السؤال: هل يوجد دليل على أنّ الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلّم كان يأخذ خمس أرباح المكاسب من الناس (غير خمس الغنائم)؟ وهل يستطيع الإمام إضافة أمرٍ لم يكن في عهد الرسول باعتبار كماليّة الدين؟ (مازن النخلي).
الجواب: يوجد في كلامكم نقطتان:
النقطة الأولى: لا يوجد دليل علمي يثبت أنّ الرسول كان يأخذ خمس أرباح المكاسب، نعم حاول بعض العلماء ـ مثل الشيخ حسين علي المنتظري ـ جمع بعض متناثر النصوص في الكتب ليشير إلى ظاهرة محدودة من هذا النوع؛ لكنّ إثبات ذلك صعب للغاية، بل لم يحصل هذا الأمر ـ كما هو المعروف ـ حتى في عصر الإمام علي وصولاً إلى عصر الإمام الباقر عليه السلام، ولهذا بذل العلماء ـ كالسيد الخوئي وغيره ـ محاولات لتفسير هذه الظاهرة، مثل القول بأنّ الرسول لم يجمع الخمس؛ لأنّ الخمس مالٌ شخصي للنبيّ وأقربائه، وليس مالاً عامّاً للأمّة، فمن غير المناسب له جمعه، على خلاف الزكاة، أو مثل أنّ تشريع خمس أرباح المكاسب جاء بعد وفاة النبي على قانون التدرّج في بيان الأحكام للأمّة، أو أنّ النبيّ تعمّد عدم البيان خوفاً من أخذ الحكّام بعده هذا الخمس الذي هو لأهل البيت عليهم السلام، وغير ذلك. وهذه التخريجات وقعت موقع البحث بين العلماء المتأخّرين، لأنّ هذه القضيّة حظيت باهتمام علماء القرن الأخير أكثر من غيرهم.
النقطة الثانية: وأمّا أنّ الإمام يمكنه أن يضيف شيئاً إلى الدين، فهنا توجد حالتان:
الحالة الأولى: أن يكون ما يضيفه هو جزءٌ من حاقّ الدين الذي نزل على محمّد صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم، وإنّما لم يذكره الرسول لمصالح، فتمّ تأجيل البيان إلى ما بعد وفاة الرسول انطلاقاً من قانون التدرّج في بيان الأحكام، وهذه الحالة يوجد خلاف بين العلماء فيها:
أ ـ فبعض العلماء قال بأنّ هذا غير ممكن؛ لأنّ الدين قد اكتمل بيانه في العصر النبوي كما دلّ عليه الكتاب ونصوص السنّة، وعليه فكلّ ما يقوله الأئمّة لابدّ من فرض أنّه كان موجوداً في العصر النبوي ولم يصلنا، فبيّنه الأئمّة لنا، فلو تيقّنا من عدم وجوده، صار ذلك سبباً للتشكيك في صحّة الروايات التي تقول بأنّ الأئمة قالوا هذا الحكم، أو فهمها بطريقة أخرى ككونها حكماً ولائيّاً زمنيّاً بحكم ولايتهم على الأمّة.
ب ـ لكنّ بعض العلماء الآخرين قالوا بأنّ الله فوّض أمر الدين إلى أهل البيت، وأنّ بعض الأحكام لم تبيَّن في العصر النبوي لمصالح، فترك بيانها لعصر الأئمّة، بل بعضها لم يبيّن بعدُ وسوف يبيّن في عصر الإمام المهدي، ولا مانع من بيان حكم من الأئمة نجزم بعدم وجوده في العصر النبوي. وهذا النزاع هو ما يعرف بمسألة التفويض في الدين لأهل البيت، وفيه بينهم اختلاف.
الحالة الثانية: أن لا يكون ما يضيفه الإمام عليه السلام جزءاً من حاقّ الدين، بل هو حكم ولائي مصلحي زمني بحكم ولايته على الأمّة أو تطبيق لعنوان ثانوي مرحلي أو غير ذلك، وفي هذه الحال يتفق الجميع على أنّ هذا ممكنٌ، لكنّهم يختلفون في أنّ الأحكام الولائية للإمام هل تموت بموته أم أنّها مطلقة إلى يوم الدين ما لم يُلغها إمام بعده؟ فعلى القول الأوّل، تنتهي هذه الأحكام بوفاة الإمام العسكري، فينبغي البحث عن موقف الإمام الثاني عشر، فإن ثبت موقفه منها فبها ونعمت، وإلا فالأصل عدم هذا الحكم. وأمّا على القول الثاني الذي ذهب إليه الشيخ المنتظري فتبقى هذه الأحكام خالدةً إلى أن يثبت محوها من قبل الإمام اللاحق.
