hobballah

الموقع الرسمي لحيدر حب الله

المقالات

الذكر في الحج

تاريخ النشر: 7/12/2015
101180
التحميل

هل ذكر الله في المشاعر واجب أو مستحب؟

حيدر حب الله*

تمهيد

من الواضح أنّ الحاجّ يذكر الله تعالى في حجّه، ففي الصلوات ـ صباحاً وظهراً ومساءً ـ يذكر الله، وفي التلبية يذكره سبحانه، وفي غيرهما أيضاً، لكن سؤالاً يثار هنا: هل يجب في الحج ذكرٌ آخر غير التلبية وغير الصلوات اليومية أو صلاة الطواف أم أنّ ذلك غير واجب؟

والذي يبدو أنّ هذا الموضوع قد جرى تناوله في كتب التفاسير، عند تفسير بعض آيات الحج من سورة البقرة، كما تناولته الدراسات الفقهية في ثلاثة مواضع: عرفات، والمشعر الحرام، وأيّام التشريق.

وقد لاحظنا أنّ الفقه الشيعي لم يعالج موضوعاً عاماً يدور حول وجوب أو عدم وجوب ذكر الله تعالى في الحج، إنما تناول موضوع وجوب أو عدم وجوب الدعاء في عرفات، حيث ذهب بعض الفقهاء إلى وجوبه، كما تناول لزوم ذكر الله والصلاة على محمد وآل محمد في المزدلفة، نظراً لذهاب بعض الفقهاء إلى وجوبه، وكذلك موضوع التكبير في أيام التشريق.

بدورنا، سوف ندرس ـ بدايةً ـ مقولة وجوب الدعاء في عرفات، ونرصد أدلّتها والمناقشات عليها، ثم نعرّج على القول بوجوب الذكر في المزدلفة على الطريقة عينها، متعرّضين بعد ذلك لمسألة التكبير في أيام التشريق، لنقدّم بعد ذلك تصوّراتنا الخاصّة في هذا المجال ونتائجنا.

النظرية الأولى: وجوب الدعاء في عرفة

ذهب الفقيه أبو الصلاح الحلبي (447ﻫ) في كتابه «الكافي في الفقه» إلى وجوب الدعاء في عرفات، قال: «يلزم افتتاحه [الوقوف بعرفة] بالنية، وقطع زمانه بالدعاء، والتوبة، والاستغفار»([1]).

والظاهر من النص المنقول ـ إضافةً إلى أصل وجوب الدعاء ـ وجوب التوبة والاستغفار أيضاً، بل وجوب قطع الوقت وتقضيته بهذه الاُمور.

أــ أدلّة النظرية الأولى، رصد ومتابعة

وقد استدل لهذا الحكم باُمور:

الأول: التمسّك بصحيح معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله× قال: «إنّما تعجّل الصلاة وتجمع بينهما لتفرغ نفسك للدعاء؛ فإنه يوم دعاء ومسألة، ثم تأتي الموقف وعليك السكينة والوقار، فاحمد الله، وهلّله، ومجّده، واثن عليه مائة مرّة...» ([2])، وهو حديث طويل نسبياً، كلّه تركيز على أنواع الدعاء، وفيه تشديد على عدم الالتهاء بالنظر إلى الناس و...، كما اشتمل على أدعية مخصوصة.

وتقريب الاستدلال بالرواية صيغ الأمر المتعدّدة فيها، وتشديدها على أمر الدعاء و... في هذا اليوم، مما يدلّ على الوجوب.

الثاني: خبر أبي يحيى زكريا الموصلي قال: سألت العبد الصالح× عن رجل وقف بالموقف، فأتاه نعي أبيه أو بعض ولده، قبل أن يذكر الله بشيء أو يدعو، فاشتغل بالجزع والبكاء عن الدعاء، ثم أفاض الناس؟ فقال: «لا أرى عليه شيئاً، وقد أساء، فليستغفر الله، أمّا لو صبر واحتسب لأفاض من الموقف بحسنات أهل الموقف جميعاً، من غير أن ينقص من حسناتهم شيء»([3]).

وتقريب الاستدلال به رجوع حكمه بالإساءة ولزوم الاستغفار إلى ترك الذكر والدعاء، مما يدلّ على الوجوب.

الثالث: خبر عبد الله بن جذاعة الأزدي عن أبيه، قال: قلت لأبي عبد الله×: رجل وقف بالموقف فأصابته دهشة الناس، فبقى ينظر إلى الناس ولا يدعو، حتى أفاض الناس، قال: «يجزيه وقوفه»، ثم قال: «أليس قد صلّى بعرفات الظهر والعصر، وقنت ودعا؟» قلت: بلى، قال: «فعرفات كلّها موقف، وما قرب من الجبل فهو أفضل»([4]).

الرابع: خبر المجالس قال: جاء نفر من اليهود إلى رسول الله’، فسأله أعلمهم عن مسائل، وكان فيما سأله أن قال: أخبرني لأيّ شيء أمر الله بالوقوف بعرفات بعد العصر؟ فقال النبيّ’: إنّ العصر هي الساعة التي عصى آدم فيها ربّه، ففرض الله عزّ وجل على اُمّتي الوقوف والتضرّع والدعاء في أحبّ المواضع إليه و...» ([5]).

إلى غير ذلك من الروايات الدالّة على الأدعية والأذكار في عرفات، يوم التاسع من ذي الحجة الحرام.

هذه هي الروايات التي عثرت عليها ـ بعد الفحص ـ في كلمات الفقهاء دليلاً على لزوم الدعاء يوم عرفة، ومن الطريف أن بعض هذه الأخبار المتقدّمة كانت من أدلّة القائلين بالاستحباب مثل خبر الأزدي والموصلي، فقد ذكرهما الحرّ العاملي تحت عنوان: باب أنّ الدعاء بعرفة مستحب مؤكّد وليس بواجب([6])، كما ذكرهما العلامة الحلّي دليلاً على عدم الوجوب([7]).

ب ــ مناقشة أدلّة النظرية الأولى

نوقش الاستدلال بهذه الروايات من جهات هي:

أولاً: إنّ الأصحاب متسالمون على عدم الوجوب، مما يمنع عن الحكم به([8]).

ويجاب بأنّ تسالم الأصحاب هنا وإن خُدش بشكل بسيط بمثل الحلبي، غير أنّه محتمل المدركية جداً، فلربما اعتمدوا على خبري الموصلي والأزدي كما فعل العلامة الحلّي، ومعه لا مجال لأخذ تسالمهم حجةً.

ثانياً: إن بعض هذه الروايات ـ مثل صحيح معاوية بن عمار ـ قد أمر بأدعية خاصّة، نعلم قطعاً عدم وجوبها، مما يكشف عن الاستحباب([9]).

وقد يقال: إننا نأخذ بدلالة الوجوب فيما لم تقم قرينة على خلافه ونترك دلالة الوجوب فيما قامت قرينة على الاستحباب.

إلّا أنّ ذلك ضعيف؛ فإن العرف ـ لا أقلّ ـ يتردّد في استفادة الوجوب من أوامر سبقها أو لحقها أوامر عديدة عُلِمَ الاستحباب في موردها، ومعه لا ينعقد ظهور في الوجوب فيها، نعم، مبدأ الدلالة فيها موجود، يمكن دعمه بتعاضد الأخبار أو تأييد الآيات وما شابه ذلك، ومن ثم يكون محتاجاً لكي يرتقي إلى درجة الظهور إلى مساعدٍ خارجي، كما سنشير إلى أنموذج له لاحقاً.

