السؤال: هل يمكن الحديث أو التنظير لاجتهاد كلامي أو اجتهاد ثقافي؟ (رائد الصدر، من العراق).
الجواب: يمكن ذلك، بل هو ضروري لاستمرار حركة التقدّم والنموّ العلمي في المجتمع الديني والإسلامي، وقد دعوتُ مراراً وتكراراً لفتح باب الاجتهاد في القضايا الكلاميّة وعدم تحويلها إلى مساحات محرّمة على العقل، بل هي أجدر بأن تكون اجتهاديةً؛ نظراً إلى عدم وجود تقليد فيها على ما هو المعروف بين العلماء، ومن الضروري هنا أيضاً منح المجتهد العذرَ على تقدير الخطأ وفقاً لرؤية فلسفية في ذلك، تعرّضنا لها في غير واحدةٍ من كتاباتنا لا سيما كتاب (التعدديّة الدينية)؛ لأنّ هذا العذر هو الذي يوفر البيئة الصحيّة الدافئة للإبداع في المجالات الكلامية والفلسفيّة. وإذا كان باب الاجتهاد في الفقه مفتوحاً ومع ذلك لم يؤدّ إلى انهيار الفقه وعلوم الشرعية، بل طوّرها ونمّاها وأحكمها وقوّاها رغم تعدّد الرأي الكثير في مجال الفقهيّات، وكان الفقه أنموذجاً حيّاً أمامنا يحكي عن أن فتح باب الاجتهاد يفضي إلى التنمية والتقدّم لا إلى الانحراف والتراجع، فإنّ الحال كذلك في الاجتهاد الكلامي والفلسفي والفكري عموماً، فإنّه من شأنه تطوير العلوم الدينية والفكر الديني، ولا داعي لأن نعيش القلق والخوف دائماً من اجتهادات غير سويّة قد تؤدّي إلى انحرافات عقائديّة.