• الرئيسية
  • السيرة الذاتية
  • الكتب والمؤلفات
  • المحاضرات والدروس
  • المقالات
  • الحوارات واللقاءات
  • المرئيات
  • الأسئلة والأجوبة
  • لغات اُخرى
  • تطبيق مؤلفات حب الله
  • آراء
الموقع الرسمي لحيدر حب الله
الاجتماعية والأخلاقية التاريخ والسيرة الفقهية والشرعية الفكرية والثقافية الفلسفية والكلامية القرآنية والحديثية
# العنوان تاريخ النشر التعليقات الزائرين
35 هل من سبيل للخلاص من مشكلة الامتعاض عند قراءتي لكتب مثل السيد جعفر مرتضى؟ 2014-05-20 5 11607

هل من سبيل للخلاص من مشكلة الامتعاض عند قراءتي لكتب مثل السيد جعفر مرتضى؟

السؤال: لدي مشكلة أعترف بوجودها وخطئها، وأودّ التخلّص منها قبل أن تستحكم وهي: عدم الانجذاب أو عدم الرغبة في الاستمرار في القراءة لبعض الكتّاب، رغم أنّ لهم سمعة كمحقّقين وباحثين ولهم إنجازات لا تُنكر.. مثل السيد جعفر مرتضى العاملي وغيره، وأحاول مطالعة كتبه وتصفّح موقعه والاطلاع على مقالاته كي أستفيد.. ولكنّ الامتعاض موجود، والسبب هو أسلوبه في نقد الآخر. لا أتكلّم عن المادة والتي قد تكون صحيحة مائة في المائة، إنما أعني طريقته في النقد. لا أحبّ التصريح بهذا، لكنّني مضطرّ للحصول على العلاج؟ (عبدالزهراء الجعفري).

الجواب: إنّ من المطلوب دوماً أن يتخطّى الإنسان هذه الحالات النفسيّة، فحتى لو اختلفت مع الشخص الذي تقرأ له، فليس صحيحاً أن تحكمك حالةٌ نفسيّة سلبيّة تحجبك عن الاستفادة ممّا عنده، وربما أدّت بك في بعض الأحيان ـ وأنت لا تشعر ـ إلى فهم كلامه بطريقة خاطئة، أو تحميله ما لا يريد، أو نقده بطريقة مستعجلة أو غير موضوعيّة، نتيجة ضغط هذه الحالة النفسيّة على الإنسان. بل يبلغ الحال ببعضنا مع الأسف أن ننكر جهود هذا العالم أو ذاك لأننا نختلف معه، وأن ننسى أو نتعامى أو تعمى أبصارنا عن رؤية نقاط قوّته وحسناته وأفكاره الجميلة. إنّ هذه الحالة السلبية لا تخصّ فريقاً من الاتجاهات القائمة في الساحة اليوم، بل نراها كثيراً عند الجميع، حتى أولئك الذين يدّعون أنّهم منفتحون وعلميّون وعقلانيون وإنسانيون. وإذا كان الآخرون قد قالوا قولاً غير سديد في مكانٍ ما من وجهة نظرك أو مارسوا فعلاً جائراً أو ظالماً فيما ترى أنت، فهذا لا يبرّر أن نختم على أعمالهم العلميّة ونغلق عليها في صندوقٍ مقفل، ثم نرميها في البحر، فالعدل والإنصاف هما أساس التعامل مع الناس، وهذه هي تعاليم العقل والقرآن الكريم في أن لا يجرّنا الخلاف مع أحد إلى إنكار جهوده وأعماله الإيجابيّة، فليس هناك إنسانٌ يمثل الشرّ المطلق، ولا يجوز لنا أن نحجب عن الناس أيضاً الأعمال العلميّة الجيّدة التي قام بها هؤلاء، بحجّة أنّنا على خصام معهم، مع احتفاظنا بحقّنا الطبيعي في الاختلاف مع الجميع والدفاع عن الحقّ ضمن الأصول العلميّة والأخلاقيّة، والقاعدة تقول: أحبب لأخيك ما تحبّ لنفسك، واكره له ما تكره لها.

