السؤال: يقال بأنّ الروايات إذا تظافرت، فإنّ ذلك دليلٌ على حجيّتها بقطع النظر عن صحّة أسانيدها، مادامت لا تخالف القرآن أو بالأحرى لم يوجد مانع شرعيّ أو عقلي يمنع مضمونها، فما قولكم؟ (أحمد، سلطنة عمان).
الجواب: ذكر علماء الحديث وأصول الفقه الإسلامي أنّ الروايات لا تخضع في التقويم للعنصر السندي فقط من زاوية الصحّة وعدمها، بل هناك شيء اسمه تعاضد الأسانيد أو تعاضد الأحاديث، بمعنى أنّ الروايات لو تظافرت بحيث بلغت من كثرتها أنّها حصّلت تواتراً أو اطمئناناً بالصدور، فلا بأس حينئذ من الأخذ بها والعمل وفقها، حتى لو لم يكن بينها أيّ حديث صحيح السند. والمراد بالتظافر والتعاضد تكاثر الأحاديث حول نقطة واحدة ـ غير منافية للعقل ولا للنقل ـ تؤكّدها الروايات كلّها، مما يؤدّي إلى الاطمئنان بالصدور، ولكنّ تكاثر الأحاديث لا يعني أنّ يكون الحديث قد عثرنا عليه في عشرات كتب الحديث مثلاً أو في عشرات الكتب التاريخية، بل يعني أن تكون مصادره الأصليّة التي أخذت الكتبُ اللاحقة عنها متعدّدةً، ويكون لكلّ مصدر من هذه المصادر طريقه الخاصّ للوصول إلى الحديث، بشكل لا يشترك الطريقان في بعض الرواة، أمّا لو نقل حديثاً معيّناً عشراتُ المحدّثين بحيث عرفنا أنّ الجميع أخذ هذا الحديث من كتاب الكافي مثلاً، ثمّ نظرنا في كتاب الكافي فلم نجد هذا الحديث إلا بسندٍ واحد، فإنّ هذا لا يسمّى تظافراً أو تعاضداً؛ لأنّ العشرات هنا بقوّة شخص واحد فقط، وهذا الأمر كثيراً ما يلتبس على الناس، فيظنّون أنّ وجود قضيّة حديثيّة أو تاريخيّة في عشرات الكتب يعني أنّها متواترة أو موثوق بصدورها، والحال أنّها قد تكون راجعةً إلى مصدر واحد لا أكثر. وهذا كلّه أمرٌ يختلف عن الشهرة العمليّة الجابرة ـ على قول بعضهم ـ في باب الحديث.