• الرئيسية
  • السيرة الذاتية
  • الكتب والمؤلفات
  • المحاضرات والدروس
  • المقالات
  • الحوارات واللقاءات
  • المرئيات
  • الأسئلة والأجوبة
  • لغات اُخرى
  • تطبيق مؤلفات حب الله
  • آراء
الموقع الرسمي لحيدر حب الله
الاجتماعية والأخلاقية التاريخ والسيرة الفقهية والشرعية الفكرية والثقافية الفلسفية والكلامية القرآنية والحديثية
# العنوان تاريخ النشر التعليقات الزائرين
28 هل يصحّ إزعاج الناس ـ لاسيما الجار ـ بالأصوات العالية؟ وماذا عن المساجد والحسينيات؟ 2014-05-12 0 13442

هل يصحّ إزعاج الناس ـ لاسيما الجار ـ بالأصوات العالية؟ وماذا عن المساجد والحسينيات؟

السؤال: يمارس كثير من الناس الفوضى والإزعاج الصوتي للآخرين، لاسيما للجيران، حتى أنّ بعض المساجد والحسينيات تبالغ في ذلك، ما هو الموقف الإسلامي من هذه الظاهرة؟ (فؤاد، البحرين).

 
الجواب: هذه من الظواهر السلبية جدّاً التي تعاني منها الكثير من بلداننا العربية والإسلاميّة، ولعلّها تعبير عن قلقنا وخوفنا فلا نحبّ الصمت ولا نريده، لأنّه مقلق ومخيف، حتى أنّنا عندما نكون لوحدنا صامتين فإنّنا نحاول أن نستمع إلى صوت المذياع أو إلى أغنية كي لا يبقى الصمت، كأنّما هناك خوفٌ منه أو إدمان للأصوات العالية، كما كان يقول العلامة الراحل السيد محمد حسين فضل الله رحمه الله. بل تجد بعضاً من الخطباء السياسيّين والدينيين يدمنون الصراخ على المنابر بطريقة مثيرة جدّاً بحيث تخلق في وعي الجمهور أنموذج الإنسان المتوتر والقلق والغاضب، الأمر الذي يترك أحياناً أثراً سلبيّاً في نمط عيش حياة الكثير من الناس. والأسوأ من هذا كلّه تلك الثقافة التي باتت تروج في بعض المناطق (لبنان مثلاً) من إطلاق الرصاص عقب ظهور زعيمٍ سياسي أو مذهبي أو انتهاء خطابه، الأمر الذي أدّى في بعض الأحيان إلى تضرّر ممتلكات الآخرين، بل والأرواح. وقد لعب نمط الحياة العصرية دوراً كبيراً في التلوّث الصوتي في فضائنا، وترك آثاراً سلبية على نفوسنا وأرواحنا وعقولنا وأجسادنا.

ولا فرق في سلبيّة هذه الظاهرة بين أن تصدر من الناس بأبواق سياراتهم أو الراديو أو أجهزة ضبط الصوت، أو عند كلّ مناسبة أو نجاحٍ في المدرسة أو الجامعة، أو عروس تزفّ إلى منزل زوجها، أو حاجّ أو زائر يرجعان إلى أهلهما، أو انتصار سياسي أو عسكري أو غير ذلك، وبين أن يصدر هذا الأمر من المساجد أو الحسينيات أو المسيرات الدينية، إذ ينبغي حتى الإمكان تجنّب الإزعاج للآخرين بما يؤذيهم. وليس لأنّك تذيع صوت القرآن الكريم فهذا مبرّرٌ لك لإطلاق الصوت من مئذنة المسجد عالياً لمدّة طويلة قبل أذان الفجر مثلاً، فإنّ الناس قد لا تتحمّل مثل ذلك، وعلينا أنّ نحبّب الناس بالدين ولا نبغضهم به، وليس اعتراض الناس ناشئاً عن كرهٍ للدين بالضرورة، بل عن حالة طبيعية حيث تتنوّع أعمالهم ومشاغلهم فيرجعون متعبين للراحة، فلا يصحّ بحجّة إذاعة الحقّ التنكيل بالناس بهذه الطريقة.

وقد تحدّث غير واحد من العلماء عن سلبيّة هذه الظاهرة وقدّموا توجيهات دينية بشأنها، وأنا أنقل لكم بعض النصوص، لنشرها بين الناس، علّنا نساعد في بناء حياة أفضل وفي نظام حياة اجتماعيّة أكثر حضارةً وتقدّماً ورفعة إن شاء الله:

1 ـ (السيد علي السيستاني): «هل يجوز إزعاج الجار اليهودي، أو الجار المسيحي، أو الجار الذي لا يؤمن بدين أصلاً؟

الجواب: لا يجوز إزعاجه من دون مبرّر». (السيد السيستاني، فقه الحضارة: 175).

