• الرئيسية
  • السيرة الذاتية
  • الكتب والمؤلفات
  • المحاضرات والدروس
  • المقالات
  • الحوارات واللقاءات
  • المرئيات
  • الأسئلة والأجوبة
  • لغات اُخرى
  • تطبيق مؤلفات حب الله
  • آراء
الموقع الرسمي لحيدر حب الله
الاجتماعية والأخلاقية التاريخ والسيرة الفقهية والشرعية الفكرية والثقافية الفلسفية والكلامية القرآنية والحديثية
# العنوان تاريخ النشر التعليقات الزائرين
57 هل هناك حاجة أساساً للسؤال عن شرعية الطقوس الدينية الشعبية ما دامت لا تخالف الدين؟! 2014-05-12 0 1401

هل هناك حاجة أساساً للسؤال عن شرعية الطقوس الدينية الشعبية ما دامت لا تخالف الدين؟!

السؤال: قرأت ما كتبتموه حول سؤال وردكم بخصوص توثيق زيارة الأربعين. وفي رأيي المتواضع إنّه لا يوجد دين مجرّد من ممارسة أتباعه لمجموعة من العقائد والطقوس الشعبية التي لم ينصّ عليها بنحو الخصوص في ذلك الدين، فإن كانت هذه العقائد والطقوس مما ينسجم مع القواعد والأطر العامة في ذلك الدين اكتسبت شرعيّتها من تلك القواعد والأطر، وإن كانت مخالفة لتلك القواعد والأطر اعتبرت بدعة. وإذا افترضنا ديناً لا يمارس أتباعه هذا النمط من العقائد والطقوس، فهذا لا يدلّ على وعي اتباع ذلك الدين، بل يكشف عن عدم تغلغل ذلك الدين في وجدان الناس ومشاعرهم وعواطفهم. قبل مدّة كنت حاضراً في جلسة مع مجموعة من أتباع المدعو أحمد الحسن الذي لقّب نفسه بـ (اليماني)، وقبل أن نتفرّق أسمعني أحد أتباعه نشيداً من جهاز الموبايل يعبّر فيه المنشد عن مشاعره وعواطفه تجاه الدعوة وصاحبها، فالتفت إلى صاحبي وقلت له: هذا يعني أنّ دعوة هذا الرجل قد أصبحت من العقائد الشعبية، ولم تعد نظرية أو فكرة. ولعلّ ممّا يعدّ من الممارسات الدينية الشعبية ذلك النشيد الذي حفظه لنا التاريخ عندما وصل النبي (ص) إلى المدينة: طلع البدر علينا من ثنيّات الوداع، فقد كان هذا ممارسة دينية شعبية بحتة، ولم يخطر في بال ذلك المجتمع أنه لابدّ أن يسأل عن شرعيّة هذه الممارسة، كما أنّ النبي (ص) لم ينههم. والحمد لله والحقّ يقال: إنّ مذهبنا لا يجمد على النصوص ويسمح للناس بممارسة الشعائر والعقائد الشعبية ضمن القواعد والأطر الشرعيّة، وهناك الكثير من المرونة في كيفية التعاطي مع التراث، ولسنا نعاني من الإشكاليات التي يعاني منها غيرنا، ويخطأ من يسحب إشكاليات الفكر السنّي ويعمّمها على الفكر الشيعي. نحن نسمع بأخباركم من بعض الإخوة ونقرأ لكم، قرأنا لكم كتاب نظريّة السنّة والتعددية الدينية وبعض بحوثكم، ونشيد بأسلوبكم المعتدل في معالجة الإشكاليات العقائدية والفكرية.

 

الجواب: بعد شكركم أخي الكريم على رسالتكم الطيبة هذه، أوّد أن أبدي موافقتي المبدئيّة على روح ما طرحتموه، والذي لا يتنافى مع ما جاء في جوابي عن السؤال المشار إليه أعلاه، لكن لديّ بعض التعليقات الطفيفة، وهي:

أولاً: لم يقل أحد من الفقهاء أو علماء الدين فيما نعلم بأنّ الممارسات الشعبية إزاء القضايا الدينية يجب أن تكون منصوصة بعينها، ولم يقل أحد بلزوم أن نرجع للدين في التعبير عن تعاطفنا مع القضايا الدينية أو غيرها، كلّ ما في الأمر أنّه يجب التنبّه لمسألتين:

المسألة الأولى: أن لا يكون أسلوب تعبيرنا العاطفي والتفاعلي مع القضيّة الدينية أو غيرها مخالفاً للدين نفسه ولقيمه ومبادئه ونصوصه، فإنّ الله لا يطاع من حيث يعصى، كما أطبق على ذلك الفقهاء المسلمون فيما نعلم.

