السؤال: هل السنّة كاشفة أم منشئة؟ وما هو الدليل؟
الجواب: 1 ـ إن قصد بالسنّة الأخبار التي بين أيدينا، فهي كاشفة عن السنّة الواقعيّة كشفاً يقينياً كما في حال تواترها أو ظنيّاً كما في حال آحاديّتها غير المقرونة بعلم.
2 ـ وأمّا إن قصد واقع السنّة الذي صدر عن النبي أو الإمام مثلاً فهنا تارةً ننظر إلى النبيّ وأخرى إلى الإمام أو الصحابي:
أ ـ فإذا نظرنا للإمام أو الصحابي فليست عنده سنّة تؤسّس حكماً شرعيّاً إلهيّاً، خلافاً لبعض العلماء الذين قالوا بأنّ سنّة أهل البيت يمكن أن تكون مؤسِّسةً لأحكام شرعيّة ولو بعد وفاة النبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم، وقد بحثتُ مفصّلاً في سنّة الصحابي وسنّة أهل البيت في كتابي المتواضع (حجيّة السنّة في الفكر الإسلامي)، وقلت بأنّ ما يقوله الصحابي أو الإمام لابدّ أن يرجع إلى الكشف عمّا جاء في كتاب الله وسنّة نبيّه المصطفى محمّد صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم، وذلك في غير الأحكام الولائيّة الزمنيّة.
ب ـ وأمّا إذا نظرنا إلى سنّة النبيّ، فلم يثبت له تأسيس أحكام شرعيّة إلهيّة بالمطلق، وإنّما الثابت له أنّه يكتشف ملاكات الأحكام فيمارس الجعل التشريعي، فيمضيه الله له، وهذا يحصل في بعض الأحيان لا في كلّ ما يصدر عن النبيّ من أحكام أو نصوص، إذ بعضها يكشف ويخبر عن حكم الله الموحى إلى النبي بغير الوحي القرآني، فيما المؤسّس يكشف عن حكم الله كشفاً نهائيّاً بالإمضاء الإلهي المتعقّب للتشريع النبوي ولو عبر السكوت. هذا وتفصيل هذه الموضوعات وبيان بعض التفاصيل والوجوه الأخرى وأدلّتها يمكنكم مراجعته في كتابي المشار إليه أعلاه، علّه يفيد إن شاء الله، إذ الخوض في ذلك قد يطيل بنا الكلام.