• الرئيسية
  • السيرة الذاتية
  • الكتب والمؤلفات
  • المحاضرات والدروس
  • المقالات
  • الحوارات واللقاءات
  • المرئيات
  • الأسئلة والأجوبة
  • لغات اُخرى
  • تطبيق مؤلفات حب الله
  • آراء
الموقع الرسمي لحيدر حب الله
الاجتماعية والأخلاقية التاريخ والسيرة الفقهية والشرعية الفكرية والثقافية الفلسفية والكلامية القرآنية والحديثية
# العنوان تاريخ النشر التعليقات الزائرين
51 مدى قوّة عهد الأشتر قياساً بحقوق الإنسان اليوم 2014-05-12 0 2671

مدى قوّة عهد الأشتر قياساً بحقوق الإنسان اليوم

السؤال: ما مدى قوّة عهد الإمام عليّ عليه السلام إلى مالك الأشتر إذا قسناه بمقاييس العصر الحديث من حقوق الإنسان وغيره؟ (أحمد).

الجواب: لا أحبّذ هذا المدخل في تقييم تراثنا الحقوقي، فليس تراثنا يعرض على الأفكار الغربية الجديدة فما وافقها فهو حقّ وما خالفها فهو الباطل المحض! فلكلّ فكر مدرسته الحقوقيّة، وعلينا أن لا نعيش أيّ عقدة من فكرنا في الوقت عينه الذي نمارس فيه نقد هذا الفكر نفسه، لكن لا من موقف العقدة والعرض على فكر الآخرين، بل من موقع الوعي القائم على دليل، ويمكن أن يكون الفكر الآخر معيناً لنا لاكتشاف خطأ تفكيرنا لكنّه ليس معياراً ما لم تثبته المبرّرات الموضوعيّة، وإنّني أهيب بكلّ مثقفينا أن يتحرّروا ـ لو كانوا صادقين ـ من العبوديّة للآخر والخوف منه وعقدة الحقارة تجاهه كي يتمكّنوا من النهوض بأممهم بشكلٍ حقيقي وفاعل. إنّك لتجد بعض مثقفينا عندما يحدّثك عن مفكّر غربي يكاد يذوب في توصيفه، وكأنّ ذاك المفكّر قد فكّ عقدة العقد، وعندما تذهب لتقرأ لذلك المفكّر لا تجد عشر معشار تلك الصورة التهويلية التي قدّمت عنه، وهذا بالضبط ما نجده مع التراثيين في تعاملهم مع الموروث. ويخيّل لي أنّنا كتلة هائلة من العقد قبل أن نكون طاقة هائلة من التفكير الجادّ والمنتج والإيجابي، فكم من فكرة لو قلتها اليوم بلغة التراث لاستسخفوها ولو قلتها بعينها بلغة الغرب لأعظموا من شأنها، وليس ذلك إلا نتيجة فقدان الشخصيّة هنا وهناك. فتصبح الحضارة الإسلامية مجموعة من قصص الموت فيما تصبح مجازر الغرب سعياً لنشر الإنسانيّة!! ولو صوّرت له الغرب هو الإسلام ثم وصفت فعله لاعترض عليه بظنّ أنّه يعترض على الإسلام، فلو قلت بأنّ في القرآن تميّزاً خفّفوا من جذوته، ولو قلت بأنّ الغرب استفاد من العرب اعتبروا ذلك أمراً سخيفاً. إنّهم يحطّمون كلّ امتياز لنا ويعظّمون ويهوّلون بلغة إعلاميّة ـ وليس ثقافية وعلميّة ـ كلّ ما يأتي من الآخر. أقول: فلنتق الله جميعاً في بناء شخصياتنا، وكفانا جلداً لذواتنا وتحطيماً لتاريخنا وأعمالنا.
إنّني أتابع أحد البرامج الثقافية الرمضانيّة الجميلة جدّاً والتي تحاول أن تعرّف المستمع على منجزات العالم وإتقانهم في عملهم، لكن ما بدا لي هو أنّ هناك تركيزاً دوماً على نقاط الضعف في عالمنا العربي وتسليطاً للضوء على منجزات الآخرين، هذه المقاربة غير صحيحة تربويّاً، فالمطلوب لكي تستثير المشاهد العربي أن تبيّن له منجزات الآخرين وإخفاقاتهم، وتبيّن له منجزات العرب وإخفاقاتهم اليوم، بهذه الطريقة سيفهم المشاهد أنّ الآخر قد تقدّم علينا، لكنّ الآخر يخطأ وتتعثّر خطواته أيضاً وأنّه بشر وليس ملكاً وأنّه مخلوق ضعيف وليس خالقاً مقتدراً، وسيفهم أيضاً أنّنا قد تراجعنا، لكن لدينا بعض المنجزات الجميلة الباعثة للأمل.
