السؤال: ما معنى الرواية التي تقول: لا يُعرف الله عزّ وجل إلا بسبيل معرفتنا؟ فلماذا الله سبحانه لا يُعرف إلا بهم؟!
الجواب: هذه الرواية بهذا البيان وردت مرسلةً في كلّ من كتاب الاحتجاج وتفسير العياشي وتفسير فرات الكوفي، ووردت في الكافي بسندٍ فيه محمد بن جمهور وهو ضعيف، وفيه مقرن ولم تثبت وثاقته، وفيه الهيثم بن واقد وهو مجهول، وفيه عبد الله بن عبد الرحمن وهو الأصم، وهو ضعيف متهم بالغلو؛ فالسند ضعيف. وورد الخبر في بصائر الدرجات المتوفر بين أيدينا اليوم بسندٍ فيه إرسال، لكنّ الوارد في مختصر البصائر سندٌ كامل، إلا أنّ فيه الحسين بن علوان، والصحيح ـ من وجهة نظري الشخصيّة المتواضعة ـ أنّه لم تثبت وثاقته؛ لأنّ التوثيق الذي ذكره النجاشي يرجع إلى أخيه الحسن بن علوان لا إليه، خلافاً للسيد الخوئي ووفاقاً للمحقّق البهبهاني، فالخبر ضعيف السند في كلّ مصادره، وقد ذكر العلامة المجلسي في كتابه مرآة العقول أنّ السند الذي في الكافي ضعيف، وذلك عند تعرّضه للحديث في الكافي. نعم توجد روايات أخرى تقترب من هذا المضمون لكنّها لا تطابق في لسانها ما ذكره هذا الحديث بياناً، ونظرنا هنا لهذا الحديث فقط.
وأمأ المعنى، فلعلّ المراد المعرفة الأفضل والأتمّ بالله تعالى، فبمحمّد وآل محمّد يُعرف الله معرفةً أفضل وأتمّ، وإلا فأصل معرفة الله في الجملة مما يُدرك بالفطرة أو بالعقل، بل قد اُدْرِكَ قبل خلق محمّد وآل محمّد، وعرفه الأنبياء السابقون والأولياء المتقدّمون والصالحون من العباد المؤمنين (إلا على نظريّة خلق النبي والأئمة قبل العالم)، من هنا يرجح أن يراد معرفةً خاصّة، وإلا فالحديث مخالفٌ للواقع وللبيانات القرآنية المتعدّدة التي تقدّم مبدأ معرفة الله في الجملة على أنّه واضح مدرك للإنسان أو قابل للإدراك بالنظر والتأمّل.