السؤال: هل الاطمئنان حجّة في العقائد؟ وهل ترون حجيّة الظنّ فيها؟ أرجو إبداء رأيكم ولو مختصراً (أحمد خليفة، لبنان).
الجواب: أكتفي هنا بخلاصة النتائج لأنّ البحث مفصّل. إنّني أعتقد بحجيّة الاطمئنان في العقائديات؛ لأنّها علم، بل قد توصّلت في بحوثي الأصوليّة إلى أنه لا مانع من الاحتجاج بالظنّ الحجّة في الأمور العقائديّة، ودليل حجية الظهور وخبر الواحد يشمل ـ لو ثبت ـ المجال العقائدي، لاسيما السيرة العقلائيّة التي لا تمييز فيها بين العقائد والعمليات، ومن هنا قلت بأنّ دليل الحجيّة يشمل العقيدة في غير أصولها الأوليّة، فيمكن إثبات أمر عقدي بخبر آحادي، لكنّني لم أتوصّل إلى إثبات حجيّة خبر الواحد من الأساس حتى تصل النوبة إلى حجيّته في العقائديات، ولهذا لا يصحّ العمل إلا بالخبر المفيد للعلم أو الاطمئنان. وأما على مستوى حجية الظهور فالأمر كذلك؛ فإنّ ما توصّلت إليه هو أنّ الظهورات تفيد العلم العادي لا الظنّ، وأنّ السيرة العقلائية منعقدة على العمل بهذا النوع من الظهورات لا بمطلق الدلالة الظنيّة، والفرق أنّ علماء الأصول ونتيجة تأثرهم بالعقل اليوناني كأنّهم اعتبروا القضايا المتاخمة للعلم الأرسطي (كالاطمئنان عند العرف) ظنّاً، ولما رأوا أنّ العقلاء يعملون بها، كأنّهم افترضوا أنّ العقلاء يأخذون بالظنّ، ولما رأوا سكوت الشارع، قالوا بأنّ الشارع أعطى الحجيّة للظنّ الصدوري والظنّ الدلالي، وهذا كلّه من وجهة نظري المتواضعة خطأ، فالعقلاء لا يعملون بالظنون إلا في حال الاضطرار كما في باب القضاء أحياناً، حيث لا يتيسّر لهم ذلك مع ضرورة الحكم وعدم إمكان تركه، وأمّا في غير ذلك فهم يعملون بالاطمئنانات التي يعتبرونها علوماً، مهما سمّاها العقل اليوناني، فلا يكون سكوت الشارع إمضاءً لحجيّة الظنّ، بل هو إمضاء لحجيّة الاطمئنان، وعليه فيمكن الاحتجاج بأيّ سند أو دلالة تفيد الاطمئنان بمضمونها ومؤدّاها، وأمّا غير ذلك فلا يصحّ، بلا فرق في ذلك كلّه بين العلميّات والعمليّات، إلا ما خرج بالدليل، والعلم عند الله.