منصب الإفتاء والمجالس التشريعيّة ـ نقد اشتراط الإسلام والإيمان في المفتي والمرجع والنائب في المجالس البرلمانيّة
حيدر حبّ الله([1])
تمهيد
يطرح العديد من الفقهاء شرط الإسلام في المفتي ومرجع التقليد. والشيعةُ الإماميّة يطرحون شرط التشيّع الاثني عشري فيه فضلاً عن الإسلام، وهذا يعني أنّ هذا المنصب لا يمكن لغير المسلم أن يتولاه تلقائيّاً.
ولا يبدو لي أنّ هذا الموضوع يعنينا هنا؛ لأنّ هذه مناصب دينيّة، وليست مناصب عامّة وطنيّة، فلو حُرم منها «الآخر الديني» فقد يكون أمراً طبيعيّاً، لهذا لا نبحث هنا عن شرط الإسلام في إمام الجماعة، أو شرط الكاثوليكيّة في رجل الدين الذي يتولّى إقامة العشاء الربّاني، لأنّها قضايا داخل دينيّة، لا تمثل حقوقاً سياسيّة عامّة أو وظائف عامّة اجتماعيّة خارج إطار الأديان نفسها.
لكنّ ما يدفعنا لطرح هذا الموضوع هنا، هو أنّه قد تمّ ربط هذه الفكرة عند بعض الباحثين بموضوع المجالس النيابيّة بوصفها مجالس تشريعيّة؛ وإذا كانت تشريعيّةً فهذا يعني حرمة انتساب غير المسلم لها ولا السماح له بالترشّح للوصول إلى هذه المجالس ذات الطابع القانوني؛ لأنّ فيها صفة الإفتاء أو أنّها تقاس على فعل الإفتاء، انطلاقاً من أنّ ما سيصدر عن هذه المجالس والبرلمانات هو تشريعات الدولة الإسلاميّة، أو أنّ مفهوم أولي الأمر وأهل الحلّ والعقد أخذ فيه شرط الإسلام، كما يراه بعضٌ([2]).
وربما تكون هذه القضيّة حسّاسةً بالنسبة للإسلام أكثر منها للمسيحيّة التي تتراجع فيها كثيراً القوانين المدنية بوصفها فتاوى.
لكنّ هذه المقاربة بين الفتوى والقوانين المنبثقة عن المجالس التشريعيّة وأمثالها، غير دقيقة؛ وذلك أنّ المنبثق عن هذه المجالس يعتمد في الدولة الإسلاميّة على عنصرين:
العنصر الأوّل: كونه متوالماً أو غير معارض للشريعة الإسلاميّة.
العنصر الثاني: عدم اعتباره حكماً شرعيّاً في أصل الشرع.
وبهذين العنصرين معاً يتبيّن أنّ القوانين المنبثقة عن هذه المجالس ليست فتاوى أصلاً؛ بل هي اعتبارات بشريّة مصلحيّة تأخذ قيمتها، إمّا من انسجامها مع الشرع أو من عدم معارضتها له، وتصبح ذات سلطة انطلاقاً من سلطة من له الولاية بحيث تغدو هذه القوانين نافذة بإمضائه، أو تأخذ سلطتها من أيّ عنصر آخر كالتعاقد الاجتماعي بعد إحالتها على الفقهاء للتأكّد من كونها غير معارضة للشرع، فليس هنا موضوعٌ شرعي أصلاً استبدّ به المجلس التشريعي، بل موضوعٌ قانوني بشري، لا يأخذ سلطته من كونه حكماً شرعيّاً في ذاته، بل من عناصر اُخر، ولهذا يتمّ التمييز بين هذه المجالس وبين المجالس الدستوريّة الفقهيّة التي تملك حقّ البتّ في موقف الشريعة من القوانين المنبثقة هذه.
من هنا، أعتقد بأنّ جعل المجالس التشريعية مجالس إفتاء أو قياسها على مجالس الإفتاء غير صحيح؛ وإلا كان يلزم في أعضاء المجالس التشريعيّة والنيابيّة أن يكونوا جميعاً من الفقهاء، ولا نعرف أحداً من أهل العلم في العصر الحديث طَرح مثل هذا الشرط.
وبعيداً عن بطلان هذه المقاربة، فهل يوجد أصلاً ما يلزم في المفتي أن يكون مسلماً أو لا؟ ومن ثمّ فهل يلزم في المجالس الدستوريّة (مجلس صيانة الدستور) في البلد الإسلامي أن يكون مسلماً أو لا؟
تمايز القضيّة بين الإسلام والمسيحيّة واليهوديّة
ويلزمني هنا أن اُشير لأمر مهمّ في مسألة وظيفة رجل الدين ومنصبه في الأديان الثلاثة، ففي اليهوديّة ثمّة تمييز واضح بين عالم الدين ورجل الدين، فعالم الدين وهو الحاخام، واسمه مستمدّ من الحكمة والعلم بالحكمة، ليس سوى شخص عارف بالدين والشريعة، بينما الكاهن هو رجل الدين، ولا يلزم فيه أن يكون عالماً أصلاً، بل هو من اللاويّين من نسل هارون، فهذا النسل يملك هذه السلطة في إجراء بعض المراسم الدينيّة في المعبد أو غيره، ولا يملك هذه السلطة حتى الحاخام نفسه في بعض الحالات. وبهذا نتصوّر أنّ رجل الدين قد يختلف عن عالم الدين، ومن ثمّ فرجل الدين لابد أن يكون يهوديّاً.