ثالثاً: إنّ الظاهر من خبر الموصلي أن الإساءة إنما كانت للجزع والبكاء لا لترك الدعاء، وقرينة ذلك خصوصاً، ذيل الرواية: لو صبر واحتسب، كما هو واضح([10]).

ونحن وإن لم نجد هذا ظاهراً غير أنّه يمنع ـ في الحدّ الأدنى ـ عن ظهور الرواية في المطلوب.

رابعاً: إن خبر المجالس قابل لإرادة الندب، ولو بقرينة ترتّب الثواب الوارد فيه، لاسيّما وأنّه واقع في مقام الإخبار لا في مقام التشريع([11]).

ويرد عليه:

أ ـ إنّ قابلية عبارةٍ ما للندب لا تنافي ظهورها في الوجوب.

ب ـ إن ترتيب الثواب لا يعني الاستحباب، فقد وردت آيات كثيرة وروايات عديدة ترتّب الثواب على اُمور واجبة، وهذا أوضح من أن يخفى، رغم اشتهار جعل الثواب قرينة الاستحباب في كلمات بعضهم.

ج ـ إنّ الوقوع في سياق الإخبار عن التشريع ربما يكون أوضح في الدلالة على الحكم من الوقوع في مقام التشريع؛ ذلك أن الإخبار قد يشرح حيثيات الحكم، ويطلّ عليها بما لا يبدو ظاهراً في نصّ التشريع نفسه، هذا مضافاً إلى أنّه لا دليل على أن الوقوع في سياق الإخبار عن التشريع يضعف من دلالة كلمة «فرض» على الوجوب.

خامساً: إنّ خبر الأزدي ظاهر في إجزاء الوقوف، حتى من دون الدعاء، مما يكشف عن عدم وجوب الدعاء نفسه.

وقد أورد صاحب الجواهر (1266ﻫ) وقبله الفاضل الهندي (1137ﻫ) على هذا الكلام بإيراد تام، وهو أن الإجزاء لا ينافي وجوب الدعاء بل يمكن اجتماعهما([12])، والظاهر من كلامه ـ إذا أردنا شرحه وتعميقه ـ أن وجوب الدعاء لا يعني صيرورته جزءاً للوقوف حتى يبطل الوقوف وينعدم بانعدام مقوّمه أو قيده أو جزئه، بل الوقوف ظرف للدعاء فحسب، مما يعني ثبوت حكم تكليفي في مورده فحسب، دون ترتيب آثار وضعية كالصحة أو البطلان للحج أو أحد أفعاله.

سادساً: إنّ خبر الأزدي ـ وكذا الموصلي ـ ليس نصّاً في وجوب الدعاء، وعلى تقديره فغاية ما يدلّ عليه، لزوم الدعاء في الجملة، لا قضاء تمام الوقت به، كما ذهب إليه الحلبي([13]).

وهذا الكلام قابل للمناقشة، فإننا لا نتمسّك في خبر الأزدي بدلالة نصية بقدر ما نتمسّك بظهور السؤال، وكذا المطلب الإضافي من الإمام× فيما بعد، في ارتكاز وجوب الدعاء يوم عرفة، وإلّا لم يكن معنى للسؤال برمّته، أو لمحاولة الإمام× حلّ المشكل بذكر الصلاة والظهرين وما شابه ذلك، ودلالة الارتكاز محكمة حتى لو لم نعثر على نصّ لفظي صريح في الوجوب بين كلمات الرواية.

سابعاً: إن بعض هذه الروايات ضعيف السند، فالموصلي مجهول، وعبد الله بن جذاعة مجهول، إضافة إلى جعفر بن عامر الراوي عنه، وأما خبر المجالس فهو ضعيف بجهالة أبي الحسن علي بن الحسين البرقي على الأقلّ، فيبقى خبر معاوية بن عمار، وهو لوحده غير كافٍ، ذلك أن باب الأدعية قد علمنا من موارد كثيرة عدم الوجوب فيها مع مجيء صيغة الأمر، ولهذا لا يؤخذ بصيغة الأمر فيها إلا مع كثرتها وتشديدها، أو قيام قرائن عليها، وهو ما سندرسه فيما بعد إن شاء الله تعالى. هذا مضافاً إلى عدم كفاية خبر واحد تام السند مدعوم بثلاث روايات ضعيفة تقريباً في تحصيل الاطمئنان بالصدور الذي هو المعيار في حجية الأخبار.

والنتيجة ـ إلى هنا ـ أنّ الأدلّة التي قيلت لإثبات وجوب الدعاء في عرفة غير تامّة، وبهذا يمكن التمسّك بأصالة البراءة عن الوجوب، كما فعله غير واحد([14])، وإلا فإجراء البراءة مع وجود الدليل غير سديد.

النظرية الثانية: وجوب الذكر في المشعر الحرام

ذهب بعض الفقهاء إلى وجوب الذكر عند المزدلفة، وزاد بعضهم لزوم الصلاة على محمد وآله، ففي جوابه عن إشكال وجوب الوقوف في المزدلفة مع عدم وجوب الذكر فيها مع أنّ آية المزدلفة دالّة من حيث المبدأ على وجوب الذكر، يجيب الشريف المرتضى (436ﻫ) في «الانتصار» بعدم المانع من القول بالوجوب لظاهر الآية، إلّا أنّه يضيف أنّه إذا دلّ دليل على استحباب الذكر أخرجناه ـ أي الذكر ـ عن ظهور الآية، ليبقى الباقي ـ وهو أصل الوقوف بالمزدلفة ـ على دلالة الوجوب([15]).

أما ابن البراج الطرابلسي، فرغم تصريحه باستحباب الدعاء يوم عرفة([16])، يذكر أحكام الوقوف بالمشعر الحرام، ويقسّمها إلى واجب ومستحب، ثم يضع في الواجب ذكرَ الله سبحانه والصلاة على النبي وآله صلوات الله عليهم أجمعين([17]).

أدلّة النظرية الثانية

ويمكن الاستدلال لصالح هذه النظرية بعدّة أدلّة وهي:

الوجه الأوّل: التمسّك بالآية الكريمة ـ كما هو ظاهر المرتضى ـ وهي قوله تعالى: ﴿فَإِذَا أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُواْ اللَّهَ عِندَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ...﴾ ([18])، حيث يظهر من الآية الأمر الظاهر في الوجوب.

وقد نوقش هذا الاستدلال من جهات:

أولاً: إن الذكر الوارد في هذه الآية، وفي آية الأيام المعدودات، وهي أيام التشريق والعيد، يراد منه الصلاة، وما يُذكر عقيب المناسك، ومعنى ذلك عدم وجوب ما هو غير الصلاة، لا أقلّ من احتمال ذلك([19]).

ويرد عليه: أن جعل الصلاة هي المرادة من الأمر بالذكر هنا بعيد جداً؛ إذ أيّ خصوصية للحج حتى يؤمر بالصلاة اليومية فيه في المشعر وأيام التشريق؟! لاسيّما وأنّ الأمر قد تكرّر في هذه الآيات مما يدلّ على مطلب إضافي غير الصلاة اليومية المتعارفة في الحج وغيره.

أما الذكر عقيب المناسك، فإن صدق عليه الذكر حكمنا بوجوبه، لا على نحو التعيين، بل على نحو كونه أحد الأفراد، فإن دلّ دليل على وجوبه بعنوانه وصدق عليه الذكر كفى، مع أنّهم لا يقولون عادةً بوجوبه، وستأتي الإشارة إليه.

