السؤال: هل الإنسان بحاجة لشهادات مراجع أو مجتهدين لكي يحقّ له الاجتهاد في الشريعة والعمل على وفق اجتهاده؟ (عبد الله).
الجواب: بالنسبة له شخصيّاً لا يحتاج لإجازة اجتهاد، بل العبرة بقناعته الذاتيّة بكونه مجتهداً، فلو اقتنع بأنّه مجتهدٌ يملك أدوات وخبرة العمل الاجتهادي، فيحقّ له أن يجتهد ويبني على نتائج اجتهاده، وعلينا حمله على الأحسن إذا ما تصرّف تصرّفات المجتهدين، عندما لا تكون لدينا أدلّة تنفي اجتهاده، فإنّ عدم ثبوت الاجتهاد لا يعني ثبوت عدم الاجتهاد، وهناك الكثير من العلماء لم يأخذوا أيّ إجازات اجتهاد من أحد في حياتهم، إلا بعد أن أصبحوا فقهاء معروفين جدّاً. ولو لم يكن مقتنعاً باجتهاده وشهد له غيره بأنّه مجتهد ومع ذلك رأى أنّهم مخطؤون في شهادتهم، لم يكفه ذلك للعمل بفتوى نفسه، ما دام غير مقتنع باجتهاده. لكنّ المشكلة تكمن في أنّ الإنسان يجب عليه أن يكون محتاطاً في هذه القضيّة ويختبر نفسه ويقارن تفكيره بجهود العلماء والفقهاء، ليرى هل حقّاً يملك هو هذه الخبرة أم أنّ نفسه الأمّارة بالسوء تسوّل له ذلك ليتصدّى لمناصب لا يليق بها، فيرتكب بذلك الحرام الشرعي؟! والإنسان على نفسه بصيرة، وعليه أن ينتبه كثيراً لهذا الأمر، وحيث إنّ الحوزات العلميّة لا تخضع لنظام شامل وواضح وحاسم في موضوع الشهادات يطال جميع المنتسبين إليها على حدّ سواء، لهذا نجد أنّ بعض من يستحقّ شهادة الاجتهاد وألقابه لا يُمنح إجازةً، فتراه لا يتصدّى حذراً، فيما بعض من لا يستحقّون يتصدّون لقضايا الاجتهاد ويفرضون أنفسهم أحياناً على الواقع بعناصر مساعدة، سبق أن تحدّثت عنها في جواب آخر.
أمّا بالنسبة للناس، فإذا كان غيره من أهل الخبرة بحيث يمكنهم تشخيص كونه مجتهداً أم لا، فيمكنهم الرجوع لخبرتهم في التعامل معه سلباً أو إيجاباً، وأمّا غير الخبراء فعليهم الرجوع إلى أهل الخبرة وشهاداتهم وأمثال ذلك، عندما لا يكون لهم اطمئنان معتبر باجتهاده ولو من خلال الشياع المفيد له، فإن شُهد له بالاجتهاد جاز لهم التعامل معه بهذه السمة وإلا فلا، فإنّ الأصل أنّه غير مجتهد ما لم يقم على اجتهاده دليل.