استفهامات في مسألة عدم كون تقليد الأعلم مسألة تقليديّة
تاريخ النشر: 7/22/2016
274851
التحميل
السؤال: تفضلتم في سؤال سابق بأنّ مسألة تقليد الأعلم، هي مسألة اقتناعيّة، قبل أن تكون تقليديّة، فلا يلتزم المكلّف بها إلا بعد أن يقتنع بها ويشرع فعلاً في تقليد الشخص المحصورة فيه الأعلميّة أو المظنون بها. وهنا أعرض لسماحتكم حالتين لو تفضّلتم بالتعليق عليهما:
الحالة الأولى: فيما لو اقتنع المكلّف بمسألة وجوب تقليد الأعلم، وقلّد شخصاً يقول بها، ولكن بعد فترة ـ قصيرة أو طويلة ـ تغيّرت قناعته بهذه النظريّة، لسببٍ أو آخر، فلم يعد يرى أيّ قناعةٍ بها، واقتنع بخلافها أنّ التقليد يكون لغير الأعلم، أو أنّ هذه النظريّة غير واقعيّة أو غير عمليّة، بسبب قراءاته أو نقاشاته مع مختلف الشرائح العلميّة الحوزويّة أو الثقافية الملتفّة حول الحوزات الدينيّة أو قراءة البحوث المكتوبة والمقالات المبثوثة هنا وهناك، فهل ينفكّ التزام المكلّف بخصوص هذه المسألة، ولا يستمرّ عمله بها، بغضّ النظر إن استوجب ذلك الاستمرار في تقليد نفس هذا الفقيه أو الانتقال لفقيهٍ آخر؟ وفي واقع الأمر، فإنّني لست أتصوّر علاقة أبديّة بين المرجع والمكلّف، بحيث لا يُمكن للمكلّف التحرّر من أفكار وفتاوى المرجع إلا بفتوى المرجع نفسه، فيما لو تراجع المرجع عن نظريّة الأعلم، أو اعتقد المكلّف بأعلميّة مرجع آخر لا يرى وجوب تقليد الأعلم.
الحالة الثانية: أحد المكلفين، بذل الوسع في قراءة هذه النظريّة، ووصل لقناعةٍ بعدم ثبوتها أو حجيّتها أو واقعيّتها، ففي آخر المطاف هو لن يعمل بها ولا يعتقدها ديناً، فهل يستطيع تقليد مرجع تقليد يرى وجوب تقليد الأعلم، ولكن دون أن يلتزم هذا المكلّف بهذه المسألة وتوابعها؟ أو أنّ الخيارات المفتوحة أمامه في هذه الحال تقتصر على مراجع التقليد الذين لا يرون تقليد الأعلم؟ هذا وتفضلوا منّا كلّ الحبّ والتقدير (أبو محمد صادق، البحرين).
الجواب: إذا بنينا على عدم تقليديّة مسألة تقليد الأعلم ـ كما هو الصحيح على ما ذكرنا سابقاً ـ فلا فرق في ذلك بين الابتداء والاستمرار، وأساساً لن يكون المكلّف معنيّاً بهذه الفتوى التي ذكرت في الرسالة العمليّة، سواء قلّد صاحبَها أو لا. وعليه فلو تغيّرت قناعاته تغيّراً موضوعياً مبرءاً للذمّة بحيث دفعه لتغيّرها بحثُه الجاد ونظره الموضوعي، انفكّت علاقته بالأعلم أو بالأحرى أمكن فكّها بالنسبة إليه، وكذلك لو كانت قناعته على غير تقليد الأعلم لم يكن ملزماً ـ لو قلّد من يقول بوجوب تقليد الأعلم ـ أن يقلّده في هذه المسألة ولو كان مقلّداً له في سائر المسائل. فهذا مثل مسألة التقليد نفسها، فلو قلّد شخصاً فهو لا يقلّده في أصل مسألة وجوب التقليد حتى لو ذكرت هذه المسألة في الرسالة العمليّة من باب إبداء المرجع رأيه فيها؛ لأنّ هذه المسألة تابعة ـ وجوداً وعدماً وحدوثاً وبقاء ـ لقناعة الشخص نفسه. هذا ما أجده الراجح بنظري القاصر، وعلى كلّ مكلف أن يعمل وفقاً لاجتهاده أو تقليده.