السؤال: بالأمس تمّ إثارة موضوع وهو أنّ من يصلّي من جلوس بالنسبة للنوافل بسبب مشكلة صحيّة، عليه أن يجعلها بالعدد المضاعف، أي إذا كانت صلاة الليل ثمانية ركعات، فعليه أن يصلّي ست عشرة ركعة، وهكذا.. أرجو إفادتي، بالرغم من أنّ المصلّي تَعِبٌ بسبب تآكل الركبة، ولا يستطيع السجود على الأرض، أرجو التوضيح بالتفصيل سواء على الأرض أم الكرسي، ولكم جزيل الشكر.
الجواب: المعروف بين الفقهاء هو أنّه يجوز الإتيان بالنوافل عن جلوس ولو في حالة الاختيار، فضلاً عن صورة الحرج أو الاضطرار، والمعروف بينهم أنّ عدد الركعات لا يتغيّر، فالثمانية تبقى ثمانية، نعم الأفضل له أن يجعل كلّ ركعة عن قيام ركعتين من جلوس، وليس ذلك بواجب ولا هو بالشرط في صحّة إتيانه بالنوافل وترتّب الثواب عليها، وهذا ما يذهب إليه أغلب المتأخّرين المقاربين لعصرنا أو المعاصرين لنا، مثل: السيد محسن الحكيم، والسيد محمد باقر الصدر، والسيد الخوئي، والشيخ التبريزي، والسيد أبي الحسن الإصفهاني، والسيد محمد صادق الروحاني، والسيد محمد حسين فضل الله، والسيد محمود الهاشمي، والسيد الخميني، والشيخ المنتظري، والسيد الكلبايكاني، والشيخ يوسف الصانعي، والشيخ محمد أمين زين الدين، والشيخ محمد إسحاق الفياض، والشيخ فاضل اللنكراني، والسيد محمد سعيد الحكيم، والشيخ بهجت، والشيخ الصافي الكلبايكاني، والشيخ الوحيد الخراساني وغيرهم.
وبعض الفقهاء ـ مثل السيد علي السيستاني ـ اعتبر أنّ تكرارها يؤتى بالزائد فيه برجاء المطلوبيّة، والظاهر عدم ثبوت التضعيف عنده، بمعنى أنّ الركعة القيامية لا تصبح عنده ركعتين من جلوس، فضلاً عن أن يكون ذلك هو الأفضل أو الأولى، بل يؤتى بالركعة القيامية ركعةً جلوسيّة، وإذا أراد أن يثنّيها يأتي بالثانية برجاء المطلوبيّة، كما أنّ الشيخ المحقّق العراقي شكّك في تعليقته على العروة في أولويّة مضاعفة عدد الركعات لو اُتي بالنوافل من جلوس.
نعم، احتاط الشيخ ناصر مكارم الشيرازي بجعل الركعة قياماً ركعتين جلوساً، واعتبر أنّ أدلّة المضاعفة قويّة، على العكس تماماً ـ فيما يبدو ـ من نظر السيد السيستاني.
وبعد مراجعتي للروايات وكلمات الفقهاء وتحقيق أسانيد هذه النصوص، بدا لي أنّ التضعيف ـ على تقدير ثبوت مشروعيّة الإيتان بالنوافل عن جلوس اختياراً ـ لم يثبت بدليل معتبر سنداً أو موثوق صدوراً، وأظنّ أنّ منشأ الخلاف بين السيد السيستاني وغيره هو في المباني الرجاليّة المفضية إلى تصحيح أو تضعيف الروايات القليلة الواردة في موضوع التضعيف، فالراجح بنظري ما ذهب إليه السيد السيستاني، فإنّ ذلك على مبنى الاطمئنان بالصدور أوضح وأجلى أيضاً، وعلى كلّ إنسان العمل بما يمليه عليه اجتهاده أو تقليده، والله العالم.