السؤال: يقوم الناس ببعض الأعمال عند شراء منزل جديد والانتقال إليه، فهل من مستحبّات في هذا الموضوع؟ (أبو أحمد، من سلطنة عمان).
الجواب: لا شكّ أنّ شراء منزل جديد والانتقال إليه أو بناء منزل جديد من موجبات شكر الله تبارك وتعالى، والتوجّه إليه بالحمد والثناء، فالإنسان المؤمن يذكر الله تعالى عند كلّ نعمةٍ جديدة تنزل به، وهذا الشكر كما يمكن أن يكون عبر اللفظ اللساني كذلك يمكن أن يكون عبر العمل، بمساعدة الآخرين وإعانتهم والتصدّق على الفقراء والمساكين وإطعامهم، بوصف ذلك تعبيراً عن الشكر لله تعالى فيما رزقه، وهذا المقدار من الأمور الواضحة في الشريعة الإسلاميّة، إلا أنّه لم أعثر على شيء بخصوصه يتصل بأعمال خاصّة بشراء المنزل أو الانتقال إليه، سوى ما أشار إليه بعض الفقهاء من إقامة الوليمة، وهو ما يطلق عليه في بعض النصوص والكلمات (الوكار) و (الوكيرة) و (التوكير)، إلا أنّ إثبات الاستحباب الخاصّ هنا في هذا الموضوع مشكلٌ إلا بناء على قاعدة التسامح في أدلّة السنن والتي لم تثبت؛ لأنّ الروايات الواردة في هذا الأمر لم يثبت صدورها، ففي خبر السكوني مثلاً والوارد في كافي الشيخ الكليني، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: (الوليمة في أربع: العرس والخرس، وهو المولود يعقّ عنه ويطعم، والإعذار وهو ختان الغلام، والإياب وهو الرجل يدعو إخوانه إذا آب من غيبته، وفي رواية أخرى أو توكير وهو بناء الدار وغيره). ولكنّ هذا الخبر لا يصحّ؛ لأنّ الرواية الأخرى التي يتحدّث عنها الشيخ الكليني أنّ فيها الوليمة عند التوكير لم يظهر سندها؛ إذ يحتمل أنّها بنفس سند الأولى، كما يحتمل أنّها بسند آخر لم يجرِ توضيحه، علماً أنّه لم تثبت على التحقيق وثاقة النوفلي.
وفي خبر آخر نقله الشيخ الصدوق في الخصال وغيره بسنده إلى أنس بن محمد أبو مالك، عن أبيه، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جدّه، عن علي بن أبي طالب عليهم السلام، عن النبي صلى الله عليه وآله، أنه قال في وصيته له: (يا علي، لا وليمة إلا في خمس: في عرس أو خرس أو عذار أو وكار أو ركاز). ولكنّ هذا الخبر ضعيف السند أيضاً بأنس بن محمد فهو رجل مجهول للغاية.
وفي خبر ثالث نقله الشيخ الصدوق في كتاب معاني الأخبار، بسنده إلى أبي عبد الله الرازي، عن سجّادة، عن موسى بن بكر، قال: قال أبو الحسن الأول عليه السلام: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: (لا وليمة إلا في خمس: في عرس، أو عذار، أو وكار، أو ركاز)، ولكنّه أيضاً خبر ضعيف السند بكلّ من سجّادة وموسى بن بكر، حيث لم تثبت وثاقتهما.
وبناءً على ذلك، فأيّ عمل من أعمال الخير يقوم به الإنسان عند الانتقال إلى منزل جديد كعقد لقاء لقراءة القرآن الكريم أو مجلس عزاء حسيني أو غير ذلك، ينبغي أن ينوي استحبابه المطلق الشامل لهذه الحال، على تقدير ثبوت استحبابه كذلك، ولا يصحّ منه نيّة استحبابه الخاصّ بحالة شراء المنزل الجديد بعنوانه.