في المسيحيّة الكاثوليكيّة، نجد أنّ العالم واللاهوتي يمكن أن لا يكون رجل دين، بمعنى أنّ بعض الشعائر والممارسات الدينيّة ـ كالعشاء الربّاني ـ تحتاج للحصول على درجات مقدّسة كالشمّاس والأسقف والقسيس، بينما يمكن أن يكون الإنسان عالماً دينيّاً كبيراً دون أن يملك هذه الدرجات الدينيّة المقدّسة.
هذا النمط من التفريق غير موجود في الإسلام، لو تجاهلنا شرط العدالة الذي هو شرط سلوكي أخلاقي، فليس هناك رجل دين في الإسلام يملك مناصب سلطويّة على أشكالها خارج إطار العلم الديني، ومن ثمّ فليس هناك كهنوت، وإنّما هناك عالم الدين، بل قلّة من علماء الدين من يملكون مناصب سلطويّة في الإسلام، وهم الذين بلغوا رتبة الاجتهاد فيملكون منصب القضاء والولاية والفتوى.
هل ثمّة دليل على شرط حجيّة الفتوى باتحاد الهويّة الدينيّة بين المفتي والمقلِّد؟
من هنا يطرح هذا الموضوع: هل أنّ حجية فتوى المجتهد مشروطة بكونه مسلماً أو شيعيّاً مثلاً أو لا؟
لا اُريد الإطالة في هذا الموضوع الداخل ـ ديني، لكن أمرّ عليه سريعاً، حيث قد يستدلّ بأدلّة متعدّدة، وعمدتها:
أ ـ مرجعيّة الإجماع، مقاربة نقديّة
الدليل الأوّل: الاستناد إلى الإجماع، وهذا هو الدليل الوحيد الذي اعتمد عليه السيد محسن الحكيم، حيث اعتبر أنّ سائر الأدلّة لا تنفع([3]).
والجواب بوضوح مدركيّة هذا الإجماع كما سوف يظهر، بل كثير من الفقهاء ليست لهم إشارة لهذا الموضوع، بل قد خالف فيه بعض المتأخّرين مثل الشيخ مرتضى الحائري الذي قال بأنّه لو عُلم أنّ الفقيه غير الشيعي غير متورّط في الخيانة، وأنّ ما يقوله على مذهب أهل البيت، فلا مانع من الرجوع إليه([4]). كما ناقش السيد تقي القمي جميع أدلّة شرط الإيمان ولم يوافق على أيّ منها بما يظهر منه عدم القبول بهذا الشرط([5]).
ب ـ قصور البناءات العقلائيّة، محاولة السيد السيستاني
الدليل الثاني: ما ذهب إليه السيّد السيستاني، من أنّ الدليل العُمدة على حجيّة الفتوى هو السيرة العقلائيّة. والبناء العقلائي ليس على نسق واحد في كلّ الأمور، ففي الأمور البدنية يرجعون لأيّ طبيب مهما كان دينه، بينما في الأمور الدينيّة قامت سيرتهم على عدم الرجوع لغير أبناء ديانتهم، ولو لكونهم لا يثقون بهم، وهذا يعني أنّ هناك نوعاً من القصور والضعف في المقتضي الدالّ على الحجيّة. والأصلُ عند الشكّ في الحجيّة هو عدمها([6]).
