السؤال: أودّ أن أعمل في عمل الأجهزة الكهربائيّة التي يكون من ضمنها أجهزة الستلايت والشاشات العارضة وكذلك الموبايلات، لكنّ بعض الإخوة لم ينصحونا ببيع الستلايت والموبايلات والشاشات؛ كون هذه الأجهزة ممكن أن تساعد الشخص على ارتكاب الإثم عن طريقها، بالرغم من علم هؤلاء الإخوة بأنّ الرأي الفقهي يجيز ذلك، فهل يعدّ هذا التفكير نوعاً من أنواع التفكير الرجعي أو التقليدي؟ وإذا التزم الجميع بهذا التفكير فقد يؤدّي ذلك إلى ابتعادنا وعدم تقدّمنا في هذه الأمور الحديثة (مهدي).
الجواب: لا أتفق مع وجهة نظر الإخوة في هذه القضيّة وأمثالها، ولا أحبّ أن نستخدم تعبير (الفكر الرجعي) في حقّ وجهة نظرهم هذه، فلو سرنا مع هذا النسق من التفكير فسوف نضيّق على أنفسنا وعلى الناس، وما دام الشيء حلالاً، وما دامت هذه الأجهزة ستنتشر بين الناس شئنا أم أبينا، شاركنا أم امتنعنا، وكانت مشاركتنا جائزة شرعاً فإنّه لا داعي للاحتياط والتشدّد، وإلا لزم التخلّي عن كثير من الأعمال والوظائف والتجارات والصناعات وغيرها، وكان توجّه المؤمنين للاعتزال في هذه المجالات خلاف الاحتياط من بعض الوجوه الأخرى عندما ننظر للقضيّة من الزاوية الجماعية والمجتمعيّة؛ بل لو شجّعنا هذا النسق فسوف يوجب ذلك عزلة مجتمعاتنا أيضاً وإرباك حياتها، فما من وظيفة تقريباً إلا ويعلم الإنسان علماً إجماليّاً أنّ عمله فيها قد يستخدمه شخص في الحرام، كالسائق الذي يعلم بأنّ نقله لبعض الناس من مكان إلى مكان قد يكون مقدّمةً لفعلهم الحرام، والزارع، وبائع وسائط النقل، وتاجر العملة، وكل عمل له علاقة بأنواع اللباس والعطور والزينة، والعمل في مختلف الأجهزة الحديثة، وحتى جملة من الاختصاصات الجامعيّة و.. نعم من المناسب للإنسان أن يحاول تجنّب ما فيه شبهة واضحة أو جليّة جدّاً، أمّا مجرّد أنّ الناس قد يستخدمون الشيء في الحرام مع أنّه لا يختصّ بالحرام فهذا لا يبرّر التضييق على أنفسنا بالامتناع عن الاتّجار به.