• الرئيسية
  • السيرة الذاتية
  • الكتب والمؤلفات
  • المحاضرات والدروس
  • المقالات
  • الحوارات واللقاءات
  • المرئيات
  • الأسئلة والأجوبة
  • لغات اُخرى
  • تطبيق مؤلفات حب الله
  • آراء
الموقع الرسمي لحيدر حب الله
الاجتماعية والأخلاقية التاريخ والسيرة الفقهية والشرعية الفكرية والثقافية الفلسفية والكلامية القرآنية والحديثية
# العنوان تاريخ النشر التعليقات الزائرين
208 هل يصح الصوم من دون صلاة؟ وهل تؤثر المعاصي على الصوم؟ 2014-07-09 0 3081

هل يصح الصوم من دون صلاة؟ وهل تؤثر المعاصي على الصوم؟

السؤال: يشاع بين كثير من الناس أنّ الصوم يبطل إذا لم يصلّ الصائم، حتى قالوا: (يا صايم بلا صلاة، طار صيامك بالهواء)، فهل هذا صحيح؟ وهل إذا تهاون الصائم في صلاة الصبح يبطل صومه؟ (أحمد، لبنان).

الجواب: لا يبطل الصوم ـ من الناحية الفقهيّة ـ بترك الصائم لسائر الواجبات أو بفعله أيّ محرّم من المحرّمات، إذا ما اجتنب المفطرات المعدودة بعينها مع تحقّق سائر لوازم وشروط الصوم، فلو صام ولعب القمار صحّ صومه وعصى بلعب القمار، وكذا لو صام ونظر نظرةً محرّمة، وهكذا، نعم ورد في العديد من النصوص ربط قيمة الصوم بتجنّب الصائم لسائر المحرّمات كالغيبة وغيرها، وهذا ما ربطه العلماء أو يمكن أن يُربط بأكثر من فرضيّة، أهمّها:

الفرضيّة الأولى: وهي فرضية ربط ترك سائر المعاصي بتحقيق الصوم بأكمل أوجهه، بحيث اعتبروا أنّ الصوم مفهوم مشكّك، أي نسبي بمعنى من المعاني، وأنّ الحدّ الأدنى منه هو ترك المفطرات المنصوصة، ولكنّ للصوم أفراداً عليا أكمل من هذا الفرد يمكن أن ينالها الإنسان بتحقيق المزيد من الإمساك عن سائر المعاصي، وعليه فمن صام بلا صلاة صحّ صومه بمعنى سقط تكليف الصيام عنه، ولكنّه يكون عاصياً بتركه للصلاة، والصوم والصلاة هنا ليسا من الواجبات المترابطة، فقد يقع أحدهما ولا يقع الآخر، لكن لو صام الإنسان وهو مصلٍّ يعمل الصالحات ويترك السيئات لتحقّق منه صومٌ آخر أعلى درجة من الصوم الأوّل، فهو نفس الصوم ولكنّه من نوعيّة أفضل، تماماً كالسيارة التي تشتريها وتوصلك إلى المقصد، لكنّها قد تكون أنواعاً متعدّدة بحيث يكون بعضها أفضل من بعضها الآخر، فتوصلك بسرعة أو تترك آثاراً إيجابية حانبية عليك بعد إيصالك لمقصدك.

الفرضية الثانية: وهي فرضيّة أنّ الصوم بمعنى ترك المفطرات فقط هو مفهوم فقهي محض للصوم، ولكنّ الصوم الذي يحوي سائر العناصر المكوّنة له هو ذاك الصوم الذي تصاحب فيه تركَ المفطرات حالةٌ روحيّة تخلق وعياً دينيّاً أو إحساساً إيمانيّاً في الروح، وأنّ الناس بجمودها على البعد الفقهي ظنّت أنّ الرسالة الأساسيّة من الصوم هي ترك الأكل والشرب في النهار فقط، بحيث لا تجد مانعاً من أن يتحوّل الشهر الفضيل ـ مثلاً ـ إلى مناسبة لكلّ أنواع اللهو وتضييع الوقت وكثرة الأكل وفوضى الحياة والنوم وغير ذلك.

إنّ العالم القرآني يفهم الصوم على أنّه مكوّن متعدّد العناصر، وأحد عناصره هو الجانب الفقهي، وأنّك لو حقّقت الجانب الفقهي ولم تحقّق غيره بطلت العناصر الأخرى للصوم، وبطل الصوم بمفهومه القرآني وإن لم يبطل بمفهومه الفقهي بحيث يوجب معصيةً أو إعادة، إذ ليس كلّ شيء في الحياة الروحية والدينية هو الواجب والحرام، بينما لو لم يتحقّق الجانب الفقهي لزمك الإعادة.

وهذا المفهوم للصوم هو المفهوم الذي ينظر للعبادات على أنّها شيء مغاير للعادات، تماماً كما كان يطرح علماء الأخلاق والعرفان دوماً، فالذي يذهب بقيمة العبادات في الحياة هو تحوّلها إلى عادة، أو مناسبة اجتماعية فقط، بينما الذي يعيد إليها قيمتها بحيث يشعر بها المسلمون كما شعر بها صحابة النبي لحظة تشريع الصوم هو ذاك الذي يفهم الصوم على أنّه مكوّن متكامل، وبذلك يعي كلمة: (لعلّكم تتقون) الواردة في الآية التي شرّعت الصوم، ويفهم سياق الحديث عن الدعاء والقرآن في سياق الحديث القرآني عن الصوم؛ لأنّه يرى أنّ هذه الأشياء كلّها عبارة عن مركّب متجانس مع بعضه، ولأنّه تحرّر من النظرة الفقهية للعبادات بوصفها النظرة الحصرية لها، معتبراً إيّاها جزءاً من مكوّنات العبادة لله تعالى.