ولكنّ هذه المحاولة قابلة للمناقشة؛ وذلك أنّ السيستاني أشار بنفسه ـ دون أن يقصد ـ إلى ما يهدم بناء هذه المناقشة، وذلك حين قال بأنّ منطلقهم في ترك فتوى المفتي من غير مذهبهم هو فقدان الوثوق والثقة بهم، وهذا يعني أنّ تحليل السيرة العقلائيّة يجب أن يُفضي إلى تحليل منطلقاتها، لا إلى تحليل مجرياتها ووقائعها ومخرَجاتها التاريخيّة فحسب، فلو فرضنا أنّ حالة الثقة قد انعقدت مع شخصٍ، فهل يمكن القول بأنّ السيرة العقلائيّة قد قامت على ترك الاتّباع لفتواه؟
إنّ مقاربة السيستاني يفترض أن تُنتج شرط الاتحاد في الدين والمذهب على تقدير عدم الوثوق بالآخر الديني، ولو من حيث إنّ تديّنه بدينٍ آخر قد يترك تأثيرات على اجتهاداته، أمّا لو تركنا هذه الحال، فهل ثمّة تحرّج عقلائي في المقام؟
جوابي ـ بل يفترض أن يكون جوابه أيضاً ـ بالنفي، وهذا يعني أنّ موضوع القضيّة عند العقلاء ليس عنوان الاتفاق في الدين والمذهب، بل عنوان الثقة وعدمها، فلماذا نتج عن الدليل القائم على الثقة شرطٌ مغايرٌ وهو الاتحاد في المذهب؟! ودعوى التلازم الخارجي ـ لو سلّمنا أنّها تبرّر إضافة شرط جديد لشروط مرجع التقليد يلاحَظ بعنوانه ـ إنّما تنشأ من الواقع التاريخيّ، وليس بإمكاننا معرفة الحال في المستقبل في علاقات الأديان ببعضها، وإمكانية حصول نوع من الثقة الجزئيّة أحياناً، وإلا وقعنا في التخرّص والرجم بالغيب، بل التلازم الخارجي ليس سوى تشخيص موضوع من قبل الفقيه المستدلّ هنا، فبأيّ وجهٍ يُلزم عامّة الناس بتشخصيه للموضوع، مع عدم كون الموضوع مأخوذاً بعنوانه في لسان دليلٍ من الأدلّة؟! ولعلّ "العامي" تحصل له الثقة التي لم تحصل للمستدلّ.
بل لعلّ بإمكاننا أن نقول بأنّ ترك العقلاء قول غير ملّتهم في الديانات، ليس راجعاً سوى لانعدام موضوع هذه القضيّة في التاريخ؛ فلم يسبق أن أفتى علماء مذاهب أو أديان اُخَر على مذاهب غيرهم حتى يقلَّدوا في ذلك، ومن ثمّ فهم هجروا تاريخيّاً فتاوى غيرهم؛ لأنّ العادة جرت على أن لا تكون على أصول مذهبهم ودينهم، لا لأنّ لديهم قناعة مستقلّة تقضي بشرط الاتحاد الديني أو المذهبي بين المفتي والمقلّد، بل لو قلنا بشرط الأعلميّة فلعلّ المنطلق هو عدم ثبوت أعلميّة شخص من غير مذهبهم على جميع علماء مذهبهم، ومن ثم فهذا الجفاء سببه عدم تحقّق فرص تاريخيّة لهذا النوع من التواصل، ونحن تصوّرناه تأصيلاً عقلائيّاً.
ج ـ ارتباط العلم بالفتوى بالاعتقاد الديني بمقدّماتها العقديّة
الدليل الثالث: ما ذكره السيد السيستاني أيضاً؛ من أنّ حجيّة الفتوى مشروطة بكون الفتوى ومقدّماتها معلومة للمفتي، فلو أنّ المفتي لم يكن عالماً أو مصدِّقاً بتمام المقدّمات لم تكن فتواه حجّة، وعليه فلابدّ أن يكون مؤمناً بنبوّة النبيّ وإمامة الإمام حتى تكون فتواه حجّة، ويشهد لذلك أنّك لو ذهبت إلى الطبيب، ثم قال لك بأنّه على النظريّة الفلانيّة التي لا أؤمن أنا بها شخصيّاً يكون علاجك كذا وكذا، فإنّك لا تأخذ بقوله؛ لأنّ الفتوى على المبنى لا قيمة لها، وعليه فما لم يكن المجتهد المفتي مؤمناً بتمام المقدّمات فلا حجيّة لفتواه عقلائيّاً([7]).
وهذا الكلام قابل للتأمّل؛ لأنّ الفكرة وإن كانت صحيحة بالصورة التي رسمها، لكنّها غير مطابقة لمفروض المسألة التي يتمّ البحث فيها؛ وذلك أنّ قول الطبيب بأنّني اُفتيك على النظريّة الفلانية التي لا أؤمن بها، إنّما لا يكون معتبراً عند العقلاء عندما لا يكون لديهم هم علمٌ بصحّة تلك النظريّة، أمّا لو كان لديهم علمٌ بصحّتها فإنّهم يضمّون هذا العلم إلى اجتهاده في البناء عليها، ويعملون بكلّ ثقة واطمئنان، فالمبنى (وهو هنا أصل دينهم ومذهبهم) يأخذون فيه بالعلم الوجداني، بينما البناء على هذا المبنى يأخذون فيه بالتقليد، وخبرويّة الآخر تكون في عملية البناء على هذا المبنى، وهذا أمرٌ واضح عقلائيّاً.
