• الرئيسية
  • السيرة الذاتية
  • الكتب والمؤلفات
  • المحاضرات والدروس
  • المقالات
  • الحوارات واللقاءات
  • المرئيات
  • الأسئلة والأجوبة
  • لغات اُخرى
  • تطبيق مؤلفات حب الله
  • آراء
الموقع الرسمي لحيدر حب الله
الاجتماعية والأخلاقية التاريخ والسيرة الفقهية والشرعية الفكرية والثقافية الفلسفية والكلامية القرآنية والحديثية
# العنوان تاريخ النشر التعليقات الزائرين
110 هل أسماء الله توقيفيّة؟ وما هو الموقف من تسميات الفلاسفة لله تعالى؟ 2014-05-12 0 9385

هل أسماء الله توقيفيّة؟ وما هو الموقف من تسميات الفلاسفة لله تعالى؟

السؤال: هذه أوّل مرّة أقوم فيها بمراسلتكم، فأودّ منكم الصدر الرحب الواسع والتماشي مع عقلي البسيط، سؤالي هو: يقول المشهور أنّ أسماء الله توقيفيّة، أفلا يرد عليهم هذا الإشكال وهو أنّه لو كانت توقيفيّةً كما تقولون فكيف تصفون الباري تعالى بأنّه واجب الوجود، علماً أنّ هذه التسمية لم ترد في الشرع؟ فهل هذا الإشكال وارد عليهم أم لا؟ (أبو يقين).

 

 

 

الجواب: توقيفية الأسماء ـ وهي مفهوم يغاير مفهوم الترجمة إلى غير اللغة العربية، ومال بعضهم إلى الشمول له ـ مقولةٌ مشهورة أرسلها بعضهم إرسال المسلّمات، وقيل بأنّها كانت أحد أسباب انفصال أبي الحسن الأشعري عن المعتزلة؛ لأنّه تشدّد في قضية توقيفيّة الأسماء، وهي قد تفيد معانٍ عدّة ومقاصد مختلفة بالتحليل الأوّلي:

 

المعنى الأوّل: وهو معنى فلسفي كلامي، وهو أنّ الأسماء التي هي لله تعالى لا يعرفها إلا الله سبحانه، وأنّ كلّ اسم أنتم تطلقونه على الله تعالى مثل واجب الوجود أو الضرورة الأزلية مثلاً، لا يُعلم أنّه من أسمائه؛ لاحتمال أنّه يحتوي على جهة نقص يتعالى الله سبحانه عنها، فالتوقيفية هنا لا ربط لها بالترخيص الشرعي أو الحرمة الشرعية، بل هي حكاية عن أنّ الأسماء التي تليق بالله تعالى لا معرفة لنا بها إلا عبر النصّ نفسه، فالله ورسوله أعلم بما يليق بساحته سبحانه، فكلّ ما ورد في النصّ توصيفاً لله صحّ لنا جعله اسماً.

 

وقد عدّ العلامة الطباطبائي (الميزان 5: 357 ـ 358) الأسماء الإلهيّة التي وردت في القرآن الكريم فبلغ حدود 127 أو 128 اسماً، أمّا في السنّة الشريفة فالعدد يبلغ رقماً أكبر من ذلك بكثير، يكفي في هذا ما جاء في دعاء الجوشن الكبير على تقدير تصحيح نسبته إلى المعصوم ـ حيث ضعّفه سنداً غير واحدٍ من العلماء مثل العلامة الشعراني رحمه الله ـ وفي الأحاديث أيضاً ترقيمات مختلفة للأسماء، من تسعةٍ وتسعين، إلى أربعة آلاف، إلى فكرة أنّه لا حدّ لها ولا حصر.

 

المعنى الثاني: وهو معنى فقهي شرعي، وهو أنّه لا يجوز إطلاق أيّ اسم على الله تعالى إلا إذا كان وارداً في الكتاب والسنّة المعتبرة، أمّا ما لم يرد، مثل قولنا: واجب الوجود، أو الذات الإلهية المقدّسة، أو الضرورة الأزليّة، أو غير ذلك، فهذا لا يجوز لنا إطلاقه على الله سبحانه من الناحية الشرعية.