ومثل هذا القول ما ذكره جمع من فقهاء ومفسّري أهل السنّة من أنّ المراد بالذكر في الآية صلاتي المغرب والعشاء في المزدلفة، وبعضهم حمله على صلاة المغرب لتصحيح الوجوب بها فوجب حمله عليها([20])، وعبّر بعضهم بصلاة المغرب والعشاء جمعاً في المزدلفة([21]).

وقد رفض بعض المفسّرين السنّة هذا القول، وذهبوا إلى أن ظاهر الآية إفادة وجوب الذكر، وأنّ فعل النبي’ شاهد على أن الذكر كان مغايراً لفعل صلاتي المغرب والعشاء جمعاً في المزدلفة([22]).

نعم يشهد لهذا الكلام ـ وهو تطبيق الذكر على الصلاة ـ خبر الأزدي المتقدّم، حيث سأله الإمام أخيراً بأنه هل صلّى في عرفات الظهر والعصر وقنت ودعا؟ فأجابه بالإيجاب، فذكر له الإمام أن عرفات كلّها موقف، مما يعني أن لزوم الدعاء يتحقق في داخل الصلاة، وهكذا الحال في الذكر، ولعله لذلك تمسّك به العلامة في المقام ـ مع خبر الموصلي ـ لرد الحكم بالوجوب([23]). إلا أن الرواية ضعيفة السند كما ذكرنا سابقاً، فلا يعتمد عليها، وهكذا خبر الموصلي.

وقد أورد المحقق الأردبيلي على تفسير الذكر بصلاتي المغرب والعشاء بأنّ معناه لزوم إتيان الصلاتين في المزدلفة، وهو غير جيد؛ إذ دلّت على عدمه صحيحة محمد بن مسلم وخبر سماعة وصحيحة هشام بن الحكم الدالة بأجمعها على جواز الإتيان بالمغرب في عرفات والعشاء في المزدلفة، إلا إذا أرادوا خصوص العشاء، فتحمل أخبار الجمع بينهما بأذانٍ واحد وإقامتين على الندب([24]).

ثانياً: ما ذكره العلامة الحلّي من التمسّك بمنع الكبرى، وهي إنكار ظهور صيغة الأمر (في الآية) في الوجوب، دون تبيين قرينة خاصة أو عامّة تساعد على ذلك([25]).

وهذا الكلام واضح الدفع:

أ ـ أما كبرى ظهور صيغة الأمر في الوجوب فقد حقق في علم أصول الفقه، وسيأتي ـ إن شاء الله ـ المزيد مما يتصل بهذا الأمر.

ب ـ وأمّا الصغرى فلا توجد قرينة تصرف خصوص الآية عن هذا الظهور في الإلزام، بل سيأتي ما يوجب تأكيد ظهورها في ذلك.

ثالثاً: ثمة احتمال ذكره المحقق الأردبيلي وغيره وهو أن نحمل الآية على النية، فيما تحمل الأخبار المؤيدة لها على الندب، وقد استظهر رحمه الله ذلك([26]).

وهذا الوجه قابل للمناقشة أيضاً، فإن حمل الآية على النية يحتاج إلى قرينة، إلا إذا قصد تفسير الذكر بالذكر القلبي، وسيأتي الحديث عنه، وعندئذٍ يرد عليه أنّ الذكر لو أريد منه نية الأفعال لكان من باب تحصيل الحاصل؛ لأنّ الحج بتمام أفعاله وشرائطه مشروط بالنية والإخلاص، كأيّ عبادة أُخرى، فيكون أخذ النية في الأمر العبادي مفروضاً عادةً بل دائماً، ومعه فأيّ خصوصية لذكر النية في أفعال الحج بعنوان الذكر بعد تقرير أصل وجوب هذه الأفعال على نحو القربة؟

هذا، مضافاً إلى أنّه لو أريد بالذكر النية، فلا ينسجم مع الآية اللاحقة المتّحدة السياق معها، والآمرة بالذكر الكثير كذكر الآباء أو أشدّ ذكراً، فإن النية تحصل ويبقى لها نحو استدامة حكمية بلا حاجة إلى افتراض كثير وقليل فيها. نعم، لو أراد من النية مطلق الذكر القلبي، لا الذكر القلبي المفروض في النية، أمكن، وسيأتي بحثه.

رابعاً: إن الحكم بوجوب الذكر خلاف المشهور، بل خلاف الاتفاق على ما يبدو، ولهذا تحمل الآية على الاستحباب([27]).

وفي النفس شيء من دعوى كونه خلافَ المشهور بعد عدم تعرّض الكثيرين له، وإن كان عدم التعرّض ـ إنصافاً ـ قرينة عدم الوجوب، إذ لو كان واجباً لذكروه عادةً، نعم ظاهر جمع الميل للوجوب، مثل القاضي ابن البراج في المهذب كما أسلفنا، والمحقق الأردبيلي في زبدة البيان([28])، وتردّد في المسألة العاملي في المدارك وإن قوّى الاستحباب([29])، بل قال بذلك الشيخ الطوسي في التبيان([30])، وابن أبي جامع العاملي (1135ﻫ) في تفسير الوجيز، مع إقراره بذهاب أكثر الأصحاب إلى الاستحباب([31])، ومن المعاصرين الصادقي الطهراني في تفسير الفرقان([32])، وقد سمعتَ كلام السيد المرتضى غير الآبي عن حمل الآية على الوجوب.

ولو سلّم ذهاب المشهور إلى الاستحباب، فهو إن ضرّ فإنّما يضرّ بحجّية سند بعض الروايات التي يستفاد منها الوجوب؛ باعتبار أنّ إعراضهم موجب ـ على قولٍ ـ لوهن الرواية، إلا أنّ المورد ليس كذلك، بعد كون مهمّ المدرك هنا هو الآية الكريمة، ومن ثم يكون الخلاف مع المشهور في الدلالة لا في الصدور، وهذه المخالفة لا تقدح ـ عادةً ـ في الدلالة بعد ثبوتها.

ومن هذا كلّه يظهر أن الوجه الأول المستدلّ به على وجوب الذكر في المزدلفة تام.

الوجه الثاني: التمسّك بجملة من الروايات وهي:

الرواية الأولى: خبر أبي بصير قال: قلت لأبي عبد الله: جعلت فداك، إنّ صاحبيّ هذين جهلا أن يقفا في المزدلفة، فقال: «يرجعان مكانهما فيقفان بالمشعر ساعة»، قلت: فإنه لم يخبرهما أحد حتى كان اليوم وقد نفر الناس، قال: فنكس رأسه ساعة، ثم قال: «أليسا قد صلّيا الغداة بالمزدلفة؟» قلت: بلى، قال: «أليس قد قنتا في صلاتهما؟» قلت: بلى، قال: «تمّ حجهما»، ثم قال: «والمشعر من المزدلفة، والمزدلفة من المشعر، وإنما يكفيهما اليسير من الدعاء»([33]).

وتقريب الاستدلال بالرواية أنّها اكتفت بدعاء القنوت، وحكمت بكفاية اليسير من الدعاء في المزدلفة، مما يفرض ـ ارتكازاً ـ أنّه كان واجباً، ولولا وجوبه لما لزم ذلك كلّه.

ويبقى أنّ الرواية تتحدّث عن الدعاء لا الذكر، ولا بأس به، ففي الدعاء ذكرٌ عادةً. والرواية لا تدلّ على كفاية الصلاة ـ كما قيل سابقاً في تفسير الآية ـ ذلك أنّ الإمام أراد أن يستفيد من دعاء الصلاة لا منها عينها، بوصفه أمراً مستحباً لا واجباً، ولعلّه لهذا لم يسأله ـ فقط ـ أصلّى أم لا؟ ولو كانت الصلاة كافيةً لما احتاج للسؤال عن القنوت المشكوك الإتيان به عادةً؛ لمكان استحبابه.