د ـ اعتماد مرجعيّة السيرة المتشرّعيّة، مقاربة السيد الخوئي
الدليل الرابع: ما استند إليه السيّد الخوئي، مثبتاً به ثلاثة شروط معاً في المرجع هي: العقل، والإيمان، والعدالة، وهو «أنّ المرتكز في أذهان المتشرّعة الواصل ذلك إليهم يداً بيد عدم رضى الشارع بزعامة من لا عقل له، أو لا إيمان أو لا عدالة له. بل لا يرضى بزعامة كلّ من له منقصة مسقطة له عن المكانة والوقار؛ لأنّ المرجعيّة في التقليد من أعظم المناصب الإلهيّة بعد الولاية، وكيف يرضى الشارع الحكيم أن يتصدّى لمثلها من لا قيمة له لدى العقلاء والشيعة المراجعين إليه. وهل يحتمل أن يرجعهم إلى رجل يرقص في المقاهي والأسواق أو يضرب بالطنبور في المجامع والمعاهد ويرتكب ما يرتكبه من الأفعال المنكرة والقبائح. أو من لا يتديّن بدين الأئمة الكرام ويذهب إلى مذاهب باطلة عند الشيعة المراجعين إليه؟! فإنّ المستفاد من مذاق الشرع الأنور عدم رضى الشارع بإمامة من هو كذلك في الجماعة، حيث اشترط في إمام الجماعة العدالة فما ظنّك بالزعامة العظمى التي هي من أعظم المناصب بعد الولاية.. ولعلّ ما ذكرناه من الارتكاز المتشرّعي هو المراد مما وقع في كلام شيخنا الأنصاري ـ قدّه ـ من الإجماع على اعتبار الإيمان والعقل والعدالة في المقلّد؛ إذ لا نحتمل قيام إجماع تعبّدي بينهم على اشتراط تلك الأمور»([8]).
وقد صاغ الميرزا جواد التبريزي الدليلَ هنا بقوله: «إنّ المرجعيّة في الفتاوى منصبٌ يتلو منصب الإمامة. وغيرُ المؤمن لا يصلح لذلك؛ فإنّ تصدّيه لهذا المنصب وهنٌ، حيث يوهم الناس بطلان المذهب، حيث يلقي فيهم أنّه لو كان مذهبهم حقّاً لما عدل عنه»([9]).وقد كان ألمح لهذا النمط من الاستدلال من قَبل الشيخ علي كاشف الغطاء([10]).
هذا الدليل ـ بصرف النظر عن قيمته في شرطَي: العقل والعدالة، حيث نركّز نظرنا هنا على شرط الانتماء الديني والمذهبي ـ يوظّف فكرة ذوق الشارع تارةً والارتكاز المتشرّعي تارةً أخرى، كما ينبني على فكرة أنّ مرجعيّة الإفتاء هي زعامة دينيّة تقع تاليةً لزعامة الإمامة والولاية، وهي الفكرة التي رفضها أمثال السيّد السيستاني([11]).
ولكي اُجلي الموضوع وأنتصر هنا للسيّد السيستاني، يمكنني القول بأنّ مجموعة من العناصر تمّ دمجها في كلمات الخوئي بحيث بدت فكرة التقليد مكوّنةً من سلسلة شخصيّات يتحلّى بها المقلَّد مندكّة في بعضها غير قابلة للفصل، فالخوئي تصوّر مرجع التقليد على أنّه شخص يرجع إليه في الفتاوى، ومن ثمّ فهو يملك زعامة دينيّة، في حين أنّ هذه الزعامة الدينيّة أتت من الخصائص والصلاحيات التي منحت لمرجع التقليد، لا لفكرة مرجعيّته في التقليد نفسها، فمثلاً إذا قلنا بأنّ زيداً هو مرجع تقليد نتصوّر فوراً أنّه يملك الولاية على القضاء، وولاية الحدود والعقوبات، وولاية الأخماس، والولاية على القصّر ومال الغائب وغير ذلك، إن لم نقل بأنّ له ولاية شأنيّة بالحدّ الأدنى على الأمّة كلّها سياسيّاً واجتماعيّاً، وأنّه يحدّد مواقع القوّة في الأمّة.
هذه الصورة ليست هي في الحقيقة مرجعيّة الإفتاء، بل هي مجموعة عناصر منضمّة لبعضها أوجبت لنا أن نتصوّر أنّ التقليد هو هذه العناصر مجتمعةً، في حين أنّ التقليد لا يمثل شيئاً من هذه، وإنّما يعني نوعاً من الرجوع الخبرويّ للعالم، تماماً كالرجوع للطبيب لسؤاله عن مرض أو الرجوع لخبير في أعطال السيارات لسؤاله عن مشكلةٍ ما..
