الفورية في وجوب الحج ـ محاولة قراءة جديدة
حيدر حب الله
تمهيد في المشهد الفقهي
المعروف في الفقه الإسلامي أنّ الحجّ إذا تحقّقت شروطه وصار واجباً بالفعل على المكلّف كان فورياً، بمعنى وجوب المبادرة إليه في سنة الاستطاعة نفسها، وعدم جواز تأخيره إلى السنة اللاحقة، فضلاً عمّا بعدها، لكن لو فرض أنّه تركه في سنة الاستطاعة وجب عليه في السنة اللاحقة مباشرةً أيضاً، ولا يجوز تأخيره مرّةً أخرى إلى السنة التي تليها وهكذا([1]). بل قد ادّعي في كلمات بعض الفقهاء الإجماع والاتفاق وأمثال ذلك عليه، وهو إجماع واضح المدركيّة لا يعتدّ به. وذهب السيد السيستاني إلى أنّ وجوب الفورية عقليٌّ من باب الاحتياط لئلا يلزم الإخلال بالواجب، وليس شرعياً كما لعلّه المشهور، وبنى على ذلك أنه إذا لم يبادر إلى الحج من دون الوثوق بإتيانه بعد ذلك كان متجرّياً لو أمكنه وأتى به بعد ذلك، أما لو لم يوفّق فيكون مرتكباً للكبيرة([2]).
وقد خالف في أصل هذا الحكم بعضٌ قليل، فمنعوا من التسويف والتهاون أو التأخير لغير عذر عقلائي ولم يُلزموا بالفورية([3])، ونسب القول بالتراخي إلى الشيباني أو الشافعي([4])، ونسب إلى سحنون إعطاء مهلة إلى بلوغ ستين سنة، وإلا فبنحو الفور([5])، كما نسب التراخي ـ كما قيل ـ إلى الكثير من مالكية المغرب وبعض العراقيين، ونقلت كلمات مختلفة فيما نسب إلى كثير من فقهاء أهل السنّة المتقدّمين([6])، فيما ذهب النووي إلى استحباب الفور وعدم الوجوب([7]).
اتجاه القول بالفورية، الأدلّة والمناقشات
وبصرف النظر عن طبيعة الانقسام الفقهي في المسألة، فقد استدلّ على الفوريّة هنا بعدّة أدلّة أهمّها:
1 ـ مرجعيّة حكم العقل بتفريغ الذمّة
الدليل الأول هنا هو ما ذكره غير واحدٍ من الاستناد لحكم العقل، حيث إنّ العقل قاضٍ ـ عندما تتحقّق شروط التكليف على العبد ـ بأن يفرّغ ذمّته بالإتيان بما أمره المولى به؛ بهدف الأمن من العقاب ودفعاً للضرر المحتمل، ومن ثم فلا يكون معذوراً في التأخير.
نعم، في بعض الموارد لو اطمأنّ بالبقاء وأنّه يتمكّن من إتيان الواجب ولو أخّره بعض الوقت، فلا تجب عليه المبادرة، وهذا هو الذي يبرّر جواز تأخير الصلوات عن أوّل وقتها، حيث يحصل للإنسان اطمئنانٌ ووثوقٌ ببقائه بما يمكّنه من الإتيان بالواجب في وقته، والسبب في ذلك هو قصر المدّة في أوقات الصلاة، على خلافه في مثل الحجّ، فإنه لو لم يحجّ الآن لتأخّر الحج إلى عامٍ قادم، وهذا الفاصل الزمني طويلٌ، كما أنّ الطوارئ والموانع في سفر الحج كثيرة، على خلافها في الصلاة التي قد نلتزم فيها بالفورية لو لم يحصل في موردها اطمئنانٌ بالطريقة المذكورة([8]).
ويظهر من الشيخ محمد إسحاق الفياض تبنّيه لوجهة النظر هذه، لكنّه يرى أنّ حصول الاطمئنان ممكنٌ أحياناً حتى في الحج، ومن ثم أمكن التأخير فيه لو تحقّق هذا الاطمئنان، وهذا يعني أنّ موضوع حكم العقل باستحقاق العقوبة إنما هو احتمال الفوت على تقدير التأخير، بل ترقى الشيخ الفياض أكثر بنفي البعد عن جريان استصحاب بقاء الاستطاعة بوصفه دليلاً شرعيّاً رافعاً لموضوع حكم العقل([9]). ولعلّه من هنا أورد الشيخ اللنكراني وغيره بأنّ الدليل هذا أخصّ من المدعى؛ لعدم جريانه في حال الوثوق بالبقاء([10]).
ولعلّ هذا الدليل هو مستند السيّد السيستاني في فتواه المتقدّمة؛ حيث قوّى ـ تبعاً لمثل الشيخ الأنصاري وغيره([11]) ـ العقلية في المسألة دون الشرعية، وأنّه خالف حكم العقل، ومن ثم فحصول التأخير ـ بنظره ـ انطلاقاً من هذا الدليل يكون تجرّياً لو أمكنه الإتيان بالواجب بعد ذلك؛ لأنه ليس هناك دليل شرعي آخر في البين غير وجوب الحج. ووجوب الفورية منشؤه التحفّظ على الواجب الأصل، ومن ثمّ فالنصوص لابد من فرضها مرشدةً لحكم العقل، كما هو ظاهر الشيخ الأنصاري.
وقفات مع مرجعيّة الإلزام بتفريغ الذمّة
ويمكن ذكر بعض التعليقات على مجمل ما تقدّم، فيما يلي:
أولاً: إنّ حكم العقل متفرّع على عدم البيان من الشارع، والمفروض أنّ خطاب الشارع بوجوب الحجّ مطلقٌ، فيفيد التراخي، ومن ثم يكون رافعاً لموضوع حكم العقل.
وأجيب عن هذا التعليق بجوابين:
أحدهما: إنّ إطلاق النصوص لا يفيد جواز التأخير كي يتقدّم بالورود على حكم العقل، وإنّما غاية ما تدلّ عليه النصوص هو مطلوبية الامتثال ولو كان متأخراً، فمع الشك في تحقّق الامتثال في المستقبل نتيجةَ الشك في البقاء يتحقّق موضوع حكم العقل المتقدّم.
وثانيهما: إنّ احتفاف النصوص بحكم العقل البديهيّ هذا بلزوم المبادرة عند الشك في البقاء مانعٌ عن إطلاقها لمثل هذا الفرض؛ لأنّ مثل هذه الأحكام العقلية تكون بمثابة القرينة المتصلة([12]).
وسيأتي التعليق في مناقشتنا الخاصّة على هذا التعليق الأوّل ومناقشتَيه.
ثانياً: ما ذكره العلامة محمد حسين فضل الله من الإقرار بكبرى حكم العقل المذكور في الدليل، إلا أنّ النقاش في الصغرى، وذلك أنّ هناك فرقاً بين الإنسان بملاحظة طبيعة حركته في الحياة وبينه بملاحظة الأمور الواقعية، والأوّل محكوم لطول الأمل عند الإنسان، بخلاف الثاني فهو محكومٌ لعناصر الواقع، ومن هنا فلا يبني الإنسان مشاريعه على الواقع واحتمالاته بل على عنصر طول الأمل هذا، ولهذا نجده يستقرض أو يُقرض بقروض تمتدّ لسنوات، ولو لاحظ الإنسان وقائع الأمور لما أقدم على عملٍ قطّ في حياته.