إلا أنّ المشكلة الوحيدة في الرواية ورود محمد بن سنان في سندها، وقد أسقط الأردبيلي هذه الرواية لضعف هذا الرجل([34]). وقد حققنا في أبحاثنا الرجالية حال هذا الراوي المشهور ولم تثبت وثاقته عندنا وفاقاً لجماعة من المحققين في علم الجرح والتعديل ليس آخرهم السيد أبو القاسم الخوئي.

أمّا ما ذكره صاحب الجواهر من أن لهجة التسامح الواردة في الرواية وما فيها من أحكام تجعلها دالةً على الاستحباب([35])، فهو غير واضح، بعد أن كان الإمام متشدّداً في السؤال عن قضايا وقعت منهم تبرّر الإجزاء وإسقاط الواجب عنهم.

الرواية الثانية: خبر محمد بن حكيم قال: قلت لأبي عبد الله×: أصلحك الله، الرجل الأعجمي والمرأة الضعيفة تكون مع الجمال الأعرابي، فإذا أفاض بهم من عرفات مرّ بهم كما هو إلى منى، لم ينزل بهم جُمَعاً، قال: «أليس قد صلّوا بها، فقد أجزأهم»، قلت: فإن لم يصلّوا بها؟ فقال: «فذكروا الله فيها، فإن كانوا ذكروا الله فيها فقد أجزأهم»([36]).

وتقريب الاستدلال بها أنّ لزوم الذكر مفروض فيها، وإلا فما معنى الإجزاء على تقدير الذكر؟!

وقد أورد الأردبيلي على الاستدلال بهذه الرواية بضعف سندها بمحمد بن حكيم نفسه، حيث لم يرد تصريح بتوثيقه([37])، فيما اعتبر بعضهم روايته حسنة لأنّه ممدوح على ما جاء في روايةٍ صحيحة عن الإمام×([38]).

نعم، في الرواية كفاية الصلاة، مما يكشف عن عدم لزوم ذكرٍ آخر فيها، إلا أنّه مردود بأنّ سؤال الإمام عن الصلاة تعبير آخر عن محقق مسمّى الوقوف في المزدلفة، إذ لا معنى لفرض صلاتهم على الراحلة، وهو افتراض بعيد، فيكون مراد الإمام× نزولهم ولو بمقدار يسير يوجب تحقق الوقوف الركني، كما هو المعروف بين الفقهاء، وبهذا لا يكون هناك ارتباط بين الصلاة والذكر.

نعم، ذكر الله في المزدلفة يمكن تصوّره وهم على الراحلة، إلا أنّه من غير البعيد أيضاً أن يكون المراد نزولهم للذكر، باعتبار أن هذه الجهة هي المفروضة مورداً للسؤال في الرواية، فيكون ذلك استطراقاً لكشف حال تحقق مسمّى النزول منهم، وإلا كان في الرواية دلالة على لزوم الذكر.

اللهم إلا أن يقال بأنّ نفس المرور بالمزدلفة موجب لتحقق الوقوف الشرعي، ومعه يكون التعبير بالصلاة كاشفاً عن تحقق الذكر الواجب بها.

لكن مع ذلك، لا تدلّ الرواية على شيء هنا، فإنّها بصدد بيان كفاية الذكر أو الصلاة مطلقاً في تحقق الوقوف بالمزدلفة؛ لأنّ السؤال كان عن الوقوف لا عن الذكر، ومعه فتكون أجنبيةً عن مقامنا؛ لأنّها ليست في مقام بيان حكم الذكر حتّى يقال: إن اكتفاءها بالصلاة كاشف عن كفايتها عن الذكر.

وبعبارةٍ أخرى، ليست الرواية في مقام بيان حكم الذكر حتى يؤخذ بتفريعاتها، بل في مقام بيان حكم الوقوف، فلا يستدلّ بها على شيء هنا.

هذا، وأمّا ما ذكره صاحب الجواهر من حمل الرواية على النية([39]) كما تقدّم في غيرها، فهو خلاف الظاهر كما صار واضحاً وسيتضح.

الرواية الثالثة: صحيحة معاوية بن عمار عن أبي عبد الله× قال: «أصبح على طهر بعد ما تصلّي الفجر فقف (وقف) إن شئت قريباً من الجبل، وإن شئت حيث شئت، فإذا وقفت فاحمد الله عز وجل واثن عليه، واذكر من آلائه وبلائه ما قدرت عليه، وصلّ على النبي’، ثم ليكن من قولك:...» ([40]).

والظاهر أنّ هذه الرواية هي مدرك الوجوب عند القاضي ابن البراج، لذكر الصلاة على النبي وآله فيها، وقد ذكرنا سابقاً ملاحظتنا عليها، وقلنا: إنها بحاجة إلى ضمّ روايات أخرى لها، لاسيّما مع اشتمالها على مقاطع خاصّة ومعيّنة يُجْمَع على عدم وجوبها بالتأكيد.

ومثل خبر ابن عمار عدد من الروايات الدالة على أدعية مأثورة في المشعر الحرام.

والنتيجة أنّ ما جاء في كلمات الفقهاء في أمر الذكر في المزدلفة يمكن الأخذ به من حيث دلالة الآية، وإن كان لنا كلام لاحق فانتظر، نعم، التمسّك بالأصل لنفي الوجوب في غير محلّه مع وجود الدليل.

النظرية الثالثة: وجوب التكبير في منى أيام التشريق

الذي يبدو أن هناك قولاً بوجوب التكبير أيام التشريق في منى، فقد ذهب إلى ذلك السيد المرتضى([41])، وهو الظاهر من تفسير التبيان وغيره للطوسي([42])، ومن ابن سعيد الحلّي في نزهة الناظر([43])، والراوندي في فقه القرآن([44]).

كما أنّ صاحب المدارك ـ وغيره ـ قد نسب إلى السيد المرتضى القول بوجوب التكبير في منى([45])، كما نقل الحكاية صاحب الجواهر عن ابن حمزة، وأنه قال بالوجوب([46])، وقد نسب العلامة الحلي في المختلف لابن الجنيد القول بوجوب التكبير في العيدين بعد الفرائض([47]). ولم نجد نصّاً لأحد من الفقهاء يحكم بوجوب الذكر أو التكبير أيام التشريق ويوم العيد في منى غير من ذكرناه، وظاهر الطبرسي في مجمع البيان وجود القائل بالوجوب([48])، وبعض الفقهاء ذكر أدلّة لهذا القول، وإن لم يجزم به في النهاية، وحاصل أدلّتهم ما يلي:

أدلّة النظرية الثالثة

الدليل الأول: قوله تعالى: ﴿وَاذْكُرُواْ اللهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ﴾، حيث ذكرت النصوص وكلمات المفسّرين في شبه اتفاق بين السنّة والشيعة أنّها أيام التشريق بمنى، ويشهد لذلك سياق الآية بلحاظ ذيلها، كما أفادوه في مباحث التفسير([49]).

وقد حمل مثل صاحب المدارك وغيره الأوامر هذه في الآية وفيما أتى من روايات على الاستحباب([50])، مستشهداً على ذلك بصحيح عليّ بن جعفر قال: وسألته عن الرجل يصلّي وحده أيام التشريق، هل عليه تكبير؟ قال: «نعم، وإن نسي فلا بأس»([51])، وفي سند آخر للرواية كان الجواب: «يستحب، فإن نسي فلا شيء عليه»([52])، وفي خبر ثالث كان السؤال عن صلاة النافلة أيام التشريق هل فيها تكبير؟ فكان الجواب: «نعم، وإن نسي فلا بأس»([53]).

