس»، وفي بعضها الآخر تعبير: «خمرٌ مجهول». وعليه فمعيار تحريم الفقّاع مهما سمّيناه اليوم، ليس في كيفيّة صنعه، ولا في النشيش والغليان وغير ذلك، ولا في صدق اسم الفقّاع عليه بحيث تخرج منه نتيجة التخمير فقاقيع من أسفله إلى أعلاه فيحدث ما يُسمّى بالانقلاب فيه، ولا غير ذلك، فهذه ليست إلا علامات قد نرجع إليها وتفيدنا حصول الخمريّة فيه عند الشكّ وعدم العلم، وإنّما المعيار الحقيقي هو في اشتماله على نسبة كحوليّة توجب لو شرب منه الإنسان العادي كثيراً ـ أعني الإنسان غير المدمن عليه والمعتاد جسدُه عليه ـ أن يسكر ولو سُكراً خفيفاً.

وينتج عن ذلك أنّ العبرة ـ حيث يمكن ويتوفّر ـ بالدراسة المخبريّة والكيميائيّة التي تكشف لنا أنّ هذا السائل المتخذ من الشعير أو غيره، هل يحتوي على نسبة كحوليّة توجب الإسكار ـ ولو الخفيف ـ على تقدير الإكثار منه أو لا؟ وليس المهم كيف تمّ تصنيعه؟ وما هو اسمه لغةً وعرفاً؟ وما هي عوارض التصنيع ووقائعه؟ كما يفعل بعض الناس اليوم، فلو صنّعناه بطريقة توجب النشيش والغليان المعروفين وصَدَق عليه اسم الفقّاع عرفاً ولغةً، لكنّنا وضعنا معه حال التصنيع مادّةً تمنع تكوّن نسبةٍ كحوليّة فيه ـ وهذا افتراض فقط ـ فإنّه لا يكون محرّماً؛ لأنّ التحريم لم يثبت للإسم بذاته، بل ثبت له بوصفه مسكراً ولو خفيف الإسكار.

وبهذا نعرف أيضاً أنّ المسكر والفقّاع ليسا نجاستين اثنتين، كما هو ظاهر بيانات الفقهاء في باب النجاسات، بل ينبغي إدراج الفقّاع في المسكر لا فصله عنه، فليس له عنوانيّة مستقلّة، بل هو مصداق من مصاديق المسكر النجس. هذا لو قلنا بنجاسة الخمر والمسكر، والأصحّ هو أنّه لم تثبت نجاسة الخمر ولا المسكر مطلقاً.

([43]) حكم الدم على صور: 1 ـ الدم المسفوح (المصبوب) حرام من كلّ حيوان محلّل الأكل أو محرَّمه، نجساً كان الدم أم لا، خبيثاً أم لا، للحيوان نفس سائلة أم لا. ولعلّه من هذا يظهر حكم الأطعمة الرائجة اليوم في الكثير من بلدان العالم من ألوان الدم (blood as food). 2 ـ إنّ الدم التابع للحم والذي لا يظهر إلا بإعمال وتكلّف، جائزٌ أكله مع اللحم ونحو ذلك. 3 ـ إنّ الدم الذي ما بين التابع والمسفوح، وهو الذي يكون كالقطرة أو القطرتين يتناولهما الإنسان أو يكونان على شفتيه أحياناً نتيجة قضمه لجلده، أو يكونان في الطعام أو الشراب، ولو لم يستهلكا.. هذا الدم لم يثبت أنّ معيار الحرمة والحليّة فيه هو في نجاسته وطهارته، ولا في كونه من حيوانٍ له نفس سائلة وغيره، ولا في كونه من حيوان برّ أو بحر أو جوّ، ولا في كونه خبيثاً وغيره، ولا غير ذلك.. إنّما المعيار فيه هو: إذا كان من حيوان محرّم الأكل بتمام أجزائه لا أنّه يحرم أكل لحمه فقط مثلاً، فيكون أكل هذا الدم أو شربه محرّماً بملاك حرمة الحيوان نفسه، لا بملاك حرمة الدم. وبهذا نعرف أنّ دم الحيوان الميتة، أي الذي مات حتف أنفه، حرامٌ مطلقاً ولو لم يكن مسفوحاً. وأمّا إذا كان هذا الدم من حيوان محلّل الأكل أو لم يثبت سوى تحريم لحمه مثلاً، فهو جائز حيث لا يكون مسفوحاً؛ بلا فرق في ذلك بين عناوين المتخلّف في الذبيحة وغيره، وبين عنوان السمك وغيره، مما رأيناه في كلمات الفقهاء، فإن هذا كلّه لم يرد فيه نصّ خاص في باب الأطعمة والأشربة.