إنّ كلّ الولايات والسلطات الأخرى مُنحت لمرجع التقليد بأدلّة إضافيّة، أو بأعراف اجتماعيّة زمنيّة، ومن ثمّ فالتفكيك بات ممكناً، والدليل أنّك تجد الفقهاء مختلفين في الولاية العامّة للفقيه، وفي ولايته على الحدود بعد عصر النصّ، وفي ولايته على الأخماس وهكذا، ممّا يعني أنّ كون الشخص مفتياً لا يساوي كونه مالكاً لكلّ هذه المنظومة من السلطات، ومن ثمّ ففكرة أنّ المرجعيّة هي الزعامة الدينيّة العليا بعد الإمامة ليست دقيقة، وإنّما هي صورة تاريخيّة وقع دمج أجزائها مع بعضها في كلام الخوئي.
وعليه، فإذا قلنا بأنّ شرط الإسلام والإيمان ثابت في الولايات، بمقتضى دليل السيّد الخوئي القائم عليها عبر عنصر الزعامة الدينيّة الوارد في دليله، فيمكن فرض غير الشيعي، بل غير المسلم، مرجعَ تقليد، غايته أنّه مسلوب الصلاحيات الولائيّة، ومن أين نعرف أنّ الذوق الشرعي أو الارتكاز المتشرّعي يرفض ذلك ما دامت هذه القضية لم تكن يوماً في محلّ تصوّره وابتلائه؟!
على خطّ آخر، أعتقد بأنّ صورة الفرضيّة لموضوع بحثنا غير متجلّية بوضوح؛ وذلك أنّ مفروض بحثنا هو أنّ الفقيه غير الإمامي أو غير المسلم يملك خصائص الاجتهاد التامّة وسائر شروط التقليد من نوع العدالة والأخلاق والتقوى ـ وفقاً لعقيدته ـ وأنّه مأمونٌ على المسلمين ودينهم نلمس منه الثقة العالية، ونحن في الحقيقة لم نطلب منه غير أن يعطينا نتائج رأيه الفقهي، بل لو قلنا بجواز تقليد الميّت لكان يمكن تصوّره ميتاً لا خطر علينا من وجوده، إنّ صورة بحثنا ـ حتى لا نخلط الأوراق ببعضها ـ تكمن هنا، ولنتصوّره مدافعاً عن قضايا المسلمين ومؤمناً بالتسامح العميق بين الأديان وغير ذلك، في هذه الصورة أين هو الارتكاز المتشرّعي أو ذوق الشارع الذي يتكلّم عنه السيد الخوئي؟ وما دليله على قيامه هنا، والمسألة غير متخيّلة لهم في العصور الماضية ـ بل اليوم أيضاً ـ تبعاً لطبيعة الحياة؟! فكيف يمكن الاستناد لارتكاز متشرّعي قام على حالة اجتماعيّة ليست هي التي نتكلّم عنها، بحيث لا نعرف ـ لو عرضنا عليهم، بسبب تطوّر العلاقات بين الأديان وثقافة البشر عامّة ـ صورةً لم يكن أحد ليتخيّلها آنذاك، هل كانوا سيرفضونها أو لا؟! فتحكيم الصورة التاريخيّة على وضعٍ غير موجود في التاريخ مفارقة واضحة وسلوك غير منطقيّ؟!
علماً أنّ تصوّراته كلّها مبنيّة على شرط الأعلميّة في مرجع التقليد، فهو الذي يمنح المرجعية مركزيّةً وزعامة، فماذا لو قلنا بنفي هذا الشرط، ومن ثمّ تنتهي فكرة الزعامة العامّة، وربما يقلّده عددٌ محدود من الناس فهل يجري هذا الدليل هنا؟!
لو كان هذا الارتكاز هو التعبير التراكمي الاجتماعي لعادات المسلمين فيلزم بطلان تقليد الفقيه العادل حليق اللحية ولو كان يرى حليّتها، وكذا يحرم تقليد مثل الفيض الكاشاني لو استمع إلى الغناء معتقداً حليّته! فهل نخلط بين موقفنا النفسي في الموضوع وبين الارتكاز المتشرّعي أو لا؟
أمّا كلام الشيخ التبريزي فهو بالنسبة لي غير مقنع؛ فهو استناد لعناوين ثانويّة ذات انطباع نفسي نشأ من أعراف، وليس إلا تشخيصَ موضوع، وإلا فلماذا لا يكون تقليده رقيّاً للمذهب بإثبات أنّه مذهب منفتح على جميع العالم ويحترم العلم حتى لو جاء من غير المسلمين، وغير ذلك من أشكال التصوير التي تغيّر القناعة والصورة التي رسمها التبريزي.
هذا فضلاً عن أنّ الأعلميّة في الفقه لا تساوي الأعلميّة في العقائد، وقد يكون إنسان غير عميق في العقيدة لكنّه عميق في الفقه والأصول، فما علاقة قيمة المذهب وصحّته أو قيمة الدين وصحّته بموضوع فقهي تفصيليّ؟!