وهذا يعني أنّ الوثوق النوعي حاصلٌ هنا أيضاً بالبقاء إلى العام القادم، وحيث إنّ النصوص لا تدلّ على الفورية وإنما على الطبيعة بلا توقيت، كان بالإمكان الاعتماد على هذا الوثوق النوعي([13]).
وهذه المناقشة صحيحة، لكنّ لها امتدادها الخاص، بمعنى أنها لا تجري نوعاً في بعض الموارد كحالة كبر السنّ أو تقلّب الظروف المالية والأمنية، حيث يفقد الإنسان نوعاً مثل هذا الوثوق بعد طول المدّة لعام من الزمن، وسيأتي في مناقشتنا الخاصّة لأصل هذا الدليل مزيد إيضاح.
ثالثاً: ما نراه هو الصحيح في مناقشة هذا الدليل، وهو إنكار أصل وجود حكم عقلي بهذه الطريقة هنا، فضلاً عن أن يكون بديهياً؛ فإنّ العقل في باب علاقة العبيد بالموالي أو المأمورين بالآمرين عندما لا ينصّ الآمر على الفورية المستعجلة، إنما يقضي بوجوب تحقيق المأمور به فقط، وعلقة العبودية لا تستدعي أكثر من ذلك ما لم يحرز ممانعة المولى من التأخير، خلافاً لما قيل في هذا المجال من قبل بعض الفقهاء([14])، وأما غير ذلك فليس بواجب ما لم يمسّ أصل الامتثال، ومعنى ذلك أنه لو طلب شخصٌ من آخر شيئاً مع عدم النصّ على الفورية أو ما هو في قوّة النص فالمطلوب من المأمور به هو الامتثال، وكلّ ما يصدق عليه عرفاً وعقلائياً أنه تمرّد على قانون الامتثال أو تهاون أو عدم انصياع فهو ممنوع، الأمر الذي يختلف باختلاف أنواع المأمور به أيضاً وطبيعته.
ولكي نوضح المسألة نقول: لو طلب زيد من عمرو أن يأتيه بماء ليشرب كي يرفع عطشه فإنّ ترك عمرو للتحرّك بعد صدور الأمر يكون تهاوناً بالأمر والآمر، أما لو طلب زيدٌ من عمرو في ظروف طبيعية أن يشتري له ساعةً يدويّةً فلم يشتر عمرو الساعة في اليوم الأول وإنما اشتراها في اليوم الثاني، فلا يقول العقل بأنه ارتكب معصيةً أو حتى تجرّأ على الآمر حتى لو لم يكن مطمئنّاً من بقائه حيّاً إلى يوم الغد؛ لأنّ الطلب الثاني لم يتحقّق فيه عنوان التمرّد على الامتثال، فلو مات عمرو قبل شراء الساعة فلا يقول زيدٌ بأنه قد عصى أمري أو يحقّ له توجيه اللوم إليه أساساً؛ لعدم صدق التمرّد على الأمر في هذه الحال والإباء عن الامتثال الذي هو ما يحكم العقل بقبحه هنا.
فالمطلوب عقلاً تحقّق السير في صراط الامتثال وعدم صدق التمرّد أو التهاون أو الاستخفاف، وهنا نقول بأنّ عدم الصلاة في أوّل الوقت لا يعدّ تهاوناً بالتكليف والآمر، ولهذا لو توفّي قبل انتهاء الوقت لا يعدّ عاصياً ولا متجرئاً على المولى، ليس لأجل الوثوق بالبقاء وعدمه، بل قبل ذلك لأجل أنّ المأخوذ عقلاً هو التهاون والاستخفاف وهو غير صادق هنا عرفاً وعقلائيّاً ما دام المولى نفسه لم يلزم بالفوريّة، وعدم صدقه يمكن تحقّقه نتيجه الوثوق أحياناً، لا أنّ حكم العقل هو المبادرة وجاء الوثوق عارضاً وطارئاً.
وربما لذلك عبّر السيد الشاهرودي بأنّ أحداً لم يقل بهذا الدليل العقلي في غير البحث([15])، وربّما لهذا رفضه بعض الفقهاء المعاصرين([16]).
من هنا نعلّق:
أ ـ لا يوجد حكم عقلي بديهي يشكّل قرينةً متصلة لبّية أساساً لكي نمنع به إطلاق النصوص على فرض وجود إطلاق فيها.
ب ـ إنّه وإن لم تدلّ النصوص على التراخي، لكن يكفي عدم دلالتها على الفورية الأمر الذي يجعل المطلوب فيها هو الامتثال. والشكّ في تحقّق الامتثال في المستقبل نتيجة الشك في البقاء لا يفرض حكم العقل بلزوم المبادرة، وإلا دلّت كلّ النصوص على الفور حينئذٍ بحكم القرينة المتصلة هذه، وهذا خلاف ما ذهب إليه صاحب هذا الكلام من أنّ النصوص لا تدلّ إلا على مطلوبيّة الامتثال ولو متأخراً؛ لأنّ القرائن المتصلة اللبيّة ـ كالبدهيات العقلية ـ تصبح جزءاً من الكلام، فيلزم انقلاب جملة من نصوص الواجبات والفرائض من الترفّع عن الفورية والتراخي إلى القول بالفورية.
فالصحيح أنّ الشك في البقاء لا يمانع عدم الانبعاث الفوري إذا لم يصدق عنوان التهاون والاستخفاف والتمرّد لا مطلقاً. ولا نقصد من ذلك إلزام هذا القائل بدلالة الصيغة على الفور؛ إذ من الواضح أنّه لا يلتزم بدلالتها حتى بناءً على ما قلناه، وإنما نقصد قوله بنتيجة الفور؛ لأنّ أحكام العقل البديهي وإن شكّلت قرينةً متصلة لبيّة حافّة بالكلام مما يرفع ارتباط الفور بأصل الصيغة ـ صيغة الأمر ـ إلا أنّ هذا النوع من القرائن دائم الالتصاق بأصل النصّ، وما لم يبرز المولى إرادة التراخي فسيكون النصّ ـ بحكم هذه القرينة التي لا تكاد تنفكّ ـ مفيداً للفورية.
أما على ما ذهبنا إليه، فإنّ الصيغة وإن لم تدلّ أو توضع للفور أو التراخي وإنما لنفس النسبة الطلبية؛ لكنّ جواز التراخي يمتاز عن الفور بأنّه مقتضى الإطلاق؛ لأنّ الواجب ما دام غير محدّد بأوّل أزمنة الإمكان دلّت الصيغة على أصل المطلوبية، أما زمانها فإن لم تبرز قرينة الفور التي تُقدّم معطى إلزامياً أزيد كان الإطلاق وقرائن الحكمة لصالح جواز التراخي؛ ولهذا نقول بجواز التراخي للإطلاق المستفاد من أصل إرادة الطبيعة، لا لدلالة الصيغة، ما لم يبلغ التراخي حدّ صدق عنوان التمرّد والتهاون بأصل المطلوبية، وهذا منّا غير القول بالتراخي؛ لأننا نتحدث في جواز التراخي لا أخذ التراخي قيداً في المكلّف به.