فلنتأمّل هذا النصّ الرائع الذي لا يجيز إزعاج حتى الذي لا يؤمن بدين أساساً، ما لم نملك مبرّراً مقبولاً.

وجاء في نصّ آخر له حفظه الله: «حقّ الجوار قريب من حقّ الرحم، يستوي في ذلك الحقّ الجار المسلم والجار غير المسلم، فقد أثبت رسول الله (ص) للجار غير المسلم هذا الحقّ، حيث قال (ص): «الجيران ثلاثة: فمنهم من له ثلاث حقوق: حق الإسلام، وحقّ الجوار، وحقّ القرابة، ومنهم له حقّان: حقّ الإسلام ، وحقّ الجوار، ومنهم من له واحد: الكافر له حقّ الجوار» وقال (ص): «أحسن مجاورة من جاورك تكن مؤمناً»، وقد أوصى الإمام علي الإمامين الحسن والحسين بالجيران بعدما ضربه اللعين ابن ملجم، فقال (ع): «الله الله في جيرانكم، فإنّهم وصية نبيّكم ما زال يوصي بهم حتى ظننّا أنّه سيورّثهم»، وقال الإمام الصادق (ع): «ملعون ملعون من آذى جاره»، وقال (ع): «ليس منّا من لم يحسن مجاورة من جاوره»..». (السيد السيستاني، الفقه للمغتربين: 204).

2 ـ (الشيخ جواد التبريزي): «هل يحرم تزيين سيارة الزفاف واستعمال المنبّه الصوتي (بوق أو هرن) في الشوارع، سواء يشرط أن يكون موجباً للريبة أو يزعج الناس؟

الجواب: في الفرض المذكور هذا ينافي العفاف والستر المطلوبان من المرأة، والله العالم» (الشيخ جواد التبريزي، صراط النجاة 5: 385).

3 ـ (السيد محمّد الشيرازي): «..ورد في الشريعة استحباب خفض الصوت، وقد وردت روايات كثيرة في هذا الجانب، قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم: «يا أبا ذر، اخفض صوتك عند الجنائز وعند القتال وعند القرآن». وعن الإمام علي عليه السلام: إنه كان إذا زحف إلى القتال يأمر الناس بخفض الأصوات والدعاء. وفي رواية أخرى عن ابن عباس يصف أمير المؤمنين عليه السلام قال: «ويقول لهم معاشر الناس استشعروا الخشية وأميتوا الأصوات وتجلببوا بالسكينة». وفي حديث آخر إنه عليه السلام قال لأصحابه عند البراز: «وعضّوا على الأضراس فإنه أنبأ للسيوف من الهام وأربط للجأش وأزكى للقلوب، وأميتوا الأصوات فإنه أطرد للفشل وأولى للوقار». وفي رواية أخرى: «وعضّوا على الأضراس فإنّه أنبأ للسيوف عن الهام وغضّوا الأبصار ومدوا جباه الخيول ووجوه الرجال وأقلَّوا الكلام فإنّه أطرد للفشل وأذهب بالوهل»…». (السيد محمد الشيرازي، فقه البيئة: 106 ـ 116، حيث استعرض بحثاً مفصّلاً هناك).

4 ـ (السيد روح الله الخميني): «لا يخفى أنّ أمر الجار شديد، وحثّ الشرع الأقدس على رعايته أكيد، والأخبار في وجوب كفّ الأذى عن الجار وفي الحث على حسن الجوار كثيرة لا تحصى، فعن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: «ما زال جبرئيل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه» وفي حديث آخر أنه صلى الله عليه وآله أمر عليّاً عليه السلام وسلمان وأبا ذر ـ قال الراوي: ونسيت آخر وأظنّه المقداد ـ أن ينادوا في المسجد بأعلى صوتهم بأنه لا إيمان لمن لم يأمن جاره بوائقه، فنادوا بها ثلاثاً»، وفي الكافي عن الصادق عن أبيه عليهما السلام قال: «قرأت في كتاب علي عليه السلام أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله كتب بين المهاجرين والأنصار ومن لحق بهم من أهل يثرب أنّ الجار كالنفس غير مضارّ ولا آثم، وحرمة الجار كحرمة أمة» وروى الصدوق بإسناده عن الصادق عن علي عليهما السلام عن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: «من آذى جاره حرم الله عليه ريح الجنة ومأواه جهنم وبئس المصير، ومن ضيّع جاره فليس منّي»، وعن الرضا عليه السلام: «ليس منّا من لم يأمن جاره بوائقه»، وعن الصادق عليه السلام أنّه قال والبيت غاصّ بأهله: «اعلموا أنّه ليس منّا من لم يحسن مجاورة من جاوره»، وعنه عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: «حسن الجوار يعمر الديار وينسئ في الأعمار»، فاللازم على كلّ من يؤمن بالله ورسوله واليوم الآخر الاجتناب عن كلّ ما يؤذي الجار وإن لم يكن مما يوجب فساداً أو ضرراً في ملكه، إلا أن يكون في تركه ضرر فاحش على نفسه، ولا ريب أنّ مثل ثقب الجدار الموجب للإشراف على دار الجار إيذاء عليه، وأيّ إيذاء، وكذا إحداث ما يتأذّى من ريحه أو دخانه أو صوته أو ما يمنع عن وصول الهواء إليه أو عن إشراق الشمس عليه وغير ذلك». (الإمام الخميني، تحرير الوسيلة 2: 203 ـ 204).