هـ ـ نفي العدالة عن «الآخر الديني والمذهبي»، تحليل نقدي
الدليل الخامس: الاستناد إلى نفي صفة العدالة عن غير الشيعي وغير المسلم، انطلاقاً من أنّ خلله العقدي يوجب فسقه([12])، بل قد يقال بالأولويّة فإنّه إذا لم يجز للمسلم الشيعي الفاسق أن يكون مرجعاً فكيف يجوز لغير المسلم أن يكون كذلك؟!
والجواب: إنّه قد بحثنا بالتفصيل عن هذه القضيّة في موضعٍ آخر([13])، وقلنا بأنّ صفة العدالة ـ كما تُفهم من النصوص ـ هي صفة سلوكيّة أخلاقيّة وليست صفةً عقديّة، وأنّ تصوّر المعذوريّة في العقائد وارد، ومن ثمّ فيمكن تصوّر العدالة بوصفها سمةً أخلاقيّة في غير الشيعي بل غير المسلم، لو كان يلتزم بضوابط دينه وما يعتبره حلالاً وحراماً في شرعه، نعم ربما يقال بأنّ بعض كبريات الذنوب المشهورة من نوع الزنا والقتل والسرقة وغير ذلك لو كان معروفاً بها لا تثبت عدالته ولو كان معذوراً نتيجة بعض روايات شرط العدالة، وهذا تفصيل جزئي.
وبعبارة أخرى: شرط العدالة شرطٌ أخلاقي يستهدف أخلاقيّة من يتصدّى لإمامة الجماعة وللفتيا وللقضاء وللشهادة ولغير ذلك، كونه يلعب دوراً في ضمان سلامة معطياتهم، حيث الارتباط وثيق بين المعرفة والأخلاق، وبين القضاء والشهادة والسمات الأخلاقيّة، فكيف نربط هذه بخلافات فكريّة، والحال أنّ مفروضنا هو أنّنا لا نملك ما يُثبت أنّ هذا المفتي غير الشيعي أو غير المسلم قد خرق الأخلاقيّات السلوكيّة وهو يدرس القضايا العقديّة، وإلا لو ثبت لنا ذلك فلا نقاش في جريان شرط العدالة هنا لو كان شرط العدالة مأخوذاً بعنوانه في مرجع التقليد.
من هنا، فالحقّ ما ذكره السيد كاظم الحائري من صحّة توصيفه بالعدالة إذا عمل على وفق مذهبه، وإن كان ـ حفظه الله ـ ناظراً في ذلك فقط لغير الشيعي، لا لغير المسلم([14]).
و ـ فقدان الوثوق النفسي بمرجعيّة «الآخر الديني»، نقد وتعليق
الدليل السادس: ما ذكره بعض الفقهاء المعاصرين، من أنّ التقليد نوعٌ من إلقاء المسؤوليّة على عاتق الآخر، فكيف يمكن وضعها في ذمّة من لا يمكن الاعتماد عليه؟! كما أنّ التجربة التاريخيّة تعطي أنّ الذي يكون على غير المذهب الحقّ، حتى لو نظر على قواعد المذهب الحقّ، فإنّه لن يتجرّد تماماً من رواسبه، بل المعطيات توضح أنّ بعض من تشيّع بعد أن لم يكن شيعيّاً عبر التاريخ ظلّت رواسب انتمائهم السابق قائمة وموجودة في عالم اللاشعور.
وقد لاحظ هذا المستدلّ هنا على نفسه بمسألة حجيّة خبر غير الإمامي لو كان ثقةً، فاعتبر أنّ الخبر يعتمد على الحواسّ وخصوصيّة الوثاقة تدفع شبهة الكذب، بينما الاجتهاد نظرٌ وفكر، فغير المعتقد لن يتمكّن من التعامل مع القضيّة كما يتعامل معها المعتقد([15]).
وقد كان الفقيهُ المقاصديّ الشيخ ابن عاشور (1973م)، قد اعتبر أنّ منع الآخر الديني من تولّي المناصب الدينيّة العامّة يرجع لأنّ عدم إسلامه سوف يلحق الضرر بالمجتمع من حيث عدم كفاءته، ولا يمكننا تحديد الضرر؛ لأنّنا لا نتمكّن من الضبط في الأمور([16]).
