السؤال: ما ضرورة دراسة كتاب المكاسب المحرّمة في الحوزات العلميّة من أجل الوصول إلى معرفة الاستنباط؟ وهل يغني ـ إن قلتم بضرورته ـ دراسة بعض موضوعاته كالبيع مثلاً أو الخيارات فحسب؟ (فراس البغدادي).
الجواب: ضرورة دراسة مثل كتاب المكاسب في الحوزة العلمية تنبع من الحاجة لأن يتعرّف الطالب على مناهج وطرائق وآليات الاستدلال العليا قبل أن يواجه هذه الظاهرة في مرحلة البحث الخارج، فكتاب (اللمعة، مع الروضة) تفصله عن نوعيّة المحاضرات التي تُلقى في البحث الخارج فاصلة كبيرة، ولهذا فنحن بحاجة إلى مرحلة يتعرّف فيها الطالب على الفقه الإسلامي الاستدلالي القريب من نمط الاستدلال المعاصر ومستواه، لكي يذهب إلى مرحلة البحث الخارج غير متفاجئ من نمط البحوث وسعتها وشموليّتها ومستواها. لكنّ هذا الأمر لا ينحصر بكتاب المكاسب، فيمكن فرض كتب أخرى أو مصنّفات أخرى توضع لهذا الغرض تفي به، ولو لم تكن هي كتاب المكاسب، لاسيما بعد وجود مشاكل على مستوى خصائص الكتاب التعليمي يواجهها كتاب المكاسب، أشرت لبعضها في دراستي المتواضعة حول مناهج الدراسات العليا في الحوزة العلمية وذلك في كتابي (دراسات في الفقه الإسلامي المعاصر 4: 393 ـ 507).
وحيث إنّ كتاب المكاسب للشيخ الأنصاري ليس كتاباً معدّاً للتدريس، بحيث كلّ فصل منه أو صفحة توضع لغاية وصول الطالب لهدف معين، وحيث إنّه كتاب كبير الحجم جدّاً، بحيث تأخذ دراسته في الحوزة العلمية وبشكل كامل ما لا يقل عن خمس إلى ست سنوات، لهذا فإنّ قناعتي هي أنّه من غير الضروري أن يُدرس كاملاً، وإنّما يدرس منه مقدارٌ يسمح للطالب بأن يتهيأ لمرحلة البحث الخارج، فدراسة كتاب البيع مثلاً تكفي، شرط أن يدرسه الطالب باهتمام وجدّية، ويصل إلى مرحلةٍ يشعر فيها بأنّ مستوى تفكيره بات قريباً من مستوى هذا الكتاب.