لا يمكن أن تبني أوطاناً بلغة الإحباط وتعظيم الآخر وتهديم الذات، سلّط الضوء أيضاً على الإيجابيات في عالمنا العربي، وبيّن أيضاً أنّ الآخر لم يصبح الجنّة تماماً وأنّ عنده مشاكله، فبهذه الطريقة سيعي المواطن العربي تقصيره بشكل واقعي لا خيالي موجب للإحباط.
من هنا أفضّل لو نقول: هل عهد الأشتر نظام حقوقي سليم ومنطقي أم لا؟ هل عهد الأشتر قادر على تغطية ظروفي الحقوقيّة اليوم في هذا العصر أم لا؟ وليس أن نقول: هل عهد الأشتر يرقى لمستوى الحقوق الغربيّة اليوم أم لا؟ فلو كان عهد الأشتر نصّاً يونانياً أو سومرياً أو اسكندرانيّاً لوجدت مثقفنا العربي المحبط يتغنّى به ويبيّن من خلاله كيف أنّ الحضارة الغربية تركت لنا نصّاً مذهلاً كهذا، لكن لأنّ النص هو نصّي، وهو جزء من تراثي فإنّه يصبح بلا معنى!! إنّني أعتقد أنّ عهد الأشتر نصّ بالغ الأهميّة وفيه مجموعة رائعة جدّاً من القوانين والتوجيهات الحقوقيّة والإنسانيّة، لا سيما في علاقة الحاكم بالرعيّة، لكن علينا أيضاً في المقابل أن لا نبالغ فنصوّره مدرسةً حقوقيّة وضعت نظاماً متكاملاً في العمل السياسي والإداري أو أنّه لا يبلغه عقل البشر، كما نستخدم نحن دوماً مثل هذه التعابير في ثقافتنا الأيديولوجيّة.
وسأذكر ـ من باب المثال فقط ـ عشرين أنموذجاً من نصّ العهد لكي نرى جمالية هذا العهد وروعته، وهي:
1 ـ واستصلاح أهلها، وعمارة بلادها.
2 ـ وأمره أن يكسر نفسه من الشهوات ويزعها عند الجمحات.
3 ـ وأنّ الناس ينظرون من أمورك في مثل ما كنت تنظر فيه من أمور الولاة قبلك، ويقولون فيك ما كنت تقول فيهم. وإنما يستدلّ على الصالحين بما يجري الله لهم على ألسن عباده. فليكن أحب الذخائر إليك ذخيرة العمل الصالح.
4 ـ أشعر قلبك الرحمة للرعية والمحبّة لهم واللطف بهم. ولا تكوننّ عليهم سبعاً ضارياً تغتنم أكلهم.
5 ـ فإنهم صنفان إما أخ لك في الدين وإما نظير لك في الخلق، يفرط منهم الزلل، وتعرض لهم العلل، ويؤتى على أيديهم في العمد والخطأ، فأعطهم من عفوك وصفحك مثل الذي تحبّ أن يعطيك الله من عفوه وصفحه.
6 ـ ولا تندمنّ على عفو، ولا تبجحن بعقوبة، ولا تسرعن إلى بادرة وجدت منها مندوحة ولا تقولن إني مؤمر آمر فأطاع.
7 ـ إياك ومساماة الله في عظمته والتشبّه به في جبروته، فإنّ الله يذلّ كل جبار ويهين كل مختال.
8 ـ أنصف الله وأنصف الناس من نفسك ومن خاصّة أهلك ومن لك فيه هوى من رعيتك، فإنك إلا تفعل تظلم، ومن ظلم عباد الله كان الله خصمه دون عباده.
9 ـ ليس شيء أدعى إلى تغيير نعمة الله وتعجيل نقمته من إقامة على ظلم، فإنّ الله سميع دعوة المضطهدين وهو للظالمين بالمرصاد.
10 ـ وليكن أحبّ الأمور إليك أوسطها في الحقّ، وأعمّها في العدل، وأجمعها لرضى الرعيّة، فإن سخط العامة يجحف برضى الخاصة، وإنّ سخط الخاصة يغتفر مع رضى العامة.
11 ـ عماد الدين وجماع المسلمين والعدة للأعداء العامّةُ من الأمة، فليكن صغوك لهم وميلك معهم.
12 ـ ليكن أبعد رعيتك منك وأشنؤهم عندك أطلبهم لمعائب الناس، فإنّ في الناس عيوباً الوالي أحقّ من سترها. فلا تكشفنّ عما غاب عنك منها فإنما عليك تطهير ما ظهر لك… فاستر العورة ما استطعت يستر الله منك ما تحبّ ستره من رعيتك.
13 ـ لا تعجلنّ إلى تصديق ساع، فإنّ الساعي غاشّ وإن تشبّه بالناصحين.
