السؤال: هل يمكن للمرء أن يبقى مسلماً وفي الوقت نفسه لا يعتقد بفكرة شموليّة الإسلام لكلّ جوانب الحياة، سواء أكانت سياسية أم اجتماعية أم غيرهما؟ (علي).
الجواب: إذا اعتقد بأنّ ما جاء به النبي محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلّم شاملٌ لكلّ مرافق الحياة، لكنّه مع ذلك كذّب النبي فيما جاء به وما نقله عن الله سبحانه، فهذا خروجٌ عن الدين الإسلامي؛ لأنّه يرجع ـ من وجهة نظر الفقهاء ـ إلى إنكار الشهادة الثانية. أمّا إذا توصّل من خلال بحثه إلى أنّ هذه الأحكام التي جاءت في النصوص الإسلامية تستوعب الاقتصاد والسياسة والأمن والسلم والحرب والاجتماع، هي أحكامٌ جاء بها النبي لزمنه وعصره ولم يُقصد منها أكثر من ذلك، وأنّها انتهت اليوم (أي أنّها أحكام تاريخية انقضى زمنها)، أو شكّك في وجود هذه الأحكام وفي صحّة نسبتها للنبي الأعظم، ففي هذه الحال يبقى مسلماً، غاية الأمر يحكم بأنّه مشتبه فيما اعتقد من وجهة نظر من يرون شمولية التشريع الإسلامي؛ لأنّ غاية ما يمكن أن يرجع إليه هذا الإنكار للشمولية عند هذا الشخص هو أنّه أنكر الضروريّ من الدين، وإنكار الضروري لا يوجب في حدّ نفسه الخروج عن الدين، وإنّما يوجب الخروج عنه عندما يلتفت المنكر لهذا الضروري إلى أنّه ينكر ما جاء به النبي الأعظم وأنّه يقوم بتكذيب هذا النبي، فإذا كان قد توصّل فكريّاً إلى أنّ النبي لم يأت بهذا أو توصّل ـ ولو لشبهة تعرض عليه ـ أنّ ما أتى به النبي قصدت الشريعةُ منه تنظيمَ حياة الناس في تلك العصور، وأنّه ليس هناك استيعاب زمني لما جاءت به الشريعة، فيكون شمولها لكلّ مرافق الحياة محصوراً بتاريخ معين، ففي هذه الحال لا يكون هذا الشخص ملتفتاً إلى أنّه ينكر ما جاء به النبي واقعاً ـ بناءً على فكرة الشمولية ـ وهذا معناه أنّه مخطى أو مشتبه أو عنده شبهة أو التباس أو ما شئت فعبّر، وهذا غير أن يُحكم بكفره كما هو واضح، فالكفر لا يكون إلا بإنكار إحدى الشهادتين.