السؤال: في حال أنّ الزوج يقضي وقتاً في عمله ولا يقدر على إيصال أبنائه إلى المدرسة، ولا يقدر على أن يوصل زوجته للعمل، فمن المسؤول عن توفير السائق: الزوج أم الزوجة؟ ومن يدفع راتبه: الزوج أم الزوجة؟ وفي حال امتنع الزوج عن دفع راتب السائق وأجبر زوجته على دفع ذلك ـ وكذلك نفقة الخادمة وراتبها ـ بحجّة أنّ الزوجة غنيّة فما هو الحكم؟ (أنفاس).
الجواب: يجب على الزوج نفقة زوجته وعياله حتى لو كانت الزوجة غنيّة، ولا يجب عليها المشاركة في نفقة البيت ومستلزماته شرعاً، ولا يحقّ له إلزامها بإخراج شيء من مالها في هذا المجال. نعم لو كان الاستهلاك الذي تصرفه الزوجة ليس من شؤون النفقة ـ مثل أجرة السائق الذي يوصلها هي إلى عملها ـ فهنا لا يجب عليه دفع أجرة السائق، بل تكون هي المعنيّة بهذا الأمر، ما لم يكن عملها مندرجاً ضمن الحاجات الحياتية لها كما في بعض الحالات الخاصّة، فإنّ الفقهاء لا يرون أنّ عمل المرأة وكسبها المال لنفسها من شؤون نفقتها اللازمة على الزوج بالعنوان الأوّلي، وكذا كلّ مورد يكون فيه استهلاك الزوجة زائداً عن المقدار الطبيعي لمثيلاتها في النفقات على مستوى المأكل والملبس والمشرب والمسكن والحاجات الضرورية والعرفيّة الأخرى. أمّا الخادمة فإذا كانت الزوجة من مستوى اجتماعي يتطلّب هذا الأمر ويرجع عمل الخادمة إلى شؤون الزوجة ومستلزمات مثيلاتها العرفيّة فأجرتها على الزوج لا على الزوجة، وإلا فالزوج غير ملزم بذلك.
وأيضاً لو كان الأولاد أغنياء سقطت النفقة عن الوالد تجاههم بمقدار ما هو غناهم، فلو كان الولد الصغير يملك مالاً أمكن للأب إخراج أجرة السائق الذي يوصل الولد إلى المدرسة من مال الولد الصغير نفسه ما دام أنّ ذلك ليس فيه مفسدة للولد بل فيه الصلاح له بتعلّمه وتقدّمه في الحياة، ولا يجب الإنفاق عليه من ماله (الأب) الخاصّ.
نعم، في كلّ الموارد التي لا يقدر فيها الزوج أو الأب على النفقة في هذا المجال أو ذاك، ولم يقصّر في تحصيل المال والكسب، فلا يكلّف الله نفساً إلا وسعها، وهنا يحسُن بالزوجة أو الأولاد مساعدته في النهوض بأعباء العيش، وبدل أن يلزمهم بشيء ليسوا ملزمين به ممّا لا يحقّ له فيه إلزامهم، من الجدير بهم الوقوف معه في لحظات الشدّة الماليّة، فإنّ الحياة الزوجيّة لا تنهض بالقوانين الصارمة الحقوقيّة الفقهيّة فقط، بل تحتاج أيضاً إلى محبّة وتعاون وتفاهم ولين من الأطراف جميعاً. كما أنّ الزوج الذي يمنح زوجته الحبّ والرعاية والحنان والاحترام والاهتمام عن صدقٍ وإخلاص قد يتمكّن في كثير من الأحيان من أخذ أكثر مما يحتاج من المال منها مع رضاها وطيب نفسها.