14 ـ لا تدخلنّ في مشورتك بخيلاً يعدل بك عن الفضل ويعدك الفقر، ولا جباناً يضعفك عن الأمور، ولا حريصاً يزيّن لك الشره بالجور.
15 ـ إنّ شر وزرائك من كان للأشرار قبلك وزيراً ومن شركهم في الآثام، فلا يكونن لك بطانة فإنهم أعوان الأثمة وإخوان الظلمة.
16 ـ ولا يكون المحسن والمسيئ عندك بمنزلة سواء.
17 ـ أكثر مدارسة العلماء ومنافثة الحكماء في تثبيت ما صلح عليه أمر بلادك وإقامة ما استقام به الناس قبلك واعلم أنّ الرعية طبقات لا يصلح بعضها إلا ببعض، ولا غنى ببعضها عن بعض.
18 ـ ولّ من جنودك أنصحهم في نفسك لله ولرسوله ولإمامك، وأنقاهم جيباً، وأفضلهم حلماً ممن يبطئ عن الغضب، ويستريح إلى العذر، ويرأف بالضعفاء وينبو على الأقوياء. وممن لا يثيره العنف ولا يقعد به الضعف.
19 ـ ليكن نظرك في عمارة الأرض أبلغ من نظرك في استجلاب الخراج؛ لأن ذلك لا يدرك إلا بالعمارة. ومن طلب الخراج بغير عمارة أخرب البلاد وأهلك العباد، ولم يستقم أمره إلا قليلاً.
20 ـ واعلم مع ذلك أنّ في كثير منهم ضيقاً فاحشاً وشحّاً قبيحاً، واحتكاراً للمنافع، وتحكّماً في البياعات، وذلك باب مضرّة للعامة وعيب على الولاة. فامنع من الاحتكار فإنّ رسول الله صلى الله عليه وآله منع منه، وليكن البيع بيعاً سمحاً، بموازين عدل وأسعار لا تجحف بالفريقين من البائع والمبتاع… ثم الله الله في الطبقة السفلى من الذين لا حيلة لهم والمساكين والمحتاجين وأهل البؤسى والزمنى.
إنّ قياس عهد الأشتر على حقوق الإنسان المعاصرة يعطي نتيجتين:
الأولى: إنّه لم يتحدّث عن كلّ القضايا الحقوقيّة، لهذا لا يمكن إجراء هذا القياس بشكل شامل، بل لابدّ من ضمّ سائر النصوص الدينية إليه، لنستخرج منها جميعاً المنظومة الحقوقيّة الإسلاميّة لمقارنتها بالمنظومة الحقوقيّة الغربيّة.
الثانية: إنّ فيه نقاطاً تختلف في وجهات النظر عن الحقوق المعاصرة.
والملاحظة الأخيرة هنا هي أنّ هذا العهد هو نصّ من الخليفة للوالي، وهذا السياق الحالي يفتح المجال على فرضيّة أنّ بعض قوانينه زمنيّة مؤقتة، وليست بياناً للأحكام الشرعيّة الثابتة، ومن ثمّ فلابدّ من التمييز بين نصوصه لمقارنة ثوابته ـ لا زمنيّاته ـ مع النظريّة الحقوقية المعاصرة، وقد تعرّضت إجمالاً لخصوصيّة الزمنيّة في هذا العهد في دراستي حول فقه الاحتكار في الشريعة، في الجزء الثالث من كتابي المتواضع (دراسات في الفقه الإسلامي المعاصر)، فليراجع.

إرسال

you should login to send comment link

جديد الأسئلة والأجوبة
  • تأليف الكتب وإلقاء المحاضرات بين الكمّ والنوعيّة والجودة
  • مع حوادث قتل المحارم اليوم كيف نفسّر النصوص المفتخرة بقتل المسلمين الأوائل لأقربائهم؟!
  • استفهامات في مسألة عدم كون تقليد الأعلم مسألة تقليديّة
  • كيف يمكن أداء المتابعة في الصلوات الجهرية حفاظاً على حرمة الجماعات؟
  • هل يمكن للفتاة العقد على خطيبها دون إذن أهلها خوفاً من الحرام؟
  • كيف يتعامل من ينكر حجيّة الظنّ في الدين مع ظهورات الكتاب والسنّة؟!
  • هل دعاء رفع المصاحف على الرؤوس في ليلة القدر صحيحٌ وثابت أو لا؟
الأرشيف
أرسل السؤال
الاشتراك في الموقع

كافة الحقوق محفوظة لصاحب الموقع ولا يجوز الاستفادة من المحتويات إلا مع ذكر المصدر
جميع عدد الزيارات : 36682245       عدد زيارات اليوم : 6139