• الرئيسية
  • السيرة الذاتية
  • الكتب والمؤلفات
  • المحاضرات والدروس
  • المقالات
  • الحوارات واللقاءات
  • المرئيات
  • الأسئلة والأجوبة
  • لغات اُخرى
  • تطبيق مؤلفات حب الله
  • آراء
الموقع الرسمي لحيدر حب الله
الاجتماعية والأخلاقية التاريخ والسيرة الفقهية والشرعية الفكرية والثقافية الفلسفية والكلامية القرآنية والحديثية
# العنوان تاريخ النشر التعليقات الزائرين
129 نقد وتعليق على رفضكم دلالة آية: (أنتم الفقراء إلى الله) على نظرية الفقر الوجودي الصدرائيّة؟ 2014-08-01 0 2923

نقد وتعليق على رفضكم دلالة آية: (أنتم الفقراء إلى الله) على نظرية الفقر الوجودي الصدرائيّة؟

السؤال: ذكرتم في جواب سابق أنّ آية: (يا أيّها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغنيّ الحميد) لا تدلّ على نظرية الفقر الوجودي التي طرحها الملا صدرا الشيرازي، لكنّ البعض أخذ عليكم فقال بأنّ نظرية الفقر الوجودي الصدرائية أرقى النظريّات التي تبيّن فلسفة علاقة الخالق بالمخلوق، وهي لوحدها التي تستطيع إثبات الفقر المطلق للمعلول إلى العلّة، فعندما تثبت الآية الفقر فإنّ سائر النظريّات الفلسفية غير قادرة على إثبات الفقر المطلق؛ لأنّها تترك مجالاً لغنى المعلول عن العلّة في مكانٍ ما، بخلاف نظرية الفقر الوجودي التي تعطي الفقر التام المحض، ما هو تعليقكم على هذا الكلام؟

 

الجواب: لعلّه حصل التباس ما في الموضوع، وذلك:

أولاً: إنّني أساساً لم أقل شيئاً تجاه أصل نظرية الفقر الوجودي، ففي جوابي السابق لم أقل بأنّ هذه النظرية صحيحة ولم أقل بأنها باطلة، وبإمكانكم مراجعة الجواب السابق، ولعلّ الناقد العزيز فهم أنّني أريد أن أبخس هذه النظرية حقّها، أو أن أرفضها، مع أنّ مجال كلامي السابق لم تكن له أيّة علاقة بالبحث الفلسفي، وإنّما الكلام كلّ الكلام كان في أنّ هذه الآية هل تدلّ على هذه النظرية أم لا؟ فقد تكون النظرية صحيحةً وعميقة ورائعة ومذهلة، ولكنّ هذه الآية لا تدلّ عليها، فلا يفترض أن نخلط بين المقامين: مقام البحث الفلسفي في نظريةٍ ما، ومقام البحث التفسيري القرآني والحديثي ومديات علاقته بالنظريّة الفلسفيّة، فقد تدلّ آيةٌ ما على معنى لم يثبت في الفلسفة ولا في العلوم الطبيعية بعدُ، وقد تُثبت الفلسفة أو العلوم الطبيعية شيئاً لم يتعرّض له النصّ بعدُ بحسب فهمنا له، فليس كلّ من حارب تطويع الفلسفة للنصوص الدينية فهو رافض للفلسفة، هذا مفهوم غير صحيح أبداً، فقد تكون مناصراً حتى النفس الأخير للفلسفة هنا أو هناك، لكنّك شديد التحفّظ على تأويل النصوص الدينية تأويلاً غير صحيح لصالح هذه النظرية الفلسفيّة الرائعة التي ثبتت لك. وعندما أنتقد شخصياً ما أعتبره وَهْمَ المصالحة الصدرائيّة بين الفلسفة والنص، فإنّني لا أرفض الفلسفة، بل أرفض التطويع، وأريد أن أحترم النص في طريقته التعبيرية، لا أن أفرض عليه طريقةً تعبيرية لتنسجم معطياتُه مع الفلسفة الحقّة. إنّني أؤمن بالتفكيكيّة بهذا المعنى لها، فالمصالحة بين العقل والنصّ تعني احترام قواعد العمل العقلي الصحيح، وأيضاً احترام قواعد العمل النصّي والتفسيري الصحيح، وإلا فهذه ليست مصالحة على طاولة مستديرة، بل هي مصارعة ليغلب فريقٌ فريقاً آخر أو هي ـ على أخفّ تقدير ـ لقاءٌ على طاولة مستطيلة جداً. الموضوع مهم للغاية فأرجو أن نتأمّل فيه بهدوء، وقناعتي أنّ المدرسة الصدرائية وأمثالها حقّقت قدراً جيداً من تقدّم العلاقة بين النص والعقل، لكنّها في مجالات أخرى لم تُعِر للنص حرمةً على مستوى قواعده الخاصّة التفسيريّة التي تحكمه. هذا هو مفصل الكلام. فكما ينتقد الكثير من أنصار الفلسفة الصدرائية اليوم تطويعَ النصوص الدينية من قبل بعض التيارات الحداثية والليبرالية والعلمانية و.. لصالح ما تراه هذه التيارات حقّاً، وهو انتقاد في محلّه، كذلك من حقّ الآخرين ممارسة الانتقاد نفسه هنا، فكما أنت ترى النظرية الفلسفية الفلانية حقّاً باليقين كذلك الآخر المعاصر يرى أفكاره حقّاً ويقيناً، فلماذا كان تطويعه جريمة أما تطويعي فهو أمر آخر؟