بل لعلّ التأمّل على مستوى البحث الأصولي يقضي بأنّ القائلين بالتراخي قصدوا جوازه لا مطلوبيّته ولا كونه جزءاً من المأمور به بنحو تعدّد المطلوب أو وحدته، ومعه فلا يصحّ القول بنفي جواز التراخي بالإطلاق بحجّة أنّ الصيغة لا تدلّ إلا على مطلوبية الامتثال، فإنّ هذين لا يتنافيان، ومن ثمّ فمقتضى الإطلاق الفور، وفاقاً لما ذهب إليه بعض الفقهاء المعاصرين([17]).
ج ـ إنّ ما ذكره العلامة فضل الله تامّ جداً في حدّ نفسه، لكنّه يعاني من مشكلة تسليمه بالكبرى وقد ناقشناها، وحديثه عن الوثوق النوعي لو حلّلناه لكان يفترض أن يسوقه إلى إنكار الكبرى؛ لأنّ الوثوق النوعي هذا يثبت أنّ المطلوب هو الامتثال، وأنّ العقل لا يريد سوى عدم التمرّد، لا أنه يريد المبادرة إلى إفراغ الذمّة، ولكن لأجل الوثوق يرتفع هذا الأمر؛ فإنّ الوثوق المذكور يقف في مقابل إلزام العقل بالامتثال وعدم التهاون به فيأتي الوثوق أحياناً ليثبت عدم التهاون، ولا يقف في مقابل حكم العقل بلزوم البدار عند الشك في البقاء، فإنه لو صدر هذا الحكم لما أفاد الوثوق النوعي شيئاً؛ لأنّ عدم البدار قد تحقّق معه أيضاً إذا لم يحصل الوثوق الشخصي، كما هو واضح.
وهذا الكلام بعينه يرد على السيد الخوئي نفسه في تمييزه بين الحجّ والصلاة، فإنه لو كان العقل قد حكم بلزوم البدار فلا فرق بين الحجّ والصلاة؛ لأنّ موضوع حكم العقل متحقّق، ولو حكم بلزوم البدار عند خوف الفوات خوفاً عقلائياً معتدّاً به، فإنّ هذا الحكم العقلي ليس سوى حكمه بلزوم الامتثال؛ لأنّ عدم امتثاله ثم موته قد يصدق عليه عرفاً أحياناً ـ مع خوفه المذكور ـ أنه لم يراع للتكليف حرمةً وأنّه تهاون به، فليس في البين إلا حكم عقلي واحد له جانب إيجابي وهو ضرورة الانصياع والتسليم للأمر، وجانب سلبي وهو المنع عن التمرّد والتهاون والاستخفاف.
د ـ إنّ ما ذكره الشيخ الفياض من إجراء الاستصحاب الاستقبالي ـ بصرف النظر عن صحّته في نفسه على نقاش بين الأصوليين فيه يراجع في محلّه ـ لا ينفع إلا بنحو الأصل المثبت؛ لأنّ استصحاب بقاء الاستطاعة إلى العام القادم كما ذكره حفظه الله لازمه العقلي الإتيان بالمكلّف به أو واقع امتثال التكليف، وهذا اللازم العقلي هو الذي يرفع موضوع حكم العقل، حيث يلغي خوف فوات الامتثال، والأصل المثبت لا يثبت.
نعم، بناءً على ما قوّيناه في الاستصحاب من جريانه حتى في الأصل المثبت في غير موارده الغريبة عن العرف قد يكون هذا الاستصحاب تاماً هنا، بصرف النظر عن إشكاليّة الاستصحاب الاستقبالي في علم أصول الفقه.
وعليه، فهذا الدليل الأوّل غير صحيح، لا هنا ولا في سائر الواجبات، إمّا مطلقاً بالطريقة التي بيّناها، أو على الأقلّ بملاحظة ما ذكره السيد فضل الله والشيخ الفياض.
2 ـ مستند السيرة المتشرّعيّة
ثاني الأدلّة هنا هو سيرة المتشرّعة القائمة على الخروج إلى الحجّ أوّل أزمنة الإمكان، حيث نجدهم عندما تتحقّق عندهم الاستطاعة يبادرون إلى تهيئة المقدّمات للتوجّه إلى مكّة في موسم الحجّ الأوّل، وهذا الإصرار منهم شاهدٌ على ارتكاز الفوريّة في هذا المجال.
ويناقش بأنه لم تمّ إثبات وجود هذه السيرة في عصر النصّ، قد يكون منشؤها حسن المسارعة إلى الخير في حدّ ذاته، ولا شاهد يثبت ذمّهم في تلك العصور من لا يخرج في أوّل الأزمنة مع عدم التسويف والاستخفاف.
3 ـ مستند دلالة صيغة الأمر على الفور
استند بعض الفقهاء هنا إلى دلالة صيغة الأمر على الفور([18])، حيث إنّ النصوص القرآنية والحديثية الآمرة بفريضة الحجّ قد ورد فيها استخدام صيغة الأمر، والمفروض دلالتها على الفور، فيثبت وجوب الحجّ فوراً، وحيث لم يرد ترخيص من الشارع يرفع هذه الفوريّة نبقى على الالتزام بها.
والجواب بما ثبت في علم الأصول من عدم دلالة الأمر ـ مادّةً وهيئةً ـ لا على الفور ولا على التراخي، بل قد بيّنا آنفاً أنّ نتيجة الإطلاق هو جواز التراخي.
4 ـ دلالة شرعيّة الاستنابة على الفوريّة
الدليل الرابع الذي يذكر لإثبات وجوب الفوريّة في الحج أنّ تشريع الاستنابة مع العذر شاهد الفورية؛ إذ لو لم يكن الأمر بنحو الفورية لأمكنه التأخير ولم يكن هناك معنى للاستنابة، إذ المفروض أنّه لا يجب عليه الحجّ في العام الأوّل، فما هو المستدعي لاستنابته في هذا العام بعد إمكان ذهابه في العام اللاحق بنفسه؟!
ونوقش بأنّه متين لو كانت الاستنابة واجبةً حتى مع العلم بزوال العذر؛ إذ يمكنه التأخير حينئذٍ فلا معنى للاستنابة، لكنّ الحقّ أنّ الاستنابة تكون في صورة استمرار العذر دون العلم بزواله لاحقاً([19])، بل الروايات منصرفة عن وجوب الاستنابة في العام الأول([20]).
وبصرف النظر عن هذه الأجوبة، يمكن الجواب أيضاً بأننا نلتزم بحرمة التسويف والاستخفاف، كما نعلم بأنّ النيابة جعلت بديلاً في الحجّ، وعليه يمكن القول بأنّ تأخيره الحجّ ـ بالأصالة والنيابة معاً ـ بنحو يصدق عليه التسويف حرامٌ، فيجب عليه الإتيان به، وحيث لا يقدر بنفسه، وقد قام النائب مقامه لزمته الاستنابة.
5 ـ حظر النيابة عن الغير مع شغل الذمّة
استدلّ هنا ـ خامساً ـ بما دلّ على عدم جواز أن ينوب عن الغير من اشتغلت ذمّته بحجّة الإسلام([21])، وذلك أنّ هذا الأمر كاشفٌ عن فوريّة الحج عليه وإلا أمكن أن يحجّ هذا العام نيابةً عن غيره، ثم يحجّ عن نفسه في العام القادم.
