السؤال: يقول عبد الرزاق السنهوري: (النبي بصفة كونه مؤسّس حكومة كانت له الولاية على كلّ من كان خاضعاً لهذه الحكومة، سواء كان مسلماً أم غير مسلم، وبوصف كونه نبياً، لم يكن يطلب من غير المسلمين من الذين تركهم على دينهم الاعتراف بنبوّته، ولو أنّ دعوته عامّة شاملة لجميع البشر).. هل يمكن أن تقدّموا لنا شرحاً أعمق لهذه الفقرة، بحيث يتضح الفرق أكثر بين معنى الولاية كحاكم ومعنى الولاية كنبي؟ (بهبهاني، من الكويت).
الجواب: الولاية من باب الحكومة قد تثبت لشخص غير نبيّ ولا فقيه بناء على رأي بعض الفقهاء، فمثلاً الحاكم العادل المنتخب من قبل الشعب هو مالكٌ للولاية الحكومية على رأي بعض الفقهاء، وله أن ينفذ ولايته هذه على الناس بحكم انتخابهم له والتزامهم معه عبر الانتخاب أو البيعة، والنبيّ لم يكن ليمارس سلطته من موقع النبوة فقط، فإنه من هذا الموقع لم يكن له أن يلزم الكافرين ببعض أحكام الشريعة بعد إقرارهم على دينهم والتزاماتهم، لكن من موقع اختيارهم له حاكماً على المدينة المنوّرة بموجب الاتفاق الذي وقع معه بدايات الهجرة، فإنه يحقّ له إلزامهم بولايته. وسأعطي مثلاً لذلك، فقد حرّم الرسول (ص) لحم الحمار الأهلي عندما كان المسلمون في خيبر، ثم تمّ تحليل لحم الحمير، والسبب هو أنّ الرسول لم يحرّمها بوصفه نبياً أوحي إليه أنها حرام بعنوانها، ثم نسخ حكم الحرمة، بل حرّمها بوصفه وليّاً على مصالح المسلمين؛ لأنهم لو أكلوها في خيبر لم يجدوا شيئاً يركبونه ليعودوا الى المدينة بعد انتهاء الحرب، فالمصالح العليا التي يريدها الله سبحانه خوّلت للرسول ـ بما هو ولي الأمر في هذه المصالح ـ أن يُصدر منعاً. وهذا غير قوله بوجوب الصلاة الذي جاءنا منه بوصفه نبياً.