لا أدّعي أنّ اللغة مفتاح لحلّ جميع المشاكل، ولكن أقول هي مفتاح ضروري وممتاز لا يمكن تخطّيه بسهولة،ومن الضروري لمن يريد تفسير القرآن بغير اللغة والسياقات الدلاليّة أن يقدّم رؤيةً مبرهنة وليس فقط عرضاً جميلاً للصورة، كما يفعل الكثير من العرفاء رضوان الله عليهم بحيث يحدّثك عن أن كلّ حرف من الحروف هو أمّةٌ من الخلق أمثالنا كما يقول ابن عربي، فهذا كلام يرسل في الفضاء الطلق ونحتاج لمعايير علميّة مبرهنة عليه، وابن عرفي وكلّ عرفاء العالم ـ ككلّ المفكّرين والمفسّرين والباحثين ـ بشرٌ مثلنا يستدلّ لهم ولا يستدلّ بهم.

ثانياً: قلتُ في جوابي السابق بأنّ الآية الكريمة متساوية النسبة إلى النظريات المطروحة في هذا الموضوع، فلا تقوم هذه الآية بتصحيح واحدة من هذه النظريات، لماذا؟ لأنّ الآية تثبت حاجة الخلق إلى الخالق، ومن المعلوم أنّ جميع النظريات التي طرحت هنا تُثبت أنّ المخلوقات بحاجة إلى خالقها، فهل القائلون بنظريّة الإمكان هنا يقولون بأنّ المخلوقات مستغنية عن الله؟! وهل المتكلّمون القائلون بنظريّة الحدوث الزماني يرون استغناء المخلوقات عن الله؟! أبداً، فالجميع متفق على أنّ المخلوقات بحاجة إلى الله، والآية تقرّر هذه الحاجة، فتتساوى الآية مع النظريات المختلفة.

حسناً، قد تقول لي ـ كما فهمتُ من سؤالكم ـ بأنّ الآية تُثبت الفقر المطلق، ولا توجد نظريّة فلسفية تثبت الفقر المطلق عدا نظريّة الفقر الوجودي، فلو أخذنا نظريّة حاجة المعلول إلى العلّة حدوثاً وعدم حاجته لها بقاء كما ذهب إليه بعض المتكلّمين وبعض الفلاسفة الغربييّن المحدثين، فإنّها تعني أنّ المعلول لم يعد في مرحلة البقاء بحاجة للعلّة، فلم يعد فقيراً إليها، مع أنّ الآية تثبت فقره لها، وبهذا نتأكّد من أنّ نظرية الفقر الوجودي هي النظرية الوحيدة التي تنسجم مع هذه الآية الكريمة.

هذا الكلام ممتاز لولا خطأ بسيط في تقديري في عمليّة فهم النص، وهذا الخطأ الذي سأشير إليه أتفق فيه مع جمهور المفسّرين والأصوليين واللغويين وعلماء الحديث في منهجهم في قراءة النصّ الديني اللغوي، ومركز الخطأ هو فهم الإطلاق من الآية، فهل الآية تفيد إطلاق الفقر أم تفيد مبدأ الفقر؟ إنّ الجواب عن هذا السؤال هو الذي يفتح على حلّ القضيّة. والجواب هو أنّ الآية ـ بحسب بنائها الدلالي ـ لا تفيد أكثر من أنّ المخلوقات بحاجةٍ لله سبحانه، أمّا ما هي مديات الحاجة ونوعيّة الحاجة وسرّ الحاجة فهذا ما لا تتعرّض له الآية الكريمة. لماذا؟ لعدّة عناصر سوف أبسّطها لتتضح الصورة:

أ ـ عندما نريد أن ندّعي وجود إطلاق في نصّ، فنحن بحاجة إلى معطيات تسمح بافتراض الإطلاق، وأهم المعطيات هو أن يكون المتكلّم بصدد بيان جميع حيثيات الموضوع في جميع حالاته، أمّا لو كان المتكلّم يتكلّم عن الموضوع من حيث المبدأ لا من حيث التفاصيل (أو لا يوجد دليل يثبت أنّه يتكلّم من حيث التفاصيل) فهنا لا أستطيع أن أتمسّك بالإطلاق، وهذا ما اتفق عليه الأصوليون المسلمون في تفسير النصوص الدينية أيضاًَ.