ويجاب عنه بما ذكره بعض الفقهاء المعاصرين من أنّ هذا لا يلازم الفورية؛ إذ لعلّه حكمٌ خاص، وقد أفتى بعض الفقهاء بعدم جواز التطوّع في وقت الفريضة حتى مع سعة الوقت([22])، ومن ثمّ فأيّ مانع من أنّه إذا تزاحمت النيابة مع الأصالة منع من النيابة قبل الإتيان بالأصل؟!
6 ـ مرجعيّة النصوص الدينية الخاصّة، مطالعة تجزيئيّة تحليليّة
الدليل السادس هنا هو النصوص الحديثية الخاصّة بعد عدم وجود معطى قرآني يفيد ذلك، والإجماع واضح المدركية، ولا أقلّ من احتمالها؛ فلا يكون حجّةً.
ولابدّ لنا من استعراض هذه النصوص وتحليلها، للنظر في مدى وفائها بالقول بالفورية وعدمه، وهي:
1 ـ خبر معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله×، قال: mقال الله عز وجل: ﴿وَللهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ البَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً﴾، قال: هذه لمن كان عنده مال وصحّة، وإن كان سوّفه للتجارة لا (فلا) يسعه، فإن مات على ذلك فقد ترك شريعةً من شرائع الإسلام إذا هو يجد ما يحجّ به..n([23]). فإنّها ظاهرة في المنع عن تأخير الحجّ مع وجود الاستطاعة، فتدلّ على الفوريّة.
وقد يناقش الاستدلال بهذه الرواية:
أولاً: إنها وإن كانت تامّة السند على المشهور، لكنّنا في موضعه لم نقبل بتصحيح طرق الشيخ الطوسي إلى الحسين بن سعيد الأهوازي رغم تعدّدها، وهذه الرواية ينقلها الأهوازي عن فضالة بن أيوب، عن معاوية بن عمار، فتكون ضعيفة السند.
ثانياً: ما ذكره السيد محمد الروحاني من أنّ فقرة: mوإن كان سوّفه للتجارة فلا يسعهn ملحوقة بفقرة: mوإن مات على ذلك فقد ترك شريعة من شرائع الإسلامn، وعطف الثانية على الأولى قرينة على أنّ مورد النهي هو التسويف المؤدّي إلى ترك الحج حتى الموت، لا مطلق التسويف، وذلك بضميمة أنّ عدم التسويف ليس في نفسه شريعةً من شرائع الإسلام، فيكون حديث الرواية عن حالة ترك الحج، ومن ثمّ لا ربط لها بوجوب الفورية([24]).
وأجيب عن هذه المناقشة بما حاصله: إنّ الجملة الثانية جاءت على سبيل الترقي بعد الجملة الأولى، فتدلان على مطلبين، لا على مطلب واحد، ولا يظهر من الرواية قرينية أو تعليلية الثانية للأولى حتى يتم ما ذكره المناقش هنا([25])، أو فقل: إنّ الجملة الثانية بناءٌ على أحد الفرضين في الجملة الأولى وهو عدم بقائه([26]).
ولعلّ السيد الروحاني فهم من الفاء في بداية الجملة الثانية mفإن مات على ذلكn ما يدلّ على التعليل، فيكون المعنى: لا يسعه التسويف للتجارة فإنه إن مات كان كذا وكذا، والمجيب على مناقشة الروحاني لم يلاحظ وجود حرف الفاء في الجملة الثانية؛ لأنه اعتمد على الرواية في كتاب mتفصيل وسائل الشيعةn، والذي عُطفت فيه الجملة الثانية على الأولى بحرف الواو، فيما العطف بين الجملتين جاء في المصدر ـ وهو كتاب تهذيب الأحكام ـ بحرف الفاء، مما يسمح بفرضية التعليل.
لكنّ الإنصاف أنه حتى لو فرضنا حرف الفاء موجوداً يصعب فهم التعليل منه وإن كان محتملاً، ما لم يُجعل احتمال التعليل بحدٍّ يوجب الإجمال في دلالة الرواية، والصحيح أنّه لا يوجبه؛ فإنّ الجملة الثانية وإن كانت تعليلاً للأولى، لكنها تحافظ على دلالة الجملة الأولى؛ لأنّ معنى الرواية سوف يكون حينئذٍ: لا يسعه التسويف لأنه إن سوّف فمات فقد ترك الفريضة، فيكون الحكم الثاني قائماً بنفسه فيما الحكم الأوّل وهو التسويف جاء احتياطاً لعدم حصول الثاني، فيكون المولى قد حرّم التسويف طريقيّاً حذراً من فوات الفريضة، وهذا هو المائز بين نوعية الحكم في الجملة الأولى والثانية؛ وهو لا يضرّ بأصل حرمة التسويف شرعاً وإن كان بنحو الطريقية لحفظ الملاك وعدم فواته، فبهذا المقدار تدلّ الرواية لا أزيد، فلو سوّف فلم يمت فحجّ في العام القادم فقد خالف المولى في الوجوب الطريقي تجرؤاً، ولعلّ المستشكل يرضى بهذا المقدار. نعم سوف يأتي ما يرتبط بخبر الحلبي فانتظر.
ثالثاً: إنّ الرواية واردةٌ في سياق تفسير آية الاستطاعة كما هو واضح، وهذه القرينة السياقية تجعل الرواية ظاهرةً في النهي عن ترك امتثال ما أفادته الآية، أي ترك الحج لا فعل التسويف.
وأجيب بأنّ مجيء الجملة الأولى في الرواية في مقام شرح الآية القرآنية لا يعني أنّ سائر فقرات الرواية متمركزة على أصل فريضة الحج على المستطيع، بل الذي يبدو أنها تفريع على المفهوم من الآية، بحيث أوضح الإمام وجوب الفورية بعد أخذ مبدأ الوجوب من الآية الكريمة([27]).
لكنّ هذا الجواب غير واضح؛ فإننا لو لاحظنا فقرات الرواية سنجد أنها قرّرت أنّ الآية الكريمة جاءت فيمن له صحّة ومال، ثم فرّعت بحالة التسويف للتجارة وأنّ ذلك لا يسع العبد، مردفةً ذلك بأنه لو مات على حالة التسويف تلك فقد ترك شريعةً من شرائع الإسلام، رابطةً ترك هذه الشريعة بأنه يجد ما يحجّ به، وهذا الذي يجده هو عين ما شرحته الرواية في بداية حديثها من الصحّة والمال، مما يفيد أنّ الرواية فرّعت تفريعاً طبيعياً من الآية لا أنها أضافت مطلباً جديداً.
وبعبارةٍ أخرى: كأنّ الرواية تريد أن تقول: إنّ الاستطاعة هي الصحّة والمال فمن وجدهما لزمه الحج ولا يحقّ له التسويف؛ إذ لو مات فقد ترك الفريضة؛ لأنّ الاستطاعة موجودة. فمركزية الاستطاعة فيما قبل التفريع وبعده بنحو التعليل له شاهدٌ على أنّ الإمام لا يريد بيان مطلب جديد، وإنما يرى أنّ ما يذكره هو نتيجٌ طبيعي لمسألة الاستطاعة، فحيث هي متوفرة حرم التسويف، وهذا ما يحافظ على السياق التفسيري لا أنه تفريعٌ جديد على أصل ما تفيده الآية وكأنها توقفت قبل التفريع ثم جاء الإمام ليبني على ما قدّمته، فالإمام يرصد نتائج الآية لا أنه يبني على مفادها مطلباً إضافياً فلاحظ.