ومن نتائج ذلك كلّه، أنّ الدم الذي يكون أحياناً في البيض (العلقة في البيضة)، حيث لا يكون مسفوحاً ولا يشمله دليل حرمة الحيوان ـ لكونه في البيض المنفصل ـ ولم يتم دليل على حرمة كلّ نجس أو خبيث، كما تحدّثنا عن ذلك سابقاً، فإنّ أكله وأكل ما اتصل به يكون جائزاً مطلقاً، فلا داعي لتكلّف إخراجه. كما أنّ قطرات الدم التي تكون في اللبن عند الحلب أو بعده، إذا كان الحيوان صاحب الدم حلال الأكل كالأنعام فإنّه يكون حلالاً مع اللبن، وإلا فإذا كان من دم حيوانٍ محرّم الأكل بتمام أجزائه حرُم في هذه الحال، بلا فرقٍ بين القول بنجاسة هذا الدم أو لا؛ لأنّنا قلنا سابقاً بأنّه لم تثبت حرمة تناول النجس بعنوان أنّه نجس. كما أنّ الدم الذي يكون في القلب والكبد، والذي اختلف الفقهاء في حكمه، هو ـ حيث لا يكون مسفوحاً ـ تابعٌ للحيوان في الحلّية والحرمة بالطريقة التي أسلفناها.

([44]) تقدّم الموقف من المتنجّسات آنفاً.

([45]) تقدّم الموقف من موضوع المتنجّسات، لكنّ الباقي هنا طاهر.

([46]) الأصل في الأعيان النجسة والمتنجّسة، هو جواز الانتفاع بها مطلقاً إلا ما خرج بالدليل. وقد ثبت جواز استخدام الخنزير لبعض الانتفاعات غير المرتبطة بأكله، بل واستخدام الخمر بتحويلها لخلّ (وهذا غير صناعة الخمر، فانتبه)، ولا يجب إهدارها وإتلافها بمجرّد صيرورتها خمراً ما دام يمكن تحويلها لخلّ، وكذا استخدام الدم بهدف إعطائه للآخرين أو صبغ حائطٍ به، واستخدام العذرة للتسميد، واستخدام المياه المتنجّسة لسقي الزرع فيما لا يلزم منه محذور ثانوي، واستخدام الكلاب لمختلف الأغراض المحلّلة في نفسها، بل حتّى الانتفاع بالميتة في غير ما هو محرّم، مثل استخدام جثث الحيوانات الميتة للتشريح والتعليم، أو لجعلها طعاماً لحيوانات أخرى مملوكة مثلاً، إلى غير ذلك من الأمثلة الكثيرة التي تضاعفت اليوم في العصر الحديث بسبب توفّر إمكانات جديدة لاستخدام هذه الأشياء. والنتيجة: حليّة استخدام مختلف الأعيان النجسة والمتنجّسة في غير الجهة المحرّمة في استعمالها، وفيما لم يرد فيه بخصوصه نصٌّ مانع، كأكل لحم الخنزير والدم والخمر، ولم يكن المورد مشروطاً بالطهارة، كاستعمال الميتة لباساً في الصلاة. ومن مجمل ما تقدّم يعلم أنّه لم تثبت أولويّة اقتصار استعمال الدهن المتنجّس على الاستصباح به تحت السماء.

([47]) الظاهر عدم ثبوت حرمة شيء من أبوال الحيوانات مطلقاً، سواء في ذلك ما يحلّ أكله وما يحرم أكله، وما يحكم بنجاسته أو طهارته، ومن الأنعام الثلاثة وغيرها. نعم لو كان مضرّاً بحدّ غير شرعي للضرر وثبت ذلك علميّاً فهو حرام. والاحتياط حسن في أبوال الأنعام الثلاثة، بل هو قويّ في أبوال ما لا يؤكل لحمه. وأمّا تقديم النص الديني لوصفة طبّية في الأبوال فهذا ما لم يثبت وإن كان محتملاً جداً، غير أنّه لو ثبت لا يُعلم أنّه كان من باب التوجيه الديني في ذلك. والكلام كلّه يجري في الغائط أيضاً. أمّا سائر رطوبات الإنسان والحيوان، مثل البصاق والنخامة والدمع والعرق وغير ذلك، فلم يثبت تحريمه عدا الدم وما تقدّم، وإن كان الاحتياط بترك مطلق ما كان نجساً أو خبيثاً أو من محرّم الأكل، غير الإنسان في الجملة، لا بأس به.

([48]) بلا فرق بين كونه من حيوان البرّ أو البحر أو الجوّ.

([49]) ألبان جميع الحيوانات المحرّمة أو المكروهة أو المحلّلة، حلالٌ، بما فيها لبن المرأة بصرف النظر عن أيّ محذور شرعيّ آخر كالمماسّة المحرّمة لبدن الأجنبيّة.

([50]) لم يثبت إلحاق الزوجة بالمذكورين في الآية.

([51]) يجوز الأكل مع عدم العلم بالكراهية مطلقاً، سواء كان شاكّاً أو ظانّاً ظنّاً غير معتبر.

