السؤال:ما قيمة روايات الأئمّة المعصومين عليهم السلام ـ مثل الإمام الباقر والصادق عليهما السلام ـ الموجودة في كتب الشيعة الزيدية في المسائل العقائديّة والفقهيّة؟
الجواب: سبق أن تحدّثنا في هذا الإطار وقلنا بأنّ الشيعة الإماميّة قلّما يرجعون إلى روايات المذهب الزيدي وغيره لإثبات حكم شرعي أو غيره، ما لم يكن في إطار الاحتجاج أو الاستعانة بنصوص الآخرين لإثبات قضيّة الإمامة وما يتصل بها، هذه هي العادة الجارية اليوم، وهي أوضح في الجريان عند غيرهم مع الأسف. وقد سبق أن انتقدنا هذه العادة عند الجميع، وقلنا بأنّ جميع الأحاديث والروايات التي في كتب المسلمين يجب أخذها بعين الاعتبار وتقويمها والنظر فيها وفقاً لمعايير النقد الحديثي والتاريخي، فإذا صحّ منها شيء بوصفه دليلاً أو شاهداً أو مؤيّداً أمكن الأخذ به.
وقد كانت في روايات الكتب الحديثيّة الشيعية وما تزال الآلاف، بل ربما عشرات الآلاف، من الروايات التي يوجد في أسانيدها رواة سنّة أو واقفيّة أو زيديّة أو إسماعيليّة أو كيسانيّة أو غلاة أو فطحيّة أو من لا يقين بكونه إماميّاً أو غيرهم، وهناك بعض كبار الرواة عند الشيعة الإماميّة هم غير إماميّة، ولو حذفت رواياتهم من كتب الشيعة الإماميّة لربما حذف أغلب روايات الإماميّة، مثل السكوني ـ وهو سنّي ـ الذي له في الكتب الأربعة فقط حوالي 1067 رواية، وعلي بن الحسن بن فضال ـ وهو فطحي ـ الذي له فيها حوالي 510 روايات، وغيرهم، وقد قال السيد البروجردي في كتاب (نهاية التقرير 2: 311) بأنّ ترك الأحاديث التي في سندها ولو راوٍ واحد غير إمامي يوجب سقوط أخبار الآحاد التي بأيدينا كلّها. فكما كان قدامى علماء الشيعة الإماميّة يأخذون هذه الروايات ويضعونها في كتبهم ويعملون بما صحّ منها ولو بالقرائن الحافّة ويملكون جرأة ذلك، علينا أيضاً أن نملك هذه الجرأة اليوم ونفتح كتب الحديث عند مذاهب الزيدية والإباضيّة والسنّة وغيرهم للاستفادة منها، لا بمعنى صحّة كل ما فيها، بل بمعنى خضوعها للنقد العلمي المتوازن والأخذ بما يصحّ منها أو يؤيّد الصحيح. والكلام عينه نقوله للزيدية وأهل السنّة وغيرهم، ولهذا دعوت في مقالة لي نشرت حدود عام 2003م إلى موسوعة حديثية إسلاميّة جامعة تكون مرجعاً لكلّ باحث مسلم في هذا العالم، نسأل الله التوفيق لتبنّي جهة علميّة كبرى في العالم الإسلامي لهذا المشروع ليكون مفتاحاً لنهضة بحثية ممتازة في مجال الحديث والتاريخ إن شاء الله.