السؤال: انطلاقاً من نظرية الولاية العامّة للفقيه، هل يستطيع الولي الفقيه إلغاء الدستور؟ وإذا الجواب هو نعم، فهل يعني ذلك أنّه فوق الدستور؟ وإذا كان الجواب بأنّه فوق الدستور فما فائدة الدستور؟
الجواب: يوجد ـ وفقاً للقول بنظرية الولاية العامّة للفقيه ـ قولان في هذه المسألة، فالبعض يقول بأنّ ولي الأمر تحت الدستور، وهذا يعني أنّ ولاية الأمر ولاية إجرائيّة تنفيذيّة على تطبيق بنود الدستور نفسه، وهو ـ أي الدستور ـ يعبّر عن القوانين الشرعية الدينية، ويرى هؤلاء بأنّنا لا نملك دليلاً على ثبوت ولاية الأمر في غير هذه المساحة، فعندما نصوغ الدستور وفقاً للشريعة الإسلاميّة فإنّ الولاية لن يكون لها معنى إلا السلطنة على آليات تطبيق الدستور في الحياة. وفي مقابل هذا الرأي ذهب جماعةٌ آخرون من القائلين بالولاية العامّة للفقيه، إلى أنّه بإمكان ولي الأمر تغيير الدستور؛ لأنّ الدستور في حدّ نفسه ليس سوى اجتهاد في فهم الشريعة الإسلاميّة أو هو عبارة عن أحكام سيقت لمصالح المجتمع العليا، ولمّا كان دليل ولاية الأمر عامّاً كان معنى ذلك أنّ لوليّ الأمر ـ وهو المجتهد العادل وفقاً لنظرية الولاية العامّة للفقيه ـ أن يعمل بما يراه فيه، إما اجتهاداً أو مصلحةً عليا، حيث إنّ الدستور نفسه أحد الشؤون العامّة المجتمعية التي تشملها أدلّة الولاية العامّة عندهم، ومن ثم يكون ولي الأمر فوق الدستور. وفائدة الدستور حينئذٍ أنّه مرجعٌ للجميع إلا أن يغيّره ولي الأمر، تماماً كما نقول بأنّ الدستور مرجعٌ للجميع إلا أن يعدّل من قبل المجلس الدستوري وفقهاء القانون، ويجري إقرار هذا التعديل في المجالس النيابية أو باستفتاء شعبي عام، ولا تعني فوقيّة ولي الأمر على الدستور عند هذا الفريق أنّه يعمل بلا ضوابط، بل هو يلتزم بالدستور ما دام الدستور موافقاً لقناعاته وإلا كان له العدول عنه؛ إذ ليس ملزماً إلا باجتهاداته الدينية أو بقراءته للمصالح العليا.