إلّا أنّ هذه الروايات ـ عدا الثانية منها ـ أدلّ على الوجوب منها على عدمه، فهي ظاهرة في الإلزام، بل صريحة، غايته أنّه لا يترتب أثر وضعي على نسيان التكبيرات، وأما الرواية الثانية فهي غير دالةٍ على الوجوب إلا أنّها لا تملك دلالة تشهد على عدم الوجوب، والوجه في ذلك أن كلمة الاستحباب لا يحرز أنّها تعني نفي الوجوب في تلك الآونة والأعصار، إذ هي من الناحية اللغوية دالّة على مرغوبية الشيء ومحبوبيته، الأعم من وجوبه أو استحبابه، فلا يكون هذا التعبير شاهداً على عدم الوجوب، وإن لم يكن شاهداً على الوجوب نفسه، ومجرّد كون السؤال عن الوجوب لا يكون شاهداً على ذلك، بل لعلّ قوله بعد ذلك: وإن نسي فلا شيء عليه، أقرب إلى الوجوب منه إلى الاستحباب؛ إذ في الاستحباب يبدو واضحاً عدم ترتب أثر على نسيان فعل المستحب، والواجب هو الذي يتوهّم فيه ذلك، وعليه فدلالة الرواية على تكوين قرينة عكسية غير واضحة.

هذا مضافاً إلى احتمال كون الروايات الثلاث واحدة لبعد سؤاله له× عدّة مرات في موضوع واحد، الأمر الذي يلقي الإجمال على دلالة الرواية، وإن كان احتمال الخصوصية في كل رواية واردٌ إنصافاً.

نعم، ثمّة روايات استفيد منها عدم الوجوب غير خبر ابن جعفر المتقدّم، لكن روايات الوجوب أكثر وستأتي، وجملة منها تام سنداً، وهي موافقة لظهور الآية القرآنية، فالأقرب الأخذ بها عن الأخذ بمثل صحيح ابن جعفر حتّى لو كانت الشهرة معه أو الإجماع كما ذكره بعض، فإنّ احتمال المدركية في فهم النصوص مع تعارضها واردٌ جدّاً، فيرجّح الخبر الموافق لظاهر الكتاب على الموافق لظاهر الشهرة لو تحققت، ومعه فلا يقدّم صحيح ابن جعفر على ظاهر أدلّة الوجوب.

وتجدر الإشارة إلى أننا نريد في بحث التكبير ما يخصّ كبرى ذكر الله تعالى، أما تفاصيل هذا البحث، وثبوت التكبير لمن كان خارج منى أيضاً، أو ثبوته في عيد الفطر كالأضحى، أو ثبوت التكبير عقيب النوافل كالفرائض و... فهي خارجة عن محلّ بحثنا.

الدليل الثاني: الاستناد إلى بعض الأخبار وهي:

الخبر الأوّل: الصحيح عن منصور بن حازم عن أبي عبد الله× في قول الله عز وجل: ﴿وَاذْكُرُواْ اللهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ﴾ قال: «هي أيام التشريق، كانوا إذا قاموا بمنى بعد النحر تفاخروا، فقال الرجل منهم: كان أبي يفعل كذا وكذا، فقال الله عز وجل: ﴿فَإِذَا قَضَيْتُم مَّنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُواْ اللهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا﴾ قال: والتكبير: الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد، الله أكبر على ما هدانا، الله أكبر على ما رزقنا من بهيمة الأنعام»([54]).

وقد اعتبر صاحب المدارك هذه الرواية ذات دلالة على الوجوب هنا([55]).

إلا أنّ الظاهر عدم دلالة الرواية على الوجوب، فإن غايتها أنّ الآية الكريمة قد جاءت ردّاً على عادة العرب من التفاخر بعد النحر، دون أيّ إشارة إلى أن التكبير أو الذكر كان على نحو الوجوب أو الاستحباب المؤكّد أو غير ذلك، نعم، الدلالة تابعة لدلالة الآيات نفسها، ومعه لا يكون في الرواية مطلب إضافي يمكن تحقيقه.

الخبر الثاني: خبر محمد بن مسلم قال: سألت أبا عبد الله× عن قول الله عزّ وجلّ: ﴿وَاذْكُرُواْ اللهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ﴾ قال: «التكبير في أيام التشريق صلاة الظهر من يوم النحر إلى صلاة الفجر من اليوم الثالث، وفي الأمصار عشر صلوات، فإذا نفر الناس النفر الأوّل أمسك أهل الأمصار، ومن أقام بمنى فصلّى بها الظهر والعصر فليكبّر»([56]).

وتقريب الاستدلال بالخبر أنه أمر بالتكبير لمن أقام بمنى، وهو ظاهر في الوجوب، وقد اعتبره صاحب المدارك خبراً حسناً([57]).

الخبر الثالث: صحيحة معاوية بن عمّار عن أبي عبد الله× قال: «التكبير أيّام التشريق من صلاة الظهر يوم النحر إلى صلاة العصر من آخر أيام التشريق، إن أنت أقمت بمنى، وإن أنت خرجت فليس عليك تكبير..»([58]).

فإن الظاهر من المقابلة بمنى وغيرها، ومجيء كلمة «عليك» ثبوت الوجوب على تقدير البقاء بمنى.

الخبر الرابع: ما في عيون الأخبار بأسانيد عن الفضل بن شاذان عن الرضا× في كتابه إلى المأمون: «والتكبير في العيدين واجب، في الفطر... وفي الأضحى في دبر عشر صلوات...»([59]).

الخبر الخامس: خبر مصدّق بن صدقة عن عمّار عن أبي عبد الله× قال: سألته عن التكبير؟ فقال: «واجب في دبر كل صلاة فريضة أو نافلة أيّام التشريق»([60]).

الخبر السادس: خبر الأعمش عن جعفر بن محمد× قال: «والتكبير في العيدين واجب..»([61]).

الخبر السابع: خبر علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر× قال: سألته عن النساء، هل عليهنّ التكبير أيام التشريق؟ قال: «نعم، ولا يجهرن»([62]).

إلى غيرها من الروايات العديدة الظاهرة في الوجوب، فلتراجع([63]).

وحتى لو كان في هذه الروايات بعض أوجه الاختلاف فإنّها تتحد في الدلالة على مبدأ الوجوب، كما تقف لصالح النص القرآني، وهو المطلوب، لا أقلّ من كونها تضعف الوثوق بالأخبار المعارضة على قلّة الأخيرة، وهو المطلوب هنا.

هذا مهمّ ما عثرنا عليه في كلماتهم مستمسكاً لهذا الحكم، وإن ذكر الفخر الرازي أن بعض فقهاء المسلمين حمل الذكر اللازم بعد المناسك في الآية على الذكر على الذبيحة([64])، وهو في غاية البعد؛ إذ لا علاقة للذكر على الذبيحة بالذكر المساوي لذكر آبائهم أو أشدّ ذكراً لمن أنصف؛ فإنّ الذكر على الذبيحة ليس بحيث يساوي ذكر الآباء فضلاً عن أن يكون أزيد منه.

الدليل الثالث: التمسك بالإجماع، وقد نسب في المدارك والجواهر إلى السيد المرتضى([65])، وهو كذلك([66]).

