• الرئيسية
  • السيرة الذاتية
  • الكتب والمؤلفات
  • المحاضرات والدروس
  • المقالات
  • الحوارات واللقاءات
  • المرئيات
  • الأسئلة والأجوبة
  • لغات اُخرى
  • تطبيق مؤلفات حب الله
  • آراء
الموقع الرسمي لحيدر حب الله
الاجتماعية والأخلاقية التاريخ والسيرة الفقهية والشرعية الفكرية والثقافية الفلسفية والكلامية القرآنية والحديثية
# العنوان تاريخ النشر التعليقات الزائرين
91 موقف من عقائديّة وفاة الزهراء، ومن الدعوة إلى عطلة رسميّة بهذه المناسبة؟ 2014-05-12 0 2771

موقف من عقائديّة وفاة الزهراء، ومن الدعوة إلى عطلة رسميّة بهذه المناسبة؟

السؤال: يقول بعض العلماء بأنّ قصّة سليمان وموته التي خلّدها الله في القرآن الكريم، ليس فيها بُعد عقدي، بينما قصّة شهادة السيدة الزهراء فيها بُعد عقديّ، وهو نيل المعصوم لمقام الشهادة، كما يرى أنّ ما فعلته الزهراء عليها السلام لأجل عليّ وقضيّته يعني أنّ الدفاع عن الإمامة ضرورة من ضروريّات الدين، كما يدعو هذا العالم لإعلان يوم وفاة السيدة الزهراء يوم عطلة، تتعطّل فيه الأعمال لإقامة المراسم العزائيّة، والسبب هو أنّ حادثة عاشوراء التي نعطّل اليوم في ذكراها كان سببها حادثة الباب وما وقع من الظلم على السيدة فاطمة عليها السلام، ويحاول أن يستفيد لذلك من علم الاجتماع، فما هو تعليقكم على ذلك؟ (أحمد).

 
الجواب: لا شك في مظلوميّة سيدتنا الزهراء سلام الله عليها وبركاته وفي سموّ مقامها وعلوّ درجاتها عند ربّها، ولا ريب في ضرورة تذكير الناس بما جرى على أهل البيت صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، وربطهم بقضاياهم بما ينفع المسلمين ويرفع من حالاتهم المعنوية ومسلكيّاتهم إن شاء الله. وكلّ مناسبة للتذكير بمصابهم وما جرى عليهم وكلّ خطوة في هذا السياق فهي أمر جيّد وحسن ما دامت تقع في خطّ المبادئ العقائدية والقيم الأخلاقيّة والشرعيّة؛ فإنّ التذكير بأمرهم صلوات الله عليهم فيه أيضاً إحياء حقائق التاريخ التي يراد اليوم من قبل بعض الناس ـ لاسيما بعض التيارات السلفيّة ـ طمسها وسدّ باب الحوار فيها والنقاش، وتجريم البحث في التاريخ.

لكن لديّ بعض التعليقات على الكلام أعلاه، أبرزها ـ مع تقديري واحترامي الكاملين للعالِم الجليل الذي أشرتم إليه ـ ما يلي:

