السؤال: كلّ يوم في صلاتنا نقرأ سورة الفاتحة، وهي تحتوي على درجات تدرّج العبد لربّه، لكن لديّ سؤال: عندما نصل إلى الآية: (اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم)، فهل الصراط المستقيم أنواع لكي يحتاج العبد أن يحدّده لخالقه أم هو صراط واحد؟ فلماذا هذا التحديد إذاً؟
الجواب: نحن عندما نقول هذه الجملة فنحن نقرّر أنّ الصراط المستقيم هو صراط هؤلاء، أي الصراط الذي سلكوه، ولسنا نقوم بعملية تحديد لله في أنّه أيّ صراط نريد، فإذا قرأنا الآيات بعنوان القرآنيّة لا بعنوان الدعاء، أي ونحن نقرأ لم نلاحظ حالة الدعاء، بل كنّا نتلو الآيات فقط، فلا إشكال، فلا مانع من أن يكون الله هو الذي يريد أن يبيّن لنا ما هو الصراط المستقيم، وأمّا إذا قصدنا الدعاء فأيضاً لا مانع، فنحن لا نريد أن نوضح لله معنى الصراط، بل نريد أن نقرّره لأنفسنا في مقام الدعاء، فأنت تقول لوالدك: امنحني رضاك، ذلك الرضا الذي منحته لأخي، وهنا أنت لا تريد أن تعيّن له أيّ نوع من الرضا تريد، بل تهدف لتقرير الأمر واستدرار عطف والدك من خلال بيان أنّ رضاه كان قد نزل على غيرك فلينزل عليك، وكذلك بيان أنّ الله يرجع إليه أمر الصراط المستقيم، فهذا الصراط الذي أخذه هؤلاء إنّما هو بنعمة الله عليهم لا من أنفسهم، فتدعوه أن ينعم عليك بما أنعم به على من قبلك، وعليه فلا تدلّ الآية بالضرورة على وجود طرق مستقيمة وأنّ هذا هو أحدها.