 

وفي الحقيقة يوجد هنا اتجاهان بين علماء المسلمين بمذاهبهم:

 

الاتجاه الأوّل: وهو الاتجاه الذي يحصر الأسماء بما ورد في النصّ لا غير، ويحرّم التسمية بغير ذلك، والمنطلق في ذلك عندهم:

 

1 ـ إنّ كلّ صفة من الصفات التي نطلقها لتصبح اسماً له تعالى إنّما نبتدعها من حيث عقولنا القاصرة، وقصور عقولنا يفضي إلى إطلاق صفة قاصرة على الله تعالى، فيها جهة نقص نحن لا ندركها، أو على الأقلّ يحتمل ذلك جدّاً، وبناء عليه فلا يجوز لنا إطلاق أيّ اسم على الله تعالى تحذّراً واحتياطاً في الكلام غير اللائق بشأنه سبحانه، وسدّاً للذرائع وإغلاقاً لباب الفساد، ومن ثمّ نقصر في كلامنا على الأسماء الواردة في الكتاب والسنّة المعتبرة.

 

2 ـ قوله تعالى: (ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه) (الأعراف: 180) بناءً على أنّ الألف واللام في كلمة (الأسماء) هي للعهد، أي لله تلك الأسماء التي وردت في الكتاب والسنّة، وهي الحسنى، وأنتم مأمورون بأن تتوجّهوا بالدعاء إلى الله بهذه الأسماء الحسنى، أي بالأسماء الأحسن، أمّا توصيفاتكم فليست بالأحسن أمام توصيف الله تعالى لنفسه، فالدعاء يكون بالأحسن من الأسماء، وهو المذكور في الكتاب، والمشار إليه بلام العهد في الكلمة هنا (الأسماء)، كما أنّ الآية تأمر بترك الذين يلحدون في أسماء الله تعالى، والمقصود بالإلحاد هنا هو التعدّي إلى غير الأسماء الحسنى المعهودة له سبحانه في الكتاب والسنّة.

 

3 ـ ما ورد في الحديث الشريف، فقد عقد الشيخ الكليني باباً في (الكافي 1: 100 ـ 104) للنهي عن توصيف الله سبحانه بغير ما وصف به نفسه، وذكر هناك اثنتي عشرة رواية في الموضوع، منها: خبر مُحَمَّدِ بْنِ حَكِيمٍ قَالَ: كَتَبَ أَبُو الْحَسَنِ مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ عليه السلام إِلَى أَبِي: أَنَّ اللَّهَ أَعْلَى وَأَجَلُّ وَأَعْظَمُ مِنْ أَنْ يُبْلَغَ كُنْهُ صِفَتِهِ، فَصِفُوهُ بِمَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ وَكُفُّوا عَمَّا سِوَى ذَلِكَ. ومنها أيضاً خبر حَفْصٍ أَخِي مُرَازِمٍ عَنِ الْمُفَضَّلِ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا الْحَسَنِ عليه السلام عَنْ شَيْ‌ءٍ مِنَ الصِّفَةِ فَقَالَ: لَا تَجَاوَزْ مَا فِي الْقُرْآنِ.

 

فإنّ هذه الأحاديث واضحة في النهي عن الخروج عن إطار النصّ الديني في تسمية الله سبحانه.

 

من هنا، يذهب الكثير جدّاً من فقهاء ومتكلّمي ومحدّثي المسلمين إلى تحريم إطلاق أيّ اسم على الله تعالى حتى لو نسب فعله إليه في القرآن الكريم، فلا يجوز أن نسمّي الله بالمستهزئ أو الماكر أو الساخر أو المضلّ أو الفقيه أو العارف أو الفطن أو العاقل أو نحو ذلك، حتى لو وردت نسبة أفعال هذه الأسماء إليه في الكتاب الكريم، ويستثني بعضهم ما قام عليه الإجماع في الجواز، وبعض فقهاء الإماميّة المعاصرين ـ وهو الشيخ جواد التبريزي ـ يرى ذلك احتياطاً وجوبيّاً. ويُعرف المحدّثون بالتشدّد في هذا الأمر، ومن يتبعهم من التيارات السلفيّة، لهذا يحرّمون كلّ الأسماء المتداولة ممّا لم يرد في الكتاب والسنّة المعتبرة مما بات شائعاً اليوم، مثل تسمية الله بأنّه: القوّة، أو القوّة المدبّر، أو الروح، أو العقل المدبّر، أو العلّة الكبرى، أو العلّة الأولى، أو السبب، أو السبب الأوّل، أو المحرّك الأوّل، أو جوهر، أو عقل وغير ذلك، بل ناقش بعضهم في صفات أخرى معروفة دينياً مثل الضارّ والنافع والجليل والمذلّ ونحو ذلك.

