السؤال: بالنسبة لبعض الممارسات العاشورائية مثل شعيرة النطح وشعيرة التطيين، هل هي من الشعائر وداخلة تحت الجزع على الحسين عليه السلام؟ حيث سمعت أحد الخطباء يستدلّ على جواز التطيين بما فعله السيد البروجردي بالتبرّك ببقايا الطين الذي في أرجل زوّار الحسين، ووضعه على عينيه، وعليه فهو شعيرة. فما تقول شيخنا الفاضل في هذا القول والاستنتاج؟ (محبّكم عبدالمنعم الحميدي، من السعوديّة).
الجواب: في سؤالكم أكثر من جهة تمّ دمجها ببعضها:
أ ـ أنّ هذه الأفعال جائزة في حدّ نفسها، وهذا صحيح؛ فإنّ تطيين الإنسان لنفسه ليس من محرّمات الشرع بالعنوان الأوّلي، وكذا نطح رأسه بشيء، ما لم يلزم الضرر المعتدّ به عند العقلاء. ومثل هذا المشي على الجمر، و(التزجيج) الذي رأيناه مؤخراً من التقلّب على الزجاج المفتَّت، و (التشويك) بملامسة الأشواك، والزحف المضني لمسافة طويلة، وغير ذلك مما نراه اليوم، فهذا في نفسه جائز ما لم يلزم منه ضرر بليغ، لا مجرّد الضرر البسيط كجرح صغير أو احمرار أو نحو ذلك. وأمّا العنوان الثانوي فيختلف باختلاف تقويم الأشخاص للمسألة وفهمهم للرؤية العامّة للموضوع، وليس في العنوان الثانوي هذا من حيث التشخيص نصٌّ ديني محدّد، فقد يشخّص فقيهٌ أو خبيرٌ أنّ هذا الأمر يهتك حرمة الدين، وقد يشخّص آخر العكس تماماً.
ب ـ أنّ هذا التطيين شعيرة أو ذاك النطح شعيرة، وهذا الموضوع يختلف عن الموضوع الأوّل، فجواز شيء لا يصيّره شعيرةً كما هو واضح، وهنا يوجد اتجاهان:
الاتجاه الأوّل: وهو الذي يرى توقيفيّة الشعائر، وأنّ الشعائر لابدّ أن تكون منصوصةً في الشرع، وعلى هذا الرأي المنسوب للمحقّق النراقي، والذي ذهب إليه أمثال الإمام الخالصي والعلامة السيد محمد حسين فضل الله (انظر له: فقه الحجّ 1: 65 ـ 68؛ تقريراً لبحوث العلامة فضل الله، بقلم الشيخ جهاد عبدالهادي فرحات)، لا يمكن للتطيين ولا للنطح ولا للتطبير ولا لأيّ فعل مهما عظم جمهوره، ومهما صار شعاراً للدين، أن يدخل في الشعائر التي ورد الحثّ على تعظيمها في النصوص القرآنيّة والحديثية، ما لم نُثبت في المرحلة السابقة أنّ هذه الأفعال والسلوكيّات منصوصٌ عليها في الشرع بنصّ خاصّ يدرجها ضمن شعائر الدين.
الاتجاه الثاني: وهو الاتجاه الذي لا يرى توقيفيّة الشعائر، كما هو المعروف من مذهب السيد محسن الحكيم والسيد محمد الشيرازي وغيرهما، ونظّر له بعض المعاصرين بتوسّع، فيكفي لصيرورة الشيء شعيرةً أن يكون مباحاً بالعنوان الأوّلي (والثانوي) من جهة، ويخدم العناوين الدينية العامّة من جهة ثانية، وأصبح في العرف ولو المعاصر معلماً من معالم الدين الظاهرة من جهة ثالثة، وعليه فالتطيين والنطح إذا صارا بهذا المستوى فهما شعيرة حثّ الشرع على تعظيمها.
لكن حتى على الاتجاه الثاني لا يكفي لصيرورة الشيء شعيرةً ـ عند كثير من أنصار هذا الاتجاه ـ أن يفعله شخص واحد أو عشرة أشخاص، بل لابدّ أن يتحوّل إلى شعار وعلامة بارزة تشير إلى الدين والقيم الدينية والشخصيّات الدينية المقدّسة، فلو فعل شخصٌ النطح في بيته مرّةً واحدة لم يصر الفعل شعيرةً، ولو كان الفاعل مرجعاً دينيّاً، بل لابدّ من خروجه إلى حيّز الظهور ليكون معلماً بارزاً لهذا الدين، كما في مثل الشهادة الثالثة أو التطبير أو غير ذلك، فإذا بلغت ظاهرة التطيين أو النطح هذا المبلغ وتحقّقت فيها الشروط المتقدّمة، صارت شعيرة مرغوبة في الدين وفقاً للرأي الثاني.
وأمّا قضيّة الجزع، فالجزع أمرٌ قلبي لا مجرّد استعراض ظاهري، فإذا لم يصدر التطيين عن انفعال باطني عفوي ناتج عن انهيار عصبي أو شبه انهيار، فليس جزعاً وإنّما هو تجازع، فلاربط بين هذه الظواهر ومفهوم الجزع إلا مع صدورها عن حالة عاطفيّة هائلة تدفع للفعل بطريقة أشبه بغير الواعية من شدّة الضغط النفسي على الشخص. نعم، إذا قيل بأنّ دليل شرعيّة الجزع يشمل بروحه التجازع أمكن الأمر.
وأمّا فعل السيد البروجردي رحمه الله، فهو لو صحّ تاريخيّاً، لا يصيّر التطيين الذي يفعله بعض الناس اليوم شعيرةً، إذا لا ربط بين الاثنين، فهذا ناشيء عن مفهوم التبرّك بمثل غبار زوّار الحسين عليه السلام، فيما التطيين قد يكون بوضع الطين العادي على الرأس والجسد ولو لم يكن له علاقة بالزيارات والزوار أو بما يكون على أجسامهم، ولا هو من طين قبر الحسين عليه السلام، وفعل السيد البروجردي لا يؤشر لشعيرة ظاهرة التطيين فضلاً عن النطح.
وبالإجمال العام قلنا سابقاً ومراراً بأنّ المهم في هذا الموضوع ـ إلى جانب الإطار الشرعي الفقهي ـ هو الوعي العام والمستوى الثقافي الاجتماعي العام الذي يقوم بصياغة العادات والممارسات على طريقته، فكلما صغنا هذا الذوق العام والمزاج العام بطريقة معيّنة، ظهرت أساليب تعبيريّة معيّنة منسجمة مع الذوق، وها هي وسائل الإعلام العالميّة تقوم ببلورة الذوق البشري عامّة، وتغيّر (استذواقات) الناس وأحاسيسها الجماليّة، فعلينا الاشتغال على صياغة الذوق العام بما ينسجم مع روح الإسلام والشريعة وأدبيّاتهما والقيم الإنسانية والأخلاقيّة النبيلة، لا صياغة الذوق العام بما ينسجم فقط مع عادات شعب بعينه، لتتحوّل طريقته التعبيرية إلى معبّر عن الأداء الديني لدينا.
أحسنتم!!!!!!!!
استغفر الله
اي دين هذا الذي امر بفعل هذا
انتم تشوهون الدين وتؤذون ال البيت عليهم السلام
الله يرد لكم عقلكم
يعني اذا اجمع الناس على قطع اليدي مواساة للعباس واخذ هذا العمل حيز الظهور فانه بالتالي اصبح شعيرة
لا حول ولا قوةالا بالله