أولاً: إنّ الكلام أعلاه يقول بأنّ قصّة سليمان وموته ليس فيها أيّ بُعد عقدي، بينما قصّة الباب فيها بُعدٌ عقدي، وهو أن نيل المعصوم الشهادة هو مقام مثل مقام العصمة. وهي أوّل مرّة أواجه فيها فكرةً من هذا النوع، تقول بأنّ نيل المعصوم الشهادة مقامٌ عقائدي. إنّ ما نحتاج إلى معرفته هنا هو تحديد أين تكمن العقائديّة فيه؟ وكيف؟ نعم، هو مقام شامخ للمعصوم، كما هو مقام شامخ لغير المعصوم، ولذلك نحن ندعو الله أن يرزقنا الشهادة في سبيله، لكنّ كونه مقاماً شامخاً مسألةٌ تختلف عن كونه مقاماً عقائديّاً؛ لأنّ القضيّة تدخل حينئذٍ في الاعتقاد، ولماذا لا تكون صلاة المعصوم مقاماً عقائدياً أيضاً؟ وكذلك صومه، وخلواته بالليل مع ربّه، وكذلك جهاده؟ إنّ هذا معناه دخول هذا كلّه في النسق العقائدي ـ بصرف النظر عن العصمة ـ ولا أدري ما الآثار التي ستترتّب بعد هذا على جعلها عقائدية؟ وهل كلّ حقيقة واقعة في حياة المعصوم يمكن أن نعتبرها مسألة عقائديّة؟ ولماذا لا يكون نيل المعصوم للموت مقاماً عقائديّاً أيضاً يخرج فيه من عالمٍ إلى عالم، فتكون قصّة سليمان أيضاً مسألةً عقائديّة؟! لاسيما وأنّ موته يقابل بقاءه حيّاً إلى يوم القيامة، فيكون حاله حال الإمام الحجّة سلام الله عليه، وهذا مما قد يُتصوّر فيه البُعد العقائديّ، وأنّه قد يخرج معه في آخر الزمان. وما معنى المقام العقائدي في قضيّة الشهادة بحيث تصبح كالعصمة؟ وما هو الدليل على ذلك؟ وأين آثار هذا الاعتقاد في الدين والعلوم الشرعيّة؟ طبعاً ظاهر الكلام أنّ هذا المقام عقائديٌّ بالنسبة لنفس المعصوم، بصرف النظر عن تحديد من هو الذي قتل هذا المعصوم، ومن هنا أقترح أن يقدّم هذا العالم الجليل حفظه الله بحثاً علميّاً في تشريح مصطلح المقام العقائدي؟ وما هو معياره؟ وكيف نثبته؟ وما الفرق بينه وبين المقام غير العقائدي؟ فلعلّنا نستفيد إن شاء الله من ما سيُطرح ونجعله على بساط التداول والحوار العلمي الهادئ؛ لأنه من الطبيعي أنّه قد لا يقدر على بيان أدلّته من خلال كلام مختصر بهذه المناسبة، فلا ينبغي أن نحمّله ما لا يتحمّل، فنظلمه ونظلم أنفسنا بظلمنا له.

ثانياً: هل إنّ فعل فاطمة سلام الله عليها يساوي كون الدفاع عن الإمامة ضرورة من ضروريّات المذهب؟ إنّني أعتقد أنّ الدفاع عن الإمامة ضرورة قطعيّة حاسمة من ضروريّات المذهب الفقهيّة، لا نقاش في هذا الأمر وفق أصول الإماميّة، لكنّني أتوقّف هنا في طبيعة الاستدلال الذي استخدمه هذا العالم الجليل لإثبات هذه المسألة، فلا أدري كيف تمّ استنتاج مثل هذا الكلام؟ فهل فعل المعصوم يدلّ على كون ما فعله ضرورة من ضروريات الدين أو المذهب أم يدلّ على أنّه كان يجب عليه الدفاع، وأنّ مقام الإمامة مقامٌ عظيم ترخص دونه النفوس، وأنّ الظروف الزمنيّة كانت تقتضي ذلك منها، وأين هذا من مفهوم الضرورة المذهبيّة؟! فهناك فرق بين أن نقول بأنّ فعلها يدلّ على وجوب الدفاع عن الإمامة وهذا نؤمن به ونراه جيّداً، وبين أن نقول بأنّ فعلها ضرورة من ضروريّات المذهب أو الدين؛ والسبب في أنّه ضرورة هو أنّه صدر منها، فالمفهومان مختلفان تماماً من الناحية الاجتهاديّة، وأعتقد بأنّ العلامة الجليل صاحب الكلام أعلاه يعرف أكثر منّي أنّ الاحتجاج بفعل المعصوم على مسألةٍ ما لا يعطي مثل هذه الاستنتاجات؛ لأنّ فعل المعصوم دليلٌ صامتٌ لا إطلاق فيه، كما قرّر ذلك علماء أصول الفقه الموقّرون.