والفرق بين الفهم الأوّل والثاني هنا هو أنّ الفهم الأوّل يجعل الصوم مفهوماً مشكّكاً ونسبيّاً، بينما الفهم الثاني يجعله ـ كما سائر العبادات ـ مفهوماً غير مشكّك ولا نسبي، لكنّه مركّب من أجزاء، وأنّ البعد الفقهي فيه هو أحد أجزائه لا تمامها، كلّ ما في الأمر أنّ بطلان الصوم ـ بمعنى وجوب إعادة الإمساك ـ منحصر بحالة ترك المفطرات المنصوصة في الفقه الإسلامي.

الفرضية الثالثة: وهي ترى أنّ الصوم هو ترك المفطرات المنصوصة، لكنّه ترك له أثر روحي، وأنّ مشكلة الثقافة الدينية عند عامّة الناس هي أنّها صارت تتمكّن من الصوم الفقهي دون أن يترك هذا الصوم أثراً عليها، وذلك بسبب تحوّله إلى عادةً تارةً أو بسبب حصول تشوّه في فهمه، وهذا التفسير لعبادة الصوم ـ كسائر العبادات ـ لا يرجع إلى فهم الصوم على انّه أمر نسبي ومشكّك، ولا إلى أنّ له أجزاء غير تلك المنصوصة في الفقه، بل يرى الأمور كما هي، غاية الأمر أنّ هذا الصوم الفقهي يفترض منطقيّاً أن يترك أثراً روحياً على الإنسان لبعث روح التقوى فيه، لكنّ معاصي الإنساني وقساوة قلبه وبُعده عن الله وتبسيطه العبادات إلى عادات، منع عن تأثير العبادة في البعد الروحي للإنسان، وصيّرها أمراً مادياً، فمرجع المشكلة إلى خلق الموانع أمام الصوم عن تأثيره الروحي، تماماً كالصلاة التي تُخلق الموانع أمامها بحيث يصبح فعلها غير ناهٍ عن الفحشاء والمنكر، وإلا فهي بطبعها الأوّلي لو خلّيت ونفسها تنهى عن الفحشاء والمنكر، وهذا ما يؤكّد أيضاً ويُلفت نظرنا إلى مبدأ الترابط المعنوي بين العبادات والتكاليف، فقد لا يؤثر بعضها التأثير التام إلا في ظلّ مناخ تقوم بتوفيره عبادات أخَر، فالصلاة ليست لوحدها، والصوم ليس لوحده، بل هي منظومة عبادية وشرعية يقوم ضمّ أجزائها إلى بعضها بالسماح لكلّ واحد منها بفعل التأثير الذي وكّل به على أكمل وجه، وهذا أمرٌ مهم جداً في سياق فهم نظام العبادات في الدين عموماً.

الفرضية الرابعة: وهي الفرضية التي تربط الموضوع بالقبول لا بالصحّة، فتميّز بين شروط صحّة الصوم وكفايته وإسقاطه للتكليف عن عاتق العبد، وهذا ما يكفله البُعد الفقهي في الموضوع، وبين قبول الله للصوم، فهذا مربوط بالتقوى إذ (إنّما يتقبل الله من المتقين)، وهذا الكلام مبنيٌّ على نظرية التمييز بين مفهوم الإجزاء والقبول.

وتوجد فرضيّات ونظريات أخَر في هذا الموضوع أكتفي بهذه منها حتى لا نطيل، وليس من مانع أن نجمع بين أكثر من واحدة فيها، وعليه فالصوم بلا صلاة صومٌ صحيح شرعاً، لكنّه غير كافٍ على مستوى المكوّن الإيماني العام عند الفرد، فلا يبطل الصوم ولا يتلاشى في الهواء أبداً، لكنّه قد لا يترك تأثيره الأكمل الذي وكّل به.

إرسال

you should login to send comment link

جديد الأسئلة والأجوبة
  • تأليف الكتب وإلقاء المحاضرات بين الكمّ والنوعيّة والجودة
  • مع حوادث قتل المحارم اليوم كيف نفسّر النصوص المفتخرة بقتل المسلمين الأوائل لأقربائهم؟!
  • استفهامات في مسألة عدم كون تقليد الأعلم مسألة تقليديّة
  • كيف يمكن أداء المتابعة في الصلوات الجهرية حفاظاً على حرمة الجماعات؟
  • هل يمكن للفتاة العقد على خطيبها دون إذن أهلها خوفاً من الحرام؟
  • كيف يتعامل من ينكر حجيّة الظنّ في الدين مع ظهورات الكتاب والسنّة؟!
  • هل دعاء رفع المصاحف على الرؤوس في ليلة القدر صحيحٌ وثابت أو لا؟
الأرشيف
أرسل السؤال
الاشتراك في الموقع

كافة الحقوق محفوظة لصاحب الموقع ولا يجوز الاستفادة من المحتويات إلا مع ذكر المصدر
جميع عدد الزيارات : 36582217       عدد زيارات اليوم : 8610