نعم، يمكن حينئذٍ مناقشة صاحب الإشكال بأنّ وقوع الرواية في سياق شرح الآية الكريمة لا يبطل فهم حرمة التسويف من الحديث؛ إذ بصرف النظر عن الملاحظة السابقة، تكون الرواية دالّة على أنّ الآية الكريمة بفرضها الحج أفادت الفورية، وعدم فهمنا نحن للفورية من الآية لا يعني عدم كون الرواية في سياق التفسير وأنّ الإمام فهم منها ذلك، فسياق التفسير لا يبطل فهم الإمام من الآية الكريمة إذا لم نفهم نحن ذلك منها بعد عدم فهم العرف لمعنى مباين للفورية من الآية الكريمة حتى تقع المعارضة الموجبة لسقوط الرواية عن الحجيّة.
رابعاً: ما ذكره العلامة فضل الله، وربما يكون هو المراد الجدّي للسيد الروحاني، وحاصله: إنّ الرواية ظاهرة في حصّة خاصّة من التسويف، وهو ذاك التسويف الممتدّ حتى يموت الإنسان وهو تاركٌ للحج، وما أشير إليه من أنّه يموت وهو تاركٌ شريعةً من شرائع الإسلام لا ينسجم مع الفورية؛ إذ لو فرض أنّ الحج كان فورياً فإنّ تأخيره لسنة واحدة يصدق معه ترك شريعة من شرائع الإسلام دون حاجة لفرض الموت، ومعه فيكون الذيل معطّلاً للظهور في إرادة التأخير من التسويف([28]).
ومرجع هذه المناقشة إلى أخذ مفهوم الجملة الشرطية من الذيل؛ لأنّ مفهومها قاضٍ بأنه لو لم يمت على ذلك ما صدق عليه أنه ترك شريعةً من شرائع الإسلام رغم تسويفه، مما يدلّ على أنّ الفورية ليست من شرائع الإسلام.
وهذا الكلام ينفي الوجوب الشرعي ولا يعارض الوجوب العقلي كما هو واضح على بعض النظريات على الأقلّ.
وروح هذه المناقشة ـ لاسيما مع ضمّها لمجمل ما أفاده السيد الروحاني ـ جيّد، إذا لم نفهم من كلمة mشريعةn هنا معنى أزيد من مطلق شيء شرّعه الله، أما إذا فهم أصول شرائع الإسلام وأساسيّات الفرائض كالصلاة والصوم و... أشكل الأمر حينئذٍ.
وعلى أيّة حال، فقد يجاب عن هذه المناقشة التي ذكرها العلامة فضل الله بأنّ ظهور جملة mفلا يسعهn في النهي عن التسويف ظهورٌ منطوقي، بخلاف البيان الذي ذكره حيث يقوم ـ كما بيّنا ـ على مفهوم الجملة الشرطية، ومعه لا يحرز انعقاد مفهوم لهذه الجملة بعد وضوح دلالة المنطوق المتصل.
خامساً: ما ذكره بعض المعاصرين من أنّ غاية ما تفيده هذه الرواية هو حرمة التسويف من دون عذر عقلائي لا مطلقاً؛ إذ هو الظاهر من قوله: mوإن كان سوّفه للتجارة فلا يسعهn([29]).
وقد فهم المناقش هنا أنّ التجارة جاءت في سياق بيان مصداق من مصاديق عدم وجود عذر عقلائي، مع أنّ عنوان التجارة قد يكون عذراً عقلائياً بنفسه، كما لو كانت حياته قائمةً على التجارة، اللهم إلا إذا قيل بأنّ التجارة تنصرف إلى حالات الغنى التي لا يضرّ معها ترك التجارة في موسم الحج، فإن قُبل فبها وإلا كان غاية ما تدلّ عليه الرواية حرمة التسويف للتجارة خاصّة.
والنتيجة إن هذا الحديث ضعيف السند، ولو صحّ فغاية ما يفيد حرمة التسويف لأجل التجارة، إذا لم نفهم التسويف عرفاً على أنه حالة المماطلة المتكرّرة لا مطلق التأخير ولو لمرّة واحدة، وإلا كان الحديث ظاهراً في حرمة الاستخفاف والتهاون بالتأخير عاماً بعد عام.
2 ـ صحيحة الحلبي، عن أبي عبد الله× قال: mإذا قدر الرجل على ما يحجّ به، ثم دفع ذلك عنه وليس له شغل يعذره به، فقد ترك شريعةً من شرائع الإسلامn([30])، بدعوى صدق الدفع بالتأخير في العام الأوّل([31]).
ألا أنّ الاستدلال بهذه الرواية مشكل؛ لأنّ ظاهرها أنه ترك الحج لا أخّره فقد كان مستطيعاً مطالباً بالحج لكنه دفعه عنه بلا عذر، ولهذا جاء التعبير بترك شريعة وهي فريضة الحج، فلا يكون لهذه الرواية ارتباط ببحثنا، وإن أوردها بعض الفقهاء والمحدّثين هنا، ولا أقلّ من احتمال ذلك احتمالاً موجباً لسقوط استظهار المعنى المدّعى منها.
3 ـ صحيحة الحلبي وخبر أبي الصباح الكناني، عن أبي عبد الله×، قال: قلت له: أرأيت الرجل التاجر ذا مال حين يسوّف الحج كلّ عام وليس يشغله عليه إلا التجارة أو الدين، فقال: mلا عذر له يسوّف الحج، إن مات وقد ترك الحج فقد ترك شريعةً من شرائع الإسلامn([32]).
إلا أنّ هذا الخبر ظاهر أيضاً في التسويف والمماطلة والتهاون عاماً بعد عام، بقرينة mكل عامn، والجواب تابعٌ للسؤال هنا، وكاشف عن أنّ الملاك الأساس هو نفس الحج، وأنّ المنع من التسويف كان لحفظ مصلحة أداء الحج لا في نفسه فيكون الوجوب ـ على تقديره ـ طريقياً. هذا فضلاً عن المناقشة في جعلها التسويف بسبب التجارة والدّين ممنوعاً لا مطلقاً، على تأمّل في مسألة الدين.
4 ـ خبر أبي بصير، قال: سألت أبا عبد الله× عن قول الله عز وجلّ: ﴿وَمَن كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلاً﴾؟ فقال: mذلك الذي يسوّف نفسه الحجّ ـ يعني حجّة الإسلام ـ حتى يأتيه الموتn([33]).
وهذا الخبر ظاهر في الترك؛ لأنه يسوّف حتى يأتيه الموت، إلا إذا قيل بأنّ التسويف مرّةً واحدة بلا تهاون ثم يأتيه الموت يكون مصداقاً للحرمة([34])، وحيث إنّ الموت غير اختياري في العادة لم يكن معنى لربط الحكم به ممّا يكشف عرفاً عن أنّ مطلق التسويف حرام، لا أنه حلال لكن إن صادف في هذا العام موته صار تسويفه حراماً، فإنّ هذا غير معقول هنا. وإنما أوردت الرواية الموت للكشف عن أنّ نكتة النهي عن التسويف ليست في نفسه، وإنما في كونه يعرّض الإنسان لفوات الفريضة المأمور بها، فلكشف طريقيّة هذا الحكم جاء الحديث في بعض الروايات عن مسألة فوات أصل الحج، لا أنّ ذلك كاشف عن عدم حرمة التسويف، ومعه فيكون الحكم طريقيّاً.