المسألة الثانية: أن لا نعتبر هذا النوع من التفاعل العاطفي أمراً دينيّاً، فهناك فرق بين أن أتفاعل عاطفيّاً مع مسألة دينية بطريقتي الخاصّة النابعة من ثقافتي، وهذا حقّ مشروع لي وللجميع، وبين أن أعتبر أنّ هذه الطريقة التفاعلية الخاصّة منسوبة للدين، فإنّ هذا تشريع على الله، ولو ألقي إلى الناس ليعملوا به لكان بدعة (على الخلاف في تمييز فكرة البدعة عن فكرة التشريع، والمطروحة في كلمات كبار العلماء، لاسيما المحقّق النراقي رحمه الله). فمن حقّي أن أسافر إلى مكّة للعمرة بالطائرة، ومن حقّي أن أجعل ذلك عادةً شعبية، لكن ليس من حقّي أن أخلق في الوعي الشعبي ثقافة مستبطنة توحي بأنّ هذا النمط من الذهاب إلى مكّة هو نمط ديني، فالقضية ليست في الفعل فقط، وإنّما في مديات نسبته للدين نفسه، فعندما يذهب الناس إلى زيارة الإمام الحسين في الأربعين، فهذا لا إشكال فيه، بل هو مشمول للعمومات الداعية لزيارته سلام الله عليه، لكن أن أعتبر أنّ زيارة الأربعين بعنوانها أمر ديني فهذا لا يقبل به الفقهاء، إلا إذا أقمنا شاهداً على أنّ الشريعة تعتبر زيارة الأربعين ـ بوصفها زيارة الأربعين، لا بوصفها مطلق زيارةٍ ـ أمراً دينيّاً، فليلاحظ ذلك جيّداً.

ثانياً: إنّ ما فعله المسلمون الأوائل لدى وصول النبي إلى المدينة كان أمراً رائعاً، حيث استقبلوه بالأناشيد والترحاب، وهذا لا بأس به، بل هو مشمولٌ لاحترام النبي وتقديره وتعظيمه ومحبّته وغير ذلك، لكن لم يكن يخطر في بال المسلمين الأوائل أيضاً أنّ هذا النشيد هو أمر ديني بعنوانه، أي أنّ نشيد (طلع البدر علينا) هو نشيد ديني، وأنّ قوله يعدّ أمراً منصوصاً عليه في الدين، فهناك فرقٌ ـ كما درستم سماحة الشيخ في أصول الفقه، وأنتم إن شاء الله أعلم منّي بذلك ـ بين ثبوت الحكم على العنوان العام وشموله بشكل تلقائي للمصداق الخاصّ، وبين جعل مصبّ الحكم على العنوان الخاص، فإنّ الثاني لا يثبت بالأول كما قال الأصوليون. ولو أنّ المسلمين الأوائل أنشدوا هذا النشيد بوصفه ـ بعنوانه ـ أمراً دينيّاً، لربما قال لهم النبي: إنّ المسألة ليست كذلك، لكن لأنّ وعيهم كان ينطلق من مطلق العناوين العامّة لم يقف النبي عند فعلهم، بل ربما اعتبره مستحسناً. إنّ وضع جملة (الصلاة خير من النوم) مشمول لعمومات الدعوة إلى الحقّ والخير، لكن عندما توضع في الأذان بوصفها في الوعي الشعبي أمراً دينيّاً بعنوانه الخاصّ ـ بصرف النظر عن حذف جملة كانت مكانها، وبصرف النظر عن مسألة توقيفية الأذان وعدمها ـ فإنّ هذا الأمر لن يكون مقبولاً. وهكذا الحال في صلاة التراويح، فإنّها بصرف النظر عن مشروعية أو عدم مشروعيّة الجماعة في النوافل، مشمولةٌ لعنوان (الصلاة خير موضوع)، لكن عندما نخلق في الوعي الشعبي ثقافة تجعل هذه الصلاة بعنوانها أمراً دينيّاً ومقولاً شرعيّاً خاصّاً فإنّ الأمور تختلف، فلا بدّ لي هنا في هذين المثالين من أن أقيم شاهداً شرعيّاً خاصّاً على المسألة، وإلا لزمني أن أبدّد الوعي الشعبي المغلوط فيها. إنّ فهم فكرة الابتداع بالغ الأهميّة، ولهذا من الضروري ـ كما قلت في جواب سؤالي الذي أشرتم إليه أعلاه ـ أن نوضح دائماً للوعي الشعبي طبيعة الأمور، حتى لا نخلق في ذهنه مفاهيم دينية غير صحيحة، فنقع في مشاكل شرعيّة، وإلا فقد لا نجد مصداقاً للبدعة في مجال الأمور العملية عبر التاريخ إلا ويكون مشمولاً للعمومات والمطلقات. هذا كلّ ما في الأمر.

