• الرئيسية
  • السيرة الذاتية
  • الكتب والمؤلفات
  • المحاضرات والدروس
  • المقالات
  • الحوارات واللقاءات
  • المرئيات
  • الأسئلة والأجوبة
  • لغات اُخرى
  • تطبيق مؤلفات حب الله
  • آراء
الموقع الرسمي لحيدر حب الله
الاجتماعية والأخلاقية التاريخ والسيرة الفقهية والشرعية الفكرية والثقافية الفلسفية والكلامية القرآنية والحديثية
# العنوان تاريخ النشر التعليقات الزائرين
173 هل تكرير مياه المجازر والصرف الصحّي يوجب طهارتها أم لا؟ 2014-05-12 0 2289

هل تكرير مياه المجازر والصرف الصحّي يوجب طهارتها أم لا؟

السؤال: هل مياه الصرف الصحّي طاهرة أم نجسة؟ إن كانت نجسة توجد طريقة يمكن من خلالها تصفية هذا الماء النجس من خلال مروره بفلاتر كبيرة وإضافة بعض المواد مثل الأكاسيد وغيرها، فيعود بالماء الى حالته الأولى قبل أن يتنجّس.. ونفس الحال أيضاً في ماء المجازر الذي تغسل به الحيوانات المذبوحة، فبعد أن يتمّ جمع الماء النجس بالدم وغيره من النجاسات، يعمل له نفس الطريقة ـ أي التصفية ـ فيرجعه ماءً صافياً نظيفاً من جميع أنحائه (رائحة ولون وطعم)، فهل الماء الخارج من هذه العمليّة يعتبر طاهراً أم نجساً؟

 

الجواب: المشهور بين الفقهاء طرق محدّدة لإخراج ما هو متنجّس أو نجس من حالة النجاسة إلى حالة الطهارة؛ لأنّ الفقه المشهوري فهم من النجاسة والطهارة أمراً شرعيّاً اعتباريّاً من المولى سبحانه، وليس مجرّد الاستقذار العرفي أو الحقيقة التكوينية المحضة (أو هي مع خصوصيّة كما سأشير بعون الله)، ولهذا فالفقهاء يتّبعون النصوص في فهم كيفية انتفاء هذا الأمر الشرعي المسمّى بالنجاسة أو التنجّس، ووفقاً لطريقة الفقهاء، فهناك طريقتان أساسيّتان يمكن أن تجعلا مياه الصرف الصحيّ ومياه المجازر طاهرةً وهما:

الطريقة الأولى: الاستحالة، بحيث يخرج الماء عن كونه ماءً، ثم يصبح ماء مرّةً ثانية دون أن يكون مصاحباً لأيّ شيء من الأعيان النجسة، فلو تحوّلت مياه الصرف الصحّي إلى بخار نتيجة إخضاعها لدرجة حرارة عالية، ثم تحوّل هذا البخار في مكانٍ آخر إلى مياه، ولم تكن فيه أيّة عناصر نجسة، ففي هذه الحال يمكن القول بطهارته، فلو كانت عملية التصفية تتمّ بهذه الطريقة فيكون الماء الناتج طاهراً، أمّا لو كانت تتمّ بواسطة فرز الجزيئات الصغيرة من الماء، ثم إضافة موادّ كيميائية معيّنة، فهذه الطريقة لا توجب طهارة الماء عند جمهور الفقهاء.

الطريقة الثانية: ربط مياه الصرف الصحيّ أو مياه المجازر بالماء الكثير بحيث تُستهلك فيه، فلو وضعنا هذه المياه وسط خزان ضخم أو بحيرة من الماء الطاهر، ثم استهلك فيه بحيث لم نعد نجد (ولا نميّز) ذلك الماء الأوّل ولا طعمه ولا لونه ولا رائحته إطلاقاً، فيمكن الحكم بالطهارة حينئذٍ وفقاً لفتاوى جمهور الفقهاء وقواعدهم.