والجواب: إنّ المستدلّ هنا لم يتمكّن من تصوّر إمكانيّة كون غير المعتقد بالمذهب أو الديانة الصحيحة قادراً على التفكير على قواعد ذلك المذهب أو ذلك الدين، وهذا ادّعاء لا تُسعفه الأدلّة؛ لو أخذنا الأمور بمعناها العرفي والعفوي، وذلك أنّه لو قصد أنّ الموضوعيّة البحثية لا تتحقّق كاملاً نتيجة ذلك؛ فإنّ هذه المقاربة التحليليّة والمعرفية ينبغي الإخلاص لها حتى النهاية، فالمعتقد قد يجرّه اعتقاده أحياناً من حيث لا يشعر لتأويل النصوص والتعامل معها بطريقة غير موضوعيّة وغير منهجيّة، وهذا أمر نكاد نرى تجلّياته في جميع الأديان والمذاهب الفكريّة، فهل نقول بعدم إمكان تقليد الشيعي لأجل ذلك؟! وهل المقاربة العلميّة السيكولوجية التي قدّمها المستدلّ تقف عند حدود المختلف في المذهب أو تدخل إلى المشترك في المذهب أيضاً؟ ولو صحّ كلامه فلا يمكن للأصولي أن يجتهد على قواعد الإخباريّين وبالعكس مهما بلغ من العلم! مع أنّنا وجدنا العديد من العلماء يجتهدون على مبنى غيرهم ويستخرجون نتائج ويحلّلونها بأفضل من تحليل غيرهم أنفسهم.
ومع شيوع ظاهرة النقل الحديثي بالمعنى كيف يمكن الاعتماد على مجرّد الصدق في الراوي غير الإمامي إذا كانت عمليّة النقل تقوم على فهم كلام الإمام؟! ولو صحّ الاستدلال هنا لزم اشتراط أن يولد المرجع شيعيّاً حتى نطمئنّ بعدم وجود رواسب عنده؟! ويفترض عدم جواز تقليد مثل الشهيد الأوّل والثاني ممن درسوا عند العشرات من علماء أهل السنّة؟! وإذا اختلفنا مع شخص في أفكاره العقائديّة داخل المذهب ورأينا من وجهة نظرنا أنّه لا يؤمن بمقام الإمامة بالشكل الذي نؤمن نحن به، يلزم أن لا يجوز تقليده أيضاً ولو كان هو الأعلم؛ لأنّ فهمه للإمامة وأمثالها يؤثّر في فهمه للنصوص؟! ومن يؤمن بالمدرسة العرفانيّة والفلسفيّة والروحيّة يلزمه أن لا يقلّد مرجعاً مغايراً لفكره وبالعكس؛ لما لهذه النزعات ـ سلباً وإيجاباً ـ من تأثير لاشعوري على فهم النصوص والتعامل معها ولو جزئيّاً؟! أعتقد بأنّ الموضوعيّة المطلقة أمرٌ وهمي، لكنّ المبالغة في اللاموضوعيّة هنا أمر غير دقيق.
بل يلزم على هذا الكلام أن نقول بأنّ المرجع الذي يقرأ كثيراً كتب المذاهب الأخرى والأديان والفلسفات الأخرى لا يجوز تقليده؛ لأنّ العادة تقضي بتأثر الإنسان من حيث لا يشعر بكثرة متابعة هذه الأفكار ولو تأثراً جزئيّاً!
بل يمكنني أن أضيف هنا لتقريب الفكرة، بأنّنا لو أتينا بالكتب الفقهيّة والأصوليّة لهذا العالم غير الشيعي أو غير المسلم، وحذفنا اسم مؤلّفها وعرضناها على الفقهاء وكانت ضمن دائرة الاجتهاد الإسلامي أو الإمامي لا تخرج عن مسارات المساحة المتحرّكة بين المجتهدين، فهل إذا ظهر اسم الشخص بعد ذلك نخرج عن حالة الوثوق؟!
أضف إلى ذلك أنّ منتهى الأمر أنّ المستدلّ هنا يشخّص موضوعاً خارجيّاً وليس موضوعاً مستَنْبَطاً؛ لعدم وروده في ألسنة الأدلّة، وقد يختلف معه حتى المقلّدون، فكيف ينتج عن قوله فتوى بشرط الإسلام والإيمان في المفتي ما دام تشخيصه للموضوع الخارجي ليس حجّةً على الآخرين؟! بل الصحيح أن تصاغ الشروط بهذه الطريقة: «يشترط الثقة باجتهاد المجتهد وإفتائه على طريقة مذهب أهل البيت أو على الطريقة الإسلاميّة»، ونترك أمر الثقة للمكلّف نفسه مع توجيهنا له بالمعلومات اللازمة التي نقتنع نحن بها.
ز ـ مرجعيّة الروايات الخاصّة، ردّ وتفنيد
الدليل السابع: الاستناد إلى الروايات الخاصّة هنا، مثل مقبولة عمر بن حنظلة، فإنّه يستفاد منها عدم الرجوع إلى غير الإمامي في أمور الدين.
وقد أجاب المتأخّرون من فقهاء الإماميّة عن الاستدلال بهذه الروايات، وناقشوها من حيث السندّ أو الدلالة أو هما معاً، ولم يذكروا سوى بعض الروايات، ولن نخوض في بحثها هنا اعتماداً على أنّا بحثناها بالتفصيل في كتاب «الحديث الشريف»، حيث حشدنا جميع الروايات الممكنة، ذات الصلة بحجيّة فتوى أو رواية غير الإمامي، وبلغنا بها ثماني عشرة رواية، وناقشناها في دلالاتها وأسانيدها ومصادرها، كما ذكرنا عدداً من الروايات التي قد تقف معارضة لها، وبلغنا بها خمس عشرة رواية، فليراجع، وقد توصّلنا إلى عدم إمكان الاعتماد عليها لإثبات عدم حجيّة الحديث غير الشيعي أو الفتوى من غير الشيعي، ما دامت الصفات الأخرى مأخوذة في الناقل والمفتي، فليراجع([17])؛ حتى لا نعيد.