ثالثاً: إنّ الاستنتاج الأخير الذي خرج به الكلام أعلاه يعني أنّه من المطلوب منّا أن نفعل ما نفعله في عاشوراء في ذكرى وفاة السيدة الزهراء أيضاً؛ لأنّه الأصل الذي انبثقت منه عاشوراء. بالنسبة لي أرى أنّ ثقافة أهل البيت سلام الله عليهم تقضي ـ من خلال مراجعة نصوصهم ـ بتمييز ذكرى شهادة الإمام الحسين سلام الله عليه عن سائر المناسبات الحزينة، بما فيها ذكرى وفاة الرسول الأكرم صلوات الله عليه وعلى آله، وهذا ما أفهمه من مجمل نصوصهم ـ عدداً ونوعاً ـ في أنّهم كانوا يريدون لذكرى الإمام الحسين أن تكون متميّزةً، مع الاحتفاظ لسائر المناسبات بحقّها الطبيعي، ولهذا أعارض ـ بحسب فهمي القاصر ـ جعل أيّ ذكرى حزينة أخرى مثل ذكرى الحسين صلوات الله عليه، فإنّ هذا يخالف روح النصوص الكثيرة التي استحضرت قضيّة الحسين دون أن تستحضر غيرها بالطريقة عينها، بما يُفهم منه أنّه يراد لقضيّة الحسين أن تكون لها خصوصيتها، ومن الضروري أن نحفظ لها خصوصيّتها. وعلى أيّة حال، فإذا صحّ استنتاج العلامة ـ صاحب الكلام أعلاه ـ بهذه الطريقة فلماذا لم يأمر بذلك أهل البيت في أحاديثهم وأن نُحيي هذه الذكرى بعنوانها كما نحي ذكرى الحسين وبنفس القوّة والدرجة، كما أمروا بذلك في عشرات النصوص في قضيّة عاشوراء؟ ولماذا اكتفوا بالعمومات في قضيّة إحياء مصائبهم سلام الله تعالى عليهم؟ وهل قصّر أهل البيت والعياذ بالله ولم يتحدّثوا عن مثل هذا الأمر؟ بل كم هو عدد الروايات في مثل إحياء هذه الحادثة بعنوانها الخاصّ، بصرف النظر عن الروايات في نفس الحادثة ووقوعها التاريخي، حتى نقارنها بذكرى عاشوراء الحسين أهمّ مناسبات الحزن عند أهل البيت عليهم السلام والتي وردت في الحث على إحيائها عشرات النصوص إن لم نقل مئات الأحاديث؟

ومقتضى الكلام الوارد أعلاه للعالم الجليل، أنه يجب علينا أن نمارس ما نمارسه في عاشوارء من تعطيل الأسواق في مناسبات كثيرة جداً؛ لأنّها سبّبت حادثة عاشوراء، مثل: ذكرى حرب النهروان، وحرب صفين، وحرب الجمل؛ لأنّها أسّست لعدم الانصياع لأهل البيت وللتمرّد عليهم ومواجهتهم، وكذلك لذكرى شهادة الإمام الحسن عليه السلام، وشهادة الإمام علي، وذكرى السقيفة، وذكرى غصب فدك، وذكرى جرّ عليّ عليه السلام للمبايعة قهراً، وذكرى إعلان معاوية الأمرَ بسبّ علي عليه السلام من على المنابر، وعشرات من المناسبات التي تستدعي أن نعطّل حياتنا الماليّة والمعيشيّة والتنمويّة والعلميّة، فقط لكي نثبت أنّنا نحزن عليهم. ألا يمكن الجمع بين الحزن والعمل للعيش والتعلّم للتقدّم؟ إنّ هذا النمط الذي يؤسّس له بعضنا اليوم سيُدخل المجتمع الشيعي في سبات لا شك عندي في ذلك. إنّ هذا التضخّم الطقوسي والشعائري دالّ (بحسب علم الاجتماع أيضاً!) على أنّ المجتمع لم يعد يريد التقدّم، بقدر ما يريد التقوقع حول التاريخ. إنّنا ندعو إلى إحياء شامل لتاريخ الإسلام والإمامة، شرط أن لا يعطّل حياة الناس، ليس لأنّ حياة الناس أهم منه والعياذ بالله، بل لأنّ إحياء مناسباتهم وُضِعَ لتقديم حياة الإنسان في الدنيا والآخرة، فإنّه يدفع الشيعة لكي يتقدّموا في مجتمعاتهم اقتصادياً وثقافيّاً وفكريّاً وعلميّاً وجامعيّاً وسياسيّاً واجتماعيّاً ودينيّاً، بدل أن نفتح مجال العطل ونؤسّس لثقافة التعطيلات الكثيرة التي حاربها غير واحدٍ من علمائنا.