لكن لو ذهب شخصٌ إلى أنّ فقه الطهارة والنجاسة ليس أمراً تعبّدياً بالمعنى الذي فهمه الفقهاء، وأنّ الطهارة والنجاسة ليست أموراً اعتباريّة جعليّة للشارع، ولا مفاهيم منقولة ـ من قبل الشارع سبحانه وتعالى ـ عن اللغة والعرف، بل هي أمورٌ واقعيّة تكوينية قد يتدخّل الشارع فيها أحياناً، ولم يجعل لها في لغته اصطلاحاً خاصّاً أو مفهوماً منقولاً مغايراً للمفهوم اللغوي والعرفي، وأنّ الشارع كان يريد من نصوصه في الطهارة والنجاسة تحصيل النظافة التامّة في الشيء بحيث يرتفع استقذاره الطبيعي والعرفي، وليس مراده الكشف الغيبي عن القذارة الواقعيّة الموجودة في الشيء ولو لم يدركها الناس والعرف، وأنّ هذا هو المفهوم من مجموع نصوص باب الطهارة، وأنّ طرق التطهير المنصوصة إنّما ذكرت لكونها هي المتوفّرة آنذاك.. لو قال شخص بهذا، ففي هذه الحال يمكنه القول بالتطهير بالطريقة المتبعة اليوم لتكرير مياه الصرف الصحّي ومياه المجازر وغيرها، شرط ارتفاع حالة الاستقذار العرفي تماماً، لاسيما لو قال بأنّنا نحكم بنجاسة الماء؛ لأنّ العين النجسة فيه غير قابلة للانفصال عن ذرّات الماء الأخرى التي لم تتنجّس في الحقيقة، وإنّما اختلطت مع النجاسة بالنسبة إلينا، فلو تطوّر العلم وفصل عينَ النجاسة وذرّاتها عن سائر أجزاء الماء، بقي الماء على وضعه الطبيعي؛ لأنّ النجاسة لا تسري للماء، وإنّما الاختلاط هو الذي أفقدنا عنصر التمييز فأوحى لنا بأنّ الماء قد تنجّس.

فنحن ـ إذاً ـ أمام اتجاهات ثلاثة مفترضة:

الاتجاه الأوّل: اتجاه اعتبار الطهارة والنجاسة أموراً اعتبارية محضة لا علاقة لها بالواقع التكويني، فالمولى اعتبر الماء متنجّساً عندما لاقاه البول، وليس في ملاقاة البول له أيّ أثر تكويني.

الاتجاه الثاني: وهو اتجاه اعتبار الطهارة والنجاسة أمراً تكوينيّاً، لكنّ الشارع يتدخّل لتخطئة العرف في حسبانه أنّ الماء قد طهر، فيقول له بأنّه لا يطهر إلا بالطريقة الفلانيّة.

الاتجاه الثالث: وهو اتجاه أنّ الطهارة والنجاسة باقيتان على معناهما اللغوي والعرفي، وأنّ المرجع فيهما هو العرف وحالة الاستقذار النوعي، وأنّ النصوص الدينية ذكرت وسائل متوفّرة آنذاك، وأنّها جاءت لتؤكّد للعرف ضرورة التحذّر من هذا الأمر وتعليمه كيفية هذا التحذّر، في مقابل استخفاف العرب والمسلمين الأوائل بهذه المواضيع بحكم نمط حياتهم، فإذا تطوّر نمط حياة الناس وصاروا مهتمّين بأمور النظافة والطهارة، وصارت بيوتهم وألبستهم وأبدانهم نظيفة أنيقة جداً، فلا معنى لتلك الطرق التي وضعتها الشريعة لمجرّد الإشارة إلى المبالغة في التحذّر من القذارات.