ثالثاً: من الطبيعي أنّ الدين يظهر بقوّة في الطقوس والشعائر، وكلّ دين ـ لو نلاحظ ـ جعل لنفسه طقوسه وشعائره، وهذا أمر واضح لا نقاش فيه، لكنّ السؤال: هل قصّر الدين الإسلامي في صنع شعائر لنا حتى نزيد على شعائره شعائر؟ فالدين جعل الحج والعمرة وكلّ تفاصيلهما من الشعائر والعادات الشعبيّة، وكذلك جعل الأعياد وصلواتها، والصوم وشهر رمضان، وزيارة مراقد النبي وأهل بيته، وصلاة الجماعة والجمعة، وكذلك المساجد وإحياءها، وقراءة القرآن وغير ذلك.. جعل هذا هو مظاهر طقوس الإسلام الدينية، ولم يقصّر الإسلام في جعل الطقوس لنفسه ولأتباعه، بل صاغ لهم نظام عادات دينية شعبية كثيرة جدّاً، فلسنا بحاجة لأن نضيف لعاداته وشعبياته وطقوسه وأعرافه عاداتٍ وشعبيات وطقوساً وأعرافاً. الموضوع يكمن هنا، هل نشعر بالتكرار من الطقوس التي وضعها الإسلام، بحيث فقدت قوّتها الروحية حتى بتنا نقوم باصطناع طقوس جديدة لنقوّي إيماننا، أمّ أنّ المشكلة في أنّنا قصّرنا في التعاطي مع تلك الطقوس التي وضعتها الشريعة الإسلاميّة وضعاً كاملاً ونريد أن نعوّض عن تقصيرنا بخلق عادات جديدة نتفاعل معها من منطلق أنّ كل جديد يخلق في النفس فرصة تفاعلٍ جديدة؟! إنّني ألاحظ بنظري القاصر أنّ الفترة الأخيرة بدأت تخلق عادات وطقوس جديدة غير منصوصة بنفسها، وتتعاظم بها حدّ تصاغر الطقوس الأصليّة المنصوصة أمامها في الوعي الشعبي، وهي إن لم تكن مخالفةً للدين فلابدّ أن لا نتعامل معها على أنّها أمراً دينياً منصوصاً بعنوانه، بحيث لو أنّ شخصاً عارضها وطالب باستبدالها بوسيلة تعبيريّة أخرى لما حقّ لنا أن نقول له بأنّه يعارض الدين؛ لأنّه في الحقيقة لا يعارض الدين (حيث لا نصّ عليها بعنوانها) بل يعارض تعبيرنا البشري عن التفاعل مع الدين وتطبيقنا الإنساني للقواعد العامّة عليه، وهنا مركز الخلاف. إنّ من المنطقي أن نسعى ـ من حيث المبدأ ـ لتطوير طرائق تفاعلنا تبعاً للظروف الموضوعيّة، لكنّ هذا لا يعني أنّ نخلع على طرائق تفاعلنا سمة (الدينية) بحيث يبدو أيّ سعي لإجراء تغيير يتناسب مع ظروف مختلفة فعلاً ابتداعياً أو حرباً على الدين والقيم والعقائد.

إرسال

you should login to send comment link

جديد الأسئلة والأجوبة
  • تأليف الكتب وإلقاء المحاضرات بين الكمّ والنوعيّة والجودة
  • مع حوادث قتل المحارم اليوم كيف نفسّر النصوص المفتخرة بقتل المسلمين الأوائل لأقربائهم؟!
  • استفهامات في مسألة عدم كون تقليد الأعلم مسألة تقليديّة
  • كيف يمكن أداء المتابعة في الصلوات الجهرية حفاظاً على حرمة الجماعات؟
  • هل يمكن للفتاة العقد على خطيبها دون إذن أهلها خوفاً من الحرام؟
  • كيف يتعامل من ينكر حجيّة الظنّ في الدين مع ظهورات الكتاب والسنّة؟!
  • هل دعاء رفع المصاحف على الرؤوس في ليلة القدر صحيحٌ وثابت أو لا؟
الأرشيف
أرسل السؤال
الاشتراك في الموقع

كافة الحقوق محفوظة لصاحب الموقع ولا يجوز الاستفادة من المحتويات إلا مع ذكر المصدر
جميع عدد الزيارات : 36692197       عدد زيارات اليوم : 16097