ولكي أكون أكثر صراحةً، فإنّني أدعو إخواني من الذين يحسبون أنفسهم في خطّ الوعي والبصيرة، ويسمّون أنفسهم تيار الاعتدال والتجديد، أن يتحرّروا من عقدة الآخر، ومن عُقدة المظلوميّة، وأن لا يتقمّصوا شخصيّة خصومهم من حيث لا يشعرون، وأن يثبتوا بالدليل والممارسة أنّهم منفتحون بحقّ ـ على المستوى الفكري والثقافي ـ على كلّ من اختلف معهم، حتى لو كانوا قد ظُلموا وما يزالون من قبل هؤلاء، فعلينا أن لا نخلط ـ كما يخلط الآخرون ـ بين الفكر والرأي والاجتهاد، وبين الخصومات الاجتماعية القائمة على تنازع التيارات الفكرية والسياسية لمواقعها في الساحة، تماماً كما ندعو دوماً لعدم الخلط بين الغرب الذي يمثل الحضارة والعلم والمعرفة، والغرب الذي يمثل الاستعمار والعدوان والظلم، فكما أنّ الغرب الذي نذهب إليه لنتعلّم منه هو نفسه الذي يمارس الظلم والاستعمار والعدوان على غير بلد مسلم، وقد تمكّنا من التفكيك بين المفهومين بمعنى من المعاني، كذلك الحال هنا، فأنت تواجه ـ من وجهة نظرك ـ ظلم الذين ظلموا خطّك الواعي وفي الوقت عينه لا تحرم نفسك من الاستفادة مما قدّموه من نقاط جيّدة للفكر الديني، وما هو بالقليل. وهكذا الحال في الآخر المذهبي، فنحن لطالما دعونا للانفتاح على المنجز الفكري لسائر مذاهب المسلمين، وأن يقرأ الشيعي حتى ابن تيمية بعيون موضوعية وعلميّة، وينصفه فيما قال وذكر، ويستفيد منه فيما أفاد وأجاد، ويناقشه فيما أخطأ أو أفرط، وكذلك أن يقرأ السلفيّ منجزات الإماميّة والصوفية، ويناقش ما يراه باطلاً ويأخذ بما يراه صحيحاً، بعيون منفتحة متعالية عن أن تكون أسيرةً للانقباض النفسي المعيق للمعرفة الصحيحة.

إنّ عليك أن تزيد من مجاهدة النفس في الاعتراف بالذين ظلموك فرداً أو جماعة، بطريقة أو بأخرى، فيما تراه من تفسير لتصرّفاتهم، وأن تثبت لنفسك وللآخرين أنّك عندما تعاملت ـ فكرياً وثقافيّاً ـ مع خصومك الذي ربما ظلموك كفرد أو جماعة فقد كنت أكثر من نزيه وأخلاقي ومؤدّب ومنفتح وشفّاف، بحيث يعجز الآخرون الذين لا يعرفون ما حصل معك عن معرفة أنّ لك موقفاً من هذا الشخص أو ذاك، أو أنّ هذا الشخص أو ذاك قد ظلمك وكان قاسياً عليك وعلى تيّارك في لحظةٍ ما، وهذا العجز ليس لأجل التمويه والعياذ بالله، بل هو لأنك كنت بالفعل موضوعيّاً ونزيهاً وأخلاقيّاً في التعامل، فلو تمكّن أحدنا أن يتعامل مع خصومه في مجال البحث العلمي ـ لاسيما الخصوم الذين مارسوا الظلم الشخصي والجماعي ضدّه ـ معاملةً أخلاقيّة، فسوف يدهش كلّ الذين سيعرفون أنّه كان ضحيّة أولئك الذين يحترمهم ـ معرفيّاً ـ وما يزال، هذه اختبارات نفسيّة في رأيي، لمواجهة طغيان غضب النفس وانفعالها، ولكي نقدّم تجربةً أكثر نضجاً في التخاصم والاختلاف حيث يمكن.

من الضروري أن لا يغيب عنك المشهد الفكري القائم عند الآخرين المختلفين معك، فبعضنا لأنّه يختلف مع الجماعة الفلانية فهو لا يقرأ لهم أبداً ولا يستمع لهم إطلاقاً، وكأنّهم غير موجودين على سطح الكرة الأرضيّة، وبهذا تحصل القطيعة المعرفيّة بين أبناء الزمن الواحد، وتزداد الصور المشوّه، ويخسر كلّ فريق عطاءات الفريق الآخر. أو إذا قرأ فهو يقرأ وفقاً لـ (استراتيجيّة البحث عن العفريت)، كما كان يسمّيها الدكتور نصر حامد أبو زيد رحمه الله، فمن اللازم قراءة الكتب التي نمتعض منها لنعرف ما يقول من نختلف معهم، ومن اللازم أن نفصل بين ما يقولونه، فنميّز بين الحقّ والباطل، ونميز بين رداءة الأسلوب مثلاً وسلامة المضمون وبالعكس، فمناهج التفكيك أفضل الطرق لخلاصنا من مشاكلنا القائمة كما قلنا مراراً.