 

الاتجاه الثاني: وهو ما ذهب إليه جماعة من العلماء ـ وهم كثيرٌ من المعتزلة والكرامية والإماميّة والزيدية، وبعض الأشاعرة، وجمهور الفلاسفة والعرفاء والمتصوّفة ـ من رفض توقيفيّة الأسماء شرعاً، وقال بجواز تسميته تعالى بكلّ ما ثبت صحّته عقلاً، ولم يرد فيه النهي شرعاً، حتى لو لم يرد فيه الإذن الخاصّ، وقد ناقشوا الأدلّة السابقة مبرّرين وجهة نظرهم، ونحن نذكر بعض ما ألمحوا إليه ونضيف:

 

أولاً: رأى هؤلاء أنّه لا يجوز إطلاق أيّ اسم على الله تعالى يحتوي نقصاً، ولكنّ كلمة (واجب الوجود) مثلاً منزّهةٌ عن ذلك، إذ لا تحكي إلا عن حيثية كمالية في الباري تعالى شأنه، فلا مانع من إطلاقها، نعم لو ثبت نقصانها وعدم لياقتها بذاته تعالى حرُم ولم تتناسب معه، وكذلك الحال في الأسماء الموهِمة أو التي لا يليق بحسب الاستعمال استخدامها في حقّه تعالى فهذه نمنع عنها، لا كلّ إطلاق أو تسمية مستلّة من صفة له أو فعل. ومجرّد احتمال أنّها لا تليق لا يكفي لإثبات التحريم هنا، فما هو الدليل على تحريم صفةٍ نراها بالدليل تثبت له سبحانه، مع احتمال أن نكون مخطئين في ذلك؟

 

ثانياً: وأمّا الآية الكريمة المستدلّ بها، فالألف واللام فيها للجنس لا للعهد، أي توجّهوا إلى الله بالدعاء عبر كلّ اسم حسن، فإنّ كلّ اسم حسن فإنّ لله أحسنه، فمن عنده القوّة فإنّ عند الله تمام القوّة، ومن عنده العلم فإنّ عند الله تمام العلم وهكذا، فلا دليل على حصر الأسماء بخصوص الأسماء التي وردت في الكتاب والسنّة، فلم تقل الآية إنّ ما لم يرد ليس بأحسن حتى نحرّمه مثلاً. بل حتى لو سلّمنا بما قالوا يلزم تخصيص التوقيفيّة بخصوص حال الدعاء، لا مطلقاً؛ لأنّ الآية تفيد الأمر بدعاء الله بالأسماء الحسنى، ولا تدلّ على إلزامنا بإطلاق هذه الأسماء خاصّة على الله ولو في غير حال الدعاء. كما أنّ الإلحاد في الأسماء يعني الميل عن جادّة الصواب فيها؛ لانّ هذا هو المعنى اللغوي لكلمة الإلحاد، وهذا غير تسمية الله باسمٍ مأخوذ من مقام فعله أو توصيفه الصحيح، فعندما نقول: إنّ الله هو الصانع أو المحرّك للعالم فهذا ليس إلحاداً، بل هو عين الصواب في إطلاق اسمٍ على الله يليق بشأنه تعالى ويعبّر عن فعله وفيضه، والتمسّك بعنوان الإلحاد هنا في كلّ صفة لم ترد في الكتاب والسنّة هو تمسّكٌ بالعام في الشبهة المصداقية له، وهو ليس بحجّة. والإلحاد يمكن أن يكون بمظاهر نتيقّن من كونها إلحاداً، وأمّا غيرها فنشكّ فيه، فلا يمكن التمسّك بالآية في المورد الذي يُشَك فيه أنّه إلحاد أساساً، فإنّ الحكم لا يثبت موضوعه، ومن المظاهر المتيقّن كونها من الإلحاد في الأسماء ما يلي:

 

أ ـ إطلاق اسم غير الله تعالى ـ بما يحمله من نقص ـ على الله سبحانه، مثل كلّ اسم أو صفة تحمل نقصاً أو تجسيماً أو غير ذلك؛ فإنّ في هذا نسبة النقص إلى الله سبحانه، وهذا معنى تسمية الله بما ثبت أنّه لا يليق به سبحانه.