لكن مع ذلك قد يستفاد الوجوب النفسي هنا للفورية دون الطريقي، من خلال أنّ الوعيد على ترك الحج بقولٍ مطلق كاشفٌ عن الوجوب الفوري، إذ لو كان الحجّ واجباً موسّعاً لم يكن في تأخيره حتى الموت وعيد وعقاب كما هو واضح([35]).
ونوقش بأنّ العقاب كاشفٌ عن المنجز وهو موجود في باب الحج، وتفي به حيثية الوجوب الطريقي بلا حاجة إلى الوجوب النفسي، والوجوب الطريقي موضوعه الشك في البقاء فلو علم أو اطمأنّ بالبقاء فلا موضوع له([36]).
وأجيب بأنّ ذلك لا يتم في فرض إطلاق النصوص هنا لحالة الاطمئنان بالبقاء، فإنّ شمول الوعيد بالإطلاق لهذه الحال كاشف عن الوجوب النفسي دون الطريقي([37]). وهو إشكال متين لاسيما بضمّه إلى ما تقدّم من الوثوق النوعي بالبقاء، ويكون ذكر الموت في الرواية لربط الموضوع بالآية وإلا فهو في نفسه حرام، لكنّ صدق الآية عليه حالة خاصّة من التسويف.
إلا أنه مع ذلك في النفس شيء من صدق الرواية على التسويف لمرة واحدة هنا؛ لأنّ تعبير سوّف الحج حتى يأتيه الموت يفهم منه عرفاً التراخي في التأخير، ولا أقلّ من الإجمال، فهو مغاير لقولنا: سوّف الحج ففاجأه الموت، فلاحظ.
هذا، والخبر ضعيف السند بالبطائني.
5 ـ خبر زيد الشحام، قال: قلت لأبي عبد الله×: التاجر يسوّف نفسه الحج؟ قال: mليس له عذر، وإن مات فقد ترك شريعةً من شرائع الإسلامn([38]).
وهذا الحديث ضعيف السند بأبي جميلة، كما تتعلّق به جملة من الملاحظات السابقة، فلا نعيد.
6 ـ 7 ـ صحيحة معاوية بن عمار، قال: سألت أبا عبد الله× عن رجل له مال ولم يحجّ قط، قال: mهو ممّن قال الله تعالى: ﴿وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ أَعْمَى﴾ n، قال: قلت: سبحان الله، أعمى؟! قال: mأعماه الله من (عن) طريق الجنّةn([39])، ونحوها صحيحة أبي بصير([40]).
ومناقشتها بأنها واردة في الترك فتكون خارجةً عن محلّ البحث([41]) وغير ذلك، قد تقدّم فلا نعيد.
8 ـ 9 ـ خبر محمد بن الفضيل، قال: سألت أبا الحسن× عن قول الله عزّ وجل: ﴿وَمَن كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلاً﴾، فقال: mنزلت فيمن سوّف الحج ـ حجة الإسلام ـ وعنده ما يحجّ به، فقال: العام أحجّ، العام أحجّ، حتى يموت قبل أن يحجّn([42])، ونحو هذا الخبر المرسل عن كليب([43]).
ويناقش أولاً: بعدم شمول هذين الخبرين لمن أخّر الحج لا بطريقة متكرّرة حتى يموت، ولعلّها تعزّز ما احتملناه من معنى التسويف حيث لا تشمل التأخير مرة أو مرتين مع الوثوق النوعي بالبقاء، مضافاً إلى أنّ هذا النوع من التسويف المذكور في الآية الكريمة يصدق عليه التهاون والاستخفاف.
وثانياً: إنّ الخبر ضعيف السند بمحمد بن الفضيل الأزدي المضعّف، علماً أنّ الصدوق لم يذكر طريقه في مشيخة الفقيه إلى محمد بن الفضيل فيكون الخبر مرسلاً أيضاً، وكذا الحال في خبر كليب حيث رواه العياشي، وهو مرسل في نسخة تفسير العياشي التي وصلتنا، فضلاً عن عدم ثبوت وثاقة كليب بن معاوية الأسدي الصيداوي، كما بحثناه في محلّه.
10 ـ خبر علي بن أبي حمزة البطائني، عنه×، أنه قال: mمن قدر على ما يحجّ به، وجعل يدفع ذلك وليس له عنه شغل يعذره الله فيه حتى جاء الموت فقد ضيّع شريعةً من شرائع الإسلامn([44]).
ويرد عليه أولاً: إنّ الخبر ضعيف السند بعلي بن أبي حمزة البطائني.
ثانياً: إنّه دالّ على حالة الدفع المتكرّر mجعل يدفع... حتى...n فلا تدلّ على الفورية، كما بيّنا آنفاً.
ثالثاً: إنّ الحديث استثنى شغلاً يعذره الله فيه، مما يوحي أنّ هناك بعض الأشغال التي تبرّر عدم الذهاب إلى الحج رغم الاستطاعة، وليس ظاهره حالة الاضطرار ونحوها، بل حالة العذر العرفي والعقلائي، فلا يكون في الحديث لو تمّ إطلاق لحرمة التأخير.
11 ـ صحيحة ذريح المحاربي، عن أبي عبد الله×، قال: mمن مات ولم يحجّ حجة الإسلام لم يمنعه من ذلك حاجة تجحف به أو مرض لا يطيق فيه الحج أو سلطان يمنعه فليمت يهودياً أو نصرانياًn([45]).
والحديث حاله حال ما تقدّم، فلا نعيد.
12 ـ 13 ـ خبر ابن عباس، عن النبي|: mتعجّلوا إلى الحج ـ يعني الفريضة ـ فإنّ أحدكم لا يدري ما يعرض لهn([46])، وفي خبر آخر: mمن أراد الحجّ فليتعجّل، فإنه قد يمرض المريض، وتضلّ الراحلة، وتعرض الحاجةn([47]).
ويناقش أولاً: بضعف سندهما معاً بإسماعيل بن خليفة العبسي، وأنّ حديثه يخالف أحاديث الثقات، وأنّه ضعيف الحفظ، والمواقف فيه مختلفة([48])، ولا أقلّ من عدم وجود دليل حاسم على وثاقته، كما ويوجد في السند أيضاً مهران أبا صفوان (بن صفوان) وهو مجهول الحال([49])، وفي بعض المواضع جاءت رواية مهران المشار إليه عن ابن عباس، فيكون السند ضعيفاً به كما أشرنا، وفي بعضها الآخر جاءت رواية صفوان الجمال عن ابن عباس، فإن أريد بصفوان والد مهران، فيكون جدّ صفوان بن مهران الجمال الثقة المعروف، فهو مجهول الحال، بل إنّ جدّ صفوان المعروف اسمه المغيرة وليس صفواناً، وإن أريد صفوان بن مهران نفسه الثقة المعروف فلا يمكن أن يروي عن ابن عباس؛ إذ صفوان في طبقة الإمام الصادق (148هـ) ومن بعده، ولم يرو عن الإمام الباقر (114هـ) ولا ذُكر في طبقته، فكيف يروي عن ابن عباس المتوفّى عام 68 أو 69 أو 70هـ، أي في طبقة الإمام زين العابدين على أبعد تقدير، فلابدّ أن يفرض وجود سقط في السند وهو مهران مرّةً أخرى فيعود السند ضعيفاً، فالحديثان ضعيفا السند.