جاءني في يومٍ من الأيّام سيّدٌ جليل من أفاضل الحوزة العلميّة في النجف، وقال لي مستصعباً: كيف يمكن أن نختلف بهدوء؟ كيف يتمكّن الفرد من أن يبقى هادئاً في وسط مناخٍ موتور ومليء بالمفخّخات؟ هل هذا منطقي؟ فأجبته بأنّ الأخلاق لا تدعو الإنسان إلى أن يكون بارداً حدّ ضمور فعاليته وموت عنفوانه، بما يشبه ـ مع العذر من التعبير ـ حالة (الإخصاء)، فمن الطبيعي أن ينفعل الإنسان ويتفاعل بعاطفيّة مع بعض الأمور، لكنّ الأخلاق تعلّمنا أنّ ما نسمّيه الدم الحار عند العربي أو عند غيره هي مفاهيم غير مقدّسة وغير متعالية عن التغيير، وعلى الإنسان أن يضبط أعصابه إلى أبعد الحدود حيث يكون ضبط الأعصاب أمراً منطقيّاً ومبرّراً وممكناً، فنحن لا ندعو إلى أن تعيش حركة الوعي حالة إخصاء جماعي تجاه خصومها، فتبقى باردة وصامتة وغير ثائرة ضدّ ما يمارس عليها من ظلم، بل بالعكس (وأتفهّم حالات الانفعال التي تكون في مجالس خاصّة، لا توتّر الفضاء العلمي والثقافي، أو حالات الانفعال العابرة القليلة، فكلّ شخص قد يعيش ضغطه النفسي، ولا يمكن تجاهل هذا الضغط النفسي أبداً)، كلّ ما في الأمر هو أن نفصل الملفّات عن بعضها، وأن نعرف أنّنا إذا كنّا ندافع عما نراه الحقّ فهذا لا يبرّر لنا ارتكاب الأخطاء والانحرافات الأخلاقيّة والشرعية، فليس لأنّك تدافع عن الوعي فمن حقّك تحطيم الآخرين، أو تسفيه منجزاتهم، ولا لأنّك تدافع عن أهل البيت فمن حقّك فعل أيّ شيء. هذا ما يجب علينا جميعاً أن نسعى له دوماً في مشاريعنا التربويّة لا سيما للجيل الناشيء لنخلق فضاءً جديداً للاختلاف يكون أكثر صحيّةً وسلامةً من الفضاء الذين نعيش. نسأل الله الرحمة والغفران والعون والتوفيق والرشاد للجميع، من نختلف معهم ومن نتفق وإيّاهم، إنّه وليّ قريب.

5 تعليق

  1. يقول ابويوسف:
    2014-05-20 18:51:26 الساعة 2014-05-20 18:51:26

    شيخنا
    اجابه رائعه ولكن المشكله تكمن من انني ارى نفسي منصف وموضوعي وعلى حق وخصوصا عندما نتناول قضايا الدين والمذهب ولا يخطر في بالي انني جالس اظلم الاخر وخصوصا عندما يدعمني مرجع او مجموعة علماء . اعتقد ان المشكله في الكبار لان الاغلب منا لايزال مقلدا

  2. يقول زين العابدين البصرة:
    2014-05-21 01:33:42 الساعة 2014-05-21 01:33:42

    بوركت ايها العزيز
    المشكلة التي ذكرتها لعلها تكمن في عدم تفعيل النهي القراني في نفوسنا الممتعضة : (ولا يجرمنكم شنان قوم على ان لا تعدلوا اعدلوا هو اقرب للتقوى واتقوا الله)
    انظر شيخنا العزيز الى تعبير يجرمنكم بما يختزن من حالات الامتعاض النفسي والعداوة واالحساسية المفرطة التي تجعلك لا ترى الا قبح الاخر بل حتى حسناته تراها سيئات وايجابياته سلبيات وما يقوله من حكمة سفها وما يستكشفه من دلالات لا قيمة لها ولا وزن في سوق العلم !!
    رحم الله بيبيتي اذ كانت تردد حينما ترى هذه المفارقة:
    حب واحكي واكره واحكي !!
    والدليل على ذلك بخصوص المثال المذكور انه يشجب ما كان ذكره في كتبه السابقة ورجحه لان فلانا قاله وينسى في اجواء الشنان انه يذهب اليه في كتبه التي الفها قبل عقد من الزمن او عقدين !!

  3. يقول أبو محمد الخطي:
    2014-05-21 20:21:09 الساعة 2014-05-21 20:21:09

    أحسنتم شيخنا الجليل .. إجابة موضوعية موفقة .

  4. يقول صفاء الموسوي الناصرية:
    2014-12-13 11:14:06 الساعة 2014-12-13 11:14:06

    احسنتم سماحة الشيخ على هذا النتاج الضخم والذي بدا يصعد الوعي الديني لنا بصورة تراكمية

  5. يقول رائد:
    2019-07-09 00:42:17 الساعة 2019-07-09 00:42:17

    احسنتم

إرسال

you should login to send comment link

جديد الأسئلة والأجوبة
  • تأليف الكتب وإلقاء المحاضرات بين الكمّ والنوعيّة والجودة
  • مع حوادث قتل المحارم اليوم كيف نفسّر النصوص المفتخرة بقتل المسلمين الأوائل لأقربائهم؟!
  • استفهامات في مسألة عدم كون تقليد الأعلم مسألة تقليديّة
  • كيف يمكن أداء المتابعة في الصلوات الجهرية حفاظاً على حرمة الجماعات؟
  • هل يمكن للفتاة العقد على خطيبها دون إذن أهلها خوفاً من الحرام؟
  • كيف يتعامل من ينكر حجيّة الظنّ في الدين مع ظهورات الكتاب والسنّة؟!
  • هل دعاء رفع المصاحف على الرؤوس في ليلة القدر صحيحٌ وثابت أو لا؟
الأرشيف
أرسل السؤال
الاشتراك في الموقع

كافة الحقوق محفوظة لصاحب الموقع ولا يجوز الاستفادة من المحتويات إلا مع ذكر المصدر
جميع عدد الزيارات : 35857955       عدد زيارات اليوم : 1314