والنتيجة التي نخرج بها هي أنّنا لا نملك أدلّة دينيّة أو عقليّة حاسمة تفرض شروطاً مستقلّة ـ قائمة بنفسها وعنوانها ـ في المفتي ومرجع التقليد من نوع الإسلام أو الإيمان، بل المهمّ هو تحقّق العلم والعدالة فيه مع وثوق المقلِّد بعلمه وعدالته، وقد سبق لنا أن بحثنا في بعض الشروط الأخرى في مرجع التقليد، من نوع طهارة المولد والذكورة، وتوصّلنا إلى عدم كونها شرطاً أصلاً أيضاً، وناقشنا هناك أيضاً الاستدلال بالأولويّة، حيث شرط في إمام الجماعة أن يكون ذكراً إماميّاً طاهر المولد، فراجع([18]).
هذا، وقد قال الشيخ علي كاشف الغطاء (1253هـ): «وقد يظهر من المرحوم الإصفهاني جواز تقليد غير المؤمن إذا قطع بأنّ كيفيّة اجتهاده واستنباطه على طريقة أهل الحقّ، وقطع بأنّه لا يخبر إلا عما هو رأيه ومعتقده لأنّه قد أمن خيانته» ([19]).
وعليه، فليس ثمّة ما يفيد ـ بالعنوان الأوّلي ـ المنعَ من تولّي غير المسلم مناصب إفتائيّة لو فرض تحقّق سائر الشروط فيه، ومن ثم فتولّي مناصب تشريعيّة برلمانية لا مانع منه طبقاً للقاعدة، وليس بأيدينا دليل على الاستثناء، وما نملكه هو المحدّدات الدستوريّة العامّة، من نوع حفظ الهويّة الإسلاميّة، وحماية الوجود الإسلامي، وتحقيق مبادئ السيادة والحريّة والاستقلال والعلوّ بالمعنى الذي تقدّم، ونحو ذلك، والباقي كلّه موضوعات متحرّكة تتبع الزمان والمكان.
([1]) هذا البحث جزءٌ من كتاب (قواعد فقه العلاقة مع الآخر الديني، دراسة في ضوء النصّ الإسلامي والمسيحي، الحقوق السياسيّة تطبيقاً: 697 ـ 709)، من تأليف حيدر حبّ الله، نشر دار روافد في بيروت، الطبعة الأولى، 2020م.
([2]) انظر: سُورحمَن هدايات، التعايش السلمي بين المسلمين وغيرهم داخل دولة واحدة: 341 ـ 342.
([3]) انظر: الحكيم، مستمسك العروة الوثقى 1: 42.
([4]) انظر: الحائري، شرح العروة الوثقى 1: 98.
([5]) انظر: القمي، مباني منهاج الصالحين 1: 28 ـ 30.
([6]) انظر: السيستاني، الاجتهاد والتقليد والاحتياط: 456 ـ 457.
([7]) انظر: المصدر نفسه: 457 ـ 459.
([8]) الخوئي، التنقيح في شرح العروة الوثقى (الاجتهاد والتقليد): 223 ـ 224.
([9]) التبريزي، تنقيح مباني العروة (الاجتهاد والتقليد) 1: 58.
([10]) انظر: النور الساطع في الفقه النافع 2: 202.
([11]) انظر: السيستاني، الاجتهاد والتقليد والاحتياط: 456.
([12]) انظر: علي كاشف الغطاء، النور الساطع في الفقه النافع 2: 202.
([13]) انظر: حيدر حبّ الله، الحديث الشريف حدود المرجعيّة ودوائر الاحتجاج 1: 90 ـ 108.
([14]) انظر: كاظم الحائري، القضاء في الفقه الإسلامي: 318.
([15]) انظر: مصطفى الهرندي، الفروع من فقه أهل البيت (الاجتهاد والتقليد) 1: 195 ـ 197.
([16]) انظر: ابن عاشور، مقاصد الشريعة الإسلاميّة: 332.
([17]) انظر: حيدر حبّ الله، الحديث الشريف حدود المرجعيّة ودوائر الاحتجاج 1: 134 ـ 174.
([18]) انظر: حيدر حبّ الله، دراسات في الفقه الإسلامي المعاصر 1: 201 ـ 255، و5: 366 ـ 372.
([19]) انظر: كاشف الغطاء، النور الساطع في الفقه النافع 2: 203.