• الرئيسية
  • السيرة الذاتية
  • الكتب والمؤلفات
  • المحاضرات والدروس
  • المقالات
  • الحوارات واللقاءات
  • المرئيات
  • الأسئلة والأجوبة
  • لغات اُخرى
  • تطبيق مؤلفات حب الله
  • آراء
الموقع الرسمي لحيدر حب الله
الاجتماعية والأخلاقية التاريخ والسيرة الفقهية والشرعية الفكرية والثقافية الفلسفية والكلامية القرآنية والحديثية
# العنوان تاريخ النشر التعليقات الزائرين
66 هل اختلال النظريّة الفلسفية في التوحيد مثلاً يفضي إلى بطلان النتائج الفقهية للعالِم نفسه؟ 2014-05-12 0 1764

هل اختلال النظريّة الفلسفية في التوحيد مثلاً يفضي إلى بطلان النتائج الفقهية للعالِم نفسه؟

السؤال: أودّ أن أسأل عن معرفة التوحيد، لكن قد لا أجيد الصيغة الصحيحة في طرح السؤال. يقال: إنّ ما يُبنى على باطل فهو باطل. إذا كان العالم ـ سواء الفيلسوف أم الصوفي أم من أهل العرفان ـ بنى عقيدته في التوحيد على مثل: وحدة الوجود في عين ذاته أو الحلول والاتحاد أو الوحدة في عين الكثرة، هل تتأثر جميع العلوم كالمسائل الفقهيّة بالخلل الموجود في التوحيد؟ بعبارة أخرى: سمعت ذات مرة من عالِم كبير في قم المقدّسة، وهو يُدرِّس الفلسفة وغيره.. يقول: إذا اختلّ التوحيد على عالِم يختلّ حتى الفقه؟ وقبل هذا بفترة قال: إنّهم يُدرّسون (فصوص الحكم) ويتعاملون معها مثل الفيزياء والكيمياء، وهو يقصد أنّهم ليسوا على ديننا، ومع ذلك ندرّس لهم نظريّاتهم، بحيث يأخذون من فصوص الحكم ما يوافق القرآن ويتركون ما يتعارض معه. السؤال: إذا كان ابن عربي في نظر البعض منحرفاً عقائديّاً، هل يصحّ أن يأخذ العالِم من علمه، خصوصاً في التوحيد، على أساس أنّه إذا اختلّ التوحيد على العالِم يختلّ عنده حتى علم الفقه؟ (نسرين).

 

الجواب: هناك مجموعة نقاط ينبغي علينا التمييز بينها وفصل الأمور عن بعضها حتى لا تتداخل الأمور علينا:

أولاً: لا شكّ في تأثير العلوم المختلفة على بعضها بعضاً، فالرياضيات تؤثر على الفيزياء، والفلسفة تؤثر على العلوم الدينية، وعلم الكلام يؤثر على الفقه، وعلم أصول الفقه يؤثر على علم الفقه أيضاً، وعلم التاريخ يؤثر على علم الحديث وبالعكس، فتأثيرات العلوم على بعضها أمر متفق عليه من حيث المبدأ، بل هناك علوم تمثل أساساً لعلوم أخرى، لهذا تعتبر بالنسبة إليها أصلاً موضوعاً كما يسمّيه المناطقة، وهناك أيضاً تقسيم آخر استخدمه الدكتور عبد الكريم سروش كثيراً، وهو تقسيم العلوم إلى علوم منتِجَة وعلوم مستهلِكة، فهناك علوم تنتج الأفكار، وهناك علوم أخرى تقوم بتوظيف هذه النتائج في مجالها، وهذا كلّه صحيح من حيث المبدأ، ولا أظنّ أنّ أحداً يناقش في هذا.

ثانياً: إنّ ما قلناه عن العلاقة بين العلوم يجري بعينه في العلاقة بين المسائل داخل العلم الواحد أو بين علمين، فقد تكون هناك مسألة فلسفيّة تؤثر في مسائل فلسفيّة أخرى، مثل نظريّة أصالة الوجود التي تؤثر في فهم نظرية الحركة بشكل قوي، وتؤثر أيضاً في مباحث العلّة والمعلول وتحديد ملاك الاحتياج للعلّة، وهكذا في علم أصول الفقه فإنّ نظريّة جعل الطريقيّة التي ذكرها الميرزا النائيني تؤثر في مباحث التعارض بين الأخبار، كما تؤثر في العلاقات بين الأمارات والاستصحاب وسائر الأصول المحضة مثلاً وهكذا. وهذا أيضاً يبدو لي أمراً متفقاً عليه، يشعر به كلّ مشتغل بالمجال العلمي والفكري.