ب ـ في الجمل الخبرية الوصفية عندما أصف فإنّ صدق الجملة يكفي فيه أدنى مرتبة من صدق الوصف ما لم يكن المتكلّم في مقام البيان من حيث مساحة الوصف، فلو قلتُ: ركض زيد، فإنّه لا يمكن فهم الإطلاق من هذه الجملة بحيث أثبت أنّه ركض عشرين سنة متواصلة، بل غاية ما أثبت هو أنّه ركض، وأنّه تحقّق منه الركض بحيث يصحّ وصفه بأنّه ركض، والركض لمدّة خمسة أيام يصحّ معه أن نقول زيدٌ ركض، إذن فالنص أقصى مايفيد هو هذا، لكنّه لا يمنع أن يكون قد ركض عشرين يوماً. وعدم ممانعة النصّ شيء فيما دلالته على العشرين شيء آخر. وكذلك لو قلت بأنّ زيداً محتاج لأبيه، فهذا لا يعني الفقر الوجودي بين الطرفين، بل يعني أنّ هناك دائرةً ما تحقّق صدق عنوان حاجة الولد لوالده فيها، بحيث صحّح ذلك نسبة حاجة زيد لوالده.

ج ـ لو أخذنا هذه الآية الكريمة وتأملنا أطرافها لوجدنا أنّ الآية ليست في مقام بيان حدود الفقر، وإنّما هي في مقام بيان أصل الفقر، لماذا؟ لأنّ الآية لو رصدنا أطرافها إنّما هي بصدد المقارنة بين الخالق والمخلوق، فالمخلوق فقير للخالق فيما الخالق ليس فقيراً له (والله هو الغني الحميد)، فإذا ثبت أنّ المخلوقات بحاجة لله لكي توجد، فهذا يحقّق هذه المقابلة التي هي المنظورة للآية، فالآية تقول: أنتم محتاجون لله، والله غير محتاج لكم، وهنا حتى لو لم أعتقد بالفقر الوجودي ألا نقرّ جميعاً بأنّنا محتاجون لله في أكلنا وشربنا وعيشنا وأصل وجودنا؟ وهل إذا أنكرت نظرية الفقر الوجودي أكون قائلاً بعدم صدق عنوان حاجة المخلوق للخالق بحيث يمنعني ذلك عن قول: أنا محتاج إلى الله والله غير محتاج لي؟! ألا يعتقد المشاؤون وغيرهم بحاجتنا لله؟ وأليست نظريّاتهم تثبت حاجةً من طرف المخلوق للخالق وغنىً من طرف الخالق للمخلوق؟! هل الوحيد الذي يعتقد بحاجتنا هو الصدرائي؟ بالتأكيد لا.. نعم، الصدرائي أعطى الحاجة أعلى مدياتها، وهذا أيضاً ينسجم مع الآية، لكن حيث كانت الآية بصدد تقرير أصل الحاجة مقابل اللاحاجة في الله فهي لا تعطي إطلاقاً في الدلالة.. فهذا مثل قولك: أنا بحاجة لك وأنت لست بحاجة لي، فهل نفهم من اللغة والعرف إطلاق الحاجة؟ كلا، بل نفهم أنّ الأوّل محتاج بحاجةٍ ما للثاني ـ دون تعيين الحاجة ـ فيما الثاني مستغنٍ عنه، وبهذا يتقدّم الثاني على الأوّل.

وبناء عليه، فالآية القرآنية لا إطلاق فيها حتى تتطابق مع نظريّة الفقر الوجودي، وحيث إنّها تثبت مبدأ الحاجة وهو مبدأ تثبته كلّ النظريات المطروحة هنا تقريباً، لهذا قلتُ في جوابي السابق بأنّ الآية متساوية النسبة، نعم لو استطاع الصدرائي أن يثبت أنّ النظريّات الأخرى تنتهي إلى استغناء المعلول عن العلة مطلقاً بحيث لا يصدق معه أنّه محتاج أبداً للعلّة، فهنا يحقّ له أن يقول بأنّ سائر النظريّات تعارض الآية الكريمة؛ لأنّ الآية تثبت الفقر فيما النظريات تثبت غنى المخلوقات مطلقاً عن الخالق وعدم حاجتها إليه.

إرسال

you should login to send comment link

جديد الأسئلة والأجوبة
  • تأليف الكتب وإلقاء المحاضرات بين الكمّ والنوعيّة والجودة
  • مع حوادث قتل المحارم اليوم كيف نفسّر النصوص المفتخرة بقتل المسلمين الأوائل لأقربائهم؟!
  • استفهامات في مسألة عدم كون تقليد الأعلم مسألة تقليديّة
  • كيف يمكن أداء المتابعة في الصلوات الجهرية حفاظاً على حرمة الجماعات؟
  • هل يمكن للفتاة العقد على خطيبها دون إذن أهلها خوفاً من الحرام؟
  • كيف يتعامل من ينكر حجيّة الظنّ في الدين مع ظهورات الكتاب والسنّة؟!
  • هل دعاء رفع المصاحف على الرؤوس في ليلة القدر صحيحٌ وثابت أو لا؟
الأرشيف
أرسل السؤال
الاشتراك في الموقع

كافة الحقوق محفوظة لصاحب الموقع ولا يجوز الاستفادة من المحتويات إلا مع ذكر المصدر
جميع عدد الزيارات : 28758237       عدد زيارات اليوم : 17204