السؤال: ما هو حكم الكافر غير الكتابي؟ هل هو نجس أم طاهر؟ وإذا كان نجساً فما هو رأي السيد الخامنئي؟ وإذا كان رأيه نجاسة الكافر، فهل رأيه فيه تبعيض، أعني هل أستطيع تقليد غيره في هذه المسألة؟
الجواب: يذهب مشهور فقهاء الإماميّة ـ على العكس تماماً من مشهور فقهاء غيرهم ـ إلى القول بنجاسة الكافر غير الكتابي مثل البوذيّين والملحدين وغيرهم، وبعضهم كأنّ لديه تريّثاً وتوقّفاً في ثبوت النجاسة فاحتاط فيه وجوباً ـ ولم يُفتِ ـ مثل السيد محمد باقر الصدر والسيد محمد سعيد الحكيم والشيخ حسين علي المنتظري والسيد كاظم الحائري والسيد محمود الهاشمي. بل يرى الشيخ المنتظري أنّ مسألة نجاسة الكافر مسألة سياسيّة وليست تعبّدية بالمعنى المعروف اليوم، والهدف منها رسم معالم تمايز ومفاصلة بين المسلمين والكافرين. وقد فصّل الشيخ يوسف الصانعي بين الكافر القاصر والمقصّر فحكم بنجاسة المقصّر وأفتى بطهارة القاصر. كما أفتى بطهارة الكفّار جميعاً ومطلقاً (نظريّة طهارة الإنسان) غير واحد من العلماء المتأخّرين مثل السيد محمد حسين فضل الله، والسيد محمد جواد الغروي الإصفهاني، والشيخ الصادقي الطهراني رحمهم الله، وينقل الشيخ نعمة الله صالحي نجف آبادي عن الميرزا هاشم الآملي قوله بطهارة كلّ البشر. ومن الأحياء الذين يقولون بالطهارة المرجع الشيخ محمد إبراهيم الجنّاتي، والسيد محمّد محسن الحسيني الطهراني، والشيخ أحمد عابديني، والسيد أبو الحسن نوّاب، والمرجع الشيخ ناصر مكارم الشيرازي بحسب ما يظهر من تعليقته على العروة الوثقى، وإن كان ظاهر كلامه في توضيح المسائل هو الاحتياط الوجوبي، لكنّ فتواه بالطهارة قد اشتهرت، وتعليقته على العروة متأخّرة زمناً على رسالة توضيح المسائل، فإذا ثبتت فتواه بالطهارة فيمكن الرجوع إليه لو كان مرجع تقليدك يرى المسألة احتياطيّةً، وكنت تعتقد بكون الشيخ مكارم أو الشيخ الجناتي مثلاً هو الأعلم بعد مرجعك بناءً على نظرية تقليد الأعلم، لكن لم يظهر لي أنّ السيد علي الخامنئي حفظه الله يبني المسألة في غير الكتابي على الاحتياط، ولعلّ له رأياً متأخّراً يرى فيه ذلك، فيستحسن مراجعة مكتبه الفقهي في هذا المجال، والله العالم.
ولابدّ لي أن أشير إلى أنّ مسألة طهارة الكتابي ومسألة طهارة الإنسان، تعدّان من المسائل الفقهيّة التي تعطي الإنسان درساً عمليّاً في عدم مواجهة أيّ فكرة مخالفة للمشهور أو الإجماع بطريقة الرفض السريع أو بطريقة الانكماش النفسي، وهي تكشف عن أنّ الأفكار التي تخالف المشهور أو الإجماع يمكن أن تصبح هي المشهور، فيما يغدو غيرها رأياً شاذّاً في يوم من الأيّام، كما غدا الحال مع مسألة طهارة الكتابي اليوم، وهذه هي حقيقة البحوث العلميّة التي قد تقبل التطوّر والتجديد والتبدّل في وجهات النظر، تماماً كما هي الحال في العلوم الطبيعية والإنسانيّة التي نجد فيها الكثير من التعديل كلّ يوم، وتصحيح الأفكار وتطويرها، دون أن يؤدّي ذلك إلى فقدان الثقة بها، فعلينا احترام هذا الأمر، فقبل سبعين سنة تكاد لا تجد أحداً يفتي بالطهارة، أمّا اليوم فقد تحوّل القول بالطهارة ـ لاسيما في أهل الكتاب ـ إلى وجهة نظر حاضرة أو معتمدة يصعب المرور عليها بسهولة. ولعلّ للسيد محمّد باقر الصدر في مسألة طهارة الإنسان، وللسيد محسن الحكيم في مسألة طهارة الكتابي أكبر الأثر في بدايات هذا التحوّل في هذه القضيّة الحسّاسة. ولعلّ كتابة رسالة ماجستير أو أطروحة دكتوراه في مجال رصد النظريّات والآراء الفقهية والأصوليّة التي تحوّلت من مشهور إلى مشهور معاكس، يمكن أن تنفع الكثيرين في هذا المجال، وتكشف عن واقع وتجربة اجتهاديّة جميلة على بعض الصعد.