وناقشه صاحب الجواهر بأنّه موهون بمصير غيره إلى خلافه، وهذا صحيح، فإننا لم نعثر بعد التتبع المقدور لنا على من قال بذلك أو حكم به غير من تقدّم، وهم لا يشكّلون شهرةً فضلاً عن إجماع.

هذا كلّه مع ضعف دليل الإجماع عموماً في الفقه.

الرأي المختار، نظرية وجوب الذكر الكثير في الحج

ونحاول هنا ذكر تصوّراتنا عن الموضوع بعد استبعاد ما حسمنا ضعفه أو قوّته من الأدلّة السابقة، ونعرض الأدلّة لنعرف في النتيجة ما هي معطياتها.

وحاصل ما يوجد ـ حسب الظاهر ـ من أدلّة على وجوب الذكر في الحج في الجملة وجوه أساسية لابدّ من بحثها، وهي:

الوجه الأوّل: قوله تعالى: ﴿فَإِذَا أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُواْ اللهَ عِندَ المَشْعَرِ الحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِن كُنتُم مِّن قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ﴾([67]).

حيث إنّ ظاهر الآية وجوب الذكر بكلّ ما يصدق عليه أنّه ذكر من دعاء أو تكبير أو تهليل أو غير ذلك، ومؤكّد الوجوب في الآية تكرّر صيغة الأمر مرتين فيها، مضافاً إلى المقارنة مع الهداية الإلهية بناءً على أنّ المراد من «كما هداكم» أي بنفس الحجم الذي هداكم به، وبما يساوق هدايته لكم، فإن مثل هذا الذيل واضح الإصرار على طلبه الذكر بعد عظيم النعمة بالهداية الإلهية التي لا تقاس بها نعمة.

قد يقال: إنّ التعبير بـ﴿وَإِن كُنتُم مِّن قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ﴾ موجب لاختصاص دلالة الآية بذلك الزمان، حيث كان المسلمون كفاراً ثم اهتدوا بنعمة الإسلام، أما في مثل عصرنا، حيث يولد المسلمون مسلمين فلا معنى لانطباق هذا العنوان عليهم.

إلا أنّ هذا الكلام غير متين، فإن الهداية الإلهية عامة شاملة للناس أجمعين، وهي ذات ديمومةٍ واستمرار، ولا تنحصر بالهداية من الكفر إلى الإيمان، فبوحدة الملاك يعلم أن موجب الذكر واحد، لاسيّما بقرينة قوله تعالى: ﴿وَوَجَدَكَ ضَالّا ً فَهَدَى﴾؛ حيث صحّ التعبير بالهداية بعد الضلال رغم عدم وجود كفرٍ سابق، كما هو المعروف في العقيدة الإسلامية.

وقد ذكرنا سابقاً المنع عن اندكاك الذكر المراد بالآية في مثل الصلاة؛ إذ ظاهرها التأسيس لحكم جديد، لا توكيد حكم آخر مما يحتاج عادةً وعرفاً إلى دليل وقرينة، كما كنا قد ناقشنا مجمل الملاحظات المسجّلة على الاستدلال بالآية، فليراجع.

الوجه الثاني: وفي الآية التي تليها فوراً قال تعالى: ﴿ثُمَّ أَفِيضُواْ مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُواْ اللهَ﴾، وهي دالّة على لزوم الاستغفار مع الإفاضة أو عقيبها، والاستغفار لا يمكن دكّه في الصلاة أو نحوها مما هو واجب فيها، كما هو واضح، كما لا موجب لصرف ظهور الآية عن الوجوب.

الوجه الثالث: وفي الآية التي تليها فوراً، قال تعالى: ﴿فَإِذَا قَضَيْتُم مَّنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُواْ اللهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً...﴾.

ومن الواضح أن الأمر في هذه الآية مؤكّد، ولو بلحاظ «أشدّ ذكراً»، وقد نقل المفسّرون أن العرب كانت ـ بعد قضاء المناسك ـ تتفاخر بآبائها ورجالها، فأراد الله سبحانه أن يستبدل ذلك بذكره، فأمر بذلك في هذه الآية الكريمة([68]).

وهذا ما يؤكّد أنّ القضية لم تكن صلاةً واجبةً يومية أو أمراً عابراً، بل ظاهرةٌ ذُكْرِية ودعائية ملحوظة، مطلوبةٌ من الشارع تعالى.

الوجه الرابع: قوله تعالى بعد ذلك: ﴿وَاذْكُرُواْ اللهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ...﴾، وهي أيام منى، كما أشرنا سابقاً، وهي دالّة ـ بظاهرها ـ على لزوم ذكر الله فيها سواء كانت يومين أم ثلاثة، وحالها كحال الأدلّة السابقة، وقد بيّنا سابقاً تقريب الاستدلال بها، وردّ الملاحظات على ذلك.

والملفت في هذه الآيات الأربع تكرّر الأمر فيها، بلغة تشديدية قلّما وجدناها بهذه الصورة التكرارية في النصوص الكتابية، مما يوجب الجزم بالوجوب حتى لو كان كل واحدٍ منها لو لم ينضم إليه الآخر مشكوك الدلالة، وهو ما لا نسلّمه، ومثل هذه الدلالة القرآنية الحاسمة لا يمكن اختزالها في الأذكار الواردة في الصلاة أو على الذبيحة أو ما شابه ذلك، كما لا يمكن رفع اليد عن دلالتها الحاسمة برواية أو روايتين ما لم توجب الوثوق، فالمرجع هو النص الكتابي.

وقد كنّا أجبنا عن سلسلة الملاحظات المسجّلة على بعض الآيات المشار إليها، وخلصنا إلى أنّه لا موجب لرفع اليد عن ظهور الوجوب في الآيات الكريمة.

الوجه الخامس: قوله تعالى: ﴿وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَـهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ...([69]).

وتقريب الاستدلال بالآية أنّها جعلت غاية أو منتهى الحج شهود المنافع وذكر الله تعالى، ولسنا نظنّ أن هذا الحشد الهائل من أقاصي العالم إنما أتى لأداء جملة التلبية أو للتسمية على الذبيحة أو للصلاة ونحوها مما يفعله الناس أينما كانوا، الأمر الذي يعني أنّ حركة الحج جاءت لتكوين ظاهرة ذكرٍ لله تعالى تمتاز عن الحالات العادية.

نعم، ليس في هذه الآية صيغة أمرٍ دالّةٍ على الوجوب، إلا أنّها توحي ـ لا أقلّ ـ بحضور ظاهرة الذكر حضوراً جاداً في الحج وغاياته مما ينافي المشهور الفقهي اليوم الذي يجيز لك النوم طوال فترة عرفة أو المزدلفة، وعدم التضرّع أو الذكر لله. إلا قليلاً جداً على مستوى الحكم الوجوبي.

قد يقال: إنّ الآية ظاهرة في أنّ الذكر كان على البهيمة، مما يحصر دلالتها في التسمية حال الذبح.

إلّا أنّه غير وجيه أبداً، ذلك أنّ الذبح لا يكون أياماً معدودات، بل ولا متكرّراً إذا لاحظنا فرد الحاج وآحاد الحجاج، فكيف صرّحت الآية بأن ذكر الله كان أياماً عدة على البهيمة؟! وبهذا يظهر أنّ المراد هو ذكر الله شكراً على ما رزق من الأنعام والخيرات لا على البهيمة نفسها حال ذبحها.

الوجه السادس: إن عمل المعصومين^، وكذا سيرة المتشرّعة وعموم المسلمين عادةً قائمة على ذكر الله تعالى في الحج، مما يعزّز دلالة الآيات بدرجة ولو بسيطة، ولا أقلّ من أنها لا تصادم دلالة الوجوب الموجودة في الآيات.