وقد يقال بأنّ بعض القدماء كانوا يميلون جزئيّاً للاتجاه الثالث، حيث ينسب شيء قريب من هذا لكلّ من الشيخ المفيد والسيد المرتضى، من أنّهما قالا بأنّ مذهبنا جواز تطهير الأشياء بغير الماء من السوائل والمائعات، وأنّ هذا هو المرويّ عن الأئمة، وأنّه لا فرق في التطهير بين الماء والخلّ، وأنّه تطهر الثياب المتنجّسة بغسلها بغير الماء؛ لأنّ الطهارة ليست سوى زوال النجاسة، وليس في الأدلّة العقلية (النقليّة) ما يمنع من استعمال المائعات في الإزالة ولا ما يوجبها. ونحن نعلم أنه لا فرق بين الماء والخلّ في الإزالة، بل ربما كان غير الماء أبلغ، فحكمنا حينئذٍ بدليل العقل (انظر في نسبة هذه الآراء إليهما كتبَ الفقه ومنها: المحقّق الحلي، الرسائل التسع: 216؛ ومحمد تقي الرازي الإصفهاني، تبصرة الفقهاء 1: 284؛ ومحمد حسن النجفي، جواهر الكلام 1: 318؛ والمحدّث البحراني، الدرر النجفية 2: 245 ـ 246، وغيرهم).

بل تجد من قد يستند ـ لكون وسائل التطهير أوسع ممّا ذكر ـ إلى رواية غياث بن إبراهيم عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال: (لا بأس أن يغسل الدم بالبصاق) (تهذيب الأحكام 1: 425)، وكذلك برواية الحكم بن حكيم الصيرفي أنّه سأل الإمام الصادق: أبول فلا أصيب الماء، وقد أصاب يدي شيء من البول، فأمسحه بالحائط وبالتراب، ثم تعرق يدي، فأمسح وجهي أو بعض جسدي، أو يصيب ثوبي، فقال: (لا بأس به) (الكافي 3: 55 ـ 56)، وغيرها من النصوص المتعدّدة.

هذا، وقد سمعت من بعض الفقهاء المعاصرين رحمه الله أنّه يحتمل هذا الأمر في باب الطهارة إلا ما استثني، ولكنّه في رسالته العملية لم يبنِ على ذلك كما رأينا، بمعنى أنّ المسألة بقيت عنده مجرّد احتمال لم يحسم على ما يبدو. وإثبات الاتجاه الثالث الذي يرى التطهير بمثل وسائل التكرير المعاصرة يحتاج لبحث طويل، والقضيّة ليست سهلة أبداً، ولهذا وجدنا أنّ أكثر الفقهاء لم يذهب إلى ذلك. وعلى كلّ مكلّف الرجوع إلى ما يقتضيه اجتهاده أو احتياطه أو تقليده. وإنّما أحببت الإشارة للموضوع لفتح أفق لدراسة هذه المسألة بعناية خاصّة.

 

إرسال

you should login to send comment link

جديد الأسئلة والأجوبة
  • تأليف الكتب وإلقاء المحاضرات بين الكمّ والنوعيّة والجودة
  • مع حوادث قتل المحارم اليوم كيف نفسّر النصوص المفتخرة بقتل المسلمين الأوائل لأقربائهم؟!
  • استفهامات في مسألة عدم كون تقليد الأعلم مسألة تقليديّة
  • كيف يمكن أداء المتابعة في الصلوات الجهرية حفاظاً على حرمة الجماعات؟
  • هل يمكن للفتاة العقد على خطيبها دون إذن أهلها خوفاً من الحرام؟
  • كيف يتعامل من ينكر حجيّة الظنّ في الدين مع ظهورات الكتاب والسنّة؟!
  • هل دعاء رفع المصاحف على الرؤوس في ليلة القدر صحيحٌ وثابت أو لا؟
الأرشيف
أرسل السؤال
الاشتراك في الموقع

كافة الحقوق محفوظة لصاحب الموقع ولا يجوز الاستفادة من المحتويات إلا مع ذكر المصدر
جميع عدد الزيارات : 36696643       عدد زيارات اليوم : 20545