السؤال: يقول الله سبحانه وتعالى: (ومن جاء بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها) (الأنعام: 160)، كيف يكون المثل هو نار جهنم؟ وما هو المراد من هذه الآية الشريفة؟
الجواب: ليست الآية الكريمة بصدد الحديث عن مماثلة العقاب للمعصية حتى تسجّلوا هذا الإشكال، بل هي بصدد المقارنة بين الحسنات والسيئات، قال تعالى: (مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ) (الأنعام: 160)، ومعنى ذلك أنّ الآية تفترض أنّ الحسنة تساوي مثلاً مائة شجرة في الجنّة (وهذا للتمثيل)، والسيئة تستحقّ النار لمدّة عشرة أيام مثلاً، فهنا الآية بصدد القول بأنّ هذا القانون الإلهي سوف يكون لصالح المطيع ولن يظلم فيه العاصي، أمّا أنّه لصالح المطيع فإنّه لو فعل حسنةً فسوف يأخذ عشرة أضعافها وسيسجّل وكأنه فعل عشر حسنات، فسيكون له ألف شجرة، وأمّا العاصي فلو فعل فلن نزيد عليه شيئاً، وسيكون عليه مقدار عشرة أيام في النار ولن نضاعف العذاب؛ لأنّنا نحسب معصيته معصيةً واحدة لا عشرة معاصي. وهذا مثل أن يقول الأب في البيت: إذا أطعتم أمري فسوف أضاعف مصروفكم اليومي عشرة أضعاف جزاءً حسناً، ولكن لو عصيتم وكان عقابي هو الحبس في البيت لمدّة يوم فلن أزيد مدّة الحبس، وسأحتفظ بهذا القدر من العقوبة. فالآية لا تريد أن تضع مقارنةً بين المعصية والعقوبة المتعلّقة بها، بل بين المعصية وعقوبة المعصية الواحدة مقابل المعصية مع عقوبة عشر معاصٍ، على خلاف الحسنات فهي تريد أن تجعل ثواب الحسنة هو ثواب عشر حسنات، فلا ربط لها بالإشكالية المثارة في سؤالكم، ولهذا جاء في آية أخرى، قوله تعالى: (مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى الَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (القصص: 84).