([52]) الخمر وتمام المسكرات ـ بل تمام المحرّمات ـ تحلّ بتحوّلها إلى هويّة نوعيّة مغايرة حقيقةً أو عرفاً، وهذا يتحقّق أيضاً عند زوال طاقة الإسكار ـ بما فيه الخفيف ـ منها، كما أنّها تطهر بذلك لو قلنا بنجاستها، ما دام العرف يرى ما صارت إليه هويّةً نوعيّة مختلفة عنده، مع زوال صفة الإسكار تماماً، ولا يقتصر الأمر على صيرورتها خَلاً بعينه.

([53]) المربيّات في نفسها وبعنوانها ليست حراماً حتى لو شُمّ منها رائحة أيّ شيء، لكن لو كانت الرائحة كاشفة كشفاً موضوعيّاً عن وجود طاقة الإسكار فيها، فتحرم. وتشخيص ذلك موكول للمكلّف وأهل الخبرة.

([54]) قد تبيّن الموقف من ذلك عند التعليق على المسألتين رقم: 1695، 1701.

([55]) إنّ جميع محرّمات الأطعمة والأشربة ـ بما فيها الخمر والمسكرات ـ يجوز تناولها في حال الاضطرار مطلقاً، مهما كان سبب الاضطرار هذا.

([56]) لم يثبت وجود أيّ استثناء في حكم الضرر والاضطرار والحرج هنا، وعنوان الباغي والعادي لم يثبتا بهذه الطريقة على تفصيل قرآني بحثناه في محلّه، فلم نتوصّل قرآنياً إلى وجود استثناء في دليل الاضطرار في باب الأطعمة يُخرج بعض الأفراد باسم الباغي والعادي، أو يقيّد حالة تناول الطعام حال الاضطرار بقيد عدم طلب اللذّة فيه ونحو ذلك، نعم الضرورات تقدّر بقدرها. وأمّا مع إقحام الحديث الشريف، فالموقف يختلف، لكنّه لم يثبت لنا نصّ موثوق بصدوره وثوقاً اطمئنانيّاً يغيّر قناعتنا بمقدار دلالة النصوص القرآنيّة هنا.

أمّا التداوي بالخمر والمسكرات ـ بل ومطلق المحرّمات ـ فهو حرامٌ، إلا عند اجتماع أمرين: أ ـ انحصار العلاج بها. ب ـ كون الحالة من موارد الاضطرار أو يلزم من ترك التداوي لحوق الضرر المحرّم شرعاً كتلف النفس أو الأعضاء أو طاقةٍ من طاقات الجسم أو نحو ذلك، أو يلزم من تركه الوقوع في حرج شديد ومشقّة عالية. والمراد من التداوي الملاحَظ هنا هو التداوي عبر الاستعمال المحرَّم في نفسه مثل الشرب، أمّا غيره فلا دليل على حرمته للتداوي، وقد تقدّم أنّه لم يقم دليل على تحريم استعمال النجاسات والمسكرات في غير الشرب والأكل وما يُشترط فيه الطهارة. ومن ذلك يُعلم أنّه لم يدلّ دليل معتبر على حرمة الاكتحال بالمسكر، ما لم يُعلم بنزول شيء منه إلى الجوف، لكن يلزم إزالته للصلاة بناءً على نجاسته. كما أنّ الظاهر أنّ الأدوية والعقاقير والعلاجات التي يُستهلك فيها المسكر تماماً أو يستحيل، يجوز تناولها بلا حاجة إلى دليل الاضطرار والعنوان الثانوي أساساً، شرط أنّ لا يكون العقار في نفسه مسكراً.

([57]) الراجح ـ والأحوط ـ هو تحريم أن يكون الإنسان في ملتقى يصدق عليه وحدة المجلس بحيث يصنّف عرفاً من أفراد هذا المجلس، ويُشرب في هذا المجلس ـ ولو من قبل شخصٍ واحد ـ شيءٌ من المسكر الأعمّ من الخمر وغيره دون عذرٍ من شاربه، سواء أكل الجالس أم لا، وسواء كانت هناك مائدة أم لا، وُجد عليها طعام أم لا. أمّا الطعام في نفسه فلا يحرم، كما أنّ هذا الحكم لا يعمّ مطلق مجلس يرتكب فيه شخصٌ معصيةً، عدا بعض المعاصي الكبيرة مثل الكفر بآيات الله مع الاستهزاء بها. ولا يعمّ هذا الحكم مجلساً توجد فيه ـ ولو على مائدةٍ ـ الخمرُ مع عدم وجود من يشربها. والحكمُ مرتفعٌ بموارد الضرر والحرج كسائر الأحكام الشرعيّة الأوليّة.

([58]) لم يثبت في ذلك (غسل اليدين قبل الأكل) استحبابٌ شرعي بعنوانه.

([59]) لم يثبت في ذلك (الأكل باليمنى) استحباب شرعي بعنوانه.

([60]) لم يثبت في ذلك (غسل اليدين بعد الأكل) استحبابٌ شرعي بعنوانه.

([61]) لم يثبت في ذلك (الاستلقاء وجعل اليمنى على اليسرى) استحبابٌ شرعي بعنوانه.