رائع!!!!!!!!!!!!
ما هو الحكم في الدروز؟ هل نعتبرهم من أهل الكتاب؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الشيخ حيدر حب الله – المحترم
سلام بحراني ورحمة من الله وبركات كثيرة وبعد :
– تعليقكم محترم ومفصل وجميل من حيث مضمون الجواب الشرعي عن السؤال الذي يتعلق بطهارة الإنسان – مهما كان نوع دينه – ، واستفدت كثيرا و نشكركم على ذلك … وأحببنا في هذا المجال أن نضيف إسم مرجع ديني إيراني يرى طهارة الإنسان مهما كان نوع دينه ، وأن الآية القرآنية رقم – 28 – من سورة التوبة ( إنمّا المشركون نَجَس ) ، مقصودها النجاسة الفكرية الروحية المعنوية ، لا النجاسة المادية كما هو المشهور عند مراجعنا الشيعة العظام ( وكل على حسب تفصيله ) ، وإسم المرجع الديني الإيراني هو : آية الله العظمى السيد رضا الحسيني النسب – حفظه الله – .
والسلام البحراني مع التحيات الكثيرة .
موقع المرجع الديني السيد رضا الحسيني النسب – حفظه الله – .
http://www.hoseini.org/arabip.htm
السلام عليكم مع شدة احترامي لكم شيخ حيدر لكن جل الأسماء التي ذكرتموها هنا بأنها ترى طهارة الكافر غير الكتابي هم غير مشهود لهم بالفقاهة أو في مرتبة ضعيفة منها لا يصلح حشرهم مع أمثال الفقهاء الكبار. ولربما ثبت تساهل بعض هؤلاء في أمر الدين وكونهم مظلة للعلمانيين في إيران. فلا ينبغي حشر غير العالم مع العالم فإن هذا يشجع الجهال على تسلق مدارج الشهرة ويجعل الفقاهة ألعوبة يسهل تناولها. فالحري هو التحري وترك ذكرهم فإن ترك ذلك أثبت لمسالك للعلم وأحفظ لحوزة الدين.
وأما أن المشهور قد يتغير مع الزمن فهذا مما لا إشكال فيه وقد ضربتم خير مثال وهو طهارة الكتابي ولكن هذا ليس لأن الفقه يتطور كما يوهمه كلامكم فإن حلال محمد حلال إلى يوم القيامة ولا يتبدل ولا يتغير، وإنما تنكشف أدلة جديدة لدى الفقهاء أو يتبين خطأ الدليل السابق، وليس هذا تطورا بل هذا هو الإجتهاد بعينه.
ولربما كنت تقصد ما أقصد ولكن الإنفتاحيين لا يفهمون إلا ما ناقشتك على أساسه ويتخذون أمثال مصطلح التطور ذريعة لأفكارهم المتأثرة بعوامل من خارج صلب الدين فيبحثوا عن مخارج “دينوية” لها. ولا بسعدني أن يكون المخلصون معبرا لغيرهم ومدرجا للوصول إلى البدع والآراء الضعيفة فإن من الناس من لا يسعه ترك الدين ولا يسعه اتباعه فلا ريب يستمسك بعروة الحداثة ويمتطي صهوة التطور والله المستعان ولو سكت الجاهل ما اختلف الناس.
مع خالص الحب والإحترام.
السلام عليكم…..
اشكركم على طرحكم الموضوعي؛ والمتزن في تبيان طهارة الإنسان سواء كتابيا أو غير كتابي؛ ليعطي الدين اتساعه؛ من خلال تعدد وجهات النظر في المسألة الواحدة؛ وهذا أن دل على قوة حركة الاجتهاد في المذهب…….