وأخيراً، كنت أتمنّى أن يركّز المستنيرون من علمائنا الكرام على كيفية الاستفادة من هذه المناسبة (وفاة السيدة الزهراء عليها السلام) للنهوض بالشيعة والمسلمين، ودفعهم نحو الأمام، ونشر الوعي فيهم، فنطرح في هذه المناسبات الحديث عن دور المرأة، وعن عملها الاجتماعي والسياسي من خلال الأنموذج القدوة الزهراء صلوات الله عليها، ونتحدّث عن وظائفنا اليوم ووظائف المرأة أمام الظلم السياسي والاقتصادي الذي يمارس ضدّ الشعوب المؤمنة والمستضعفة، وعن كيفية النهوض بالشيعة في مجتمعاتهم حيث يشكّلون أقليّات مظلومة، وكيف يجب أن تكون علاقاتهم بالمحيط، وما هي الخطط والبرامج لهذا الأمر، وما هو موقفنا وعملنا أمام قضايا تعليم المرأة وحقوقها وعملها وعلاقاتها الاجتماعيّة، ومسألة أهميّة الأسرة وكيفية الجمع بينها وبين العمل الاجتماعي والسياسي، وقضايا الحجاب والعفّة، والأزمة الأخلاقيّة والتربويّة في مجتمعاتنا العربية والإسلاميّة.. أعتقد أنّ مثل هذه الموضوعات ـ وغيرها كثير ممّا تفتقده الكثير من منابرنا وليس كلّها والحمد لله ـ هي التي ينبغي أيضاً أن نخاطب الناس بها لرفع مستويات حضورهم مستعينين بقيم الدين نفسه وتاريخه ورجالاته العظماء، في عصر تتمدّد فيه العقليّة السلفيّة، وتجتاح العالم، وتسيطر على الشباب المسلم، ونحن رغم كلّ ما لدينا من علم وفكر وعراقة وتجربة سياسيّة واجتماعية لا تقارَن، ما زلنا نصرّ على أن نختار أن نفهم الزهراء بحصرها بهذا الجانب الذي يتحدّث عنه اليوم، وهو الجانب الطقوسي والعقدي، بدل أن نضيف إليه ـ ولا نحذفه إطلاقاً ـ الجوانب الاجتماعيّة والسياسيّة والعمليّة لتهتدي النسوة اليوم بها سلام الله عليها، وتعرفن دورهنّ السياسي والاجتماعي تاريخيّاً.

 

إرسال

you should login to send comment link

جديد الأسئلة والأجوبة
  • تأليف الكتب وإلقاء المحاضرات بين الكمّ والنوعيّة والجودة
  • مع حوادث قتل المحارم اليوم كيف نفسّر النصوص المفتخرة بقتل المسلمين الأوائل لأقربائهم؟!
  • استفهامات في مسألة عدم كون تقليد الأعلم مسألة تقليديّة
  • كيف يمكن أداء المتابعة في الصلوات الجهرية حفاظاً على حرمة الجماعات؟
  • هل يمكن للفتاة العقد على خطيبها دون إذن أهلها خوفاً من الحرام؟
  • كيف يتعامل من ينكر حجيّة الظنّ في الدين مع ظهورات الكتاب والسنّة؟!
  • هل دعاء رفع المصاحف على الرؤوس في ليلة القدر صحيحٌ وثابت أو لا؟
الأرشيف
أرسل السؤال
الاشتراك في الموقع

كافة الحقوق محفوظة لصاحب الموقع ولا يجوز الاستفادة من المحتويات إلا مع ذكر المصدر
جميع عدد الزيارات : 36689651       عدد زيارات اليوم : 13551