السؤال: أنا في حيرةٍ، وأرجوا أن أجد عندكم الحلّ، وجزاكم الله خيراً. أنا مقيم في أوروبا، اشتريت بيت من بنك ربوي دفعت الأقساط لمدّة ثلاث سنوات، ثم انقطعت عن السداد بسبب انقطاعي عن العمل، فأخرجوني وأخذوا البيت ليبيعوه، مع العلم أنّ البيت ملكٌ للبنك، وكذلك الأقساط التي دفعتها. فضيلة الشيخ، أريد أن أعلم أنّه عندما يبيعون البيت بأقلّ من سعره، ولا يكفي قيمة القرض بسبب الأزمة الاقتصاديّة، مع العلم أنه انخفض سعر البيوت بشكل كبير، ومع العلم أنّ البنك هو الذي يتحكّم في البيع والسعر، ولا يتفاوضون مع أحد، هل عليّ دين أم لا؟ والحمد لله أني تبت، وأريد الحجّ إن شاء لله. والخلاصة: عندما يبيعون البيت بأقلّ من سعره، ولا يكفي لسداد القرض، مع العلم أنّ البنك يبيع البيت في المزاد بسعر منخفض، والبنك هو الذي يتحكّم بالبيع وبالسعر، هل يبقى عليّ دين أم لا؟ (lotfi).
الجواب: تختلف المسألة هنا بحسب الرأي الفقهي، ومن الضروري لك أن تحدّد المرجعيّة الدينية التي تختار رأيها الفقهي، فإنّه توجد حالات، نذكر أهمّها:
الحالة الأولى: أن يكون البنك الذي تتعامل معه بنكاً غير إسلامي ولا يملكه مسلمون، ونحكم بعدم احترام مال غير المسلم إذا لم يكن ذميّاً ولا معاهداً، ونعتبر أنّ بلدان أوروبا يجري عليها هذا الأمر اليوم، ففي هذه الحال ليس عليك دينٌ من الأوّل، وإنّما كان يجب عليك تسديد الدين من باب الضرورة، حتى لا يلحقك ضرر من قبل الآخرين مثلاً. نعم يذهب بعض الفقهاء هنا إلى أنّ المال الذي أخذته من البنك في البداية كان يجب عليك أخذ إذن الحاكم الشرعي للتصرّف فيه، وإلا يكون تصرّفك فيه غير شرعي، لاسيما إذا كان بنكاً حكوميّاً غير أهلي.
الحالة الثانية: أن يكون البنك لمسلمين أو يكون لغيرهم مع القول بأنّ أموال مثل هؤلفاء الكفار محترمة، كما يذهب إلى ذلك بعض الفقهاء المعاصرين، وهو الصحيح، فهنا إذا ضممنا المبلغ الذي دفعته على شكل أقساط إلى المقدار المالي الذي حصل عليه البنك من بيعه للبيت، وكان المجموع مساوياً لأصل الدين الذي أخذته من البنك دون حساب الفائدة البنكيّة التي ستزيد، ففي هذه الحال يحكم بأنّك قد أدّيت الدين الذي عليك ولا شيء عليك أساساً؛ لأنّ المبلغ الزائد الربوي لم يكن يجب عليك دفعه أساساً إلا من باب الاضطرار، والمفروض أنّك ـ بعد أن باع البنك البيت ـ لم تعد مضطراً لإعطائه مبلغاً إضافيّاً.
الحالة الثالثة: وهي نفس الحالة الثانية، لكن لا يكون مبلغ الأقساط مع ثمن البيت الذي حصل عليه البنك بعد البيع، مساوياً لأصل الدين، ففي هذه الحال ننظر إلى القيمة السوقية للبيت لا إلى المقدار الذي باع البنك فيه البيت، فإذا كانت القيمة السوقية للبيت أعلى من المبلغ الذي باع البنك به البيت، وكانت تساوي ـ مع الأقساط المدفوعة سابقاً ـ مقدار أصل الدين، فتكون ذمّتك بريئة، ما لم يكن شرط العقد مع البنك قد أخذ فيه النتيجة النقديّة التي سيحصل عليها البنك من البيع. وأمّا إذا لم تساو أصل الدين؛ فإذا كان هناك بند في الاتفاق الذي وقع بين البنك وبينك، على أنّه يسقط البنك مقدار الدين المتبقي إذا أخذ البيت المرهون له، فيسقط عنك الدين أيضاً، وإلا فتتعلّق بذمّتك بقيّة المال ما لم يبرئك البنك منه.