وهذا الوجه لا يصلح ـ لوحده ـ دليلاً على الوجوب، لإمكان كون الذكر من المستحبّات المؤكّدة جداً، كما عليه الفقهاء، ومن ثم لا تكون السيرة دالةً على الوجوب إلا إذا كانت تقبّح بشدّة ترك الذكر في الحج، وهو ما لا دليل عليه.

نعم، هذا الدليل كما أشرنا يعزّز الأدلّة الأخرى ويكون مؤيداً لها لا برهاناً مستقلاً عنها.

الوجه السابع: الروايات الشريفة الدالّة على لزوم الذكر لله تعالى في الحج، فغير الروايات السابقة، ثمّة روايات عديدة، قد يناقش في مفرداتها غير أنّها تساند برمّتها دلالة الوجوب العامة.

ولابدّ أن نشير سلفاً إلى أنّه إذا دلّت بعض الروايات على أذكار بعينها وعلمنا من الخارج عدم وجوب هذه الأذكار بخصوصها، فهذا لا يقدح في الدلالة العامة على مبدأ الوجوب، وإن قدح في قوّة دلالة الروايات نفسها عليه لو بقيت منفردةً، فإنّ التعاضد مع النص الكتابي يمكن أن يبقي دلالة الوجوب في الأوامر ويخرج منها ما قامت القرينة القطعية على إخراجه، كما أشرنا إلى النكتة العرفية في ذلك.

ونحن ذاكرون هنا بعضاً من هذه الروايات على سبيل المثال لا الحصر:

الرواية الأولى: صحيحة يعقوب بن شعيب قال: قلت لأبي عبد الله×: ما أقول إذا استقبلت الحجر؟ فقال: «كبّر، وصلّ على محمد وآله»([70]).

الرواية الثانية: خبر ابن عذافر عن ابن يزيد عن أبي عبد الله× قال: «إذا زاغت الشمس يوم عرفة فاقطع التلبية واغتسل، وعليك بالتكبير والتهليل والتحميد والتسبيح والثناء على الله و...»([71]).

والخبر ضعيف السند بجهالة ابن يزيد، نعم هو تام ـ على المشهور ـ في خبر معاوية بن عمار([72])، القريب بحسب التعبير منه.

والروايات الواردة في الأدعية المأثورة كثيرة جداً، قد تساهم في تعزيز دلالة الأدلّة السابقة([73]).

وبهذا تعزز دلالة بعض الروايات السابقة مثل صحيح معاوية بن عمار، وإن كانت كثرة مستحباته تضعف عن تكوين دلالة على الوجوب فيه بنفسه، نعم مثل صحيح ابن مسلم، وكذا الأخبار التامة الدلالة الضعيفة السند تغدو مساعداً لرفع درجة الوثوق بالحكم.

والنتيجة وجوب الذكر في المشعر وأيام التشريق، وهي بأجمعها أيام الحج، مع عرفة على احتمال. نعم، لا دليل على لزوم الذكر في عمرة التمتع.

ما هو الذكر الواجب؟

وبعد الفراغ عن ضرورة الذكر بأنواعه، وعدم قيام دليل على خصوص الدعاء، ولا على خصوص الصلاة على محمد’ وآله، ينبغي البحث في ماهية الذكر الواجب، وما يمكن قوله هو:

أولاً: إن المطلوب حصول الذكر بحيث يصدق في الحج تحقيق ذكر معتدّ به لله تعالى عموماً، وذكر كذلك في عرفة (على احتمال)، وفي المزدلفة، وفي أيام العيد والتشريق... بشكل يتناسب عرفاً مع درجة التشديد في الآيات.

ثانياً: لا يوجد ذكر خاص قام عليه دليل معتبر، بل يتحقق بكل ما يصدق عليه ذكر الله تعالى؛ تمسّكاً بالعناوين المأخوذة في ألسنة النصوص.

ثالثاً: ما هو المقصود بالذكر هل التلفظ اللساني أو الحضور القلبي؟

المعروف من الروايات البالغة الكثرة في أبواب الفقه أن الذكر يطلق على التلفظ اللساني، وهذا هو المركوز في أذهان المتشرّعة، كما تفيده بعض روايات الباب هنا.

أما ما قاله الملا صالح المازندراني ـ نقلاً عن القرطبي ـ من أنّ الذكر الكثير المأمورين نحن به في آية الذكر الكثير ليس لسانياً؛ للقطع بعدم وجوب ذكر كثير كذلك، بل قلبي، وأنّه يعني الإيمان بالله وإدامة ذكره بالقلب حقيقةً أو حكماً أو ذكر الله عند القيام بالأفعال([74]).. فيرد عليه أنّه لو تمّ في تلك الآية، فلا يعلم تماميته فيما نحن فيه.

وقد احتمل الطوسي في التبيان عند تفسير آية: ﴿كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ﴾ أن يكون المراد منه العلم وهو خلاف الظاهر، كما احتمل حضور المعنى للنفس قولاً أو غيره، مقوماً الأدعية لله في تلك المواطن([75]).

وذكر العلامة الطباطبائي أن الذكر للقلب واللفظ حاكٍ عنه([76])، والظاهر أنّ هذا هو المطلوب الأصلي والمقصد الشرعي الأولي، كما يستفاد من روايات عديدة، بل ومن مثل آية: ﴿وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي﴾ على بعض التفاسير.

والذي يبدو أنّ قوله ﴿كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ﴾ يشكّل قرينة على أنّ الذكر اللساني مطلوب، بعد ضمّ ما كان يفعله العربي في الجاهلية من التفاخر اللساني، وإن كان الهدف الأسمى هو الحضور القلبي.

رابعاً: الذكر واجب في الحج بالبيان الذي سبق، إلا أن تركه لا يوجب الإخلال بالحج؛ لعدم دليلٍ على كونه من أجزائه أو أركانه، بل الدليل أقصى ما يدل على كونه واجباً في ظرف الحج، وقد تقدّمت دلالة بعض الروايات على عدم بطلان الحج أو غيره بترك الذكر، والله العالم.

 ______________________________________

(*) نشر هذا المقال في العدد الثالث والعشرين من مجلة ميقات الحج، في إيران، عام 2005م. ثم نشر ضمن كتاب (بحوث في فقه الحج) للمؤلّف، عام 2010م.

[1]. الحلبي، الكافي في الفقه: 197.

[2]. الحرّ العاملي، وسائل الشيعة 13: 538، أبواب إحرام الحج والوقوف بعرفة، باب 14، ح1.

[3]. المصدر نفسه: 543، أبواب إحرام الحج والوقوف بعرفة، باب 16، ح3.

[4]. المصدر نفسه: 542 ـ 543، أبواب إحرام الحج والوقوف بعرفة، باب 16، ح2.

[5]. المصدر نفسه: 550، أبواب إحرام الحج والوقوف بعرفة، باب 19، ح8.

[6]. الحر العاملي، وسائل الشيعة 13: 542.

[7]. العلامة الحلي، مختلف الشيعة 4: 243.

[8]. كتاب الحج للشاهرودي، بقلم الجناتي 3: 413؛ والروحاني، فقه الصادق 11: 374؛ والأردبيلي، مجمع الفائدة 7: 241؛ والمرتضى، الانتصار: 233.

[9]. الروحاني، فقه الصادق 11: 374.

[10]. المصدر نفسه؛ وكتاب الحج للشاهرودي بقلم الجناتي: 3: 413؛ وانظر: النجفي، جواهر الكلام 19: 52.

