السؤال: نعتمد على معرفة أوقات الصلاة في أيّامنا هذه على التقاويم أو بعض البرامج التي تحدّد أوقات الصلاة في كلّ منطقة بدقّة. إلا أننا نسمع من بعض طلبة العلوم الدينية أنّ صلاة الصبح يجب أن يتمّ تأخير أدائها لمدّة 15 دقيقة بعد الأذان، وأسندوا هذا القول إلى فتاوى المراجع. وعند الرجوع إلى المسائل العملية لمراجعنا لم نجد أحد يتطرق إلى مثل الزعم. كما أنّنا عند ذهابنا لزيارة العتبات المقدّسة في مشهد وكربلاء والنجف على ساكنيها آلاف التحايا والسلام نجد أنّ أئمّة الصلاة في صلاة الفجر يشرعون في أداء الصلاة فور الانتهاء من الأذان. وحجّة طَلَبَتِنَا هنا أنّ ذلك حتى يتمّ التمييز بدقّة بين الفجر الصادق والفجر الكاذب. هل يمكن الاعتماد على التقاويم المنتشرة والتي تعطي قراءة صحيحة لدخول وقت الصلاة في جميع الأوقات؟ أم يجب تأخير وقت صلاة الصبح عن بداية دخولها مدّة من الزمن؟ (السيد علي).
الجواب: صلاة الصبح تبدأ من حين الفجر الصادق المعترض في الأفق، أو من حين زيادة الضوء في البلدان التي يظلّ ليلها شفقيّاً، أمّا تحديد ذلك بالدقيقة والساعة في هذا البلد أو ذاك فليس من شؤون الفقيه، ولهذا لا يذكرها في الرسالة العمليّة ما دامت لم ترد في النصوص، فحتى لو حدّد لك المرجع ذلك في بلدك بالدقيقة والثانية لا حجيّة لتحديده إلا من باب إفادته الوثوق لك، لا من باب حجيّة الفتوى أو لزوم التقليد. وبناءً عليه فإنّ الفقهاء يحكمون بصلاة الصبح عند دخول وقتها، والعبرة عندهم هو يقين المكلّف بدخول الوقت في الصبح أو في غيرها. إلا أنّ صلاة الصبح وقع بحث في قيمة التقاويم والحسابات التي تنتشر بين الناس كلّ عام، وهو بحثٌ ليس فقهياً وإنّما هو علميٌّ؛ حيث يرى بعض المختصّين والفلكيين أنّ هذه التقاويم غير دقيقة في صلاة الصبح بالخصوص، وأنّ المعيار الذي اتبعته اكتُشف أنّه غير دقيق، وأحد الذين توقّفوا في هذه المسألة بعضُ العلماء الفلكيين الذين تنتشر تقاويمهم بشدّة اليوم بين الناس، حيث وفد إلى مدينة قم قبل عام أو عامين والتقينا به، وكانت له جولةٌ على بعض مراجع التقليد، إذ ذكر هو نفسه في اللقاء الذي جمعني به أنّ المسألة مشكلة، وأنّه طالب بعض القنوات الأرضيّة والفضائية بعدم الاعتداد بما نشره هو نفسه بداية العام الماضي في تقويمه، وأنّ في القضية وجهة نظر فلكيّة أخرى، فالمسألة هنا في قيمة هذه الحسابات على مستوى صلاة الصبح، فمن اطمأنّ بصدق التقاويم الموجودة فيمكنه العمل بها حتى لو أفتى مرجعه بعدم صحّتها علميّاً، ومن لم يحصل له الاطمئنان بصحّتها في صلاة الصبح، فعليه التريّث إلى حصول الاطمئنان أو الحجّة الشرعيّة له بدخول الوقت، وهذا الخلاف ليس بين الإماميّة فقط اليوم، بل هو مطروح في كلمات بعض علماء أهل السنّة أيضاً كالشيخ ابن عثيمين والشيخ الألباني وغيرهما فيما ينسب لهم، وهي قضيّة محلّ نظر وبحث وتقصٍّ.