السؤال: ما رأيكم في منهج السير والسلوك لدى طلاب العلوم الدينية, هل هناك حقيقة خلف المقامات التي يدّعيها أصحاب هذا المسلك, فلو فرضنا اتّباع منهج سليم بدون أيّ ممارسات خارج مدرسة أهل البيت بالإضافة إلى العلوم الحوزوية والوعي الكافي, فهل يصل الإنسان إلى هذه المقامات المعنويّة؟ وكيف يميّز بينها وبين الوهم؟ (حسن).
الجواب: السير والسلوك منهج يكون من خلال اتّباع الشريعة والتزام القيم الأخلاقيّة والروحيّة، والتواصل الدائم مع الله سبحانه بمختلف أشكاله، كالصلاة والدعاء والذكر والمناجاة والمراقبة والمحاسبة وغيرها ممّا ذكره العلماء، ووردت فيه النصوص القرآنيّة والحديثية، وقد يحتاج لتوجيه أستاذ في بعض الأحيان، نظراً لخصوصيّات كلّ شخص (على خلافٍ معروف بينهم في ضرورة الأستاذ). وأمّا وجودُ حقيقةٍ لما ينقلونه، فقد قلتُ مراراً بأنّني لم يثبت لي وجود علوم حضوريّة كشفيّة حقيقيّة بالمساحة التي يتحدّث عنها العرفاء، نعم يمكن وجود كشف صوري كما يسمّونه (انظر كتابي: مسألة المنهج في الفكر الديني: 189 ـ 226). وأمّا التمييز بينه وبين الوهم، فهو عندهم من وجهة نظرهم واضح؛ لأنّ ما يقولونه هو علوم حضوريّة وليس صوراً ذهنيّة أو خياليّة أو رؤيا في منام أو يقظة، فليس الكشف الحقيقي هو رؤية ملاك كما يتصوّر الناس، بل هو شيء يتصل بأبعد من ذلك بكثير، وهو ضربٌ من الاتحاد مع المعلوم نفسه أيَّ شيء كان، تماماً كما تشعر أنت بنفسك وذاتك، وما سواه كشوفات صوريّة يتدخّل فيها الخيال ويمكن وقوع الوهم فيها حينئذٍ، هذا ما يقولونه. وإذا لم يثبت عند شخصٍ بالتجربة أو بالبرهان ما يدّعيه العرفاء، ولم يقم عنده برهانٌ على بطلان وجود الكشف الحقيقي المعنوي، فعليه أن لا ينكر ذلك، بل يذره في بقعة الاحتمال والإمكان حتى يأتيه به ـ سلباً أو إيجاباً ـ قاطع البرهان أو ينال فيه روح الذوق والعرفان.