 

ب ـ إطلاق اسم الله تعالى ـ بما له من توصيف أتمّ وأكمل وبالحدّ الأعلى (وهو الحسنى) ـ على غير الله سبحانه، كإطلاق اسم القدير بالمعنى التام للقدرة على غير الله تعالى. ولعلّ من هذا الباب ما ذكر من اشتقاق العرب أسماء بعض أصنامهم من الأسماء الإلهيّة، مثل قولهم بأنّ العزّى جاءت من العزيز، أو أنّ اللات جاءت من الإله أو من الله، أو أنّ مناة جاءت من اسم المنّان.

 

أمّا في غير هاتيم الحالتين، مما لا نحرز أنّ فيه تسمية لله باسمٍ ناقص أو تسمية غيره باسمه بما يحمل الاسم من حدّه الأعلى، فلا يُعلم أنّه مرادٌ من كلمة الإلحاد هنا، ومن ثمّ لا يصحّ الاستناد إلى الآية الكريمة في تحريمه.

 

ثالثاً: وأمّا الروايات، فكلّ روايات الباب الذي عقده مثل الشيخ الكليني، لا علاقة لها بموضوعنا، وإنّما ترتبط بأمور أخرى تتصل بالتجسيم، وليس فيها ما قد يتصل بموضوعنا عدا هاتين الروايتين المشار إليهما أعلاه، وهما ضعيفتان من حيث السند وقليلتان من حيث العدد، كما أنّ الرواية الثانية قد يُفهم منها عدم تعدّي القرآن مضموناً لا لفظاً، فيكون المراد منها أنّ الأسماء التي تتناسب مع الروح القرآنية في توصيف الله تعالى يمكن القبول بها، أمّا ما يخرج عن الإطار القرآني فلا يجوز، وحيث إنّ مثل اسم واجب الوجوب يتناسب مع الإطار القرآني؛ لأنّه يثبت الصمديّة والغنى والاستعلاء له سبحانه، وينزّهه تعالى عن الجسمية والتشبيه والحاجة والنقص وغير ذلك، فهو منسجم مع دلالة القرآن ومع الحديث المذكور أيضاً، وعليه فليس في الروايات شيء يمكن الوثوق به في تحريم التسمية بغير ما سمّي في الكتاب والسنّة.

 

وبناءً عليه، فالذي يبدو لي بنظري القاصر أنّه لا يوجد دليل مقنع يحرّم إطلاق الاسم على الله تعالى بغير ما جاء في الكتاب والسنّة، وعلى هذا الأساس يجوز قراءة مثل دعاء الجوشن الكبير ولو كان ضعيفاً سنداً ولم نبنِ على قاعدة التسامح في أدلّة السنن. نعم يلزم في الإطلاق أن لا يوجب شيئاً ينافي ساحته المقدّسة تبارك وتعالى أو يكون موهماً للتنافي، ولا نسبة الاسم إلى الدين بحيث نعتبره اسماً دينيّاً ننسبه إلى الله وإلى الرسول فهذا ابتداعٌ في الدين، كما ومن الضروري أن لا يكون إطلاق تسمياتنا على الله تعالى موجباً لهجران التسميات التي أطلقها القرآن عليه بوصفها إنشاءً للثقافة الدينية العقدية الصحيحة في حقّ الله سبحانه، وأمّا ما سوى ذلك فهو جائز، وإن كان الاحتياط سبيل النجاة لاسيما في مجال الدعاء والابتهال إلى الله سبحانه. كما أنّ السعي لاستخدام توصيفات وأسماء الله الواردة في الكتاب ومعلوم السنّة هو الأفضل بالتأكيد.

 