ثانياً: إنّ الحديث الأوّل وإن كان واضح الدلالة جليّاً، إلا أنّ الحديث الثاني يعلّق على إرادة الحجّ لا على وجوبه، فكأنه قال: إذا استقرّت النية وعزمتم فعجّلوا، فلا يكون دالاً على وجوب الفورية([50])، اللهم إلا أن يراد أصل النية نتيجة تحقّق الوجوب كما ليس بالبعيد، بمعنى أنه بعد الوجوب الفعلي تحصل إرادة الفعل نوعاً عند المتشرّع فيكون مريداً، وقد ذكروا وجود مثله في النصوص([51]).
هذا، وهناك جملة من الأحاديث عند الشيعة والسنّة تتكلّم عن ترك الحجّ لا نتعرّض لها؛ لأننا لا نراها متصلةً بموضوع بحثنا، وقد اتضح حالها بما أسلفناه وسيأتي، فلا نطيل.
مقاربة إجماليّة للنصوص الحديثيّة
هذا هو مهم الأحاديث في هذه المسألة، ولو رصدناها مجتمعةً لأخذ موقف نهائيّ منها، يمكن ذكر بعض التعليقات:
أولاً: إن بعض الروايات ـ وهي الروايات رقم 4، 6، 7، 8، 9 ـ تحدّثت عن آية: ﴿وَمَن كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى..﴾، واعتبرت تارك الحجّ أو مسوّفه مصداقاً لها، وهذا ممّا لا ضير فيه إذا كان بنحو بيان المصداق، إلا أنّ الخبرين رقم 8 ـ 9، دالّان على نزول هذه الآية في مسوّف الحج، وهو بعيد؛ لأنّ سورة الإسراء مكية، ومن البعيد نزولها بصدد الحديث عن موضوع الحجّ بهذه الطريقة، علماً أنّ سياق الآيات لا يربط المعنى بأيّ شيء يتصل بالحج، حيث وقعت المقابلة مع الذين أوتوا كتابهم بيمينهم. والذي يسهّل الأمر أنّ هاتين الروايتين ضعيفتا السند.
ثانياً: إنّ ما صحّ سنداً من هذه الأخبار عبارة عن الخبر رقم : 2، 3، 6، 7، 11. وأما ما دلّ على لزوم الفورية بصرف النظر عن السند فهو على أبعد تقدير، الخبر رقم: 1، 3، 4، 5، 6، 7، 11، 12، 13، بناءً على تجاوز بعض الملاحظات السابقة، فيكون التام دلالةً وسنداً هو الحديث رقم: 3، 6، 7، 11، بناءً على تخطّي بعض المشكلات الدلالية.
وأمّا بناء على ما توصّلنا إليه في المشكلات الدلاليّة، فلا يكون هناك أيّ حديث تام الدلالة والسند يثبت وجوب الفوريّة مطلقاً.
ثالثاً: إنّ غاية ما تدلّ عليه النصوص هو الوجوب الطريقي لا النفسي، والوجوب العقلي لم يثبت. والوجوب الطريقي موضوعه الشك في البقاء والامتثال، فإذا حصل الوثوق بالبقاء فلا يكون هناك وجوب.
رابعاً: إنّ المقدار المتيقّن ممّا تدلّ عليه النصوص هو حرمة التسويف بمعنى المماطلة المتكررة الكاشفة عن قدرٍ من التهاون، أما ما هو أزيد من ذلك فكانت لدينا بعض الملاحظات فيه؛ حيث إنّ النصوص الواردة فيه لا تبلغ ـ عدداً وقرينةً حافّةً ـ حدّ الوثوق والاطمئنان بالصدور الذي هو المعيار عندنا في حجيّة الأخبار.
خامساً: الملاحظ في بعض الأخبار التي تنزلنا وقبلنا دلاتها، وهي رقم: 1، 3، 5، أنها واردة في التاجر، وليس ببعيدٍ أن يكون المقصود تأخير الحج بملاحظة مصالح دنيوية صرفة، حيث لا تدلّ على النهي عن التأخير في مورد المبرّر غير الدنيوي، مثل الاهتمام بمريض أو ذي رحم، أو أموال فقراء ومساكين أو نشاطات دينية وإسلامية ومنها النشاطات السياسية والاجتماعية الإسلامية وغير ذلك، فيصعب فهم الإطلاق منها لمثل ذلك بعد أن كان موردها لا ينطبق عليه، الأمر الذي يعزّز فرضية أنّ التسويف المحرم هو ذاك الذي يختزن التهاون في الحج من خلال تقديم مصالح دنيوية صرفة ـ كالمال من التاجر ـ لا المال لمثل العامل فلاحظ ـ لا مطلق التسويف، فيساعد على ما استقربناه من حرمة التسويف الكاشف عن استخفاف أو تهاون. ولعلّه لهذا قيد السيد محمد باقر الصدر وغيره حرمة التأخير بكونه تكاسلاً أو مماطلةً أو للدنيا([52]).
سادساً: إنّ الاستدلال على عدم وجوب الفورية بأنّ الرسول| لم يحجّ بعد نزول آية وجوب الحجّ فوراً، بل حتى بعد فتح مكّة لم يحج فوراً مما يدلّ على عدم الوجوب([53]) غير دقيق؛ لأنّ الفعل دليل لبيّ لا تحرز ظروفه الموضوعية دائماً؛ لاسيما وأنّ حجّ الرسول| كانت له وقائعيّته السياسية والعامة آنذاك.
وربما يكون التأخير لأجل النسيء ـ كما قيل([54]) ـ وهو غير ظاهر. كما قيل بأنّ وجوب الحج نزل سنة تسع([55])، وهو غير دقيق أيضاً.
نتيجة البحث والرأي المختار
وبعد هذه التعليقات بمجملها، وبإضافة احتمال أنّ كلمة التسويف منصرفة عرفاً إلى التأخير المتكرّر الكاشف عن التهاون أو لا أقلّ من عدم إحراز شمولها لغير ذلك، نخرج بالنتيجة التالية: إنّ المقدار الذي يمكن تحصيل الوثوق به سنداً ودلالةً بنظرةٍ مجموعية للأخبار ليس وجوب الفورية، بل حرمة التسويف الكاشف عن التهاون والاستخفاف، وهو يحصل تارةً بالتأخير مرةً واحدة مع ظنّه عدم القدرة في المستقبل، أي العام القادم، وأخرى بالتأخير لمصالح دنيوية بحتة يرى الذهن المتشرّعي أنّ تقديمها فيه استخفاف بالحج، وثالثة بكون التأخير مكرّراً بحدّ المماطلة التي يفهم منها العرف التهاون بالأمر بلا عذر منطقي معقول، أما في غير ذلك فلا يحرز ثبوته. نعم، لا شك في أنّ الفورية حسنة لو لم يكن هناك مزاحمٌ أهم.
ولعلّه من هنا يمكننا أن نربط بين هذه النصوص ونصوص الاستخفاف بالحج([56])، لتكون المجموعتان هادفةً إلى أمرٍ واحد، وليس الاستخفاف بدالّ على وجوب الفورية كما ذكره بعض الفقهاء([57])، إذ من الواضح أنّ الذهن العقلائي يمكنه تصوّر حالات متعدّدة لتأخير الحجّ عاماً واحداً دون صدق عنوان الاستخفاف كما لاحظنا.