ثالثاً: يوجد هنا سؤالان أساسيّان وعندهما تقع معركة الآراء:

السؤال الأوّل: هل تؤثر العلوم ببعضها بطريقة شاملة، أم أنّ التأثيرات موضعيّة؟ فهل علم الرياضيّات مثلاً يؤثر في الفيزياء بشكل شامل، بحيث كلّ مسألة فيزيائية نحن بحاجة فيها لقواعد الرياضيات؟ وهل علم الحديث يؤثر في الاجتهاد الفقهي في كلّ مسألةٍ مسألة أم أنه يؤثر في بعض المسائل؟

السؤال الثاني: هل تأثيرات العلوم على بعضها ذات طرف واحد أم هي تأثيرات متبادلة؟ هل علم الرياضيات يؤثر في الفيزياء وكذلك الفيزياء تؤثر في الرياضيات أم أنّ هناك علوماً تؤثر وعلوماً تتأثر؟ وإذا كان الأمر كذلك فأيّ العلوم هو المؤثّر ولماذا وأيّها هو المتأثر ولماذا؟ وما هي المعايير لذلك؟

معركة الرأي في نظرية القبض والبسط للدكتور سروش مثلاً، تكمن ـ في تقديري ـ في هذين السؤالين بالدرجة الأولى، فإذا كان التأثير شاملاً، وقلنا في جواب السؤال الثاني بأنّ هناك علوماً تؤثر وعلوماً تتأثر، فهذا معناه أنّه مع فرض العلوم الدينية علوماً مستهلكة ـ كما يرى سروش ـ ستكون العلوم الدينية متأثرة بالعلوم البشرية غير الدينية، دون العكس، وهذا يعني أنّ أيّ تغيّر يحصل في العلوم البشرية سوف يحدث تحوّلاً في الفهم الديني والعلوم الدينية. ولكنّني أجد أنّ إثبات شموليّة التأثير أمر بالغ الصعوبة، وهو مجرّد دعوى.

رابعاً: تأثير علم في آخر يمكن أن يكون بشكلين:

الشكل الأوّل: أن يحدث العلم الأوّل مناخاً فكريّاً يفكّر في داخله العالم بالعلم الثاني، فنحن عندما ندرس الفلسفة مثلاً فسوف يملك الدارس الفلسفي عقلاً وذهنيّةً تتأثر بالتفكير الفلسفي، وسوف يحمل معه هذه الذهنية إلى علم أصول الفقه مثلاً، فتترك هذه الذهنية تأثيراتها في الاجتهاد الشرعي، على خلاف الحال في شخص آخر بعيد كلّ البعد عن المناخ الفلسفي وطرائق وسياقات التفكير العقلي، ففي هذه الحال سوف يلج تحليل النصوص الدينية بذهنية مختلفة. هذا النوع من التأثير سأسمّيه التأثير المناخي. وهذا النوع من التأثير حاصل بالتأكيد في العلوم الدينية، فكلّما اقتربت علاقة علم بعلم آخر صار التأثير المناخي أقوى، مثل الفلسفة والكلام، الفلسفة والاجتهاد الشرعي، اللغة والفقه، التاريخ وأصول الفقه، التاريخ والحديث، الكلام وعلم الملل والنحل وهكذا. فإذا أخذنا شخصاً يعيش ذهنية الفلسفة الصدرائيّة أو المشائيّة أو العرفان أو التصوّف فمن الطبيعي ـ عندما يلج نطاق التعامل مع النصوص ـ أن يترك هذا الأمر تأثيراته على مجمل قراءاته للنصّ الديني. ولا أعني بذلك الشموليّة، بمعنى ليس من الضروري في كلّ مسألة يعالجها في فهم النصّ الدينية أن تترك السياقات والمناخات تأثيراتها فيها، بل القضيّة تتبع درجة بُعد وقرب الموضوع الذي يعالَج من ذاك المناخ الذي تأثر به قبل دخوله مجال تحليل النصوص، ففرقٌ بين الفيلسوف الذي يريد أن يفسّر حديثاً يقول مثلاً: صلّ الظهر عند الزوال، وذاك الفيلسوف الذي يريد أن يفسّر حديثاً يقول: إنّ الأطفال يوم القيامة يكلّفون برمي أنفسهم في النار فإذا فعلوا دخلوا الجنّة والا عصوا الله وعاقبهم. إنّ الحديث الثاني موضوعه ومادّته أقرب إلى مجال اشتغال الفيلسوف، لهذا يترقّب أكثر أن تترك رؤيته الفلسفيّة ومناخه العقلي تأثيراً على طبيعة فهمه لهذه القضيّة، بخلاف المثال الأوّل. والعكس أيضاً صحيح، فلو دخل فقيه بذهنية الفقه والقانون مجال البحث الفلسفي، فمن الطبيعي أن تترك الذهنيّة الفقهية القائمة على اللغة والتاريخ وفهم النصّ وطبيعة القانون والاجتماع وغير ذلك تأثيراً عليه في كيفية تلقّيه المسائل الفلسفيّة، فقد يتعاطى بعرفيّة مع موضوع دقيق، وهذا ما لمسناه في أكثر من موضع.