فالقضيّة قد لا تكون قضيّة الحلال والحرام فيما نطلقه من تسمية على الله سبحانه، إذ دليل الحرمة غير واضح، وإنّما هي قضيّة الوعي العام بمسألة الله سبحانه؛ لأنّ الصفات والأسماء هي معابر وعينا به تعالى، وكلّما ابتعدنا عن الدائرة الدينية في التسميات ربما نقع على مرور الزمن في تكوين صورة غير صحيحة عن الله تعالى، لاسيما في ظلّ فوضى الاجتهادات العرفانية والفلسفيّة والكلاميّة في هذه الموضوعات، والتي قد تُدخل الأمور في تعقيدات، كالتعقيد الذي تسبّبه تعبير بعض قدامى المتكلّمين (جسم لا كالأجسام) في حقّه سبحانه، ومن هنا لا يحرم قول (واجب الوجود) في حقّ الله بقدر ما تتصل القضية بعدم غياب التسميات والتوصيفات الإلهية النصيّة عن ثقافتنا العامّة، بحيث قد تجد الفيلسوف يعبّر بواجب الوجود أكثر مما يعبّر بكلمة (الله) نفسها في بعض الأحيان، فسلامة المسيرة العقدية والإقرار بضعف قدراتنا العقليّة عن فهم المسألة الإلهية يستدعيان قدراً من الانتباه لهذا الموضوع. وأيّ حرج في تسمية الله سبحانه بأنّه الله والعالم والقدير بدل الدخول في مساحة قلقة في التسميات بحيث تغلب على المساحة الدينية نفسها، مثل أصل الأصول واسطقسّ الأسطقسات، وغيب الغيوب، والضرورة الأزليّة، وغير ذلك. ولعلّ في تعبير الخواجه نصير الدين الطوسي ما ينفع هنا، إذ بعد أن جوّز التسمية، ذهب إلى أنّها تنافي الأدب مع الله سبحانه، ما لم يرد الاسم منه تعالى.

 

وبناءً عليه، فالقضيّة غير متفق عليها، وهي محلّ جدل، وكثير من الفلاسفة والعرفاء والمتصوّفة لا يميلون إلى توقيفيّة الأسماء، ولهذا يجوّزون لأنفسهم إطلاق أسماءٍ على الله تعالى يرونها كماليّةً مثل واجب الوجود، فلا نستطيع أن نُشكل عليهم ـ كما ذكرتم في سؤالكم ـ بأنّكم تقولون بتوقيفيّة الأسماء، لكن في الوقت عينه تقولون على الله كلمة: واجب الوجود؛ لأنّ الذي يقول هذه الكلمة لا يرى حرمة إطلاق أيّ اسم على الله يرى فيه كمالاً، وهو لا يؤمن أساساً بتوقيفية الأسماء شرعاً، ولهذا لو تلاحظون أنّ الفقهاء الذين لهم مشربٌ عرفاني أو فلسفي لا يقولون فقهياً بتوقيفية الأسماء، ولعلّ نفوذ الاتجاه العرفاني والصوفي والفلسفي في الفكر الشيعي خلال القرون الأخيرة جعل الثقافة الشيعية غير آبية عن استخدام مثل كلمة واجب الوجود فليلاحظ جيداً، مع أنّ نصوص بعض قدماء الشيعة توحي بتوقيفية الأسماء.

 

وأشير أخيراً إلى أنّ القول بتوقيفية الأسماء مغاير للقول بالتوصيف، فإذا قلت: إنّ الله واجب الوجود بالذات، فهذا لا ينافي عند كثيرين توقيفية الأسماء، لأنّك وصفته بوجوب الوجود، ولم تسمّه بذلك، بخلاف ما إذا قلت: لقد تجلّى واجب الوجود على الممكنات، فإنّ الكلمة أخذت هنا إسماً، فلزم التمييز، فليس كلّ من عبّر بواجب الوجود يكون قد خالف التوقيفية حتى عند بعض من يؤمن بالتوقيفية فليلاحظ جيداً.

 

إرسال

you should login to send comment link

جديد الأسئلة والأجوبة
  • تأليف الكتب وإلقاء المحاضرات بين الكمّ والنوعيّة والجودة
  • مع حوادث قتل المحارم اليوم كيف نفسّر النصوص المفتخرة بقتل المسلمين الأوائل لأقربائهم؟!
  • استفهامات في مسألة عدم كون تقليد الأعلم مسألة تقليديّة
  • كيف يمكن أداء المتابعة في الصلوات الجهرية حفاظاً على حرمة الجماعات؟
  • هل يمكن للفتاة العقد على خطيبها دون إذن أهلها خوفاً من الحرام؟
  • كيف يتعامل من ينكر حجيّة الظنّ في الدين مع ظهورات الكتاب والسنّة؟!
  • هل دعاء رفع المصاحف على الرؤوس في ليلة القدر صحيحٌ وثابت أو لا؟
الأرشيف
أرسل السؤال
الاشتراك في الموقع

كافة الحقوق محفوظة لصاحب الموقع ولا يجوز الاستفادة من المحتويات إلا مع ذكر المصدر
جميع عدد الزيارات : 36693654       عدد زيارات اليوم : 17554