وما توصّلتُ إليه بنظري القاصر في بحثي في كتابَيَّ: (حجيّة السنّة في الفكر الإسلامي: 503 ـ 569، ومبحث الاحتكار من كتابي دراسات في الفقه الإسلامي المعاصر 3: 32 ـ 37)، هو أنّ الدين قد اكتمل عند وفاة الرسول، وأنّ أهل البيت لا يشرّعون في حاقّ الدين شيئاً ولا يكمّلون شيئاً، وإنّما يبيّنون ما حكم به الرسول وخَفي أو ضاع أو تركته الأمّة، ويطبّقونه على الموارد المختلفة الجديدة الحادثة بينهم، ولهم إصدار أحكام ولائية زمنيّة غير خالدة بطبعها، لكن يمكن الاستفادة منها من جهة مبرّر تشريعها لو فهمناه، فكلّ حكم لم يثبت أنّه كان في العصر النبوي نأخذه من أهل البيت، ويكون ثبوته عن لسان أهل البيت دليلاً على أنّه كان موجوداً في العصر النبوي، أمّا ما ثبت أنّه ما كان موجوداً في العصر النبوي حتماً ولو من باب أنّه (لو كان لبان)، فإنّ هذا يكشف إمّا عن بطلان الروايات التي جاءت منقولةً عن أهل البيت فيه، أو على كون ما صدر عن الأئمّة ولائيّاً زمنيّاً. والله العالم.
نرجو من الأستاذ حيدر حب الله التحقيق والتتبع أكثر في هذه المسألة، فاشتراط الخمس ورد في الكتب والرسائل التي كان يبعثها النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى الملوك والزعماء ورؤساء العشائر ككتابه (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى قبائل اليمن وهو مطلق يشمل جميع الغنائم، وهو غير مقترن بالحرب ولأن الحروب يفترض أنها تدار من قبل قيادة يعيّنها ولي الأمر وليست كيفية، فاشتراط الخمس على القبائل لا يعني أن لهم أن يقاتلوا من تلقاء أنفسهم ويجلبوا الخمس للنبي (صلى الله عليه وآله).
وقد ورد التعميم إلى غير غنائم الحرب صريحاً في بعضها كالذي ورد في كتابه (صلى الله عليه وآله وسلم) لوائل بن حجر الحضرمي ولقومه: (وفي السُيوب الخمس) والسيب –على ما في المنجد- ماء المطر أو الماء الجاري أو الركاز لانسيابها في الأرض، وكالذي ورد في كتابه (صلى الله عليه وآله وسلم) لأكيدر.
سلام عليكم
ما هي ادلة وجوب دفع خمس ارباح المكاسب الى مراجع التقليد
للمعلومية فان جميع المعاجم اللغوية ما قبل عام 385هـ تقول بأن مصدر كلمة غنيمة لا يطلق إلا على الشيء مشروطا بعدم بذل المشقة في تحصيلة. هذه المعاجم هي كالتالي:
. معجم المحيط في اللغة للصاحب بن لابد، المتوفى عام 385هـ، ج5 ص 93
. معجم تهذيب اللغة محمد بن أحمد بن الأزهري الهروي، أبو منصور، المتوفى عام 370هـ، ص 149
. معجم البارع لأبو علي القالي، إسماعيل بن القاسم بن عيذون بن هارون بن عيسى بن محمد بن سلمان، المتوفى عام 356هـ، ص340
. معجم العين للخليل بن احمد الفراهيدي المتوفى عام 170هـ (ض..ق) ص 294
فمن اخذ يفسر حديث رسول اللّه صلى الله عليه وآله في معنى كلمة “غنيمة” أو “مغنم” معتمدا بذلك على معاجم حديثة بانها مطلق الفائدة !! فهو وأهم بلا شك. فالائمة عليهم السلام لا يخلقون معان جديدة للكلمات العربية، فالقرآن أتى بها كما كان يفهمها العرب.
وبذلك فان المال المأخوذ من المسلمين بحجة شمول أو مطلق الفائدة هو من مال حرام كحرمة أعراضهم ودمائهم.
اتقوا الله..