السؤال: سمعت أنّ بعض الباحثين في التاريخ ناقش في وجود سنوات ثلاث أوّل البعثة كانت الدعوة فيها سريّة، وأنّه أنكر وجود روايات معتبرة المصادر والأسانيد في هذا، فهل توجد روايات في المصادر الحديثية تعدّ معتبرة من حيث السند، وفيها إثبات أنّ الدعوة كانت سريّة أم لا؟ (عاطف، العراق).
الجواب: ناقش بعض المؤرّخين في وجود دعوة سريّة أوّل البعثة، خلافاً لما هو المشتهر والمعروف، وبصرف النظر عن النتيجة النهائية من هذا الموضوع، فهناك أكثر من رواية في المصادر الحديثيّة توحي بذلك، وهي معتبرة السند أيضاً، ومنها:
أ ـ خبر الشيخ الصدوق قال: أبي وابن الوليد معاً، عن سعد والحميري ومحمد العطار وأحمد بن إدريس جميعاً، عن ابن عيسى وابن أبي الخطاب وإبراهيم بن هاشم جميعاً، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن عبيد الله الحلبي، عن أبي عبدالله عليه السلام، قال: «مكث رسول الله بمكّة بعدما جاءه الوحي عن الله تبارك وتعالى ثلاثة عشر سنة، منها ثلاث سنين مختفياً خائفاً لا يظهر، حتى أمره الله أن يصدع بما اُمر به، فأظهر حينئذ الدعوة» (كمال الدين وتمام النعمة: رقم 29؛ وبحار الأنوار 18: 177).
ب ـ خبر الصدوق أيضاً قال: أبي وابن الوليد معاً، عن سعد، عن ابن أبي الخطاب ومحمد بن عيسى معاً، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن دراج، عن محمد بن مسلم قال: قال أبو جعفر عليه السلام: «ما أجاب رسول الله أحدٌ قبل علي بن أبي طالب وخديجة صلوات الله عليهما، ولقد مكث رسول الله بمكّة ثلاث سنين مختفياً خائفاً يترقّب ويخاف قومه والناس» (كمال الدين وتمام النعمة: 328، رقم 9؛ وبحار الأنوار 18: 188).
هذا، وأمّا حسم هذا الموضوع ودراسة معطيات جميع النصوص والوثائق التاريخية فيه فيحتاج لمجال أوسع، وكذلك تحليل المراد من هذه الروايات بدقّة.