ومنه يظهر أنّ القول بحرمة التسويف في فرض عدم وجود العذر العقلائي([58]) غير دقيق كما لاحظنا؛ فإنّه وإن كان في نفسه صحيحاً كما أشرنا، إلا أنّه أخصّ من النتيجة التي توصّلنا إليها، ومغايرٌ لها في الجهة أيضاً. والله العالم.
_______________
([1]) انظر: إصباح الشيعة: 181؛ وتذكرة الفقهاء 7: 17؛ ومنتهى المطلب 2: 642 ـ 643؛ ومسالك الأفهام 2: 122؛ ومدراك الأحكام 7: 16، 18؛ وجواهر الكلام 17: 223؛ والعروة الوثقى 4: 343؛ ومحمد الروحاني، مناسك الحج: 8؛ والخميني والخامنئي، مناسك حج: 16؛ وناصر مكارم الشيرازي، مناسك جامع حج: 27؛ ومحمد صادق الروحاني، مناسك الحج: 8؛ والتبريزي، مناسك الحج: 6؛ وفتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء 11: 14.
([2]) السيستاني، مناسك الحج: 6 ـ 7.
([3]) انظر: محمد حسين فضل الله، فقه الحج 1: 72 ـ 77؛ ومنير الخباز، بحوث في فقه الحج 1: 29 ـ 30.
([4]) انظر: منتهى المطلب 2: 643؛ ومواهب الجليل 3: 421؛ ولفقهاء أهل السنة وبعض قدماء الإمامية تطويل في الأقوال والأدلّة بما بات أمره واضحاً اليوم، فانظر: منتهى المطلب 2: 642 ـ 643؛ ومواهب الجليل 3: 421 ـ 422.
([5]) انظر: مواهب الجليل 3: 421.
([6]) انظر: ابن عبد البر، التمهيد 16: 163 ـ 164؛ والأندلسي، المحرّر الوجيز 1: 477 ـ 478؛ والمجموع 7: 103 ـ 104.
([7]) المجموع 7: 102.
([8]) المعتمد في شرح المناسك 3: 13 ـ 14؛ وانظر: براهين الحج 1: 13؛ والأنصاري، كتاب الحجّ (مجموعة الأعمال 13): 9.
([9]) تعاليق مبسوطة 8: 35، و10: 6.
([10]) اللنكراني، تفصيل الشريعة (الحج) 1: 22؛ والأنصاري، الحج: 10.
([11]) الأنصاري، الحج: 9 ـ 10.
([12]) منير الخباز، بحوث في فقه الحج 1: 28 ـ 29.
([13]) فضل الله، فقه الحج 1: 72 ـ 73، بقلم جهاد فرحات.
([14]) لطف الله الصافي الكلبايكاني، فقه الحج 1: 17.
([15]) الشاهرودي، كتاب الحج 1: 11.
([16]) الصافي الكلبايكاني، فقه الحج 1: 17.
([17]) جعفر السبحاني، الحج في الشريعة الإسلامية الغراء 1: 30.
([18]) منتهى المطلب 2: 643.
([19]) الروحاني، فقه الصادق 9: 177.
([20]) اللنكراني، تفصيل الشريعة 1: 27.
([21]) انظر: جواهر الكلام 17: 223؛ والسبحاني، الحج 1: 30.
([22]) الأنصاري، الحج: 10 ـ 11؛ والشاهرودي، كتاب الحج 1: 15؛ واللنكراني، تفصيل الشريعة 1: 25؛ والروحاني، فقه الصادق 9: 177 ـ 178.
([23]) تهذيب الأحكام 5: 18؛ وانظر: تفسير العياشي 1: 190.
([24]) المرتقى إلى الفقه الأرقى 1: 19 ـ 20.
([25]) الخباز، بحوث في فقه الحج 1: 25.
([26]) اللنكراني، تفصيل الشريعة (الحج) 1: 23 ـ 24.
([27]) الخباز، بحوث في فقه الحج 1: 26.
([28]) فضل الله، فقه الحج 1: 74.
([29]) الخباز، بحوث في فقه الحج 1: 26.
([30]) تهذيب الأحكام 5: 18.
([31]) حسن القمي، كتاب الحج 1: 20.
([32]) الكافي 4: 269.
([33]) المصدر نفسه؛ وتفسير العياشي 2: 305.
([34]) انظر: المدني الكاشاني، براهين الحج 1: 13.
([35]) انظر: مدارك الأحكام 7: 18؛ وجواهر الكلام 17: 224؛ ومنتهى المطلب 2: 643.
([36]) المرتقى إلى الفقه الأرقى (الحج) 1: 21.
([37]) الخباز، بحوث في فقه الحج 1: 27.
([38]) الكافي 4: 269؛ وتهذيب الأحكام 5: 17 ـ 18.
([39]) تهذيب الأحكام 5: 18.
([40]) الكافي 4: 269؛ وتهذيب الأحكام 5: 18.
([41]) فقه الحج 1: 74.
([42]) كتاب من لا يحضره الفقيه 2: 447.
([43]) تفسير العياشي 2: 306.
([44]) كتاب من لا يحضره الفقيه 2: 448.
([45]) الكافي 4: 268، 269؛ والمحاسن 1: 88؛ ودعائم الإسلام 1: 288 ـ 289؛ وثواب الأعمال: 236 ـ 237؛ وكتاب من لا يحضره الفقيه 2: 447؛ وتهذيب الأحكام 5: 17، 426؛ وروضة الواعظين: 361، وعوالي اللئالي 3: 151.
([46]) مسند أحمد 1: 314؛ والجامع الصغير 1: 509؛ وكنز العمال 5: 24.
([47]) مستدرك الوسائل 8: 17، 61؛ وعوالي اللئالي1: 86، 180؛ ومسند أحمد 1: 214، 225، 323، 355؛ وسنن ابن ماجة 2: 962؛ وسنن أبي داوود 1: 390.
([48]) انظر: تهذيب الكمال 3: 77 ـ 82؛ ونيل الأوطار 5: 8؛ والشنقيطي، أضواء البيان 4: 335؛ لكنّ الأخير علّل الضعف بوجوه بعضها غير سديد؛ وانظر: سنن ابن ماجة 2: 962.
([49]) انظر: تقريب التهذيب 2: 218؛ وإرواء الغليل 4: 168؛ وأضواء البيان 4: 335؛ والمجموع 7: 102.
([50]) انظر: السبحاني، الحج في الشريعة الإسلامية الغراء 1: 29.
([51]) انظر: كشف القناع 2: 452.
([52]) محمد باقر الصدر؛ موجز مناسك الحج: 10؛ ومحمود الهاشمي، مناسك الحج: 9.
([53]) نسبه إلى الشافعي في منتهى المطلب 2: 643؛ وانظر: مواهب الجليل 3: 423.
([54]) منتهى المطلب 2: 643؛ وفقه الصادق 9: 180.
([55]) انظر: مواهب الجليل 3: 423؛ ونيل الأوطار 5: 9؛ والبهوتي، كشف القناع 2: 439.
([56]) انظر ـ على سبيل المثال ـ : الخصال: 610.
([57]) انظر: الروحاني، فقه الصادق 9: 179؛ والشاهرودي، كتاب الحج 1: 17 ـ 18؛ وحسن القمي، كتاب الحج 1: 20.
([58]) الخباز، بحوث في فقه الحج 1: 29 ـ 30.