طبعاً، هنا يمكن لبعض الباحثين والعلماء أن يقلّل بدرجة عالية من تأثيرات المناخ الفكري، عندما يعزل ذاته بشكل كبير عنه، وهذا أمر نسبي يختلف بين الناس ومستويات عزلهم لشخصيّاتهم العلمية بين العلوم المختلفة.

الشكل الثاني: أن نتحدّث عن تأثيرات علم في علم آخر بطريقة مباشرة، لا من خلال السياق والمناخ العام فقط، وهذا أمر حاصل بالتأكيد بين العلوم، فنظريّة الاعتبار في الفلسفة تترك تأثيراً مباشراً وعظيماً على مباحث مهمّة في علم أصول الفقه، مثل جملة من مباحث مقدّمة الواجب (الشرط المتأخر، المقدّمات المفوّتة، الواجب المعلّق و..)، وغير ذلك، والباحثون المختصون بفلسفة العلم وعلم المعرفة الثانوي يعدّ هذا المجال ـ أي مجال اكتشاف التأثيرات المتبادلة، وتحديد موقعها ومركزها ودائرتها ـ من أهمّ مناشطهم المعرفي.

خامساً: من مجمل ما تقدّم نستطيع أن نقول بأنّ التأثيرات حاصلة وتعدّ أمراً واقعاً، لكنّها ليست شموليّة، بحيث إنّ كلّ مسألة في علمٍ ما لها تأثير على كلّ مسألة في علم آخر، فهذا شيء من المستحيل عملياً إثباته، وهذا يعني أنّ إثبات التأثير يحتاج لدراسة في طبيعة العلاقة بين موضوعي المسألتين ومجمل أطرافهما، وقضيّة مثل قضية التوحيد ـ كما جاء في السؤال ـ لا أعتقد أنّ لها علاقة مباشرة في بعض القضايا في الفقه، كنجاسة الدم أو غير ذلك، بحيث نستطيع أن ندّعي بأنّ كلّ ما جاء به هذا العالٍم أو العارف من بحوث فقهيّة سيكون باطلاً؛ لأنّه بُني على باطل؛ فإنّنا بحاجة لإثبات طبيعة العلاقة بين المسألتين، لنرى هل أنّ الثانية مبنيّةٌ حقّاً على الأولى، حتى نقول: ما بني على باطل فهو باطل، أم أنها ليست مبنيّةً عليها. علماً أنّنا وجدنا الكثير من الفقهاء لديهم آراء متناقضة في موضوعات خارج علم الفقه، لكنّهم توصّلوا إلى نتائج موحّدة في الكثير من قضايا الفقه الإسلاميّ، الأمر الذي لابدّ من أخذه بعين الاعتبار أيضاً.

سادساً: لو صحّ ما جاء في السؤال أعلاه، لكان ينبغي علينا أيضاً أن نترك كلّ العلوم الطبيعية ـ كالفيزياء والكيمياء ـ والإنسانيّة التي عرفها البشر؛ لأنّ أغلب الذين أتوا بها هم من غير المسلمين، من الذين نقول فيهم بأنّهم لم يفهموا التوحيد حقّ الفهم، إذاً يجب أن نكون أوفياء لهذه المقولة فهل يمكن الوفاء لها؟ وهل هي منطقيّة؟ هذا يكشف عن أنّه لا يصحّ إطلاق التوصيفات والأحكام بطريقة عموميّة، بل لابدّ من دراسة الأمور بطريقة موضعيّة؛ لإجراء الفحص فيها والتثبّت من العلاقات التأثيرية لمسألة على أخرى بغية اكتشاف مركز الخطأ في المسألة الثانية المبنية على الأولى المفترض أنّها باطلة من وجهة نظرنا.

 

إرسال

you should login to send comment link

جديد الأسئلة والأجوبة
  • تأليف الكتب وإلقاء المحاضرات بين الكمّ والنوعيّة والجودة
  • مع حوادث قتل المحارم اليوم كيف نفسّر النصوص المفتخرة بقتل المسلمين الأوائل لأقربائهم؟!
  • استفهامات في مسألة عدم كون تقليد الأعلم مسألة تقليديّة
  • كيف يمكن أداء المتابعة في الصلوات الجهرية حفاظاً على حرمة الجماعات؟
  • هل يمكن للفتاة العقد على خطيبها دون إذن أهلها خوفاً من الحرام؟
  • كيف يتعامل من ينكر حجيّة الظنّ في الدين مع ظهورات الكتاب والسنّة؟!
  • هل دعاء رفع المصاحف على الرؤوس في ليلة القدر صحيحٌ وثابت أو لا؟
الأرشيف
أرسل السؤال
الاشتراك في الموقع

كافة الحقوق محفوظة لصاحب الموقع ولا يجوز الاستفادة من المحتويات إلا مع ذكر المصدر
جميع عدد الزيارات : 35863485       عدد زيارات اليوم : 6849