[11]. المصدر نفسه.

[12]. النجفي، جواهر الكلام 19: 51؛ والفاضل الهندي، كشف اللثام 6: 71؛ هذا وقد اعتبر السيد حسن القمي أنّ خبر الأزدي ظاهر في لزوم الوقوف لا لزوم الدعاء، ولم نفهم مراده مع أنّ الحديث كلّه منصبّ على عدم الدعاء بسبب الدهشة، ولعلّه ركّز على قراءة ذيل الرواية، فراجع له: كتاب الحج 3: 35.

[13]. الهندي: كشف اللثام 6: 71 ـ 72.

[14]. المصدر نفسه، 71؛ والأردبيلي، مجمع الفائدة 7: 241.

[15]. المرتضى، الانتصار: 232 ـ 233.

[16]. ابن البراج الطرابلسي، المهذب 1: 251.

[17]. المصدر نفسه: 254.

[18]. البقرة: 198.

[19]. الهندي، كشف اللثام 6: 72؛ والروحاني، فقه الصادق 11: 375؛ والأردبيلي، مجمع الفائدة 7: 243؛ وزبدة البيان: 351.

[20]. أبو بكر الجصّاص، أحكام القرآن 1: 312 ـ 313.

[21]. ابن كثير، تفسير ابن كثير 1: 242؛ وابن الجوزي، زاد المسير في علم التفسير 1: 213؛ والفخر الرازي، التفسير الكبير 5: 178.

[22]. محمد عبده ورشيد رضا، تفسير المنار 2: 232 ـ 233.

[23]. العلامة الحلي، مختلف الشيعة 4: 243.

[24]. الأردبيلي، زبدة البيان: 352.

[25]. العلامة الحلّي، مختلف الشيعة 4: 243.

[26]. الأردبيلي، مجمع الفائدة 7: 243 ـ 244؛ وزبدة البيان: 351؛ والنجفي، جواهر الكلام 19: 80.

[27]. الأردبيلي، مجمع الفائدة 7: 244؛ وأبو بكر الجصاص، أحكام القرآن 1: 313.

[28]. الأردبيلي، زبدة البيان: 353.

[29]. العاملي، مدارك الأحكام 8: 243.

[30]. الطوسي، التبيان 2: 527.

[31]. ابن أبي جامع العاملي، الوجيز في تفسير القرآن العزيز 1: 173.

[32]. الصادقي الطهراني، الفرقان في تفسير القرآن 2: 189، 195.

[33]. وسائل الشيعة 14: 47، باب 25، من الوقوف، ح7.

[34]. الأردبيلي، مجمع الفائدة والبرهان 7: 242 ـ 243.

[35]. النجفي، جواهر الكلام 19: 81.

[36]. وسائل الشيعة 14: 46، باب 25، من الوقوف، ح3.

[37]. الأردبيلي، مجمع الفائدة 7: 243.

[38]. اُنظر: الخوئي، معجم رجال الحديث 17: 36 ـ 38.

[39]. النجفي، جواهر الكلام 19: 81.

[40]. وسائل الشيعة 14: 20، باب 11، من الوقوف، ح1.

[41]. المرتضى، الانتصار: 173؛ ورسائل الشريف المرتضى 3: 45.

[42]. الطوسي، التبيان 2: 175؛ والاستبصار 2: 291، طبعة دار التعارف.

[43]. ابن سعيد الحلي، نزهة الناظر: 34 ـ 35.

[44]. الراوندي، فقه القرآن 1: 300.

[45]. العاملي، مدارك الأحكام 8: 242.

[46]. النجفي، جواهر الكلام 20: 35؛ وحول النسبة لهما راجع: السبزواري، ذخيرة المعاد: 629؛ والخوئي، مستند العروة الوثقى، كتاب الصلاة 7: 331؛ وابن سعيد الحلّي، نزهة الناظر: 34.

[47]. العلامة الحلّي، مختلف الشيعة 2: 275.

[48]. الطبرسي، مجمع البيان 2: 529.

[49]. الطوسي، التبيان 2: 175؛ والراوندي، فقه القرآن 1: 300؛ وابن سعيد الحلي، نزهة الناظر: 34.

[50]. المدارك 8: 243؛ والسبزواري، ذخيرة المعاد: 629؛ والطباطبائي، الرياض 4: 107 ـ 108؛ والخوئي، مستند العروة 7: 331 ـ 332.

[51]. وسائل الشيعة 7: 464.

[52]. المصدر نفسه.

[53]. المصدر نفسه: 467.

[54]. المصدر نفسه 7: 459.

[55]. العاملي، مدارك الأحكام 8: 242 ـ 243.

[56]. وسائل الشيعة 14: 271.

[57]. مدارك الأحكام 8: 243.

[58]. وسائل الشيعة 7: 459، أبواب صلاة العيد، باب 21، ح4.

[59]. المصدر نفسه: 460، أبواب صلاة العيد، باب 21، ح7.

[60]. المصدر نفسه: 462، أبواب صلاة العيد، باب 21، ح12.

[61]. المصدر نفسه: 457، أبواب صلاة العيد، باب 20، ح6.

[62]. المصدر نفسه: 463، أبواب صلاة العيد، باب 22، ح1، 3.

[63]. المصدر نفسه: أبواب صلاة العيد، باب 23، ح2، وباب 24، ح1،3، وباب 25 ح1،2،3، و...، وراجع: المستدرك 6: 140، 141.

[64]. الفخر الرازي، التفسير الكبير 5: 184.

[65]. المدارك 8: 242؛ والجواهر 20: 35.

[66]. المرتضى، الانتصار: 173.

[67]. البقرة: 198.

[68]. راجع قصّة المفاخرة عند الأردبيلي، زبدة البيان: 357؛ والطبرسي، مجمع البيان 2: 529؛ وابن الجوزي، زاد المسير 1: 215؛ والكاشاني، الصافي 1: 217؛ والطبري، جامع البيان 2: 296 ـ 297، 298؛ والفخر الرازي، التفسير الكبير 5: 183؛ والطوسي، التبيان 2: 170؛ والقرطبي، الجامع لأحكام القرآن 2: 431؛ وأبي بكر الجصاص، أحكام القرآن 1: 315؛ وابن كثير، تفسير ابن كثير 1: 244؛ وابن ابي جامع العاملي، الوجيز 1: 174؛ والطباطبائي، الميزان 2: 80؛ وأبي الفتوح الرازي، روض الجنان 3: 130؛ ورشيد رضا، المنار 2: 235؛ ومغنية، الكاشف 1: 306؛ والصادقي، الفرقان 2: 201؛ والشوكاني، فتح القدير 1: 204، 206؛ والسيوطي، الدر المنثور 1: 557 ـ 558؛ والواحدي النيشابوري، أسباب النزول: 39 و...

[69]. الحج: 27 ـ 28.

[70]. وسائل الشيعة 13: 336، أبواب الطواف، باب 21، ح2.

[71]. المصدر نفسه: 530، أبواب إحرام الحج والوقوف بعرفة، باب 9، ح4.

[72]. الكافي 4: 463 ـ 464.

[73]. على سبيل المثال اُنظر وسائل الشيعة 13: 313 ـ 315، 317، 333 ـ 337، 345 ـ 349، 476، 480، 482، 526، 529، 530، 538 ـ 542، 559 ـ 561 و...

[74]. الملا صالح المازندراني، شرح أصول الكافي 10: 282.

[75]. الطوسي، التبيان 2: 170.

[76]. الطباطبائي، الميزان 2: 80.