5 ـ (السيد محمد حسين فضل الله): بعد حديث مطوّل عن مسألة الصوت وارتفاعه يقول رحمه الله: «..وينبغي أن يعلم من خلال ما قدّمناه أن شجب الإسلام للأصوات العالية دون ضرورة لا يقتصر على مضمون دون مضمون؛ لأنّ القضية قضيّة طبيعة الصوت لا قضية المحتوى، فلا يفرق بين القرآن وغيره كما يظنّ بعض السذّج أنّ لهم الحقّ أن يرفعوا الجهاز الصوتي الذي يملكونه إلى أبعد حدّ إذا كان الصوت يتضمّن قرآناً أو موعظة أو غير ذلك؛ لأنّ الدين يفرض على الآخرين أن يخضعوا لذلك ويستسلموا. إنّ هذا الظنّ خطأ؛ لأنّ الإسلام يريد للإنسان أن يستمع للقرآن وللمواعظ بروح هادئة خاشعة، ومن الطبيعي أنّ ذلك لن يتحقّق إذا كان الصوت ينطلق بصورة مزعجة تثير الأعصاب وتبعث على التوتر..». (مفاهيم إسلامية عامّة: 35 ـ 36).

6 ـ (السيد علي الخامنئي): «ما هو رأيكم بالنسبة لاستمرار مسيرة مواكب العزاء في ليالي شهر محرّم إلى منتصف الليل ويستخدم فيها الطبل والمزمار؟

الجواب: انطلاق مواكب العزاء على سيّد الشهداء وأصحابه عليهم السلام والمشاركة في أمثال هذه المراسم الدينية أمرٌ حسن جدّاً ومطلوب، بل من أعظم القربات إلى الله تعالى، ولكن يجب الحذر من أيّ عمل يسبّب إيذاء الآخرين أو يكون محرّماً في نفسه شرعاً». (أجوبة الاستفتاءات 2: 126، س372).

وبناء عليه، فإنّ من المطلوب منّا جميعاً ـ أفراداً وجمعيّات ومؤسّسات دينية وغير دينية ـ أن نسعى لخلق فضاء صوتي صحّي يمكن أن نعيش فيه حياةً أفضل، ونبني فيه شخصيات أكثر اتزاناً ووقاراً، ومن المطلوب من علماء الدين والخطباء تناول مثل هذه الموضوعات التي تواجهها الناس يومياً لتوجيه الشارع المتديّن نحو ممارسة حياة أخلاقيّة أفضل من الناحية الاجتماعيّة، لنتمكّن من صنع مجتمع متدين متميّز من هذه النواحي عن غيره تميّزاً إيجابيّاً إن شاء الله. هذا، وإذا كان بعض الناس بحاجة للصراخ والضجيج أحياناً لتنفيس الغضب والضغط الحياتي، فإنّه يمكن تخصيص أماكن بعينها لذلك تستطيع تأمين مناخ مناسب لهم، وهذا ما يرتبط بالجهات المعنيّة بالشأن النفسي والتربوي العام.

 

إرسال

you should login to send comment link

جديد الأسئلة والأجوبة
  • تأليف الكتب وإلقاء المحاضرات بين الكمّ والنوعيّة والجودة
  • مع حوادث قتل المحارم اليوم كيف نفسّر النصوص المفتخرة بقتل المسلمين الأوائل لأقربائهم؟!
  • استفهامات في مسألة عدم كون تقليد الأعلم مسألة تقليديّة
  • كيف يمكن أداء المتابعة في الصلوات الجهرية حفاظاً على حرمة الجماعات؟
  • هل يمكن للفتاة العقد على خطيبها دون إذن أهلها خوفاً من الحرام؟
  • كيف يتعامل من ينكر حجيّة الظنّ في الدين مع ظهورات الكتاب والسنّة؟!
  • هل دعاء رفع المصاحف على الرؤوس في ليلة القدر صحيحٌ وثابت أو لا؟
الأرشيف
أرسل السؤال
الاشتراك في الموقع

كافة الحقوق محفوظة لصاحب الموقع ولا يجوز الاستفادة من المحتويات إلا مع ذكر المصدر
جميع عدد الزيارات : 36778301       عدد زيارات اليوم : 3787