السؤال: والدي يقلّد أحد المراجع الذين يشترطون إذن وليّ الأمر في صحّة عقد الزواج للمرأة الباكر، أمّا أنا فأقلّد مرجعاً آخر يجيز الزواج للمرأة الباكر بدون إذن أو إجازة أو إعلام وليّ أمرها، وقد قمت بالزواج من أحد زملائي طبقاً لأحكام الشريعة التي أعتقد بصحّتها بناءً على تقليدي لمرجع يجيز حسب فتواه ذلك، ولم أستأذن أبي أو أطلب منه الرأي، ولم اُعلمه بزواجي. وبعد فترة من زواجنا منَّ الله عليَّ بالحمل من زوجي، وعندها علم أبي بذلك، فمارس معي أقسى أنواع العذاب البدني والنفسي من الضرب بأشكاله والحبس والكيّ، وحاول عدّة مرات إجهاضي وإسقاط جنيني من بطني. شيخنا المحترم.. هل يجوز حسب فتوى مرجع والدي هذه الممارسات العدوانيّة والوحشية ضدّي من التعذيب البدني والنفسي فقط لأنّني مارست العمل الذي أعتقد بصحّته وبأنّه حقّ من حقوقي بناءً على فتوى مرجع أعتقد أنّه جامع للشرائط، وإن كان يختلف مع مرجعه في الرأي والاجتهاد والفتوى؟ فهل تسوغ المرجعيّات الدينية كلّ هذا العنف والوحشيّة والكراهية وقمع الحريات الشخصيّة، بل والجريمة التي ترتكب بحقّي خاصة وأنّ والدي يقول ويدّعي أنّ كلّ هذا من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتكليف الشرعي، وأنّه يتديّن ويتقرّب إلى الله بتعذيبي وأذيتي ومحاولة إسقاط جنيني وإجهاضي؟! ملاحظة : هذا السؤال وردني من إحدى الأخوات التي رجتني بشدّة أن أوصله إلى فضيلتكم وها أنا أرفعه إليكم لعلّها تحصل على الجواب منكم. (mohamadasdhoballah).
الجواب: ما فعلته هذه الفتاة وفقاً لتقليدها جائزٌ ما دامت تملك ـ وفقاً لقناعاتها ـ الحجّةَ الشرعيّة في هذا التقليد، سواء اقتنع الآخرون بمرجعها أم لا، لكن كان من المفترض بها العمل على إعلام والدها وأهلها بالأمر، ومحاولة إقناعهم، ولا أقلّ من ذلك بعد انعقاد الزواج بين الطرفين وقبل حصول الحمل، ولا يحقّ للوالد ممارسة كلّ هذه الضغوط وأنواع الأذى، وفقاً لما جاء في السؤال أعلاه، ولا يجيز أيّ مرجع فيما نعلم ممارسة أنواع الأذى بحقّ شخص فعل فعلاً يراه حلالاً عن اجتهاد أو تقليد حتى لو كان حراماً بالنسبة إلينا اجتهاداً أو تقليداً، بل إنّ الإجبار على الإجهاض حرامٌ بلا إشكال، لاسيما مع تجاوز عمر الجنين الأربعة أشهر. وغاية ما في الأمر هو التوجيه والنصح بعدم شرعيّة تقليدها من وجهة نظر الوالد لو كان يملك دليلاً على ذلك.
هذا كلّه من الناحية الفقهية والشرعية والقانونية بناءً على حرفيّة الصيغة الواردة في السؤال أعلاه، أمّا من الناحية الاجتماعية فيختلف تقويم عمل الفتاة تبعاً للظرف الاجتماعي المحيط، ممّا لا يمكن البت به قبل الاطلاع على حيثيات الموضوع بالتفصيل، لكنّ ذلك لا يبرّر العنف المشار إليه في حقّها.